مع المغتربين: الحاج عبد الوهاب حسين شقير

24/5/2012
العدد الواحد والاربعون نيسان -2020

 (الحلقة الأولى)

أ ـ حكاية الإغتراب في لبنان

حكاية لبنان والإغتراب قديمة بدأت منذ صياغة الأحرف الأبجديّة في مدينة جبيل ومدن الساحل الفينيقي. حيث كان اللبنانيّ يحمل خشب الأرز والحرير الارجواني وغيرهما من صناعات وطنيّة بيد والأحرف الأبجديّة باليد الأخرى مؤسساً للمستعمرات الفينيقيّة في جزر البحر الأبيض المتوسط وفي قرطاج وشمال أفريقيا لنشر المعرفة والثقافة الساميّة الشرقيّة.

وفي القرون الأخيرة كانت إنطلاقة الإغتراب والمغتربين من لبنان إلى أوروبا الغربيّة وأمريكا الجنوبيّة والشماليّة والوسطى بعيد فتنة 1860م. الطائفيّة وفي أيام المتصرفيّة. حيث كانوا يحملون الجنسيّة العثمانيّة. وقد ازدادت هذه الهجرة في أوائل القرن العشرين وبعيد الحرب العالميّة الأولى إلى تلك البلاد البعيدة وإلى غرب أفريقيا.

وقد تأثر المسلمون في بلاد جبيل والفتوح والبترون والكورة بإخوانهم المسيحيين في الإغتراب والهجرة عن لبنان طلباً للرزق الحلال في العالم الجديد فكان من أوائل العائلات المهاجرة قبيل الحرب العالميّة الأولى وبعدها: آل برّو وآل الحساميّ وآل اللقيس وآل حيدر حسن وآل عوّاد وآل حيدر أحمد وآل شمص وآل بلوط وآل همدر وآل الحاج يوسف وآل عمرو وآل برق وآل كنعان وآل شقير وعائلات بلدة حجولا وآل حمادة وغيرهم.

وقد تقدّم الكلام في العدد السادس من هذه المجلة عن: «المرحوم عبد الحميد اللقيس ـ فارس من زمن البطولات» لحفيده المحامي نديم بهيج اللقيس. حيث كان رحمه الله تعالى من المغتربين اللبنانيين في البرازيل.

وفي هذا العدد تكلّم الأستاذ يوسف حيدر أحمد عن: «المرحوم الحاج محمد نكد حيدر حسن «أُمّة في رجل» وعن تأسيسه لبلدة كفرسالا». حيث كان رحمه الله تعالى من المغتربين اللبنانيين في الولايات المتحدة الأمريكيّة.

كما تكلّمت أيضاً في هذا العدد تحت عنوان الذاكرة الشعبيّة عن الحاج سامي عباس عمرو وهجرته إلى ليبيا وإلى المملكة العربيّة السعوديّة وعن ما تركه من آثار حسنة.

وقد أحببت تخصيص باب مستقل لهؤلاءِ الرجال في هذا العدد، وفي الأعداد القادمة إن شاء الله تعالى إعترافاً بفضل المحسنين منهم على عائلاتهم وقراهم وعلى ما تركوه من آثار طيبة وحسنة.

ومن هؤلاء المهاجرين كان الحاج عبد الوهاب حسين شقير واشقاؤه الكرام الحاج سامي والحاج يوسف والحاج حسن والحاج سمير وأولادهم وهجرتهم إلى الخليج وإلى الولايات المتحدة الأمريكيّة. وعن ما تركوه من بصمات واضحة في بلدتهم الصوانة وعلى آل شقير الكرام وعلى أعمال البرِّ والإحسان في بلاد جبيل العزيزة.

وقد آثرت الحديث عن الحاج عبد الوهاب شقير دون أشقائه لضيق الوقت، ولأنّه كبيرهم وعميدهم وشاعرهم الذي نقرأه في قصيدته المنشورة في هذا العدد تحت عنوان:» الحنين إلى جبيل». وأحلامه وآماله العتيدة في بلاد جبيل وماضيها وحاضرها ومستقبلها.

