آية الله السيّد مُحمّد علي الطباطبائي الحكيم في جوار الله تعالى

09/04/2011
العدد الواحد والاربعون نيسان -2020

كان لفقد الفقيه النجفي الكبير آية الله السيّد مُحمّد عليّ الطباطبائي الحكيم{، الأثر الكبير في نفوس معارفه ومحبيه. حيث عاصر هذا الفقيه التقيّ النقيّ في النجف الأشرف والعراق خلال أكثر من مائة عام (1329هـ، 1910م ـ 1432هـ، 2011م) الكثير من العهود، والثورات، والتجاوزات على حقوق الإنسان وعلى هضم النّاس حقوقهم من قبل تلك العهود..، وقد قابل ذلك كله بالإلتجاء إلى الله تعالى، والإبتعاد عن الدُنيا ورجالاتها، والإنصراف إلى تهذيب النفس، والحثِّ على العلم والتعلم، والصدق في القول والعمل. والتمسك بهديّ أهل البيت(ع)، وإحياء أمرهم بالإستنارة بإرشاداتهم وتوجيهاتهم، والإستشهاد بأقوالهم وأفعالهم في الإبتعاد عن الدُنيا وشهواتها.

وقد ترك بصماته التربويّة والروحيّة(رضي الله عنه)، على أبنائه الكرام وعلى رأسهم المرجع الدينيّ آية الله العظمى السيّد مُحمّد سعيد}، وعلى طلابه.

وقد جاء في ترجمته في: معجم رجال الفكر والأدب في النجف الأشرف خلال ألف عام للدكتور الشيخ مُحمّد هادي الأمينيّ{:[عالم جليل مجتهد كبير، من أساتذة الفقه والأصول، وأئمة الجماعة كثير التواضع والمروءة مؤثراً على نفسه مُجِّداً في عمله موضع إعتماد كافة الطبقات، ورع صالح تقيّ. وقد إشتهر بصفات رفيعة وآداب ساميّة، ليس في حياته أي تصنّع وتكلف ورياء ومجاملة. له من أولاده: السيّد مُحمّد سعيد، السيّد مُحمّد تقي، السيّد عبد الرزاق، السيّد مُحمّد حسن، السيّد مُحمّد صالح.

له: تقريرات أستاذه في الأصول الشيخ محمد حسين الكاظميّ، تقريرات أستاذه السيّد الحكيم في الفقه، تعليقة على الكفاية، حاشيّة على فرائد الأصول.

له تضلّع ونبوغ في علوم الهيئة والهندسة، والرياضيات، حتى عُرِفَ بذلك في أواسط علماء النجف الأشرف، وقد كلفه الإمام الحكيم{، بكتابة قسمة المواريث وفقاً لقواعد الرياضيات الحديثة، وهو الّذي حدّد للإمام الحكيم{، بدقة جهة القبلة في حرم الإمام أمير المؤمنين(ع)، كما ترك مؤلفات في هذه العلوم وهي: بحث في القبلة، بحث في الدرهم والدينار الإسلاميّ، قسمة المواريث طبق الرياضيات الحديثة.

كما قال عنه رئيس تحرير مجلة الموسم الأستاذ مُحمّد سعيد الطريحي في معرض حديثه عن نجله المرجع الدينيّ آية الله العظمى السيّد مُحمّد سعيد ودراساته عليه:[ وذلك لأنّ المُربي الأوّل قد إشتهر بصفات رفيعة وآداب سامية فهو على جلالة قدره وطول باعه العلميّ، وإجتهاده كَثِيرُ التواضع والمروءة مؤثراً على نفسه مُجداً في عمله وقد أورث هذه السيرة أنجاله الكرام.

وكلام الدكتور الشيخ الأمينيّ، والأستاذ الطريحي عن الراحل الكبير هو الحقُّ والصواب حيث لمست ذلك منه، خلال ترددي على حرم أمير المؤمنين الإمام عليّ بن أبي طالب(ع)، في النجف الأشرف للصلاة والزيارة خلال السنوات التي قضيتها في تلك الربوع الطاهرة من عام:(1971م، ولغاية خريف عام 1978) حيث كنت أرتاح للحديث معه، ولفتح قلبي له طالباً منه الجواب من معاناة طالب بعيد عن والديه، وبلده، لا يجد في وطنه لبنان إلا أصداء الحرب الأهليّة القذرة. ولا يجد في العراق إلاّ الظلم والجور والبطش والإستبداد وإنتهاك حقوق الإنسان. ولا يجد في النجف الأشرف إلا واحة للعلم والتقوى والتتلمذ على علماء أعلام ربّانيين كفقيدنا الكبير.

فكانت أجوبته(رضي الله عنه)، مُنتزعةٌ من القرآن الكريم، وهديّ أهل البيتR، ومن إيمانه الكبير بالفوز برضا الله تعالى في الصبر والصدق وتهذيب النفس، وبحثِّ الأجيال على العلم والتعلم، والإخلاص في طلب العلم، ووحدة الكلمة.

لقد كان آية الله السيّد مُحمّد علي الطباطبائي الحكيم{، خلال ثمانيّة عقود من تاريخ النجف الأشرف البطل الذي حمل لواء العلم والفضيلة والتقوى والزهد في الدُّنيا والإبتعاد عن مراكزها، آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر، مُنتظراً للفرج على يدي قائم آل مُحمّد. 

رئيس التحرير