نهضة وواقعة كربلاء

15/11/2018
العدد الواحد والاربعون نيسان -2020

الصفحة الأخيرة

بقلم العلاّمة الشيخ محمد حسين عمرو (1)

قال رسول الله w:«حسينٌ مني وأنا من حُسين»، فانه أراد ان يقول بأن حركة الإمام الحسين وثورته ليست الا اعادة لحياة الاسلام المحمدي كما جاء به رسول الله w. والاسلام كما جاء به الرسول w، هو لسعادة الانسان في الدنيا والآخرة ولرفع الظلم عنه ولتوزيع الثروات وعدم الاحتكار، ولإعانة الملهوف والمظلوم والمضطهد ورفع الأذى عن الّناس وافشاء السلام والحبّ بينهم وهدايتهم الى الصراط المستقيم والى الفكر القويم حيث إنَّ : « الناس صنفان إما اخ لك في الدين أو نظيرٌ لك في الخلق»، كما قال أمير المؤمنين t.

وهذا هو كنه الاسلام المحمديّ الّذي من أجله قدَّم الإمام الحسين t، نفسه وأهل بيته واصحابه. ولكن تعنت بعض النّاس وجهلهم واتباعهم للظالمين وللمستكبرين وأكلهم حقوق الآخرين واعتداءهم على اموال الناس واعراضهم وحرياتهم كل ذلك يؤدي الى زعزعة الاستقرار والامن، فتستشري عندها الاحقاد والاطماع والفتن والحروب. ومن هنا وجب على اتباع رسول الله w، ومن والاه حقاً ان يصححوا هذه الانحرافات الخطيرة وأن يعيدوا التوازن لحياة الناس ولو ادى ذلك الى ما حصل في كربلاء من مآسٍ وويلات. والتي أصبحت نموذجاً خالداً في التاريخ ومثالاً وقدوة ومنهاجاً. هذه هي رسالة الامام الحسين عليه السلام في حركته لكلِّ المؤمنين والاحرار في العالم.

ومنذ أن خلق الله سبحانه آدم ونفخ فيه من روحه وأمر الملائكة أن تسجد له فسجدوا الا ابليس أبى واستكبر، منذ ذلك الوقت بدأَ صراع عنيف بين تيارين: آدم وذريته من جهة وإبليس واعوانه من جهة اخرى، وذلك لحقد وتكبر ابليس على آدم وذريته فقد اقسم (ابليس) امام العزّة الالهية أن يغوي كُلَّ البشر ويخرجهم عن الصراط المستقيم (الفطرة التي فطر الله الناس عليها) والغواية هي تزييف الحقيقة وتزيين الباطل.

وهذا هو كُنه وماهية الصراع في الحياة الدنيا. آدم وذريته يريدون العودة الى الجنة التي خُلقوا فيها وابليس واعوانه يريدون ان يبقوا الانسان خارج هذه الجنة ويحرموه منها كما أخرج الله ابليس من جنته ورحمته (بسبب معصيته). وخط ابليس منذ آدم والى يومنا هذا وما بعده يتمثل بالفراعنة والنماردة والملوك والظلمة والمستبدين الّذين يأكلون مال الناس بالباطل ويفسدون في الأرض ويستكبرون بغير حقّ ويطغون ويظلمون ويفرقون بين الناس. وخطُّ الانبياء والاولياء والشهداء والصديقين ومن تبعهم من المؤمنين الذين يؤمنون بالله وملائكته وكتبه ورسله ويعملون صالحاً ويرفضون الظلم والفسق والعصيان والتعدي ويعملون جاهدين لنصرة المظلوم والمحتاج والملهوف ولو ادى ذلك الى الشهادة.

ومن هنا فإِنه في كل عصر هناك مثل عُمر بن سعد والشمر ويزيد بن معاوية، وهناك مِثلُ الامام الحسين ومُسلم بن عقيل وَزُهير بن القين والحرُّ الرياحي والقاسم والطفل الرضيع وزينب وسكينة و..... أمَّا مسؤوليتنا نحن وكل الناس فهي ان نختار مع أي طرفٍ نريد ان نكون في الدُّنيا والاخرة. ولكل طرف وطريق من الطريقين ثمنٌ ونتيجة. وهذا ما سنقف عليه يوم القيامة أمام الله سبحانه ( قفوهم انهم مسؤولون).

والحمد لله رب العالمين

 

الهوامش:

(1) المسؤول الإعلامي في تجمع العلماء المسلمين في لبنان.