الأعداد الأوليّة

16/2/2012
العدد الواحد والاربعون نيسان -2020

دكتور علي دعيبس

العدد الأوليّ هو عدد صحيح لا يقبل القسمة إلاّ على نفسه وعلى الواحد.

العدد 5 هو عدد أوليّ  لكنّ العدد 2.3=6 هو عدد صحيح غير أولّي ويرى البعض أن الدور الذي تلعبه الأعداد الأوليّة في الرياضيات يشبه الدور الذي تلعبه الذرّات في الفيزياء.

نجد في أصول أمكيدس أوّل تقديم منهجي للأعداد الصحيحة ولخصائص قابليّة القسمة. ونجد أيضاً برهنة مفادها أنّه يوجد ما لا نهاية من الأعداد الأوليّة، وتقنيّة تعرف بإسم شبكة أراتوستين، بخصوص تحديد الأعداد الأوليّة الأصفر من عدد معيّن N. وتجدر الإشارة إلى أن أراتوستين هو أوّل من قام بحساب محيط الأرض. لكنّ مبرهنة الحساب الأساسيّة، والتي مفادها أن كلّ عدد صحيح يكتب كحاصل ضرب أعداد أوليّة، لم تنشر إلاّ على يدي غاوس(1).

إذا كان مجال الحسابات هو الكميات المفككّة ذات العديد المتناهي، إلاّ أنّ مجال التحليل هو الكميات المتواصلة غير القابلة للعدّ. ولقرون طويلة ما كان الرياضيون يستسيغون الخلط بين الحساب والتحليل، إلى أن جاء العام 1737 حيث برهن أولير(2) وجود ما لا نهاية من الأعداد الأوليّة بطريقة تحليلية. لكنّ الخطوة الأساسيّة. التي بيّنت أن العلامة بين الحساب والتحليل أساسيّة ولا يمكن تخطّيها. فقد جاءت على يدي ديريكليه(3) في العام 1837، أي بعد قرن كامل من برهنة أولير المذكورة أعلاه. ما من مجال لتفصيل هذه البرهنة هنا، لكننا نكتفي بالقول: أنّ افتراض وجود عدد محدود فقط من الأعداد الأوليّة يقود إلى تناقض لأنّ هذا الإفتراض يقتضي تقارب المتسلسلة المتناسقة(4)، بالرغم من أنّها غير متقاربة.

بعد أن تبيّن وجود ما لا نهاية من الأعداد الأوليّة وأهمية هذه الأعداد في الحساب وفي التحليل، كان من الطبيعي أن ينظر الرياضيون في كيفيّة توزيع هذه الأعداد في سلسلة الأعداد الطبيعيّة. وعلى سبيل المثال، الأعداد الأوليّة الأصغر من 50 هي التالية:

2,3,5,7,11,13,17,19,23,29,31,37,41,43,47

ومن الأسئلة التي تطرح حول هذا التوزيع هو السؤال البديهي التالي: هل يخضع هذا التوزيع لقاعدة مُعينة أو يتبع ترتيباً معيّناً؟ لقد كتب أولير نفسه في العام 1751:«لقد حاول الرياضيون إكتشاف ترتيب ما في تدرّج الأعداد الأوليّة، ولكن دون جدوى. ولدينا ما يكفي من الأسباب كي نعتقد بأنّ هذا التدرّج سرّ لن يتمكن العقل البشري من ولوجه إطلاقاً. ولكن نقتنع ما علينا إلاّ أن ننظر في جداول الأعداد الأوليّة التي جهد البعض في متابعتها إلى ما بعد المئة ألف، والتأكد من أنّها لا تخضع لا لترتيب ولا لقاعدة».

بعد هذه الملاحظة التي اقتنع بها معظم الرياضيين، تركّز الإهتمام على إيجاد صيغة تقريبيّة تحسب عدد الأعداد الأوليّة الأصغر من عدد معيّن. وقد أشار لوجاندر(5) بواسطة (X) ∏ إلى عدد الأعداد الأوليّة الأصغر منX. وبعد دراسات لجداول الأعداد الأوليّة ووضع الكثير من الصيغ التقريبيّة كانت الصيغة (6)

المعروفة تحت إسم مبرهنة الأعداد الأوليّة. لكنّ وضع هذه الصيغة شيء، أمّا اثباتها فشيء آخر.

عطفاً على ما جاء أعلاه نقول: بدأ غاوس تفحصّ الأعداد الأوليّة حوالى العام 1792 وكان لا يزال في الرابعة عشرة من عمره، وظلّ يتمعّن في جداول هذه الأعداد طيلة حياته. وقد جاء في رسالة وجهها إلى عالم الفلك أنكي(7) في العام 1849 كيف أنّه يحب أن يقضي يومياً حوالى ربع ساعة في إحصاء الأعداد الأوليّة وأنّه قد وصل إلى ثلاثة ملايين قبل أن يتوقف.

