الزواج في الإسلام

25/02/2014
العدد الواحد والاربعون نيسان -2020

بقلم: مدير التحرير المسؤول

الدكتور الشيخ أحمد محمد قيس

لا شك ولا ريب أن هذا الموضوع من المواضيع المهمّة جداً في الحياة الإنسانية بشكل عام، بما له من تداعيات إيجابية أو سلبية على المجتمعات البشرية، لكونه يشكل اللبنة الأولى التي يرتكز عليها البناء الإجتماعي الإنساني.

وبما أن المجتمعات الإسلامية المعاصرة تشهد حالة من الغزو الثقافي والفكري والذي يشكل العزوف عن الزواج أحد أخطر تداعياته إرتأينا الغوص والبحث في هذا الموضوع لحيثيتين:

الأولى: آثار وتداعيات الغزو الثقافي والفكري لمجتمعنا الإسلامي في لبنان.

الثانية: شيوع هذه الظاهرة بشكل خاص في بلاد كسروان وجبيل رغم الجهود التي تبذل من أجل ترغيب الشباب بالإقدام على هذا الأمر.

وعليه فإننا سنبدأ من نقطة أساسية ومهمّة ألا وهي: فضل الزواج من المنظور الإسلامي.

فضل الزواج:

الزواج هو الرابطة الشرعية المقدسة، وشركة الحياة بين الزوجين. شرّعه الله عزَّ وجل لحفظ النوع البشري وتكاثره، وعمران الأرض وإزدهار الحياة فيها.

وقد رغبت فيه الشريعة الإسلامية وحّرضت عليه كتاباً وسنّةً:قال تعالى:}وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ{ النور32.

وقال سبحانه:}وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُون{ الروم 21.

وعن أبي جعفر الإمام محمد بن عليِّ الباقر(ع) قال: قال رسول الله(ص): «مَا بُنِيَ بِنَاءٌ فِي الإِسْلامِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنَ التَّزْوِيجِ»(1).

وعن أبي عبد الله الإمام جعفر بن محمد الصادق(ع) قال: قال رسول الله(ص): «من تزوج أحرز نصف دينه، فليتق الله في النصف الآخر»(2).

وقال(ص): النكاح سنتي، فمن رغب عن سنتي، فليس مني (3).

وعن أبي عبد الله الإمام جعفر بن محمد الصادق(ع) قال: قال رسول الله(ص): «تزوجوا فإني مكاثر بكم الأمم غداً يوم القيامة، حتى أنّ السقط يجيء محبنطئاً على باب الجنة، فيقال له أدخل، فيقول: لا حتى يدخل أبواي قبلي»(4).

وعن أبي عبد الله الإمام جعفر بن محمد الصادق(ع)قالركعتان يصليهما متزوج، أفضل من سبعين ركعة يصليها أعزب»(5).

وقال النبي(ص)لركعتان يصليهما متزوج، أفضل من رجل عزب يقوم ليله ويصوم نهاره» (6).

وقال(ص)أراذل موتاكم العزاب»(7).

فوائد الزواج:

ولا عجب أن تؤكد هذه النصوص على الزواج تأكيدها الملح، وتحرّض عليه بالترغيب تارةً والترهيب أخرى، لما ينطوي عليه من صنوف الخصائص والمنافع.

فمن خصائصه: أنّه الوسيلة الوحيدة لكسب الذرية الطيبة، والأبناء الصلحاء، وهم زينة الحياة الدنيا، وأعز ذخائرها، وألذ متعها وأشواقها، بهم يستشعر الآباء العزة والمنعة، وامتداد الحياة، وطيب الذكر، وحسن المكافأة، وجزيل الأجر عند الله عزّ وجل، كما أوضحته النصوص الكثيرة في فضل الولد الصالح.

ومن منافع الزواج:

أنه باعث على عفة المتزوج وحصانته ضد الفجور والآثام الجنسية، وهذا ما عناه النبي(ص) بقوله:«من تزوج أحرز نصف دينه، فليتق الله في النصف الآخر».

من أجل ذلك كان عقاب الزاني المحصن رجماً بالحجارة حتى الموت، لتحصنه بالزواج، واستهتاره بقدسية الأعراض وكرامتها المصونة.

ومن آثار الزواج:

أنه من دواعي رغد العيش، وسكينة النفس، وراحة الضمير والوجدان.

ذلك أن الرجل كثيراً ما يعاني أزمات الحياة، ومتاعب الكفاح في سبيل العيش، فيجد في ظلاله زوجته الحبيبة المخلصة من حسن الرعاية ولطف المؤانسة، ورقة الحنان، ما يخفف عناءه ويسري عنه الكثير من المتاعب والهموم،}وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً{.