ب ـ بطاقة شخصيّة

الحاج عبد الوهاب ابن الحاج حسين بن حسن بن إسماعيل آل شقير

الوالدة: الحاجة سيفاء محمد حسن نون

الولادة: قضاء جبيل ـ علمات ـ الصوانة  1932م.

زوجته: السيدة سهام حسن الحسينيّ

الدراسة: تعلّم القرآن الكريم ومبادئ اللغة العربيّة على يدي المرحوم الشيخ خليل حسن سليمان شقير في القرية وتابع دراسته الإبتدائيّة والمتوسطة في مدرسة الأخوة المريميين «الفرير» في جبيل، كما تعلّم اللغة الإنكليزيّة في عام 1957م. على يدي شيخ سوداني إسمه عبدالله أثناء عمله في دولة الكويت.

ج ـ الهجرة إلى العراق والخليج

هاجر إلى العراق في عام 1956م. للعمل في شركة «كات» اللبنانيّة لصاحبها اميل البستاني حيث عمل في جنوب العراق في منطقة سوق الشيوخ كمدير قسم في مشروع بناء سد على الفرات لأجل سقي النخيل لمدة عام. هاجر بعدها إلى دولة الكويت حيث عمل في الأعمال الحرّة المتعلقة بقضايا البناء وغيرها. وفي عام 1969 وفقه الله تعالى ومن خلال الدخول في المناقصات لالتزام بناء قصر الأمير الشيخ عبد الله جابر الصباح في عام 1969. وخلال عام أتمَّ بناء ذلك القصر حسب المواصفات المطلوبة. هاجر بعدها إلى «أبو ظبي» حيث عمل بها قرابة عام. ثم تركها وهاجر للعمل في سلطنة عُمان قرابة عامين، تعرَّف خلالها على الأمير ماجد بن سعيد بن طارق عم السلطان قابوس حيث التزم منه بعض أعمال البناء.

وبقي هناك مدّة عامين. غير أن عُمان كانت بحالة حرب مع جمهوريّة جنوب اليمن الإشتراكيّة وكانت معظم أموال الدولة تصرف على المجهود الحربيّ. عاد بعدها إلى إمارة «أبو ظبي» للعمل في الأعمال الحرّة وفي قطاع البناء وبقي قرابة السبع سنوات. وفقه الله تعالى بالتعاون مع أشقائه الأربعة عام 1973م. لتأسيس شركة «بيبلوس» للمقاولات. ولا تزال هذه الشركة تزاول عملها بنجاح ولغاية تاريخه.

الهجرة إلى الولايات المتحدة الأمريكيّة

وفي عام 1982م. هاجر إلى الولايات المتحدة الأمريكيّة إلى ولاية «بوسطن» في منطقة «هافرل» حيث افتتح «سوبر ماركت» وأقام بها مدّة ثلاث سنوات. بعدها هاجر إلى ولاية «متشيغن» ـ «ديترويت» وبقي بها قرابة عام تعرَّف بها على سماحة الإمام الشيخ مُحمّد جواد شرّي(قده)، إمام المركز الإسلاميّ في المدينة وكان يصلي خلفه ويتردد عليه. بعدها هاجر إلى ولاية «كاليفورنيا» حيث إفتتح في مدينة «سانتيغو» سوبر ماركت وبقي هناك قرابة خمسة عشر عاماً. وفي عام 2006م قرر البقاء في لبنان ما بين منزله في بلدته الصوانة ـ قضاء جبيل وما بين منزله في الرملة البيضاء ـ الأونيسكو ـ بيروت.

