آداب التعامل بين الزوجين حسب أقوال النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وأهل بيته الأطهار (عليهم السّلام)

12/4/2020
العدد الواحد والاربعون نيسان -2020

                                                           بقلم د. يسري عبد الغني

                                              باحث ومحاضر في الدراسات العربية والإسلامية

 

عن الإمام زين العابدين (عليه السّلام): إنّ أرضاكم عند اللَّه أسبغكم على عياله.

آداب التعامل بين الزوجين:

إن أداء الحقِّ الزوجي لوحده غير كافٍ للوصول إلى أرقى مستويات العلاقة الوطيدة بين الطرفين طالما لم يتحلّ كل منهما بالآداب الإسلاميّة البيتيّة، والعلة في ذلك أن القيام بالآداب يلعب دوراً هاماً في تنمية عوامل المودة والاستمرار ويثمر في شتّى مجالات الحياة الزوجيّة ليبلغ بها أجمل صورة ممكن أن تكون عليها، وقد أعدّ اللَّه تعالى على تلك الآداب ثواباً جزيلاً وحثّ على الالتزام بها ونتعرف أولاً على آداب الزوجة مع زوجها.

آداب تعامل الزوجة مع الزوج :

أولاً: خدمة زوجها :

جاء عن النبي (صلّى الله عليه وآله):

أيمّا امرأة رفعت من بيت زوجها شيئاً من موضع إلى موضع تريد به صلاحاً إلا نظر اللَّه إليها ومن نظر اللَّه إليه لم يعذّبه([1]).

وعن الباقر (عليه السّلام).

أيمّا امرأة خدمت زوجها سبعة أيام أغلق اللَّه عنها سبعة أبواب النار وفتح لها ثمانيّة أبواب الجنّة تدخل من أيّها شاءت([2]).

وعن الكاظم (عليه السّلام):

جهاد المرأة حسن التبعّل([3]).

وفي الحديث:

ما من امرأة تسقي زوجها شربة من ماء إلا كان خيراً لها من عبادة سنة صيام نهارها وقيام ليلها([4]).

ثانياً: الصبر على أذيته :

عن رسول اللَّه (صلّى الله عليه وآله):

من صبرت على سوء خُلقِ زوجها أعطاها مثل ثواب آسيا بنت مزاحم([5]).

وعن الباقر (عليه السّلام):

إنّ اللَّه عزّ وجلّ كتب على الرجال الجهاد وعلى النساء الجهاد، فجهاد الرجل أن يبذل ماله ودمه حتى يقتل في سبيل اللَّه وجهاد المرأة أن تصبر على ما ترى من أذى زوجها وغيرته([6]).

ثالثاً: إظهار المودة له في أقوالها وأفعالها :

في الحديث عن الصادق (عليه السّلام) أنه قال:

جاء رجل إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وآله فقال: إن لي زوجة إذا دخلت تلقتني، وإذا خرجت شيّعتني وإذا رأتني مهموماً قالت: ما يهمّك؟ إن كنت تهتم لرزقك فقد تكّفل به غيرك، وإن كنت تهتمُّ بأمر آخرتك فزادك اللَّه هماً، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: بشّرها بالجنّة وقل لها: إنّك عاملة من عمّال اللَّه ولك في كل يوم أجر سبعين شهيداً([7]).

رابعاً: معاونته في الدين والعبادة :

في الحديث عن النبيّ الأكرم (صلّى الله عليه وآله):

 أيمّا امرأة أعانت زوجها على الحجّ والجهاد أو طلب العلم أعطاها اللَّه من الثواب ما يُعطي امرأة أيوب (عليه السّلام)([8]).

