أعجل الخير ثواباً

16/2/2012
العدد الواحد والاربعون نيسان -2020

بقلم الدكتور الشيخ أحمد محمد قيس

 

يقول المولى عزّ وجل في محكم كتابه:

}يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجاً وبث منها منهما رجالاً كثيراً ونساء واتقوا الله الذين تساءلون به والارحام إن الله كان عليكم رقيباً}

 

عزيزي القارئ، لقد إهتمت الشريعة الإسلاميّة بمسألة صلة الرحم غاية الإهتمام، وأولتها عناية خاصة من خلال ما ورد بشأنها من آيات وأحاديث تكشف عن خطورة عدم الإلتزام بها من جهة، وعظيم الثواب وكبير الأجر المترتب عليها من خلال العمل بما أمر به الشارع المُقدس من جهة أخرى. كما توضح هذه النصوص المباركة النتائج الحاصلة من جرّاء الإلتزام بمسألة صلة الرحم أو عدمه على المستويين الدنيوي والأخرويّ.

ومن أجل إيفاء هذه المسألة حقها من الشرح نحتاج إلى العديد من الصفحات والتي لا يمكننا إختزالها في هذه العجالة، إنما سنحاول الإطلالة على بعض العناوين منها.

حيث أن لمسألة صلة الرحم جملة من الأدوار الوظيفيّة يمكن تقسيمها على الشكل التالي:

أ ـ المستوى الدنيوي: تبرز أهمية صلة الرحم على المستوى الدنيوي من خلال العديد من العناوين المتفرعة منها والتي يمكن التعبير عنها بأنّها: تطيل العمر وتزيد بالرزق وتعمر الديار وتحسن وتهذب الأخلاق وتدفع البلاء والمصائب وتؤمن للإنسان المنعة والقوة في وجه الأعداء.

وهذه بعض الروايات والأحاديث التي تؤكد هذا المعنى.

فعن رسول الله(ص)، أنّه قال:» صلة الرحم تزيد في العمر، وتنفي الفقر»(2).

وعنه(ص)، أيضاً:«من سرّه أن يبسط له في رزقه، وينسأً له في أجله فليصل رحمه»(3).

وعنه(ص)، أنّه قال:« إنّ القوم ليكونون فجرة، ولا يكونون بررة فيصلون أرحامهم فتنمي أموالهم، وتطول أعمارهم، فكيف إذا كانوا أبراراً بررة»(4).

وعن الإمام الصادق(ع): «صلة الأرحام تحسن الخلق وتسمح الكف وتطيب النفس وتزيد في الرزق وتنسئ من الأجل»(5).

وعن رسول الله(ص): «ما من ذنب أجدر من أن يعجل الله تعالى، لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدّخر له في الآخرة من قطيعة الرحم الخيانة والكذب»(6).

وعن الإمام الصادق(ع): «ان رجلاً أتى النبيّ(ص)، فقال: يا رسول الله إنّ لي أهلاً قد كنت أصلهم وهم يؤذوني، وقد أردت رفضهم، فقال له رسول الله(ص): إذن يرفضكم الله جميعاً. قال: وكيف أصنع؟ قال(ص): تعطي من حرمك، وتصل من قطعك، وتعفو عمن ظلمك، فإن فعلت ذلك، كان الله عزّ وجل لك عليهم ظهيراً»(7).

وفي خطبة لأمير المؤمنين(ع):

«أيها النّاس، إنّه لا يستغنى الرجل وإن كان ذا مال عن عترته، ودفاعهم عنه بأيديهم وألسنتهم، وهم أعظم النّاس حيطة من ورائه وألمهم لشعثه، وأعطفهم عليه عند نازلة إن نزلت به ولسان الصدق يجعله الله للمرء في النّاس خير من المال يرثه غيره.

ألا لا يعدلنَ أحدكم عن القرابة يرى بها الخصاصة أن يسدها بالذي لا يزيده إن أمسكه، ولا ينقصه إن أهلكه، ومن يقبض يده عن عشيرته، فإنما تقبض منه عنهم يد واحدة، وتقبض منهم عنه أيدٍ كثيرة، ومن تلن حاشيته يستدم من قومه المودة»(8).

