الجامعات الرسميّة في لبنان وبلاد جبيل

14/7/2011
العدد الواحد والاربعون نيسان -2020

قال أحد الشعراء:

العلم يرفع بيتاً لا عماد له             والجهل يهدم بيت العز والشرف

وقال الإمام عليّ(ع):

«لا غنى كالعقل ولا ميراث كالأدب ولا ظهير كالمشاورة»

فكما أن الجسد بحاجة إلى غذاء ينميه كذلك العقل هو بحاجة إلى غذاءٍ يثقفه وينوره ويهذب أحاسيسه ويطور أفكاره ويوسع آفاق رؤاه ويعمق تطلعاته إلى مجريات الحياة المعيشيّة  الإجتماعيّة.

حيث أنّه ينحت معدن الإنسان ويجعله مؤنساً لطيفاً كما ينحت البناء حجر البناء ليصبح ناعم الملمس جميل الشكل والمنظر.

ونحن في عصر العلم وثقافة المعرفة ومهد الحضارة نتطلع إلى كل ما يساهم في تنمية هذا الحقل من مؤسسات تربوية وتعليميّة وتثقيفيّة راقية تتماشى مع ركب الحضارة العالميّة المتقدمة والمتطورة التي تعتمد القيم الإنسانيّة أساساً لها والمقامات الأخلاقيّة أسلوباً ونهجاً لممارستها بين البشر حتى ينطبق علينا قول أحد الشعراء:

«إنما الأمم الأخلاق ما بقيت

فان هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا»

ونأبى أن ينهشنا التخلف ويقتلنا الجهل ويُعمينا الغباء وتتفشى الأُميّة بين شعبنا في ظل غلاء المعيشة وتدهور الإقتصاد وصعوبة العيش لدى الطبقات المتوسطة والفقيرة التي يتكون منها معظم سكان الوطن.

لذلك نتوجه إلى الدولة المحترمة لكي تولي هذا الموضوع الإهتمام الذي يفتقر إلى عناية أكبر ولا سيما في إنشاء المؤسسات التربوية والجامعات الرسميّة في الأماكن التي يحتاجها المواطنون في ظل صعوبة الإنتقال وفداحة التكاليف التي تثقل كاهل المواطن والتي غالباً ما تكون سبباً وجيهاً في تخلي الطالب عن متابعة دراسته العلميّة والثقافيّة ومن هذه المناطق المفتقرة إلى إنشاء جامعة رسميّة هي منطقة جبيل التي يتآكلها الحرمان منذ زمن بعيد وبات بعض أبنائها يبيعون ممتلكاتهم وتتعاظم عليهم الديون أحياناً ويقتّرون في معيشتهم الإقتصاديّة اليوميّة حيناً آخر للتمكن من تسديد الأقساط الباهظة إلى الجامعات الخاصة حيث أن معظم طلابهم يتعاطون عملاً مأجوراً إلى جانب متابعتهم الدراسيّة لتخفيف أعباء النفقات المتوجبة على أهلها وإزاء هذا الوضع المتردي كُثر منهم يعجزون عن متابعة دراستهم ويبقونَ عاطلين عن العمل في هذا العصر الذي يمتاز بتنوع الإختصاصات التي يحتاجها كل فرد للعمل في كل المؤسسات العامّة والخاصّة.

وبهذا يكون قد تضاعف عدد العاطلين عن العمل الذين لا يستطيعون تحصيل لقمة عيشهم بكرامة وعزّة حيث نتذكر هنا قول أحد الفلاسفة: «البطالة هي أم الرذيلة» وأمام هذا الواقع الأليم لا يبقى أمام بعض الأجيال الطالعة إلاَّ التفتيش عن مصدر رزقهم بالطرق التي يفرضها قسراً عليهم الظرف العصيب بين البقاء في الوطن وبين الهجرة التي غالباً ما تكون طويلة وبلا عودة.

أَيجوز هكذا أن يخسر الوطن أبناءه وأن يُحرم الأهل من رؤية فلذات أكبادهم الذين كانوا يُعوِّلون عليهم في هذه الحياة لدى السرَّاء والضرّاء.

ومع كل ذلك يتدنى عدد المثقفين في البلد حيث يُحرمون من متابعة دراستهم وإنجاز إختصاصهم.

وكل ذلك متوقف على إنشاء جامعة رسمية في جبيل وفي الأماكن المحتاجة إليها.

ففي ظل الجامعة الرسميّة يتنامى عدد الإختصاصيين ويزداد عدد المثقفين وتبلغ الحضارة أوج عزها وينمو الإقتصاد ويرتفع دخل المواطن وينخفض عدد المهاجرين ويعتزُّ الوطن والبلد بنخبة أبنائه ويرتاح الأهل إلى وجود أولادهم بقربهم عوناً لهم وسنداً لما يخبئ لهم الدهر من مصائب وويلات.

جبيل ـ  الأستاذ كميل حيدر أحمد 

المدير السابق لمتوسطة كفرسالا الرسميّة ـ عمشيت.