نداء من القلب

3/11/2011
العدد الواحد والاربعون نيسان -2020

 

بقلم الأستاذ أكرم برق(1)

 

الى المبحرين في البحر الخضمّ ولا هدفَ واضحاً ولا شاطئ يُرى، والريح شديدةٌ والسفنُ مسرعةٌ والأمواج عاتية .

الى الحالمين بالنجاة بالوصول الى برّ الأمان لتحقيق الغايات وبلوغ الأمنيات.

الى المسافرين بلا اختيارٍ منهم، والطريق وعرٌ والأخطار محدقة والمهلة قصيرة.

الى الصارخين بلا صوت، والمستغيثين بلا توسّل، والباكين بلا دموع، والحالمين بلا غد، مفتقدين الموجّه والمرشد والناصح الأمين.

الى الشباب في بلادي وخاصّة الطلاب من بينهم أوجّه هذه الكلمات . 

التوجيه والإرشاد مهمة الأنبياء والأولياء والمصلحين؛ فهما يمثلان هداية الناس لما فيه مصلحتهم في الدنيا والآخرة؛ والإنسان خليفة الله في أرضه، والتوجيه والإرشاد يساعدان على حسن الاستخلاف، وذلك بلا شك يجعل الإنسان أكثر سعادة، من خلال فهمه لنفسه أكثر على مستوى الاستعدادات، ومعرفته أفضل بحاجات مجتمعه وخصائص جماعته، واستدلاله على أنسب السبل المؤدّية إلى تحقيق أهدافه، بعد حسن اختياره لها حسب ما جاء في الحديث المأثور عن رسول الله(ص):

«يا علي لئن يهدي الله بك رجلاً خير لك مما طلعت عليه الشمس».

في الزمن الحاضر تسارعت الاكتشافات في مختلف المجالات، وحقّق العلم قفزات كميّة ونوعيّة في كل الميادين والاتجاهات، بالشكل الذي ما كان للإنسان أن يتصوره قبل حدوثه، وهو غير قادر على استيعابه والتأقلم معه بعد حصوله .

نتيجة لهذا التقدم المذهل والمتسارع، تضاعفت الاختصاصات والمهن وتنوعت، وتشعّبت مسارات التعليم الموصلة إليها. المسميات كثيرة وهي تزداد يوماً بعد يوم، والمعاني والمصاديق لها غير واضحة، وسوق العمل غامض ويزداد غموضاً .

الحيرة والضياع وعدم الوضوح في الرؤية، سمةُ من سمات إنسان هذا العصر، والأكثر حيرة وضياعاً هم الشباب وخاصةً الطلابَ .

للتوجيه المهني والإرشاد التربوي أهمية عظيمة وفائدة كبيرة، فهما حقّ وحاجة. فما معنى التوجيه لغةً واصطلاحاً؟ ما الفرق بين التوجيه والإرشاد؟ لماذا لهما هذه الأهميّة ومن يحتاج إليهما؟ على عاتق من تقع مسؤولية القيام بهذه المهمّة؟ وأين ومتى وكيف تتم عملية التوجيه؟ وماذا نريد أن نحقق من التوجيه والإرشاد؟

تعريف:

التوجيه هو أحد المفاهيم الكثيرة الاستخدام حيث يستخدم منفرداً أو مقترناً مع مفهوم الإرشاد. لكن مفهوم التوجيه (guidance) أسبق في الاستخدام من مفهوم الإرشاد (counseling). فقد ظهرت حركة التوجيه المهني (أحد فروع التوجيه) عام1908 على يد فرانك بارسونز عندما أسس مكتب التوجيه المهني في بوسطن في الولايات المتحدة الأميركية، وكانت مهمته إيجاد وسائل، يمكن من خلالها وضع الشخص المناسب في المكان المناسب، مروراً بالخطوات التالية:

أ – دراسة إمكانات الفرد واستعداداته وميوله .

ب – دراسة المهن المختلفة الموجودة في المجتمع وما تحتاجه من متطلبات وإمكانات .

ج – التوفيق بين إمكانات الفرد واستعداداته وقدراته، والمهنة التي تناسبه .