خامساً: التجمّل له، وإظهار الهيئة الحسنة لها في عينه والابتعاد عما ينفّره ولا يوافق ذوقه مع معرفتها لما يرغب فيه وما يرغب عنه. وفيما ورد:

...لا غنى بالزوجة فيما بينها وبين زوجها الموافق لها عن ثلاث خصال وهنّ: صيانة نفسها عن كل دنس حتى يطمئن قلبه بها في حال المحبوب والمكروه، وحياطته ([9]) ليكون ذلك عاطفاً عليها عند زلّة تكون منها، واظهار العشق له بالخلابة ([10]). والهيئة الحسنة لها في عينه([11]).

آداب تعامل الزوج مع الزوجة :

أولاً: إطعامها بيده :

عن النبيّ (صلّى الله عليه وآله ):

إنّ الرجل ليؤجر في رفع اللقمة إلى في امرأته([12]).

ثانياً: الجلوس معها :

عن النبي (صلّى الله عليه وآله):

جلوس المرء عند عياله أحبُّ إلى اللَّه تعالى من اعتكاف في مسجدي هذا([13]).

ثالثاً: خدمة البيت معها:

ويكفيك شاهداً ما جرى في بيت عليّ وفاطمة حيث روي عن عليِّ (عليه السّلام) قوله:

دخل علينا رسول اللَّه (صلّى الله عليه وآله) وفاطمة عليها السلام جالسة عند القدر وأنا أنقّي العدس، قال: يا أبا الحسن، قلت: لبّيك يا رسول اللَّه، قال: اسمع، وما أقول إلا ما أمر ربّي، ما من رجل يعين امرأته في بيتها إلا كان له بكل شعرة على بدنه، عبادة سنة صيام نهارها وقيام ليلها، وأعطاه اللَّه من الثواب ما أعطاه اللَّه الصابرين، وداود النبيّ ويعقوب وعيسى عليهم السلام، يا عليّ من كان في خدمة عياله في البيت ولم يأنف، كتب اللَّه اسمه في ديوان الشهداء، وكتب اللَّه له بكل يوم وليلة ثواب ألف شهيد، وكتب له بكل قدم ثواب حجة وعمرة، وأعطاه اللَّه تعالى بكل عرق في جسده مدينة في الجنّة. يا عليّ، ساعة في خدمة البيت، خير من عبادة ألف سنة، وألف حجّ، وألف عُمرة، وخير من عِتقِ ألف رقبة، وألف غزوة، وألف مريض عاده، وألف جمعة، وألف جنازة، وألف جائع يُشبعهم، وألف عار يكسوهم، وألف فرس يوجهه في سبيل اللَّه، وَخيرٌ له من ألف دينار يتصدق على المساكين، وَخيرٌ له من أن يقرأ التوراة والإنجيل والزبور والفرقان، ومن ألف أسير اشتراها فأعتقها، وخير له من ألف بدنة يعطي للمساكين، ولا يخرج من الدنيا حتى يرى مكانه من الجنة. يا عليّ، من لم يأنف من خدمة العيال دخل الجنّة بغير حساب، يا عليّ خدمة العيال كفارة للكبائر، ويطفىء غضب الرّب، ومهور حور العين، ويزيد في الحسنات والدرجات، يا عليّ، لا يخدم العيال إلا صديق أو شهيد أو رجل يريد اللَّه به خير الدنيا والآخرة([14]).

رابعاً: الصبر على سوء خلقها:

في الحديث:

من صبر على سوء خُلقِ امرأته واحتسبه أعطاه اللَّه تعالى بكل يوم وليلة يصبر عليها من الثواب ما أعطى أيوب (عليه السّلام) على بلائه وكان عليها من الوزر في كل يوم وليلة مثل رمل عالج([15]).

خامساً: أن يوسع عليها في النفقة ما دام قادراً لكن لا يبلغ حد الإسراف:

يقول زين العابدين (عليه السّلام):

إن أرضاكم عند اللَّه أسبغكم على عياله([16]).

سادساً: التجاوز عن عثراتها:

من الممكن أن تُخطىء المرأة كما الرجل فلا يكون ذلك مُدعاةً للعنف معها وإلحاق الأذية بها بل على العكس تماماً فليكن لما هو أقرب للتقوى من العفو والرحمة وإقالة العثرة فقد تقدم في بعض الأحاديث قوله (عليه السّلام):

وإن جهلت غَفَر لها.

