الحلقة الثانيّة: ملف البلديات في لبنان

09/04/2011
العدد الواحد والاربعون نيسان -2020

تتابع مجلة إطلالة جبيليّة نشر تقريرها الثاني عن العوائق والتحديات التي تواجه البلديات في لبنان حيث تبيَّن أن مشاركة الأهالي في تحديد أولويات العمل البلدي هي بمثابة تصحيح لمسار العمل البلدي.

كما أنّ المشاركة تساهم في تفعيل العمل الديمقراطي، وإطلاق العجلة الإقتصاديّة وتطوير المشاريع الإنمائيّة، حيث أنّ المواطن هو طرف في آلية العمل البلدي، وبالتالي فإنَّ تجاوبه ومشاركته وتفاعله مع القرارات المحليّة هي ضرورة لإنجاح العمل البلدي.

 

وصاية السلطة المركزيّة على البلديات

تعتبر معظم البلديات أنّ الروتين الإداريّ هو العائق الرئيس أمام عملها وأنّه يدفعها أحياناً للإلتفاف حول القانون لتنفيذ أعمالها بسرعة ولتوفير الدورة الطويلة التي تَمرُّ بها المعاملات.

وتعترض غالبية البلديات على تعدديّة الرقابات على العمل البلديّ بشكل عام والرقابة المسبقة بشكل خاص، ويتبع هذا الإعتراض أنَّ المجلس البلديّ هو هيئة مُنتخبة، فكيف لهيئة مُنتخبة أن تخضع لقرار موظف، وتفضل العديد من البلديات أن تكون الرقابة بعد ذلك ولتحاسب البلديات على أعمالها بعد القيام بها وليسمح لها بتنفيذ قراراتها!

ـ والبلديات ترتبط: إرتباطاً وثيقاً بوصاية السلطة المركزيّة لأنّها لا تتمتع بإستقلاليّة محدودة. إنَّ إحترام القوانين والقواعد العامّة ومبادئ الدستور يؤدي إلى الحدّ من أعمال البلديّات إذ أنّه لا يجب حصول أي تحويل للسلطة أو معارضة لمصالح الدولة العليا، حيث وُضعت البلديّة تحت إمرة السلطة المركزيّة من خلال إعلان التحقيق وذلك بغيّة حماية المصلحة العامّة، يُمثل ثلاثة أشخاص حكم الوصاية التابع للسلطة المركزيّة، وهم: القائمقام، والمحافظ، ووزير الداخليّة ويقوم هؤلاء بالمراقبة الإداريّة لقرارات المجلس البلديّ الذي يُسلمها لهم، نسخة لكلِّ منصب، خلال مهلة ثمانية أيام إعتباراً من تاريخ إعتمادها.

(البند58)، يجب على مُمثلي السلطة أن يوافقوا بالإجماع على مقرّرات المجلس المتعلقة بالمسائل  الخاصّة بصلاحياته، كذلك، يستطيعون، في أي وقت ولأسباب أمنيّة، أن يُرجئوا مؤقتاً تطبيق قرار عائد للبلديّة، على أن يتمَّ التأجيل نتيجة قرار مُبرّر يُناقش أمام مجلس شورى الدولة؟(البند65). تخضع مقرّرات مجلس بلديّة بيروت لمراقبة وزير الداخليّة فقط (البند56)؟.

ـ الموارد الماليّة للبلديّة:

تختلف البلديات في تقييم وضعها المالي ومدى كفاية مواردها الماليّة للقيام بالمهام البلديّة، هناك الكثير من البلديات تعتقد أنّ مواردها الماليّة كافيّة بينما توجد بلديات أخرى ترى أنّ العائق الأساس أمام عملها هو عائق مالي.

قد يفسر هذا الإختلاف في تقييم الواقع المالي للبلديات بحجم البلديّة حيث أنّ البلديات الكبيرة قد تعاني أكثر من البلديات الصغيرة بسبب حجم الخدمات والمشاريع التي تنفذها إلى جانب عدد موظفيها. قد يرتبط إيضاً بنوع المشاريع التي تقوم بها أو تنوي البلديّة القيام بها.

مصادر الموارد البلديّة:

فحسب المادة 86 من قانون المجلس البلديّ تتكون ماليّة البلديات من:

ـ الرسوم التي تستوفيها مباشرة من المكلفين.

