أمير المؤمنين الإمام عليّ بن أبي طالب(ع) في نهج البلاغة

14/7/2011
العدد الواحد والاربعون نيسان -2020

الكلمة رقم:204 وَقَالَ(ع): أَيُّهَا النَّاسُ، إِتَّقُوا اللهَ الَّذِي إِنْ قُلْتُمْ سَمِعَ، وَإِنْ أَضْمَرْتُمْ عَلِمَ، وَبَادِرُوا الْمَوْتَ الَّذِي إِنْ هَرَبْتُمْ مِنْهُ أَدْرَكَكُمْ، وَإِنْ أَقَمْتُمْ أَخَذَكْمْ، وَإِنْ نَسِيْتُمُوهُ ذَكَرَكُمْ.

الإنسان لا يردعه شيءٌ عن أذية النّاس والإضرار بهم غير إيمانه بالله تعالى وخوفه منه عزَّ وجل في السرِّ والعلن، لأننا إذا قلنا سمع، وإن أضمرنا علم ما في ضمائرنا. وتقوى الله تعالى تكون لنا خير الزاد بعد الموت، مصداقاً لقوله تعالى: }وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى{  سورة البقرة، آية: 197.

والإستعداد للموت ولما بعد الموت يخفف تعلقنا بالشهوات والمطامع والإستعلاء على النّاس وظلمهم وإغتصاب حقوقهم.

الكلمة رقم:205 وَقَالَ(ع): لاَ يُزَهِّدَنَّكَ فِي الْمَعْرُوفِ مَنْ لاَ يَشْكُرُ لَكَ، فَقَدْ يَشْكُرُكَ عَلَيْهِ مَنْ يَسْتَمْتِعُ بِشَيْءٍ مِنْهُ، وَقَدْ تُدْرِكُ مِنْ شُكْرِ الشَّاكِرِ أَكْثَرَ مِمَّا أَضَاعَ الْكَافِرُ. «وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ».

إنَّ الله تعالى فطر الإنسان على الخير ومحبة الخير وفعل الخير ولكن الذي يعيق الإنسان عن فعل الخير أو المعروف أمور كثيرة أهمها الشيطان الذي يعده الفقر إن فعل المعروف إلى النّاس والثاني هو زهد الحاسدين في هذا المعروف وتنكرهم لصاحبه من باب الغيرة والحسد ولكن أمير المؤمنين(ع)، يقول لنا أن عمل الخير أو المعروف لن ولم يذهب سدى لأنّ الله تعالى يقول: }فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ{  سورة الزلزلة، آية:199.

فالله عزّ وجل سوف يهيئ أُناساً يشكرونك على هذا المعروف ولو بعد حين من الزمن وأنت لا تعرفهم، وهم لا يعرفونك ولم ينلهم هذا المعروف بشيء، وإنّما سوف يشكرونك لأنّك من أهل المعروف وصانعيه تماماً كما نشكر في أيامنا شعراء العرب الّذين وقفوا في وجه الإستعمار والصهيونيّة من أبناءِ جلدتنا في القرن العشرين، كأبي القاسم الشابي ومحمد مهدي الجواهري ومحمود درويش ومظفر النواب وغيرهم ممن لا نعرفهم ولا يعرفوننا. وعشقنا لهم كان من خلال وقوفهم في وجه الظلم والظالمين في أيامهم.

الكلمة رقم: 330 وَقَالَ(ع): إِنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ  فَرَضَ فِي أَمْوَالِ الأَغْنِيَاءِ أَقْوَاتَ الْفُقَرَاءِ، فَمَا جَاعَ فَقِيرٌ إِلاَّ بِمَا مُتٍِّعَ بِهِ غَنِيٌّ، وَاللهُ تَعَالَى سَائِلُهُمْ عَنْ ذَلِكَ!.

إنّ الله عزّ وجل فرض على الأغنياء الزكاة بعد بلوغ أموالهم حدَّ النصاب الشرعيّ. وفرض عليهم الخمس بعد إخراج مؤونة تجارتهم أو صناعتهم وإخراج مؤونتهم السنويّة. وهذا المقدار لا يضرُّ بالأغنياء شيئاً بل يُحصنُّ أموالهم من الوقوع في الحرام كلعب القمار ونحوه في هذه الدُنيا والحصول على قبول الله تعالى بذلك صلواتهم وصيامهم وحجهم وعباداتهم وأعمالهم في الآخرة.. ومصرف الزكوات والخمس هو: الفقراء من الأرامل والأيتام وذوي العاهات والعمال وطلبة العلوم الدينيّة وجميع العلوم التي يحتاجها النّاس من طُبٍ وهندسة وغير ذلك وكذلك المشاريع الخيريّة التي تأخذ بيد المجتمع نحو الخير والسعادة في الدُنيا والآخرة وهي ما يعرف بسبيل الله تعالى في الشريعة الإسلاميّة.

وفي أيامنا هذه نرى أنّ الكثير من البلاد غير الإسلاميّة قد حاربت الفقر والعوز بفرضها الضرائب المرتفعة على الأغنياء لمصلحة الفقراء ومصالح الدولة العامّة. حيث لا نرى في هذه الدول فقيراً أو محتاجاً كالدول الإسكندنافيّة، وكندا، واوستراليا، وبريطانيا، وفرنسا، والمانيا، واليابان وغيرها من دول رأسمالية.

وكذلك نرى بعض الفرق والشعوب الإسلاميّة قد طبقت كلام أمير المؤمنين(ع)، الآنف الذكر وجعلته برنامجها في الحياة كإخواننا من البهرة(1). والخوجة(2) وكالمسلمين الشيعة الإماميّة في المنطقة الشرقيّة في المملكة العربيّة السعوديّة.

فما أحرى بالمسلمين وحكوماتهم ودولهم في هذا العصر للأخذ بكلمات أمير المؤمنين(ع)، والعمل بها لمحاربة الفقر والمرض والحاجة حيث أنّ نسبة الّذين يعيشون تحت خط الفقر من المسلمين في العالم بلغت مبلغاً كبيراً جداً.

(هيئة التحرير).