كما قام بارسونز عام 1909 بتأليف كتاب أسماه اختيار مهنة، وعُدّ في ذلك الوقت أفضل كتاب في التوجيه المهني ( الزعبي الدكتور أحمد محمد: التوجيه والإرشاد النفسي، دار الفكر بدمشق، الطبعة الأولى 2003 ص 15).

التوجيه لغةً:

 باب وجّه؛ وجّه الحجر وجهة ما له ...، يريد وجّه الأمر وجهه، يُضرب مثلاً للأمر اذا لم يستقم من جهة أن يوجه له تدبيراً من جهة أخرى. وأصل هذا في الحجر، يوضع في البناء فلا يستقيم فيُقلب على وجه آخر فيستقيم (ابن منظور، أبي الفضل جمال الدين محمد بن مكرم: لسان العرب، الطبعة الثالثة، دار صادر بيروت، 2004، المجلد 15، ص 161).

التوجيه اصطلاحاً:

(برنار فولمر) 1969 يرى أن التوجيه يشمل جميع الخدمات التي تقدّم الى الطلاّب في اطار برنامج متكامل يحوي ما يلي: إجراء الاختبارات والإرشاد النفسي، وتصنيف الطلاب حسب قدراتهم لإعداد النشاطات الجماعية ومتابعة النشاطات العامة، وإجراء البحوث والقيام بعمليات التقييم (الزعبي: م س، ص 16 )

الشناوي ( 1994: ص 26 ) يشير الى أن التوجيه هو مساعدة تقدّم الى الأفراد لاختيار ما يناسبهم على أسس سليمة، بهدف تحقيق التوافق في المجالات المختلفة للحياة. ( الزعبي: م س، ص16)

الإرشاد لغةً:

أرشده الله وأرشده الى الأمر ورشّده: هداه. واسترشده: طلب منه الرشد. وفي الحديث: إرشاد الضالّ أي هدايته الى الطريق تعريفه .

الإرشاد اصطلاحاً:

هو علاقة ديناميّة تفاعلية مهنية واعية بين المرشد والمسترشد، تهدف الى مساعدة المسترشد لكي يعرف نفسه ويفهم ذاته، من خلال نظرة كليّة لجوانب شخصيته، ليتمكن من تحديد أهدافه بدقّة ويتخذ قراراته بنفسه وليحلّ مشكلاته بشكل موضوعي، بما يساعده على النمو الشخصي والمهني والتربوي والاجتماعي، وتحقيق التوافق والصحة النفسية. (الزعبي: م. س، ص 18)

من ملاحظة تعريفَي التوجيه والإرشاد، نتبيّن أن عملية التوجيه تتّسم بالاتساع والشمول، فهي مجموعة خدمات تهدف الى مساعدة الفرد على فهم ذاته للاستفادة من إمكاناته الشخصية (ميول، قدرات، استعدادات، مواهب، مهارات) ومراعاة الظروف الاجتماعية والبيئية المحيطة لتحديد أهدافه في الحياة بناءً عليها، ومن ثم مساعدته على اختيار أنسب الطرق  لتحقيق هذه الأهداف .

أما الإرشاد فيشكل جزءاً أساسياً من عملية التوجيه، يقوم من خلاله المرشد - المتسلح بالعلم و الخبرة - بمساعدة المسترشد على مواجهة مشكلة تعديل أو تغيير سلوكه وتطوير أساليبه بما يتوافق مع الظروف المحيطة التي يواجهها .

مجالات التوجيه والإرشاد:

للتوجيه والإرشاد مجالات وميادين عديدة نشير فقط الى بعض عناوينها وهي التالية: التوجيه والإرشاد التربوي؛ التوجيه والإرشاد المهني؛ التوجيه والإرشاد الزواجي؛ التوجيه والإرشاد الأسري؛ التوجيه والإرشاد للأطفال؛ التوجيه والإرشاد للشباب والمراهقين؛ التوجيه والإرشاد لكبار السن؛ التوجيه والإرشاد للأفراد غير العاديين؛ التوجيه والإرشاد للموهوبين والمتفوقين؛ التوجيه والإرشاد لذوي الاحتياجات الخاصّة.