ـ الرسوم التي تستوفيها الدولة أو المصالح المستقلة أو المؤسسات العامّة لحساب البلديات ويتم توزيعها مباشرة لكل بلديّة.

ـ الرسوم التي تستوفيها الدولة لحساب جميع البلديات.

ـ المساعدات والقروض.

ـ حاصلات الأملاك البلديّة، بما في ذلك كامل إيرادات المشاعات الخاصة بها.

ـ الغرامات.

ـ الهبات والوصايا.

ـ ويتفق معظم رؤساء البلديات على إعتبار حصة الصندوق البلديّ المستقل هو الدخل الأساس للبلديات.

ـ وتعتبر بعض البلديات أنّ الرسوم المحولة من الدولة تشكل دخلها الأساس. أمّا الرسوم المباشرة التي تجبيها البلديّة فهي ما زالت تشكلُّ نسبة ضئيلة من مجموع الموارد البلديّة.

وفي هذا الإطار، يورد رؤساء البلديات بعض العوامل التي تساهم في تقليص نسبة الرسوم المباشرة من إجمالي الموارد البلديّة ويسجلون ملاحظاتهم على آلية توزيع وإحتساب حصص البلديات من الصندوق البلديّ المستقل.

العوامل المؤثرة في تقليص الرسوم المباشرة:

تتأثر عمليّة جباية الرسوم المباشرة بالركود الإقتصاديّ الذي ينعكس سلباً على قدرة المواطنين على دفع مستحقاتهم كما ينعكس على نشاط القطاعات الإقتصاديّة كقطاع البناء، والفنادق، والمحلات التجاريّة، في النطاق البلديّ.

فمن ناحية المواطنين، تضطر البلديّات أحياناً إلى مراعاة أوضاعهم المعيشيّة فتتوصل إلى تسويات معهم على الرسوم المتراكمة للسنوات الماضيّة وتلجأ إلى تقسيط المتأخرات كما تتردد في إلزام المكلف دفع الرسوم الجديدة المترتبة عليه. ومن ناحية أخرى تراجعت نسبة الرسوم المباشرة بسبب جمود القطاعات الإقتصاديّة.

وهناك من يعتقد أنّ الضعف في جباية الرسوم المباشرة مرتبط بغياب وسيلة لإلزام المواطن دفع المستحقات، ففي إحدى البلديات، تبلغ نسبة الجباية 30ـ35% ويعود ذلك إلى عدم قدرة البلديّة على إلزام المواطن على الدفع مع العلم أنّه من حقِّ البلديّة أن تحجز العقار أو أن تضع إشارة على ممتلكات المواطن.

وفي غياب مسح سكانيّ وتجاريّ شامل، يصعب تحديد وتوسيع قاعدة المكلفين ممّا يجعل عمليّة الجباية غير شاملة وبالتالي يؤثر سلباً على موارد البلديّة.

هذا بالنسبة للموارد المتعلقة بالرسوم المباشرة، أمّا بالنسبة لأموال الصندوق البلديّ المستقل فهناك أيضاً بعض الملاحظات على إدارة هذه الأموال من حيث عمليّة إحتساب وتوزيع حصص البلديات.

أموال الصندوق البلديّ المستقل:

يعترض بعض القيمين على العمل البلديّ على آلية توزيع هذه الأموال إذ أنّها لا توزع بإنتظام بالرغم من أنّ القانون ينصُّ على ضرورة توزيع هذه الأموال في أيلول من كل سنة بموجب مرسوم. كما أنّ البلديات لا تعرف ما هي حصتها قبل الحصول عليها ممّا يعرقل صياغة موازنة البلديّة.

فعندما لا تعلم البلديّة ما هي حصتها من الصندوق البلديّ فهي لا تستطيع إعداد الموازنة على نحو واقعي وتكون موازنتها تقديريّة وبعيدة عن الواقع، كما يعتقد البعض أنّ الإعتبارات الخاصة تؤدي دورها بحصول البلديّة على الأموال بحسب علاقتها بالوزير.

إلى جانب هذه العوامل، فإنّ إقدام الحكومات السابقة على التصرف بـ 75% من عائدات الصندوق البلديّ المستقل وتحويلها إلى مجلس الإنماء والإعمار لتمويل بعض المشاريع أدى أيضاً إلى تقليص واردات البلديات.

