حجولا والدفاع المشروع عن نطاقها العقاريّ

12/4/2020
العدد الواحد والاربعون نيسان -2020

 

                                                          الأستاذ وسام رامز قبلان

تواجه حجولا منذ 60 سنة، تحدّياً مع بعض القرى المجاورة يتمثل بالدفاع المشروع عن نطاقها العقاري حيال توسع بعض الجوار، وبالأخص عبر محاولة سلخ محلتي بركة حجولا وجربتا التابعتين تاريخياً منذ مئات السنين لحجولا التي أفشلت، ولكن يجري حالياً تكريس الانفصال كأمر واقع بلا أي قانون عبر عرقلة المساحة في المحلتين ومن ثم تمكنهم من استصدار قرار استنسابي بتكليف مختار بنتاعل ادارة شؤون منطقة بركة حجولا وجربتا.

تقع قرية حجولا في المنطقة الوسطى من قضاء جبيل، ويضم نطاقها العقاري تاريخياً منذ مئات السنين، عدة مزارع أو أحياء تابعة لها، وحالياً تظهرها خريطة من مديرية الشؤون الجغرافية للجيش اللبناني وهي حصنعار ووادي الكلب وبركة حجولا وجربتا وغيرها، ويذكر ان هذه المزارع تضم دفاتر شمسية منذ عهد متصرفية جبل لبنان ولم تشكل يوماً ما قرى مستقلة عن حجولا.

تضم محلة جربتا اليوم حوالى 15 منزلاً من آل صقر وخوري وكيريلس وجميعهم تعود سجلات نفوسهم وأصولهم الى قرية بنتاعل المجاورة، كما ان وجودهم في محلة جربتا يعود الى وجود فلاحين من بنتاعل نزحوا إليها للعمل كمرابعين أي عمال فلاحين وفق نظام المحاصصة في أراضٍ اشتراها آل لحود العمشيتيون من أهالي حجولا وما زال بعض وثائق بيع العقارات  التي يعود تاريخها الى سنة 1901 حول شراء آل لحود من أهالي حجولا عقارات ولا سيما من آل أبي رعد وغيرهم، تذكر بشكل حرفي (في بركة حجولا التابع دفترها لقرية حجولا).

ومع مرور الوقت اشترى هؤلاء العمال الفلاحون بعض الاراضي واستوطنوا في جربتا، بوئام وحُسنِ جوار مع أهالي حجولا من آل ابي رعد وغيرهم الساكنين في بركة حجولا.

في العام 1932 قامت الدولة في ظلِّ الانتداب الفرنسي بتعداد لسكان لبنان والقرى، حيث ذكرت محلة جربتا بأنها تابعة لقرية حجولا().

في العام 1954 صدر قانون التنظيم الاداري في لبنان، حيث حدد القرى المكونة للأقضية ومنها جبيل حيث ذكر قرية حجولا ولم يشر بشيء الى أي من مزارعها ().

بدأ التآمر لسلخ بركة حجولا وجربتا عن حجولا، في العام 1961، حينما أصدر وزير المالية آنذاك بيار الجميل مرسوماً رقم 6060 الداعي الى افتتاح أعمال تحرير وتحديد عقارات في مناطق عقارية تابعة لأربعة أقضية ومنها جبيل ()، حيث تمَّ ذكر القرى ومنها حجولا وبشكل مريب تم دسّ محلتي جربتا وبركة حجولا بينها رغم أنَّه لا يوجد أي سند قانوني يوجب إدراجها، بالاضافة لعدم اعتبارها قرى في قانون التنظيم الاداري الصادر عام 1954 حيث كانتا في ذلك الحين تحت ادارة مختار حجولا كأي مزرعة اخرى تابعة للبلدة.