من يحتاج الى توجيه؟

كل إنسان عاقل يسعى في الحياة بحاجة الى توجيه، وأحوج ما يكون لهذه الخدمة هم الشباب، حيث أن سعيهم أسرع وتجربتهم أقصر، وأهدافهم أكبر وخبرتهم أقلّ، والأحوج بينهم هم الطلاب، حيث الخيارات أمامهم كثيرة جداً، و كذلك هي المسارات المؤدية اليها.  

أهميّة التوجيه

تؤكد كل الأبحاث والدراسات الحديثة أن الحاجة كبيرة الى التوجيه والإرشاد وذلك نتيجة التالي:

أ – ضغوطات الحياة في العصر الحاضر وسرعة المتغيرات الحاصلة على مختلف الصعد.

ب – عجز وقصور أنظمة التعليم عن تلبية حاجات الشباب للمعرفة بما يتلاءم مع المعطيات الحديثة.

ج – عدم قدرة الشباب على استيعاب المتغيرات والتأقلم معها في ظل الانفجار المعرفي الذي طاول كل أبعاد الحياة.

د – ظهور مهن وتخصصات جديدة نتيجة التقدم العلمي والتكنولوجي.

هـ – قصور الشباب عن إدراك حقيقة ميولهم وقدراتهم، والإحاطة بمقوّمات البيئة المحيطة، من اجتماعية واقتصادية وتربوية، وأنواع مهن وأوضاع متغيرة في سوق العمل.

كيف نستدل على الحاجة الى التوجيه المهني ؟

 من خلال الاحتكاك المباشر بالطلاب خاصة الجامعيين منهم، يتّضح حجم المشكلة التي يعيشها شبابنا، وبالتالي مجتمعاتنا، في غياب توجيه فاعل وهادف. فعند اختياري لعيّنة عشوائية من 50 طالباً من طلاب الجامعة اللبنانية وسؤالهم جميعاً السؤال التالي نفسه: لماذا اخترت هذا الاختصاص وبالتالي المهنة؟ جاءت الإجابات على الشكل التالي:

أ – 14 طالباً أجابوا: أنا يعجبني عمل وشخصية فلان (مختلف) فاخترت مهنته.

ب – 8 طلاب قالوا أن أحداً من أهلهم نصحهم بذلك ولا يوجد مانع لديهم من الأمر.

ج – 19 طالباً قالوا من خلال هذا الإختيار استطعنا الانتساب الى الجامعة لدراسته.

 هـ – 7 طلاب قالوا أن الاختيار كان عشوائياً و للأصدقاء تأثير في الاختيار.

 و – طالبان قالا أن إمكاناتهما الدراسية وحبّهما للمجال شجعهما على اختيار الاختصاص.

نتيجة الدراسات الموجودة عن الخريّجين من الجامعات وبعض الإحصاءات الميدانية، ومنها هذا الاستصراح البسيط الذي قمت به، يتّضح حجم المشكلة؛ فالأهداف لا يتم تحديدها على أسس سليمة، وبالتالي يذهب سعي الطالب سدىً وجهده دون طائل، و ذلك في كلا الحالين المترتبين على سوء الاختيار:

  أ – اذا اكتشف خلال دراسته الجامعية عدم ملاءمة الاختيار لما يستطيع ويحب ويتمنى.

 ب – اذا أكمل الدراسة وتخرّج من الجامعة ووصل الى الهدف (المهنة) فوجده غير متناسب مع ما يريد.

 في كلا الحالتين تكون النتيجة إمكانات تُهدر وطاقات تضيع وعمر ينقضي.

لتلافي كل هذه المشكلات وللحدّ من آثارها المدمّرة والخطيرة، ولجعل الإنسان أكثر سعادة، كان الإٌرشاد والتوجيه المهني؛ فبهما نساعد الطالب على فهم ذاته واكتشاف ما يحب ويرغب أن يكون في المستقبل، آخذين بعين الاعتبار كل الظروف المحيطة، كما نرشده الى كيفية تحقيق أهدافه بأقل التكاليف وأقصر الطرق.

التوجيه مسؤولية من؟

في الحديث المأثور عن رسول الله(ص): كلّكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته.