الموارد الأخرى:

ومما تشكو منه معظم البلديات هو عدم حصولها على الـ 10% من فواتير الهاتف، والكهرباء، والمياه.

ومن العوامل الأخرى التي تعيق زيادة الموارد البلديّة، منع الفوائد على أموال البلديّات وإلغاء براءة الذمة من بعض المعاملات.

نفقات البلديّة:

يجمع معظم رؤساء البلديات على أنّ زيادة سقف الإنفاق لرئيس البلديّة إلى ثلاثة ملايين ليرة لبنانيّة، والمجلس البلديّ إلى عشرين مليون ليرة لبنانيّة هو إنجاز مهم. إلاّ أنّ بعض البلديات وخاصة الكبيرة منها، ما زالت تعتقد أنّ هذا السقف ما زال منخفضاً إذ لا يمكن إعتبار البلديّة الكبيرة كالبلديّة الصغيرة.سقف الإنفاق هذا حمل بعض البلديات إلى الإلتفاف حول القانون أو إلى تجزئة النفقات لتسريع أعمالها وتنفيذها بعيداً عن إجراءات الروتين الإداري.

أمَّا بالنسبة إلى توزيع النفقات البلديّة: تشير بعض البلديات إلى أنّ القسم الأكبر من نفقاتها يعود للنفقات الإداريّة كالرواتب، والأجور، والتعويضات على أنواعها، والمساعدات، والمنافع، والخدمات العائدة لموظفي البلديّة، والاجراء والتجهيزات الإداريّة المتنوعة.

وبالنسبة لتقدير النفقات، تبيّن الإحصاءات أنّ هناك تفاوتاً كبيراً بين الإعتمادات المرصودة، والنفقات المصروفة وهذا الأمر يشير إلى عدم صحة تقدير البلديات لأنشطتها وأعمالها المستقبليّة من جهة وعدم قدرتها على صرف إعتماداتها نظراً إلى ضعف إمكانياتها الإداريّة والفنيّة.

إقتراحات:

امام هذا الواقع فمن الضروري إدخال حصة البلديّة في الموازنة العامّة بحيث تكون كل بلديّة قادرة على معرفة حصتها ويصبح الحصول عليها أمراً منتظماً.

ـ تمثيل البلديّات في أي جهة معنيّة بأموال البلديات، لأنّ الضرورة تفرض أن تكون طرفاً مع الذين يقومون بتوزيع أموال الصندوق وطرفاً مع الذين يتحققون من دقة الأرقام. إذ لا يجوز للبلديّة، وهي صاحبة هذا المال، أن لا تعلم كيف يَتمُّ توزيع هذا المال على البلديات. هذا ليس تخويناً لأحد، بل أنّه تأكيد على أنّ هذا المال الذي يأتي من الصندوق المستقل هو مال بلديّ وبالتالي يحق للبلديّة أن تعرف على أي أسس حددت حصتها من هذا المال... وهذا الأمر ينطبق على الصندوق البلديّ المستقل كما ينطبق على وزارات وإدارات المياه، والهاتف، والكهرباء.

والمطلوب هو: إيجاد وسيلة تكفل إلزام دوائر ومصالح ومؤسسات الدولة العامّة بتحويل مستحقات البلديات كل ثلاثة أشهر.

وفيما يتعلق بتحسين الموارد المباشرة للبلديّة:

ـ العودة إلى إعتماد براءة الذمة البلديّة في كافة المعاملات العائدة للمواطنين.

ـ ضرورة إيجاد وسيلة لإلزام المواطنين دفع المستحقات، مثل وثيقة براءة الذمة التي لا تعطى للمواطن قبل أن يكون قد دفع كل ما يتوجب عليه.

ـ تقييم القاعدة الضريبيّة الحاليّة ومكننة قاعدة معلومات للقاعدة الضريبيّة، فمعظم البلديات ليس لديها فكرة واضحة عن القاعدة الضريبيّة في نطاقها وليس لديها طريقة سهلة وممكنة لتقييم وإصدار الفواتير الضريبيّة.

