الشيخ سلمان الخليل ورسالة القرآن الكريم

15/4/2016
العدد الواحد والاربعون نيسان -2020

إعداد الأستاذ محمد عبد الوهاب عمرو

فقد المسلمون في لبنان وأبناء الضاحيّة الجنوبيّة شيخاً وأستاذاً من شيوخ القراء في لبنان. هو فضيلة الشيخ سلمان الخليل المُنتقل إلى رحمته تعالى ظهر يوم الأحد الواقع فيه 31 كانون الثاني 2016م. صُليَّ على جثمانه الطاهر ظهر يوم الإثنين في أوّل شباط 2016 م. في جامع الحسنين o، بإمامة العلاّمة السيّد علي فضل الله. وشيّع يوم الثلاثاء إلى النّجف الأشرف.

تأبين سماحة الدكتور السيد جعفر فضل الله

في إحتفال تأبيني أقيم يوم الأحد في السابع من شهر شباط 2016م. في قاعة الزهراء u، في مجمع الإمامين الحسنين o، ألقى العلاّمة الدكتور السيّد جعفر فضل الله كلمة جاء بها:

[ عندما كان يخرج إلينا الشيخ سلمان الخليل بلباسه الأزهري كقارئ للقرآن، كأنه كان يشير إلى ذلك الزمن الذي كان الانفتاح يسود بين المسلمين، لا حواجز بين أتباع المذاهب، يتحلّقون حول القرآن أساتذة وتلاميذ، يتنافسون في تلاوته... روح نحتاجها اليوم أكثر من أيّ وقتٍ مضى بعدما عصفت الفتن المذهبية بعالمنا الإسلامي، فلم يعد أحدنا يرى لدى الآخر أيّ غنى، وأصبحنا نتبارى في تسجيل النقاط على بعضنا البعض غير عابئين بما يؤثّر به ذلك على الإسلام في أعين من حولنا...

كان الشيخ سلمان من السابقين إلى نشر رسالة القرآن. هذه الرسالة التي يجب أن نحملها في وجه التحدّيات الجديدة: اليوم هناك من يشوِّهون القرآن بممارساتهم، ولدينا من يعمل على إسقاط القرآن من حياة المسلمين فضلاً عن غيرهم، ومن يعمل على تفريغه من مضمونه...؛ ألا يفرض علينا أن نتّحد كمسلمين أمام كلّ ذلك؟ ألا تفرض التحدّيات أن نعيد قراءته بعمق من جديد؟ أن لا نجزّئه في تطبيقاتنا كما يفعل المتطرّفون منّا؟ حتى أن نُعيد النظر في مناهج فهم القرآن؛ فالسلف فسَّروا القرآن بما اقتنعوا به من مناهج، وفهمهم ليس مُقدّسًا، ونحن ربما نجني اليوم بعض نتائج تفاسير هؤلاء. نحتاج إلى حركة نقديّة بنّاءة.. نحتاج إلى مراكز أبحاث ودراسات تُعنى بالقرآن الكريم في كلّ ما يواجهه من تحدّيات من الداخل والخارج...» ].

وجاء في نعي صحيفة « السفير » له

يوم الثلاثاء في الثاني من شهر شباط 2016م.

انتقل الى رحمة الله تعالى خادم القرآن الكريم وشيخ القرَّاء في لبنان، ابن بلدة الغبيري الشيخ سلمان الخليل، والذي وافته المنية بعد عُمر أمضاه في خدمة القرآن والدين، ويقول الشيخ علي خازم بأن الشيخ سلمان الخليل كان متمم نصاب جلسة انتخاب الإمام السيد موسى الصدر رئيساً بعد التزامه بالزي الديني وتنسيبه للمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى كعالم ديني، ويومها لم يعبأ إبن حارة حريك المرحوم القاضي عبد الكريم سليم بدعوى البعض أن السيد الصدر عممه.

ولقد وقف الشيخ سلمان الخليل إلى جانب الإمام الصدر في المواقف الصعبة وشارك معه في كل المناسبات الاسلامية، وكان المشرف على رعاية ابناء الضاحية الجنوبية في حياتهم وفي مماتهم كونه كان المعني بكل أمور الدفن في مقبرة روضة الشهيدين، ومن ثم كان وقف الى جانب كل العلماء الكبار في الضاحية ومنهم اية الله الشيخ محمد مهدي شمس الدين والعلاّمة المرجع السيد محمد حسين فضل الله ونائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ عبد الامير قبلان، وامين عام حزب الله السيد حسن نصر الله، وشارك في مُعظم المناسبات الدينية عبر تلاوة القرآن الكريم، وكان مؤذن صلاة الجمعة في مسجد الحسنين في حارة حريك.

وتولى الشيخ سلمان الخليل مع أُسرته وفي مقدمتهم توأمه الشيخ جعفر والشيخ عبد الهادي، الاهتمام بالقرآن الكريم تلاوة وتعليماً، وعلى تصحيح كل ما يتعلق بالموتى من ناحية الأداء الشرعي والنقل إلى المراقد المقدسة، وعلى تهيئة الحج والزيارة أداء صحيحاً فتخرج على يديه فيها الكثير.

وفي الحرب الاهلية اللبنانية، وعلى الرغم من ان منزل الشيخ كان قريباً من خطوط التماس، فقد صمد في بيته وقدم الخدمات لأهل المنطقة في أشد أوقات الحروب خطورة، ولعل صورته في تهيئة شهداء صبرا وشاتيلا للصلاة عليهم ودفنهم هي الأكثر تعبيراً عن ذلك. وكان في أي مناسبة للمقاومة والثورة نقطة البداية.

وعلى الرغم من أوضاعه الصحية الصعبة، فقد كان يشارك في كل المناسبات الدينية ويداوم على صلاة الجمعة ولا يترك مناسبة اسلامية الا ويكون في المقدمة، وقد ترك عائلة كريمة تتابع المهام التي كان يقوم بها من اداء الخدمات الدينية ورعاية زوار المراقد المقدسة، وهو يعتبر من أوئل الذين عملوا لنشر العلوم القرآنية وخدمة القرآن الكريم في الضاحية الجنوبية.

فرحم الله الشيخ سلمان الخليل واسكنه فسيح جنانه وكل العزاء لعائلته ولأهل الضاحية الجنوبية.