المسؤولون هم: الأهل والمعلمون والمربوّن والاختصاصيون؛ كلٌ حسب قدرته ومكانته. لكن لأن المسألة عامّة وكبيرة، وتحتاج إلى إمكانات ضخمة وتخطيط ومعلومات و... فإن المسؤول الأول عن التوجيه هو الجهات الرسمية، أي أجهزة الدولة، حيث أن لهذا الموضوع أهمية لا تقل بحال عن أي مسألة أخرى تتصدى لها هذه الجهات. فالدولة هي التي تحدّد المناهج الدراسية والسياسات العامة وتسن القوانين والتشريعات وهي التي تشكل الأجهزة وترسم الأهداف العامة وهي الأقدر على رصد المتغيرات والحاجات المستقبلية للأمة والتصدي لتأمينها، وهي التي تمتلك الإمكانات من وزارات وإدارات ومجالس وأموال وتجهيزات وعلاقات ومراكز أبحاث؛ لكل ما تقدّم يفترض أن يكون التوجيه من أولى أولويات الاهتمامات لدى الدولة.

في ظل تقاعس الدولة عن القيام بواجباتها في هذا المضمار، وكما في كل مجال آخر، يصبح لزاماً على كل من يستطيع أو يجد في نفسه القدرة والكفاية، التصدي لسدّ هذا الفراغ وتلبية هذه الحاجة، شريطة امتلاك الخبرة والمعرفة الكافية، إضافة الى التجرّد وعدم التحيّز.

واقع طلابنا وخريّجينا بدون توجيه:

 أ – تخمة ووفرة في حاملي بعض الشهادات، وانعدام وندرة في بعضها الآخر.

ب – ضياع سنة أو أكثر من عمر بعض الطلبة بسبب عدم توافقهم مع الاختصاص  واضطرارهم لتغييره، مع ما يرافق ذلك من هدر في المال والجهد.

ج – عمل العديد من حملة الشهادات في غير مجال اختصاصهم.

د – عدد كبير من حملة الإجازات الجامعية عاطلون عن العمل.

ه – قلّة في عدد المتفوقين والمبدعين؛ وكما هو معروف، فهم الأكثر أهليةً لقيادة التغيير في المجتمعات نحو الأفضل.

و – تزايد البؤس والشقاء الناتجين عن عدم قدرة المتخصّصين في مجالات معيّنة على التأقلم مع ظروف العمل بمهن لا يحبونها أو لا تتلاءم مع شخصياتهم.

ز – عدم الراحة والطمأنينة، و تكاثر المشاكل لدى العائلات التي أربابها غير منسجمين مع أعمالهم.

ح – استشراء حالات الطلاق والتفكك الأسري وازدياد حالات الإدمان والجنوح والانتحار.

ماذا نريد من عملية التوجيه؟

أ – إحداث تغيير جذري بالطريقة التي يتم من خلالها اختيار الاختصاص وبالتالي المهنة. 

ب – تعريف الطلاب على أنواع الشخصيات الإنسانية (الشخصية المهنية) ومميزات وخصائص كل شخصية.

ج – تعريف الطلاب على معنى الميل والاستعداد والقدرة والمهارة.

د – شرح المسارات العلمية وأنواع الدراسات الجامعية / كيف نصل إلى اختصاص معين أو نتيجة مسار معين وما هي الخيارات المتاحة أمام الطالب.

ه – التعريف بالقواعد والأسس الواجب اعتمادها عند تحديد المسار العلمي والاختصاص وصولاً إلى مهنة المستقبل.

و – التعريف بالجامعات وما تحوي من اختصاصات وأنظمة تدريس، وكيفية اختيار الجامعة والكليّة المناسبة وطرق الانتساب إليها، والمواد التي تدرّس في كل اختصاص.

ز – القيام بإطلالة على سوق العمل ومستقبل المهن وتعريف الطلاب عليها.

ح – تعريف الطلاب إن اختيار الاختصاص الجامعي يعني تحديد مهنة المستقبل وبالتالي نمط الحياة ونوعية العلاقات ومستوى المعيشة والمكانة الاجتماعية و .... بما ينتج عنه إما السعادة أو الشقاء للشخص نفسه وينعكس ذلك على عائلته ومجتمعه.

ت – تعريف الطلاب أن للمهن شخصياتها وأن عليهم معرفة شخصية المهنة وليس فقط اسمها.

