ماذا عن تاريخ العراق في القرن العشرين؟

20/4/2013
العدد الواحد والاربعون نيسان -2020

تاريخ القزوينيّ في تراجم المنسيين والمعروفين

من أعلام العراق وغيرهم (1900 ـ 2000م) للدكتور جودّت القزوينيّ

رئيس التحرير

صدر عن دار «الخزائن لإحياء التراث» في بيروت ـ الطبعة الأولى 1433هـ ـ 2012م. لمؤلفه العلاّمة المؤرخ الدكتور جودت القزوينيّ من ثلاثين مجلداً. أرَّخ به المصنِّف (حفظه الله تعالى) لجميع من عاصرهم واجتمع بهم وعَرِفهم من المعروفين أو المنسيين من أعلام العراق وغيرهم ممن كانت له صلة بالعراق من دراسة أو إقامة أو نحو ذلك خلال مئة عام بشكل عام وعن النصف الثاني من القرن العشرين بشكل خاص. وقد أورد المصنّف في مقدّمته خمس وثلاثين ملاحظة إمتازت بها تراجم هذا التاريخ. وامتاز بها. إذ إستغرقت بحوثه أربعين عاماً من عام 1972م. ولغاية عام 2008م. حيث بدأ بكتابته في العراق بتشجيع من المرحوم والده الفاضل السيّد كاظم آل السيّد مهدي القزوينيّ وانتهت في ضاحيّة بيروت الجنوبيّة. وشاء الله تعالى للمصنّف الإستقرار في منطقة حارة حريك من ضاحيّة بيروت الجنوبيّة بعد مدّة من استقراره في جمهوريّة مصر العربيّة من عام 1978م. ولغاية عام 1981م. لإكمال دراسته وتحضيره للماجستير. بعدها قطع دراسته للدكتوراه وسافر إلى الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة أيام الحرب العراقيّة الإيرانيّة. حيث وصلها في يوم 24/1/1982م. ومن ثُمّ تركها للإقامة في دمشق في يوم 19/10/1982م. ولغاية شهر تشرين الأوّل 1985 ثم تركها وسافر إلى بريطانيا لإكمال دراسته وتحضيره لمرحلة الدكتوراه في معهد الدراسات الشرقيّة والإفريقيّة SOAS التابع لجامعة لندن حيث نالها عام 1997، وفي لندن صنّف بعض مؤلفاته الأخرى.

وفي شهر تموز عام 2001م. سافر إلى بيروت بغرض إكمال مؤلفاته وللإستقرار في حارة حريك.

وفي العدوان الإسرائيلي الغاشم على لبنان في شهر تموز عام 2006 كانت المفاجأة الكبرى بلجوء الطائرات الحربيّة الإسرائيليّة إلى قصف الآمنين المدنيين. وقد شمل القصف محل سكناه في حارة حريك. وقد خسر المصنّف في تلك الحرب سبعة عشر مجلداً من تاريخه مشحونة بالفوائد والسوانح والمذكرات، وأسماء منسيّة، أو معروفة، ولم يهتد إليها، أحد أو يسمع عنها من قبل. كما خسر أكثر من ستين مؤلفاً آخر بين تحقيق وتأليف قضى أعواماً طوالاً في كتابة بعضها(1).

ثُمّ ختم المصنّف كلامه في مقدّمته الأخرى بقوله:[« ولما كانت الحياة التي نعيشُها هي حروب دائمة وصراعات متجدّدة، لا يمكن لأي أحد إلاّ أن يكون في قلبها، وملتفَّاً بها، فقد رجعتُ إلى «تاريخي» مرّة أخرى، أطبِّبهُ، وأعالج ما أصابه من ضربات، ليقف على قدميه وقفة تحدٍّ.

فلا بُدَّ لمن دخل الحرب أنْ يخسرَ شيئاً، ويربح أشياء، وربما تكون الخسارة هي عينُ الربح في بعض المواطن.

إنّ هذا (التاريخ) ليس تاريخاً عادياً، إنّه تاريخ مُقاومٌ لكلّ أنواع الظلم على امتداد الزمن. إنّه تاريخ شجاعٌ صامد، وصامت. وإنّ الأشخاص الّذين سقطوا فيه ليسوا أشخاصاً عاديين، إنّهم أشخاص مقاومون، عاشوا حياتهم صامتين معذّبين، وحاربوا وهم جنودٌ مجهولين. وهذا هو دأبُ الشرفاء من أصحاب الفكر والعطاء غير المحدود. لقد أعطوا كلَّ ما وسعهم في حياتهم ولم يستسلموا، ونزلوا إلى ميادين القتال بعد رحيلهم، وهم يحاربون على صفحات الورق. وإذا كانت أسماؤهم قد اختفت ونُسيتْ، فإنّ قاماتهم بقيت شامخة بعنفوانها.

فإلى هؤلاء الجنود الثائرين أقدّم قبسةً من قبسات تاريخهم المضاءة، وهم يعرفون أنّ صانعي التاريخ هم المعروفون بالسماء، المجهولون على الأرض، وذلك هو الفوز الأعظم(2)»].

وبعد، إنَّ تاريخ القزوينيّ الذي نقرأه لم يخصصه المصنّف (حفظه الله تعالى)، لرجالات الشيعة الإماميّة أو لإبناء أهل السُنّة والجماعة أو للمذاهب والفرق الإسلاميّة الأخرى في العراق. وإنّما هو شامل لجميع العراقيين المتفوقين والمبدعين من مسلمين ومسيحيين وصابئة، ولجميع القوميات العراقيّة من عرب وكُرد وتركمان وكلدان وأشور، ولجميع أطياف وأحزاب الشعب العراقي خلال مئة عام. فهو دائرة معارف عراقيّة للقرن العشرين. وهو دليل على تفوق العراق برجالاته المبدعين وأعلامه الكبار على جميع الأقطار العربيّة والإسلاميّة في العطاء الفكريّ والعلميّ والثقافيّ في جميع أنواع المعارف الإنسانيّة، دون ريب أو شك أو إعتراض. بل نرى العراق من خلال هذا التاريخ هو القلب الكبير النابض الذي يزّود سائر الأعضاء بالحياة والروح.

وأملنا بالله تعالى كبير أن يتصدى أهل الفضل والتحقيق في وزارة الثقافة العراقيّة، وفي جامعة بغداد(3) وفي وزارة الثقافة والإرشاد في الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة وفي جامعة طهران(4) لتكريم المصنّف وكتابه هذا. واعتماد هذا التاريخ كمرجع ومصدر لدراسة تاريخ العراق وايران والبحرين ولبنان الثقافيّ والإجتماعيّ والسياسيّ في القرن العشرين.

وبالتالي لدراسة شؤون الهجرة والمهاجرين والجاليات العراقيّة في مشارق الأرض ومغاربها في المنتصف الأخير من القرن العشرين.

كما نأمل أيضاً من وزارة الثقافة اللبنانيّة ومن إتحاد الكتّاب اللبنانيين تكريم العلاّمة الدكتور جودت القزوينيّ لإنّه قام بترجمة قرابة مئة شخصيّة لبنانيّة أو أكثر كان لها الدور الكبير في تاريخ العراق ولبنان الثقافيّ والسياسيّ والإجتماعيّ(5).