ب ـ المستوى الأخروي:

 يبدأ هذا الأمر باللحظات الأخيرة من عمر الإنسان في هذه الدنيا واللحظات الأولى من الاخرة وصولاً إلى عرصات يوم القيامة وأهوال المحشر. والأحاديث التالية تؤكد هذا المعنى:

فعن الإمام علي بن محمد الهادي(ع):«فيما كلم الله تعالى به موسى(ع)» قال موسى: «فما جزاء من وصل رحمه؟ قال تعالى: يا موسى أُنسئ له أجله وأُهون عليه سكرات الموت»(9).

وعن رسول الله(ص):«صلة الرحم تهون الحساب وتقي ميتة السوء»(10).

وعن الإمام جعفر بن محمد الصادق(ع):«إن صلة الرحم والبر ليهوِّنان الحساب ويعصمان من الذنوب، فصلوا أرحامكم، وبروا بإخوانكم، ولو بحسن السلام وردّ الجواب»(11).

وعن رسول الله(ص): «اتقوا الله وصلوا الأرحام، فإنّه أبقى لكم في الدُنيا وخير لكم في الآخرة»(12).

وعنه(ص)، أنّه قال: «أًوصى الشاهد من أمتي والغائب منهم ومن في أصلاب الرجال وأرحام النساء إلى يوم القيامة، أن يصل الرحم وإن كان على مسير سنة، فإن ذلك من الدين»(13).

يتضح مما تقدم أهمية صلة الرحم على المستوى الدنيوي والمستوى الأخروي، أمّا بالنسبة إلى مسألة قطع الرحم وعاقبتها فيكفي أن نشير إلى ما يمكن فهمه من عكس منطوق الروايات المذكورة آنفاً حتى يتضح لنا مدى خطورة هذا الأمر.

وإن كنا قد اكتفينا بالإشارة فلأسباب تفرضها ظروف التحرير وفسحاً بالمجال لمقالات أخرى قيّمة.

وفي الختام نسأل الله سبحانه أن نكون من الّذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه حتى نكون من الذين يُعجل لهم الثواب كما قال النبيّ(ص):«اعجل الخير ثواباً صلة الرحم»(14).

والحمد لله ربّ العالمين

 

سورة النساء، الآية:1.

بحار الأنوار، المجلد 74، ص:88. كذلك راجع ميزان الحكمة، الحديث:7049.

المصدر السابق نفسه، المجلد 74، ص:89. كذلك راجع ميزان الحكمة، الحديث:7050.

المصدر السابق نفسه، المجلد 74، ص:126. كذلك راجع ميزان الحكمة، الحديث :7054.

المصدر السابق نفسه، المجلد 74، ص: 114. كذلك راجع ميزان الحكمة، الحديث: 7044.

كنز العمال، الحديث رقم: 6986. كذلك راجع ميزان الحكمة، الحديث: 7078.

بحار الأنوار، المجلد 74، ص: 100. كذلك راجع ميزان الحكمة، الحديث:7067.

شرح نهج البلاغة، الجزء الأوّل، ص:312. الخطبة رقم:23. كذلك بحار الأنوار، المجلد 74، ص:104. وميزان الحكمة، الحديث رقم:7039.

بحار الأنوار، المجلد 69، ص:382. كذلك راجع ميزان الحكمة، الحديث رقم: 7046.

المصدر السابق نفسه، المجلد 74، ص: 94. كذلك راجع ميزان الحكمة، الحديث: 7052.

المصدر السابق نفسه، المجلد 74، ص: 131. كذلك راجع ميزان الحكمة، الحديث: 7046.

كنز العمال، الحديث رقم:6911. كذلك راجع ميزان الحكمة، الحديث:7048.

عدة الداعي، ص:114. كذلك راجع بحار الأنوار، المجلد 74، ص:105. وميزان الحكمة، الحديث:7060.

بحار الأنوار، المجلد 74، ص:121. كذلك راجع أصول الكافي. باب صلة الرحم. وكذلك ميزان الحكمة، الحديث:7038.