وعن أبي عبد الله الإمام جعفر بن محمد الصادق(ع)، عن آبائه (ع) قال: قال رسول الله(ص)ما استفاد امرؤ مسلم فائدة بعد الإسلام أفضل من زوجة مُسلمة، تسرّه إذا نظر إليها، وتطيعه إذا أمرها، وتحفظه إذا غاب عنها في نفسها وماله» (8).

السعادة الزوجية:

ومن الثابت ان السعادة الزوجية لا تتحقق، ولا ينال الزوجان ما يصبوان إليه من رغد وهناء، إلا إذا احسن كل منهما إختيار صاحبه، وشريك حياته، واصطفاه على ضوء القيم الأصيلة والمقاييس الثابتة، التي من شانها ان توثق الروابط الزوجية، وتنشر السعادة والسلام في ربوع الحياة الزوجية. كما ان سوء الإختيار كثيراً ما يعرضها للفشل والإخفاق.

وقد عالج أهل البيت(ع)، هذا الجانب الموضوعي من حياة الناس، فأوضحوا محاسن ومساوىء كل من الرجل والمرأة، ليكون كل منهما على بصيرة من اختيار زوجه وشريك حياته.

الزوج المثالي:

والزوج المثالي:هو الرجل الكفوء الذي تسعد المرأة في ظلاله، وتنعم بحياة زوجية هانئة.

فليست الكفاءة كما يتوهمها بعض الناس منوطة بالزخارف المادية فحسب، كالقصر الفخم، أو السيارة الفارهة، أو الرصيد المالي الضخم.

وليس هي كذلك منوطة بالشهادة العالية، أو الوظيفة المرموقة، أو الحسب الرفيع.

فقد تتوافر هذه الخلال في الرجل، وهي رغم ذلك لا تحقق سعادة الزوجة وأمانيها في الحياة، كما أعربت عن ذلك زوج معاوية، وقد سئمت في كنفه مظاهر الترف والبذخ والسلطان والثراء، وحنّت الى فتى أحلامها، وإن كان خلواً من كل ذلك:

لبيت تخفق الأرواح فيه

أحبّ إليّ من قصر منيف

ولبس عباءة وتقرُّ عيني

أحبُّ إليّ من لبس الشفوف

وخرق من بني عمي نجيب

أحبّ إليّ من علج عنيف

فالكفاءة الحقة، هي مزيج من عناصر ثلاثة: التمسك بالدين، والتحلي بحُسن الخلق، والقدرة على إعالة الزوجة ورعايتها مادياً وأدبياً. وبذلك يغدو الرجل كفؤاً وزوجاً مثالياً في عُرف الإسلام.

فعن أبي جعفر الإمام محمد بن عليِّ الباقر(ع)، قال: قال رسول الله(ص)إذا جاءكم من ترضون خلقه ودينه، فزوجوه، وإن لا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير»(9).

وقال الصادق الإمام جعفر بن محمد الصادق(ع)الكفوء أن يكون عفيفاً وعنده يسار»(10).

لذلك كان مكروهاً في الشريعة الإسلامية تزويج الفاسق، وشارب الخمر، والمُخنث، وسيىء الخلق، ونحوهم ممن لا يوثق بدينه وأخلاقه.

الزوجة المثالية:

والزوجة المثالية: هي المتحلية بالإيمان، والعفاف، وكرم الأصل، وجمال الخَلق والخُلق، وحسن العشرة مع زوجها.

وقد صورت نصوص أهل البيت(ع)، خصائص النساء، وصفاتهن الكريمة والذميمة، لتكون علامة فارقة بين الزوجة المثالية وغيرها.

عن جابر بن عبد الله(رض)، قال: كنا عند النبيِّ (ص) فقال:«إن خير نسائكم الولود، الودود، العفيفة، العزيزة في أهلها، الذليلة مع بعلها، المتبرجة مع زوجها، الحصان على غيره، التي تسمع قوله وتطيع أمره، وإذا خلا بها بذلت له ما يريد منها، ولم تبذل كتبذل الرجل».

ثم قال(ص)ألا أخبركم بشرار نسائكم؟ الذليلة في أهلها، العزيزة مع بعلها، العقيم الحقود، التي لا تتورع من قبيح، المتبرجة إذا غاب عنها بعلها، الحصان معه إذا حضر، لا تسمع قوله، ولا تطيع أمره، وإذا خلا بها بعلها تمنعت منه، كما تمنع الصعبة من ركوبها، لا تقبل له عذراً ولا تغفر له ذنباً» (11).

وعن أبي عبد الله الإمام جعفر بن محمد الصادق(ع)، عن أبيه عن آبائه(ع)، قال: قال رسول الله (ص): «أفضل نساء أمتي أصبحهن وجهاً وأقلهن مهراً» (12).

وعن أبي جع