من كلمات أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب في نهج البلاغة

20/04/2015
العدد الواحد والاربعون نيسان -2020

شرح العلاّمة السيّد

محمد صادق محمد رضا الخرسان (1)

 قال الإمام عليِّ بن أبي طالبt، في الكلمة رقم: 76 من الجزء الرابع في نهج البلاغة:(إِنَّ الاُمُورَ إذا اشْتَبَهَتْ اعْتُبِرَ آخِرُهَا بِأَوَّلِهَا)

الدعوة إلى الإستفادة من التجارب، وعدم تكرار الأخطاء التي ظهرت أولاً، كونه ممّا يشير إلى ضعف الرأي؛ حيث تبيّن للإنسان الحال، عندما فشلت المحاولة الأولى، فكيف يعاودها ثانيةً، فهي تحذير من التورط بعد اتضاح الأمر.

كما يستفاد منها النهي عن إلقاء تبعة الإخفاق على الآخرين؛ كونهم خدعوا أو غشوا، فإن الإنسان نفسه أولى بنفسه من غيره في أن لا يقع في المطب مرةً أخرى، فالاعتذار عن ذلك بهذا غير مقبول؛ لأن المحاولات الفاشلة تُمثل تجارب، و (التجارب علمٌ مستفاد)(2)، وهو ممّا يُكتسب كما أنها ـ التجارب ـ لا تتهيأ للإنسان دائماً، ولو تهيأت فلها ثمنها، فلا بد من استثمارها حتى لو خابت ولم تُفلح، وإلا لتضاعفت الحسرة؛ حيث يقطع الإنسان بذلك مرحلة عمرية، فلو لم يوظفها لنفعه لعظُمت غصته عليه، نعم يلزمه تعقب مواقع الإخفاق، وتحديد مناشئ الفشل، لغرض الإصلاح، وليس لاستعادتها الذهنيّة، والتحسر على حصولها، بل هو بذلك يودع حالة جهلٍ باعتبار فشله، ليتلقى ومظة علم بإعتبار معطيات تجربته، وما تخلفه في النفس من توجس وتحسس إزاء ما يواجهه، ليتعامل مع القضايا بمقاساتها المناسبة، فلماذا الأسف؟!.

وقالt: «اتَّقُوا مَعَاصِيَ اللهِ فِي الْخَلَوَاتِ، فَإِنَّ الشَّاهِدَ هُوَ الْحَاكِمُ».(3)

الدعوة إلى مراقبة الله تعالى دائماً وفي جميع الحالات، خاصةً تلك التي يظنُّ العبد أن الله تعالى غير مطلع عليه، فإنّه سبحانه محيط بنا ومطلع علينا وقد أودع كلَّ واحد منّا ما يسجل عليه أعماله فلا يمكن للعاصي أن ينكر معصيته أو يزوّر في كيفيتها بما ينجي به نفسه، وبموجب هذه الشهادة يصدر الحكم بالإدانة(3).

 

الهوامش:

(1) أخلاق الإمام عليّ t، للعلاّمة الخرسان ـ منشورات العتبة العلويّة المُقدّسة ـ النّجف الأشرف، ط. السادسة 1430هـ. 2009م. الجزء الثاني، ص 49.

(2) عيون الحكم والمواعظ 43.

(3) أخلاق الإمام عليّ t، ج1، ص55.

(4) ـ نفس المصدر.