ـ تطوير طرق لتسهيل جباية الضرائب البلديّة كإشراك الفروع المحليّة للمصارف في العمليّة كما هو حاصل بالنسبة إلى جباية فواتير الهاتف الخليوي.

ـ تقديم المساعدة إلى البلديات لتقييم عقاراتها ومعاينتها ولتطوير أفكار يمكن أن تحول هذه العقارات إلى مشاريع رابحة وتنموية للبلدة كالمرافق الرياضيّة، والثقافيّة، والمناطق التجاريّة، والمتاحف، والمسارح...

ـ البحث عن موارد جديدة للبلديات تصبح فيما بعد موارد دوريّة، إلاّ أنّ الأمر منوط بالإصلاح المالي على مستوى البلديّات، فبموجب القانون الحالي، لا تملك البلديّة صلاحيّة التشريع الماليّ، وأي ضريبة جديدة تتطلب مشروع قانون مع الأسباب الموجبة.

ـ إستحداث دائرة متخصصة في الجهاز البلديّ تنحصر أعمالها بتحضير الموازنة في البلديّات الكبرى أو في إتحادات البلديّات لتساعد رؤساء البلديّات الأخرى في إعتماد المنهجيّة العلميّة لوضع مشاريع الموازنات.

ـ إلغاء إزدواجيّة النظام المالي وإعتماد نظام مالي موحد للبلديات الكبرى والصغرى معاً.

علاقة البلديات بالمواطنين:

إنّ المشاركة تؤمن التواصل بين المجلس البلديّ والمواطنين، وهي نوع من الإستفتاء الدائم للمواطنين لتصحيح المسار أو لتحديد الأولويات وتوجيه العمل البلديّ.

إنَّ المشاركة الأهليّة تعزز المبادئ التي توجه العمل البلديّ ومنها توطيد الروابط الإجتماعيّة وتفعيل العمل الديمقراطيّ وإطلاق العجلة الإقتصاديّة وتطوير المشاريع الإنمائيّة، إنّ المواطن هو طرف في آلية العمل البلديّ وبالتاليّ فإنّ تجاوبه ومشاركته وتفاعله مع القرارت والسياسات المحليّة هي ضرورة لإنجاح العمل البلديّ، وكما يقول أحد رؤساء البلديات أنَّ العمل البلديّ هو عقد شراكة بين البلديّة والمواطنين فإذا أخلّ أي طرف بواجباته لا ينجح العمل

تجاوب المواطنين:

تشكو بعض البلديات غياب الثقة بين المواطنين والبلديّة. ويتجلى غياب الثقة في عدم تجاوب المواطنين مع القرارات البلديّة، ففي إحدى البلديّات، يرفض المواطنون التقيد بقرار المجلس البلديّ الذي قرر إعتماد القرميد الأحمر في البناء في البلدة، أو يمتنع المواطنون في بعض الأحيان عن التعاون مع البلديّة في مسائل مثل إستملاك أو إقتطاع بعض الأراضي.

وفي أحيان أخرى، يرفض المواطنون دفع الرسوم البلديّة وذلك لأنّهم يعتبرون أنّ قسماً منها سيسرق والقسم الثاني لن ينفق بشكل سليم كما يقول أحد رؤساء البلديات، وهناك من يقول أنّ المواطن يريد كل شيء من البلديّة في الوقت الذي لا تعنيه البلديّة إطلاقاً ولا يتعامل معها كمؤسسة تعمل لمصلحته، والدليل على ذلك الرسوم المستحقة على المواطنين التي باتت تبلغ المليارات والتي لا يقومون بتسديدها الأمر الذي ساهم في شل العمل البلديّ.

تكثر الأمثلة التي يذكرها رؤساء البلديات للدلالة على المصاعب التي يواجهونها مع المواطنين، وقد تتعدد أيضاً الأسباب التي يوردونها لتفسير عدم التجاوب إلاّ أنّ أهمها تعوّد النّاس على غياب السلطة وعدم إعتيادهم على تطبيق القانون، ومن أهم الأسباب وكما ورد أعلاه عدم ثقة النّاس أنَّ البلديّة ستنتج شيئاً. لذلك، يؤكد البعض أنّ ثقة المواطنين تعود عندما يبدأون بلمس إنجازات البلديّة.