ي – التدريب على بعض التقنيات المساعدة على النجاح في الدراسة والعمل مثال: تقنيات اتخاذ القرار، إدارة الوقت، التواصل الفعاّل، حلّ المشكلات؛ وتعريفه بالأخلاقيات الواجب توفرها وكيفية التحلي بها؛ وإلحاقه بالدورات وورش التدريب الضرورية للنجاح والتفوق في كل اختصاص.

ك – بناء علاقة متواصلة مع الطلاب لتحفيزهم و للإجابة على أسئلتهم و استفساراتهم.

أين يمكن أن تتم عملية التوجيه؟

  يمكن أن تتم لقاءات التوجيه المهني في أي مكان مناسب يجتمع فيه طلاب متساوون في المستوى العلمي الأكاديمي، راغبون في المشاركة في ورشة (ندوة) توجيه يقوم بها موجّه مؤهّل بالخبرة والمعرفة والرغبة لتوجيه هؤلاء الطلاب. يمكن أن يحصل ذلك في قاعات الثانويات أو المدارس (وهو الأفضل) كما يمكن أن يحصل في قاعات مراكز الأندية أو الجمعيات المختلفة.

في الختام نلحظ أن بعض الجامعات تقوم بعملية تواصل مع الطلاب الثانويين تسمّيها توجيهاً، والهدف المعلن لها تعريف الطلاب على كيفية اختيار اختصاصاتهم الجامعية؛ لكن واقع هذا العمل لا يعدو أن يكون عملية دعائية للاختصاصات الموجودة في نفس هذه الجامعات، بهدف استقطاب الطلاب إليها لكسب المال ، حيث لا تتم مراعاة قدرات الطالب ولا ميوله ولا وضع سوق العمل.

لكي لا يبقى طلابنا تائهين، وإحساساً بالمسؤولية وقياماً بها، تم تأسيس المركز الإسلامي للتوجيه والتعليم العالي( موقعه على الانترنت www.orientation94.org ( وهو مؤسسة آلت على نفسها التصدّي لهذا العمل الكبير، وهيّأت له الإمكانات الضرورية واعتمدت في عملها أرقى المواصفات وأجود المعايير على كافة المستويات / الكادر البشري المتخصّص، التقنيات المتطورة، الأساليب الحديثة؛ وهو لغاية تاريخه قدّم خدمات التوجيه إلى آلاف الطلاب الموزّعين على كافة المناطق اللبنانيَّة.

في ظلّ محدوديّة الإمكانات وضخامة العمل المطلوب وجسامة المسؤولية المترتبة عليه، ربّ قائل وسائل لماذا هذا العناء وما الدافع والهدف؟

إجابة على ما تقدم نقول أن هدفنا مرضاة الله من خلال خدمة عباده، تطبيقاً لقول الرسول الأكرم المأثور(ص): أحبّكم إلى الله أنفعكم لعياله. أما الدافع فهو الإحساس بالمعاناة الكبيرة والنتائج الخطيرة على الشباب الذين هم مستقبل الأمة وضمان استمرارها؛ وكلّ أملنا في تخفيف المخاطر والتقليل من المعاناة مردّدين مع القائل: خير لك ألف مرّة أن تضيء شمعة من أن تلعن الظلام. يشحذ عزائمنا قول الله سبحانه وتعالى: ( و قل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون ).سورة التوبة، آية:105.

نتمنى على الجهات الرسمية أن تقوم بواجباتها في هذا المضمار، لكننا لن نقف مكتوفي الأيدي بانتظار حصول ذلك، فسنبقى إلى جانب شبابنا وفي خدمتهم وسنتابع القيام بما أمكننا لتوجيههم وإرشادهم والإجابة عن تساؤلاتهم، ولا نريد منهم إلا الانتباه إلى أهميّة هذا الموضوع وعدم التواكل وترك مستقبلهم تقرره الصدف، وننصحهم بالمبادرة بالتواصل مع المركز لنتمكن من خدمتهم، فهم ثروة ومستقبل الأمة، التي نرتجيها متقدّمة متطورة مؤمنة واعية.

 

متخصص في الإرشاد النفسيّ والتربويّ والإجتماعي.