أمّا إثبات مبرهنة الأعداد الأوليّة، اي المذكورة أعلاه. فقد ظل الشغل الشاغل لأهم رياضيي ذاك الزمان طيلة قرن كامل. وكان من نتيجة ذلك إدخال الكثير من المفاهيم واكتشاف العديد من العلاقات التي تربط نظرية الأعداد بالتحليل الرياضي, وبطبيعة الحال، ما من محال هنا لتفصيل هذه المفاهيم والإكتشافات. نكتفي بالقول، أنّه من المرجح أن يكون ريمان(8) قد وضع فرضيته الشهيرة بهدف إثبات مبرهنة الأعداد الأوليّة، فرضيّة هي الأشهر في الرياضيات والتي ما تزال إلى يومنا هذا دون حلّ.

لكن الطريق لم تتعبّد أمام اثبات مبرهنة الأعداد الأوليّة إلاّ بعد أن توضحّت بعض علاقات بين التحليل ونظرية الأعداد بين المفكك والمتواصل. وأخيراً جاء الإثبات في العام 1892 على يدي كلّ من هادامرد(9) ودو لافاليه بوسين(10)، أحدهما بمعزل عن الآخر.

ترتبط بهذا الإثبات قصّة طريفة: بما أنّ الإثبات لم يتحقق إلاّ بعد جهود مضنيّة إستمرّت مئة عام. انتشر إعتقاد بأنّ من يجد هكذا إثبات لن يموت أبداً. ومن مصادفات القدر أن يعيش دو لافاليه بوسين ستة وستين عاماً بعد هذا الإثبات حيث وافته المنيّة عن عمر يناهز الستة والتسعين عاماً.

أمّا هادامرد فقد وافاه القدر في العام 1963 بعد وفاة الأوّل بعام واحد عن عمر يناهز الثامنة والتسعين.

تلعب الأعداد الأوليّة دوراً هاماً في مجال التشفير. ويعود ذلك إلى أنّ الكلمة المفتاح في عملية التشفير غالباً ما تكون عددا أولياً. وكلما كان العدد الأولي المفتاح أكبر كلما كانت عملية إكتشافه أصعب. وقد جرى سباق محموم على إيجاد أعداد أوليّة أكبر فأكبر. وبتاريخ الخامس عشر من أيار سنة 2004 العدد الأولي الأكبر الذي كان معروفاً هو 24036583  

      1 -   2

ولتكوين فكرة عن كبر هذا العدد بواسطة الأعداد العشريّة، أي في النظام العشري، تتطلّب سبعة ملايين رقم على وجه التقريب، كتابة تملأ كتاباً متوسّط الحجم.

المسائل المتعلّقة بالأعداد الأوليّة سهلة الصياغة وصعبة البرهنة في آن ومن هذه المسائل ما يلي:

1ـ الأعداد الأوليّة التوأم. نقول أن العدد الأوليّ n والعدد الأولي m هما عددان أوليان توأم إذا كان الفارق m-n=2 أو m=n+2،

كما هو الحال بخصوص العدد 3 والعدد 5 أو العدد11 والعدد13. والمسألة المتعلقّة بهذه الأعداد هي: هل يوجد ما لا نهاية من الأعداد الأوليّة التوأم أم لا؟ يعود تاريخ هذه المسألة إلى أيام الإغريق أو ربما إلى ما قبل ذلك، لكنّها لا تزال دون حلّ. وقد وضعت جائزة قيمتها مليون دولار لمن يحلّ هذه المسألة.

2ـ كلّ عدد صحيح هو حاصل ضرب أعداد أوليّة أو أنّه هو نفسه عدد أوّلي وتفكيك العدد الصحيح إلى ضرب أعداد أوليّة يسمح بتحديد الأعداد التي يقبل هذا العدد القسمة عليها. العدد 12 على سبيل المثال يكتب على شكل 2.2.3 = 12، والأعداد التي تقسم 12 هي 2,4,6.

نقول أن العدد الصحيح n هو عدد مكتمل إذا كان يستوفي العلاقة

 

حيث 

 هي الأعداد، غير الواحد وغيرn، التي تقسم n. العدد 12 ليس عدداً مكتملاً لأن  12  

أمّا العدد 6 فيستوفي العلاقة 3+2+1=6

وبالتالي العدد، هو عدد مكتمل. والعدد 28 هو أيضاً عدد مكتمل لأنّ 14+7+4+2+1=28

يرتبط بهذه الأعداد مسألتان. الأولى هي معرفة إن كان يوجد ما لا نهاية من الأعداد الأوليّة المكتملة. مسألة عمرها دهور، وما نعرفه اليوم من الأعداد الأوليّة المكتملة لا يتعدّى الخمسين عدداً. أمّا المسألة الثانية فهي معرفة أن كان يوجد أعداد مكتملة مفردة. وإلى اليوم لم يستطع أحد أن يجد عدداً مكتملاً مفرداً أو يبرهن عدم وجود هكذا أعداد. وهنا أيضاً الجوائز المالية الضخمة في إنتظار من يحصل عليها.

 

Gaus

Euler

 Diriclet

Sėrie harmonigue       

Legendre

 Log x هي دالة اللوغاريتم ذات القاعدة  e.

AnKe

Rieman

Hadamard

De la vallėe poussin