إلاّ أنّ أجدى وسيلة لإعادة الثقة بين المواطن والبلديّة تكون في خلق أقنية للتواصل بين الطرفين وإنشاء آليات مشاركة منتظمة ودوريّة، فما هو واقع المشاركة على المستوى البلديّ في لبنان؟

آليات المشاركة والتواصل:

تتعدد الآليات التي تعتمدها البلديات للتواصل مع المواطنين:

ـ اللجان البلديّة وهي الأكثر إعتماداً من قبل البلديات، وهي تتضمن أحياناً اشخاصاً من خارج المجلس البلديّ. إجتماعات مع أهالي البلدة. تقوم بعض البلديات بتقسيم المجتمع إلى شرائح حيث تعقد إجتماعات مع كل شريحة على حدة (مثلاً: المزارعون، التربويون...) هذا بالإضافة إلى إجتماعات مع الجمعيات الأهليّة الموجودة ضمن النطاق البلديّ.

ـ تكليف الأعضاء بمسؤوليّة الأحياء.

ـ الإعتماد على المخاتير لمعرفة آراء النّاس.

ـ المراجعات اليوميّة في مقرِّ البلديّة ـ صندوق شكاوى.

ـ توزيع إستمارات لمعرفة آراء النّاس في مشاريع معينة.

ـ لقاءات في مناسبات عامّة.

ـ زيارات شخصيّة.

ـ وسائل إعلاميّة وإعلانيّة، فبعض البلديّات تصدر نشرات بلديّة تطلع المواطن من خلالها على إنجازات البلديّة.

غياب التنسيق:

تعاني البلديات من غياب التنسيق بينها وبين المؤسسات الرسميّة وخاصة الوزارات فيما يتعلق بالمشاريع المنفذة داخل النطاق البلديّ، مثلاً: حين تقوم وزارة الأشغال بإصلاح طريق ضمن النطاق البلدي فهي لا تعلم البلديّة بذلك قبل المباشرة بالعمل، مع العلم أن منشآت المياه أو المجارير تحت الطريق تكون بحاجة إلى صيانة أو تغيير فتفاجأ البلديّة أنّ الوزارة تُعبّد الطريق من دون التنسيق معها فهذا أمر مسيء: للمواطن الذي أعطى ثقته لبلديته وتأتي وزارة ما وتتعدى عليها... فغياب التنسيق يؤخر أعمال البلديّة ويؤثر على منهجيّة عملها.

كما أنَّ هناك سؤالاً يطرح حول دور البلديّة في وضع المخططات التوجيهيّة؟

فبعض المخططات تُطرح على البلديات من قبل التنظيم المدني من دون الأخذ برأي المجلس البلديّ كما أنّ هناك خللاً كبيراً في العلاقة في ما بينهما.

فالمخطط التوجيهي يعطى عادة إلى البلديّة وهي لديها الصلاحيّة لمدة شهر لتسجيل ملاحظاتها عليه وإذا لم تفعل خلال المهلة المعينة يحول المخطط التوجيهيّ للمجلس الأعلى للتنظيم المدني، ثُمّ يتم توقيعه من قبل رئاسة الوزراء ويصبح نافذاً.

تنص المادة 11 من قانون التنظيم المدنيّ على أن تعرض التصاميم وأنظمة المدن والقرى على المجالس البلديّة المختصة لإبداء الرأي فيها وفقاً لقانون البلديّات وعلى هذه المجالس أن تبدي رأيها فيها خلال مهلة شهر من تاريخ عرضها عليها، وإذا إنقضت هذه المهلة دون ذلك، إعتبرت حكماً موافقة عليها، وثُمّ تعرض التصاميم والأنظمة على المجلس الأعلى للتنظيم المدنيّ الذي يملك حق تعديلها.

وبناء على ذلك يجب أن يجري أوسع تنسيق بين البلديّة، والسلطة المركزيّة، والتنظيم المدنيّ، وفي حال عدم وجود كفاءة لدى السلطة المحليّة يجب أن يجرى لها بعض التدريبات لأعضائها وموظفيها فلا يمكن لبلديّة أن تخطط لبلدة أو منطقة ما من دون وجود الكفاءة المطلوبة.

ولكي نطور دور البلديّة في عمليّة التنظيم المدنيّ يجب أن نتبع التالي:

ـ ضرورة وجود آلية لإشراك البلديات في وضع المخططات التوجيهيّة.

