ملحق الإمام الحسين (ع): محمد بن الحنفيّة والحسين (ع) في مكَّة

4/1/2016
العدد الواحد والاربعون نيسان -2020

للشاعر: حسن حمادة (1)

ابن الحنفية:

إلى أين تمضي أخي والعيالَ

إلى كوفة الغدر يا ابن علي!!

أما غدروا بأخيك الحبيب

ومن قبله بأبيكَ الوّلي؟!

لكم عذَّبوه وكم جرَّعوه

بكأسٍ أمرَّ من الحنظلِ

إلى أن تمتَّى على يد أَشقى

الورى ضربةً من شَبا فَيصلِ

وأَعجبُ مِن ذا تخلِّي المُحقِّ

عن الحقِّ للظالم المُبْطلِ(2)

لغدرٍ تأَصَّلَ فيهم ولؤمٍ

بهم غاص للأسفل الأسفلِ

أضاعوا الشموسَ ليُمْنَوا بليلٍ

هنالك من جهلهم ألْيلِ

فيا ابن الوصيِّ وسبطَ النبيِّ

سألتكَ بالله لا ترحَلِ

ولكن أَقمْ يا أخي في الحرّمْ

وأنت الأعزَّ به إِن تُقمْ

الحسين:

أخاف بقائِي هنا في الحرمْ

فَأُغتال فيه ويُسفكُ دَمْ

ابن الحنفية:

فإن يك لا بدَّ فارحلْ إذاً

إلى يَمن اليُمنِ إِن تصْغِ لي

فذا بلدٌ ذو جبال وأَكرِمْ

بتلك الشماريخ من معقلِ

تبثُّ دعاتك في كل مصرٍ

وأنت عن الشرِّ في معزِل

الحسين:

سأنظر في ما تقول غداً

ولا بدَّ للأمر أن ينجلي

 

الهوامش:

(1) من كتاب «ملحمة رياح كربلاء»، للشاعر حسن حمادة.

(2) إشارة إلى تنازل الإمام الحسن الاضطراري لمعاوية لما خذله أهل الكوفة وتخلوا عنه. عندما علم ابن الحنفية بعزم أخيه الحسين (ع)، على الرحيل إلى الكوفة توجَّه إلى مكَّة فوصلها في اللَّيلة الَّتي عزم فيها الحسين على الخروج وقال له عرفت غدر أهل الكوفة بأبيك وأخيك وإنِّي أخاف أن يكون حالك حال من مضى فأقم هنا وإنَّك أعزُّ من في الحرم فقال الحسين: أخاف أن يغتالني يزيد في الحرم فأكون الّذي تستباح به حرمة البيت، فأشار عليه ابن الحنفية بالذهاب إلى اليمن أو إلى بعض نواحي البر، فوعده أبو عبدالله الحسين (ع)، في النظر في هذا الرأي، ولكن في سَحر تلك اللّيلة ارتحل الحسين فأتاه محمَّد بن الحنفية وأخذ بزمام ناقته وقد ركبها وقال: الم تعدني النظر في ما سألتك؟ قال: بلى ولكن بعدما فارقتك أتاني رسول اللهw، وقال: يا حسين أخرج فإنَّ الله تعالى شاء أن يراك قتيلاً فاسترجع ابن الحنفية، وحينما لم يعرف الوجه في حمل العيال معه وهو على هذه الحال قال له الحسين (ع)، قد شاء الله تعالى أن يراهنَّ سبايا(1).

وكتب إليه عبدالله بن جعفر الطيَّار مع ابنيه عون ومحمد: أما بعد فإنِّي اسألك الله

لما انصرفت حين تقرأ كتابي هذا فإنِّي مشفق عليك من هذا الوجه أن يكون فيه

هلاكك واستئصال أهل بيتك، إن هلكت اليوم أطفئ نور الأرض فإنك عَلَم المهتدين

ورجاء المؤمنين فلا تعجل بالسير فإنِّي في أثر كتابي والسلام.

ثمَّ أخذ عبدالله كتاباً من عامل يزيد على مكَّة عمرو بن سعيد العاص وجهد أن يُصرف

الحسين (ع)، عن الوجه الّذي أراده فلم يقبل أبو عبدالله وعرفه أنَّه رأى رسول الله في المنام وأمره بأمر لا بدَّ من إنفاذه، فسأله عن الرؤيا فقال: ما حدَّثت بها أحداً وما أنا محدث بها حتَّى ألقى ربِّي عزَّ وجل (2). ولم يبق أحد من أهل مكَّة إلاَّ حزن لمسيره ولما أَصرّوا عليه أنشد ابيات أخي الأوس لما حذره ابن عمه من الجهاد مع رسول اللهw:

سأمضي وما في الموت عار على الفتى

إذا ما نوى حقاً وجاهد مُسلما

وواسى الرجال الصالحين بنفسه

وفارق مثبوراً وخالف مُحرما

ثُمَّ قرأ: وكان أمر الله قدراً مقدوراً (راجع مقتل المقرم ص 171) ثُمَّ إنَّه أمر إخوته وأولاده وبني أعمامه وأصحابه أن يسيروا بالظعائن والحريم وذلك يوم الثلاثاء لثمانٍ مضين من ذي الحجَّة سنة 60 هـ، فاعترضه رسُل عمرو بن سعيد بن العاص أمير الحجاز من قِبل يزيد ليردّوه ويمنعوه من المسير إلى العراق فتدافع الفريقان وتضاربوا بالسياط وامتنع الحسين وأصحابه فناداه: يا حسين ألا تتقي الله؟ تخرج من الجماعة وتفرق بين هذه الأُمَّة!! فتلا الحسين (ع)، قوله تعالى: } لِّي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَاْ بَرِيءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ {(3) (4).

1 مقتل المقرم، ص167. والبحار 10/184.

2 مقتل المقرم ص 167. تاريخ الطبري 6/194. والبداية لابن كثير 6/163.

3 سورة يونس، الآية 41.

 

4 راجع «تاريخ الطبري» 5/385. وكربلاء العسيلي، ص 205. و «حياة الحسين» 3/54