أمير المؤمنين الإمام عليّ بن أبي طالب(ع) في نهج البلاغة

09/04/2011
العدد الواحد والاربعون نيسان -2020

وقال(ع):

لِسَانُ الْعَاقِلِ وَرَاءَ قَلْبِهِ، وَقَلْبُ الأَحْمَقِ وَرَاءَ لِسَانِهِ.

قَالَ الرضي ـوَهذا مِنَ الْمَعَانِي الْعَجِيبَةِ الشَّرِيفَةِ. وَالْمُرَادُ بِهِ أنَّ الْعَاقِلَ لاَ يُطْلِقُ لِسَانَهُ إلاَّ بَعْدَ مُشَاوَرَةِ الرَّوِيَّةِ وَمُؤَامَرَةِ الْفِكْرَةِ، والأحْمَقُ تَسْبِقُ حَذَفَاتُ لِسَانِهِ وَفَلَتَاتُ كَلاَمِهِ مُرَاجَعَةَ فِكْرِهِ وَمُمَاحَضَةَ رَأْيِهِ. فَكَأنَّ لِسَانَ الْعَاقِلِ تَابِعٌ لِقَلْبِهِ، وَكَأنَّ قَلْبَ الأحْمَقِ تَابعٌ لِلِسَانِه.

والمقصود بالقلب في اللغة العربيّة هو العقل. ومعنى ذلك: أنّ العاقل لا يتكلم ولا يعطي جواباً بمعضلات المسائل والقضايا في الحياة إلا بعد تدبر ونظر وتفكر، وأمّا الجاهل فيجيب دون تفكر وتدبر ونظر في الأمور والقضايا.

وما أحوجنا في أيامنا هذه إلى هؤلاء العقلاء بمختلف الإختصاصات في الحياة، وما أكثر الحمقى في أيامنا هذه حتى أصبحوا وهم الغالبيّة الكبرى في مجتمعنا حتى جعلوا من الباطل حقاً ومن الحق باطلاً...

وقال(ع):

طُوبَى لِمَنْ ذَكَرَ الْمَعَادَ، وَعَمِلَ لِلْحِسَابِ، وَقَنِعَ بِالْكَفَافِ، وَرَضِيَ عَنِ اللهِ.

فالإنسان المؤمن عندما يذكر ويتذكر أنَّه قادم بعد الموت للقاء الله تعالى، يتذكر حديث رسول اللهP، إذا كان يوم القيامة لم تزل قدما عبد حتى يُسأل عن أربع: عن عمره فيمَ أفناه، وعن شبابه فيمَ أبلاه، وعمّا إكتسبه من أين إكتسبه وفيمَ أنفقه، وعن حبّنا أهل البيت. عندها يرتدع عن الفحشاء والمنكر ويعمل لهذا اليوم الذي هو يوم الحساب.

والإنسان المؤمن عندما يقنع بالكفاف من الرزق ويشكر الله على كل حال يكون مصداقاً لقول الله تعالى:

جَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُسورة البينة، آية:8.

ج ـ وقال(ع): الْغِنَى فِي الْغُرْبَةِ وَطَنٌ، وَالْفَقْرُ فِي الْوَطَنِ غُرْبَةٌ.

يرشدنا بذلك(ع)، إلى الإهتمام بالإقتصاد وأنّ المؤمن الغني لا يشعر بالغربة حتى لو كان في بلد غير بلده.

وأن المؤمن الفقير غريب حتى في وطنه، وهذا الكلام منه(ع)، إرشاد لنا لمحاربة الفقر وأسبابه ولطلب الرزق الحلال في الوطن، وفي الغربة.