وفي تلك الاثناء كانت أعمال المساحة جارية في بلدة بنتاعل منذ 1958، مما حدا بمالكين في جربتا ممن نفوسهم ببنتاعل الى تسجيل 43 من عقاراتهم ضمن المنطقة العقارية لبنتاعل وهذا يدلُّ على عدم وجود اي فكرة سابقة لديهم باستقلالية عقارية لجربتا وبركة حجولا، فرغبوا بضم ممتلكاتهم في حجولا الى مسقط رأسهم بنتاعل، وأيضاً يدلُّ على أن ما كان يدّبر لسلخ البركة وجربتا عن حجولا كان مجهولاً عند معظم قاطني جربتا والبركة.

بعدها قامت فرقة التحديد والمساحة وبعد صدور المرسوم 6060 الى الغاء محاضر المسح لتلك العقارات بموجب قرار من القاضي العقاري الذي استند بدوره الى المرسوم السابق وادعى بأن جربتا وبركة حجولا، أصبحت منطقة عقارية مُستقلة ، أما مُستقلة عن من ؟! هذا ما تجاهله عن عمد !. وللعلم ان هكذا قرارات صادرة عن وزير ليس من صلاحيتها استحداث قرى أو مناطق عقارية جديدة، الا على اساس قانون صادر عن المجلس النيابي، ومع ذلك لم تجرِ أي من أعمال المسح في بركة حجولا وجربتا بناءً لهذا المرسوم، بعد اعتراض أهالي حجولا، وما زالت الى اليوم بركة حجولا وجربتا غير ممسوحتين لكن حالياً توجد عرقلة من قاطني جربتا والبركة لتكريس استقلالية عُرفية كأمر واقع بلا أي قانون أو مرسوم جمهوريّ.

في العام 1966، بحجّة وجود دفتر شمسي من عهد المتصرفية لمحلة بركة حجولا وجربتا وهذا موجود أيضاً لكل مزارع حجولا الأخرى، بالاضافة الى الاستناد لمرسوم وزير المالية بيار الجميل منذ 5 سنوات قبل الذي دسّ محلتي البركة وجربتا بين القرى المنوي مسحها عقارياً والذي استغله قاضٍ عقاري للادعاء بأن المحلتين أصبحتا منطقة عقارية مستقلة، ومع أنّه ليس من صلاحية وزير أو موظف إداري استحداث مناطق جديدة، عمل بعض القاطنين في جربتا بالتعاون مع بيار الجميل الذي أصبح وزيراً للداخلية، وبشكل سريّ عن أهالي حجولا، الى تقديم مشروع قانون الى المجلس النيابي لفصل بركة حجولا وجربتا عن حجولا الأم، فصدر قانون باستحداث قرية جديدة في قضاء جبيل بإسم البركة ـ جربتا، غير ان هذا القرار بالفصل لم يجرِ العمل به وتنفيذه على أرض الواقع، فلم يحتفل به القاطنون بجربتا ولم يبلّغ به أهالي حجولا، فبقيت الأمور على حالها وكان مختار حجولا يدير شؤون جربتا وبركة حجولا كالعادة منذ عشرات السنين.

وبعدما علم أهالي حجولا وخاصة من الساكنين والمالكين في جربتا والبركة بقرار الفصل، قدّموا اعتراضاً للدولة، فأجرت الدولة حينها تحقيقات ثبت من خلالها، ان لا فائدة ترجى بفصل بركة حجولا وجربتا عن حجولا، لأن عدد سكان المحلتين أقل من 50 شخصاً وبالتالي لا يسمح لهم بإنشاء مُختاريّة خاصة بهم، كما أنَّهم جميعاً مُسجلّون في سجلات نفوس بنتاعل أو حجولا، وبناءً عليه في سنة 1968، أحيل من قبل الحكومة على مجلس النواب مشروع يرمي الى الغاء القانون رقم 30/66 المتعلق بإضافة قرية بركة حجولا وجربتا، مما جمد تطبيق قرار الفصل وبقي الحال عليه من التجميد طيلة الحرب الأهليّة حتى العام 1994 عندما صدر القانون رقم 307 القاضي بإلغاء القانون 30/60 القاضي باضافة قُرية جديدة الى عداد قرى جبيل.