هـ ـ الحنين إلى لبنان

وأثناء هجرته للعراق وللخليج وللولايات المتحدة الأمريكيّة منذ عام 1956 ولغاية عام 2006 لم ينس أهله وأقاربه ووطنه أبداً. حيث كان يزور لبنان أيام فصل الصيف ويقضي أيامه في ربوعه كل عام.

وقد وفقه الله تعالى مع أشقائه الأربعة للإهتمام برعاية الأرامل والأيتام والمحتاجين من أرحامهم وبعض العائلات الأخرى.

كما وفقه الله تعالى لصيانة مقبرة الصوانة وتصوينها وإيصال الطريق إليها وإلى الحسينيّة وتوسعة ذلك الطريق. ولشق طريق يربط أسفل بلدة الصوانة بمفرق طريق كوع المشنقة. وببناء حسينيّة من طابقين للرجال والنساء. وببناء مسجد الإمام عليّ بن أبي طالب Qفي الصوانة. وببناء المركز الصحي الإجتماعيّ في الصوانة وإفتتاحه منذ عام 1982م ولغاية تاريخه.

ونظراً لضيق الحسينيّة القديمة فقد وفقه الله تعالى مع أشقائه لشراء عقار قريب من العقار القديم وللتخطيط لبناء حسينيّة حديثة من خمسمائة متر مربع. وإن شاء الله تعالى سوف يوضع حجر الأساس لبنائها قريباً.

كما وفقه الله تعالى لمساهمات كثيرة أخرى في المركز الإسلاميّ في «ديترويت» ـ وفي بناء المركز الإسلاميّ الكبير في «سانتيغو» في الولايات المتحدة الأمريكيّة.

كما وفقه الله تعالى مع أشقائه الأربعة أيضاً للمساهمة في بناء مئذنة لجامع بلدة فرحت وترميمه. وللمساهمة في مشروع المركز الإسلاميّ الكبير التابع لجمعية المبرّات الخيريّة في مدينة جبيل.

وللمساهمة في بناء الحسينيّة الكبيرة في بلدة علمات الجنوبيّة ولغير ذلك من أعمال خيريّة.

و ـ أسرة الحاج عبد الوهاب شقير:

رزق الله تعالى الحاج عبد الوهاب شقير من زوجته السيدة سهام حسن الحسينيّ أُسرة طيبة صالحة تمتاز بالعلم والأخلاق وهم أربعة بنين وابنتان.

1ـ منذر: ماجستير (تجارة واقتصاد) مدير شركة «بيبلوس» في «أبو ظبي» متزوج من السيدة جومانا الموسوي وعنده منها عامر وجاد وجنى.

2ـ ثريا: طليقة السيد قمبيز وعندها منه ولد واحد إسمه ليم.

3ـ رمزي: ماجستير (تجارة واقتصاد) متزوج من السيدة ديانا حمود وعنده منها ذكر واحد إسمه آدم.وهو يعمل ومقيم في جنوب كندا في CALGORY.

4ـ اسل: متزوجة من السيد طارق الحسينيّ من بلدة مزرعة السياد ومقيمة معه في دبي وعندها منه ولدان وهما تميم ورازي.

5ـ6ـ وسيم وريان وهما توأمان وهما يحملان ماجستير (تجارة واقتصاد) وهما يعملان في تجارة مستلزمات المستشفيات في مدينة أربيل شمال العراق. وهما أعزبان.

ولم يكتف الحاج عبد الوهاب شقير بما تقدم من أعمال البرّ والإحسان بل سعى لرضا الله تعالى في ما تقدّم. وفي قيامه بالحج والعمرة عن والديه وعن نفسه سبع مرات. وزيارة العتبات المُقدّسة في العراق وايران ثلاث مرات. وفي الإطلالة في بعض  المناسبات الدينيّة والإجتماعيّة ببعض القصائد الشعبيّة الجميلة التي تدعو النّاس للتمسك بالأخلاق والمحبة والتسامح والوحدة الوطنيّة.

(رئيس التحرير)