وإلا فإن الوقوف عند كل صغيرة لا يمكن أن تستمر معه الحياة الزوجية وتستقر به العشرة.

خصوصاً مع التوصية الواردة في حقّها حيث قال رسول اللَّه (صلّى الله عليه وآله):

أوصاني جبرئيل (عليه السّلام) بالمرأة حتى ظننت أنه لا ينبغي طلاقها إلا من فاحشة بيّنة([17]).

سابعاً: استمالة قلبها :

وهي تتم بأمور:

أولاً: التجمّل لها وابداء الهيئة الحسنة في عينها حيث يؤكد الإسلام على التنظيف والأناقة وتزين الزوج لزوجته بما يتناسب معها وترضاه كما أن عليها ذلك في قباله.

عن الحسن بن جهم أنه قال: رأيت أبا الحسن (عليه السّلام) اختضب فقلت: جعلت فداك اختضبت؟ فقال (عليه السّلام).

نعم إن التهيئة مما يزيد في عفة النساء، ولقد ترك النساء العفّة بترك أزواجهن التهيئة ثم قال: أيسرّك أن تراها على ما تراك عليه إذا كنت على غير تهيئة؟ قلت: لا، قال: فهو ذاك([18]).

ثانياً: التوسعة عليها بالنفقة.

ثالثاً: المعاشرة الجميلة .

جاء عن الصادق (عليه السّلام) قوله:

لا غنى بالزوج عن ثلاثة أشياء فيما بينه وبين زوجته وهي الموافقة ليجتلب بها موافقتها ومحبتها وهواها، وَحُسنُ خُلقه معها، واستعماله استمالة قلبها بالهيئة الحسنة في عينها وتوسعته عليها([19]).

والحديث جامع للأمور الثلاثة.

رابعاً: خطاب المودّة .

حيث يقول النبيّ (صلى الله عليه وآله):

قول الرجل للمرأة إني أحبّك لا يذهب من قلبها أبداً([20]).

وبالإمكان في ختام تعداد هذه الحقوق أن نضع ميزاناً توزن به الشخصية المؤمنة عبر أدائها للحقوق المفروضة أو التقصير بها وبالخصوص مع الالتفات إلى قول رسول اللَّه (صلّى الله عليه وآله):

ألا خيركم خيركم لنسائه وأنا خيركم لنسائي([21]).

وفي رواية أخرى: ألا خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي([22]).

 



[1]  ميزان الحكمة، ج2، ص186.

[2]  ميزان الحكمة، ج2، ص186.

[3]  الكافي، ج5، ص507.

[4]  وسائل الشيعة، ج14، ص123.

[5]  ميزان الحكمة، ج2، ص1187.

[6]  مكارم الأخلاق، ص215.

[7]  مكارم الأخلاق، ص215 .

[8]  م.ن. ص201.

[9]  حاطه حياطة: حفظه وتعهده.

[10]  أي بالقول الطيب.

[11]  بحار الأنوار، ج75، ص237.

[12]  المحجة البيضاء، 370.

[13]  تنبيه الخواطر، 122 2.

[14]  مستدرك الوسائل، ج13، ص42.

[15]  ميزان الحكمة، حديث 7891.

[16]  م.ن. حديث 7909.

[17]  الوسائل، ج7، ص121.

[18]  الكافي، ج5، ص567.

[19]  البحار، ج70 237 78.

[20]  ميزان الحكمة، حديث 7873.

[21]  وسائل الشيعة، ج7، ص122.

[22]  م.ن. ومكارم الأخلاق، ص116.

* ويمكن لنا مراجعة : الحياة الزوجيّة، إعداد ونشر جمعيّة المعارف الإسلاميّة الثقافيّة، ط1، شباط 2003م، ص57ـ71.