في العام 2005 تمكن دُعاة الفصل من الاستحصال على قرار استنسابيّ من وزير الداخليّة آنذاك حسن السبع، بتكليف مختار وأعضاء المجلس الاختياري في بلدة بنتاعل، بإدارة شؤون منطقة بركة حجولا.

في 18 آب من العام 2016، الغى وزير الداخلية نهاد المشنوق القرار السابق .

في 6 ايلول 2016، أي بعد أقل من شهر على قراره، الغى المشنوق بعد ضغوط سياسية وروحية قراره، الآنف الذكر، وأعاد العمل بقرار 2005.

في أواخر ايلول العام 2019، وبعد قيام بلدية حجولا بتثبيت لوحة ترحب بضيوف القرية، على الحد الغربي منها، قام شبان من محلة جربتا وبتحريض من مختار بنتاعل بتحطيم اللوحة، لتكريس الفصل كأمر واقع دون أي قانون او وجه حقّ، حيث أثار ذلك موجة عارمة من الغضب لدى أهالي حجولا ولولا مساعي العقلاء فيها لتهدئة الأمور، لوصلنا الى ما لا تحمد عقباه.

على أثره في 13 تشرين أول 2019 وبعد استنفاد الاتصالات السياسيّة واللقاءات الرسميّة جدواها من إيجاد حل جديّ، عُقد في بلدة حجولا اجتماع شعبيّ تداعى له الغيارى على البلدة، حضره عدد من الأهالي وفاعليات وأعضاء من المجلس البلديّ ومتابعون لقضيّة بركة حجولا وجربتا.

واستنكر المجتمعون في بيان نشرته الوكالة الوطنية للإعلام ومواقع الكترونية أخرى  تحطيم لوحة حجولا ترحب بكم في جربتا، مُشددين على ضرورة الحفاظ على حُسنِ الجوار وصون العيش المشترك مع التمسك بالحقِّ التاريخي وعدم التفريط بأي شبر من الحدود الادارية للقرية وبالوقوف في وجه محاولات تكريس الفصل العقاريّ كأمر واقع بلا قانون، وقد شكلّت لجنة مُتابعة لقضيّة جربتا وبركة حجولا تتعاون وتتكامل مع البلدية ممثلة برئيسها ماجد ابراهيم والمختار علي محمود عيسى، ومن شخصيات وفاعليات من مختلف عائلات البلدة ومندوب عن البلديّة، ضمت السادة:

زكي حسن ابراهيم، رامز حسن قبلان، العميد علي حمد أبي ناصيف، الدكتور نزار حسين مهدي، المختار السابق غسان مهدي، رياض شحادة عيسى، حميد محمد ابراهيم، حسن أحمد ابراهيم، سامر رامز قبلان مندوباً عن البلدية.

ودعا المجتمعون الفاعليات السياسية والروحية الى ضرورة معالجة هذا الوضع العقاري الشاذ الذي يسبب توترات من آن الى آخر، ولتبقى حجولا أيقونة العيش المشترك في بلاد جبيل حيث انها الوحيدة في جوارها التي تضمُّ تنوعاً في طوائف قاطنيها، فيما سكانها منفتحون ومتعايشون مع الجوار بمختلف تنوعاته منذ مئات السنين.

في الختام، هل يحقُّ لأكثر من 120عائلة من حجولا يقيم أفرادها في محلة الليلكي من منطقة الحدث العقارية السعي للانفصال عن بلدة الحدث ؟!

 

المصادر:

الجريدة الرسمية.

مديرية الشؤون الجغرافية للجيش اللبناني.

ارشيف وثائق السيد حميد محمد ابراهيم.

ارشيف وثائق المختار السابق غسان مهدي.

ارشيف وثائق السيد حسن احمد ابراهيم.

كتاب ـ حجولا كما عرفتها ـ الأستاذ اسماعيل ابراهيم.

 



 احصاء 1932ـ دليل مراح لبنان عبر التاريخ – اوسابيوس سليم 1955.

 قانون التنظيم الاداري ـ مرسوم رقم 116 ـ 1954.

 المراسيم والقرارات الخاصة ـ مرسوم رقم 6060 ـ 3 شباط 1961.