ـ تعزيز القدرة الفنيّة للبلديات كي تستطيع إبداء ملاحظاتها على المخططات التوجيهيّة.

ـ وجود مكتب فنيّ.

ـ وجود تصور إقتصاديّ لمستقبل البلدة.

ـ مسح إمكانيات البلديّة(زراعة، أراضي، سكان).

ـ القدرة على إدارة المشاريع.

ـ ضرورة الأخذ بعين الإعتبار أنّه من الأفضل وضع مخططات توجيهيّة على رقعة أوسع من نطاق البلديّة، من هنا، تظهر أهميّة الإتحادات البلديّة حيث يَتمُّ وضع المخططات التوجيهيّة على صعيد إتحادات تفكر بالعمل على رقعة جغرافيّة أوسع من النطاق البلديّ لمنع الهدر ومنع تكرار الوظائف في بعض القرى.

العلاقة مع البلديات:

إلى جانب علاقتها العاموديّة مع السلطة المركزيّة من جهة المواطنين، تلجأ البلديّات من جهة أخرى إلى إرساء علاقات أفقيّة مع البلديات المجاورة لتحقيق مشاريع ذات إمكانيات تفوق إمكاناتها المحدودة ولتشكل مع مجموعة البلديّات الأخرى مجتمعة قوة ضاغطة تستطيع تنظيم وملاحقة حقوقها ومطالبها.

فيتألف إتحاد البلديّات من عدّة بلديات، ويتمتع بالشخصيّة المعنويّة والإستقلال المالي، ويمارس الصلاحيات المنصوص عليها في قانون البلديّات(المادة114).

ينشأ إتحاد البلديّات بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء بناء على إقتراح وزير الداخليّة، تنظم المادة 115 كيفيّة إنشاء الإتحاد وتنتخب ولاية مجلس الإتحاد بإنتهاء ولاية المجالس البلديّة التي يتألف منها(المادة117).

البلديات والجمعيات:

تتعاون البلديّات أحياناً مع مؤسسات المجتمع الأهليّ والمجتمع المدنيّ ومؤسسات دوليّة، وذلك من خلال تلقي مساعدات ماديّة أو تقنيّة منها أو الدخول في شراكة معها في تنفيذ مشاريع إنمائيّة.

نلاحظ أنّ معظم البلديّات لديها علاقات متينة مع الجمعيات الأهليّة التي تعمل ضمن النطاق البلديّ، فمن جهة تقوم البلديّات أحياناً بتقديم المساعدات إلى الجمعيات، وأحياناً تقوم الجمعيات التي تتمتع بإمكانات ماديّة، بدعم مشاريع البلديّة.

وتتعاون البلديّات مع منظمات غير حكوميّة تعنى بالتنميّة المحليّة. وهناك العديد من البلديّات تتعاون في هذا المجال مع جمعيّة الشبان المسيحيّة، بالإضافة إلى ذلك بدأت البلديّات بالتعاون مع مؤسسات دوليّة وإقليميّة مثل الإتحاد الدوليّ للمدن المتحدة، ومنظمة المدن العربيّة، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائيّ، ومنظمة اليونيسف.

فهناك دور كبير للمؤسسات الأهليّة والمجتمع المدنيّ وواجب البلديّة تفعيل هذا الدور لأنَّ هذا القطاع على تواصل مباشر مع النّاس ولديه إحتكاك كبير معهم ويوجد لديه الكوادر البشريّة فيمكن الإستفادة من تلك الطاقات لكي نحسنُّ ونطور مجتمعنا، ويمكنُّ البلديّات أن تدخل المؤسسات الأهليّة في مشاريعها وبذلك يصبح لدى المواطن ثقة أكبر بالعمل البلديّ ويصبح أكثر تعاوناً معها، وذلك التعاون يعطي أكثر إنتاجيّة وفعاليّة على الأرض وممكن أن يؤديّ إلى مشاريع جديدة ومتتاليّة، فمن خلال هذا التعاون نبدأ بإلغاء دور السماسرة في العمل البلديّ فنحفظ خطوة نحو العمل لمصلحة المواطن وليس لمصلحة الفرد .   

محمد علي رضى عَمرو

عضو هيئة التحرير