من مفكرتي القطة وبائع الخبز

12/4/2020
العدد الواحد والاربعون نيسان -2020

 

                                                        بقلم الحاج سلوى أحمد عمرو

سكنتُ في حيٍّ من أحياء بلدتي المعيصرة في التسعينيات من القرن الماضي مع زوجي ووالديه في منزل قديم تآكلت أخشابه وأبوابه وشبابيكه ممّا زاده الزمن جمالاً. وأضاف جماله جمالاً سلوك زوجة عمي الحاجة أم يوسف وحرصها على النظافة وعنايتها بالطهارة وحمد الله تعالى، على كل حال. حيث زرعت الأحواض بجوار المنزل بأنواع كثيرة من الورود والزهور، وتفقدها الدائم لها وللبستان الصغير وأشجاره من تين وعنب وخوخ ورمان وبرتقال. وللقبو الصغير الذي جعلته سكناً دائماً للديكة والدجاج ولزوج جميل من طيور الأوز. كما أحاط عمي المنزل ببعض أشجار الصنوبر والأرز الجميل.

كنت أستفيق فجراً على صوتها وهي تناديني لصلاة الفجر... ولارتشاف القهوة... وأنا أراقب معها طيور الدجاج وهي تلتهم الطعام، والعصافير التي كانت تزور هذه الدجاجات لاختلاس ما استطاعت أكله من الطعام.

كما كانت بعض جارات الحاجة أم يوسف تزورنا صباحاً لارتشاف القهوة. وكنا ننتظر جميعاً بوق سيارة بائع الخبز يعلمنا بأنه أصبح قريباً، حيث كان يزور بلدة  المعيصرة صباح كل يوم، كما كانت قطة جارتنا الجميلة المبرقعة تنتظر معنا بائع الخبز كل يوم. وعندما كانت الحاجة أم يوسف وجاراتها يشترين الخبز الطازج الشهي، كانت القطة تغيب عن أنظارنا من دون أن نعيرها أي اهتمام...

وفي أحد الأيام فوجئنا بصوت بائع الخبز عائداً أدراجه من حارة أخرى من حارات القرية وهو غاضب ويتكلم بصوت جهوري عالٍ، سائلاً عن القطة وصاحبتها. اجتمعنا للإستفهام عمّا جرى له فقال انه شاهد القطة قابعة في صندوق سيارته وتأكل من بعض أطراف ربطات الخبز!!!...

أتت صاحبة القطة وبدأت تنكر ذلك إنكاراً شديداً!!.. حيث فاجأ صاحبتها بسؤاله لها: هل تغيب القطة صباح كل يوم بعد أن أبيعكم الخبز؟.

أجابت بالإيجاب: وبعد محاورات ومفاوضات، إقتنعت صاحبتها بصدق بائع الخبز...

وسددت جارتي عن قطتها ثمن عدد كبير من ربطات الخبز لبائع الخبز لتبرئة ذمتها ممّا اقترفته قطتها المدللة خلال مدّة زمنية طويلة.

ليتنا نتعلم درساً من جارتي العجوز التي نصّبت نفسها حاكمأ، وحكمت بالعدل بين بائع الخبز والقطة التي سرقته.