من كلمات أمير المؤمنين الإمام عليّ بن أبي طالب(ع) في نهج البلاغة

16/2/2012
العدد الواحد والاربعون نيسان -2020

الكلمة رقم 88:

وَحَكَى عَنْهُ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْبَاقِرُ عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ فِي الأَرْضِ أَمَانَانٍ مِنْ عَذَابِ اللهِ، وَقَدْ رُفِعَ أَحَدُهُمَا فَدُونَكُمُ الآخَرَ فَتَمَسَّكُوا بِهِ. أَمَّا الأَمَانُ الَّذِي رُفِعَ: فَهُوَ رَسُولُ اللهِ (ص)، وّأَمَّا الأَمَانُ الْبَاقِي فَالإِسْتِغْفارُ قَالَ اللهُ تَعَالَى: }وَمَا كَانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ{. }وَمَا كَانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ{ سورة الأنفال، آية:33.

قال الرضي: «وَهذَا مِنْ مَحَاسِنِ الإِسْتِخْرَاجِ وَلَطَائِفِ الإِسْتِنْبَاطِ».

فأمير المؤمنين(ع)، يحثُّ المسلمين على الشعور بمراقبة الله تعالى لهم آناءِ الليل والنهار، في السرِّ والعلن، لأنّ معظم المصائب والنكبات التي تُّصيبهم هي نتيجة لارتكابهم الموبقات والمحرمات مصداقاً لحديث رسول الله(ص):«ما اختلج عِرقٌ ولا عَثرت قَدمٌ إلاّ بما قدّمت أيديكم، وما يعفو الله عزّ وجلّ عنه أكثر»(1).

ولقول الله تعالى: }وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِير{ سورة الشورى، آية:30.

وللإستغفار شروط حددتها كتب المعارف والأخلاق الإسلاميّة عند جميع المسلمين أهمها: إرجاع الظالم للمظلوم حقه وتسامحه منه ثمَّ توبته إلى الله تعالى، فيجد الله تعالى بعد هذا تواباً رحيماً. قال اللهُ تعالى: }أَنَّ اللهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ { سورة التوبة، آية: 104.

الكلمة رقم 82:

أُوصِيكُمْ بِخَمْسٍ لَوْ ضَرَبْتُمْ إِلَيْهَا آبَاطَ الإِبِلِ لَكَانَتْ لِذَلِكَ أَهْلاً: لاَ يَرْجُوَنَّ أَحَدٌّ مِنْكُمْ إِلاَّ رَبَّهُ، وَلاَ يَخَافَنَّ إِلاَّ ذَنْبَهُ، وَلاَ يَسْتَحِيَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ إِذا سُئِلَ عَمَّا لاَ يَعْلَمُ أَنْ يَقُولَ «لاَ أَعْلَمُ»، وَلاَ يَسْتَحِيَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ إِذَا لَمْ يَعْلَمُ الشَّيْءَ أَنْ يَتَعَلَّمَهُ، وَعَلَيْكُمْ بِالصَّبْرِ فَإِنَّ الصَّبْرَ مِنَ الإِيْمَانِ كَالرَّأْسِ مِنَ الْجَسَدِ، وَلاَ خَيْرَ فِي جَسَدٍ لاَ رَأْسَ مَعَهُ، وَلاَ فِي إيْمَانٍ لاَ صَبْرَ مَعَهُ.

فأمير المؤمنين(ع)، يحثُّ المسلمين على طلب مكارم الأخلاق والمعرفة الإنسانيّة وتحمل وعثاء السفر على الإبل «في ذلك الزمان» لأجل تحصيل هذه الخصال الخمسة وهي:

1ـ أن لا يأمل الإنسان في هذه الحياة بشيء ولا يرجوه إلا ويكون الله تعالى من وراء قصده ورجائه. لأنّ الدنيا وأهلها متقلبة ومتغيرة حالاً بعد حال واللهُ تعالى يكون عند حُسنِ ظنِّ عبده به.

2ـ ولا يخاف الإنسان في هذه الحياة من أي شيء يستوحشه ويستهجنه إلاّ من ذنب إِقترفه أو خطيئة ارتكبها لأنّ هذه الذنوب والخطايا هي التي تَحجبهُ عن رضا الله تعالى وتوفيقه له في هذه الحياة. وتجعله مسؤولاً عنها يوم القيامة.

3ـ والحصول على المعارف الإنسانيّة لا يكون إلاّ بطلب العلم من خلال البحوث والتجارب الصادقة للحصول على هذه الحقائق وبالتالي فإنَّ الذي يحجب الحقيقة العلميّة عن طلابها هو الكذب من قبل أدعياء العلم وأصحاب الأهواء خلال تاريخ الإنسانيّة الطويل، لذلك يطلب أمير المؤمنين (ع)، من العالم إذ لم يصل إلى الحقيقة العلميّة أن يجيب النّاس بالحقيقة وهي: أنَّه لا يعلم.

4ـ كما أنّ طلب العلم وتعلمه والبحث عن الحقيقة العلميّة هو ديدن الشرفاء والأحرار من بني الإنسان في كلّ زمان ومكان. وأوّل الآيات التي أُنزلت على قلب رسول الله(ص)، كانت تأمره بإحترام النظر والمعرفة والقراءة والكتابة والتدبر في هذا الكون. وقد ورد عن رسول الله(ص)، أحاديث كثيرة في الحثِّ على طلب العلم والمعرفة من المهد إلى اللحد وفي الحثِّ على السؤال والتعلم ولو كان في الصين.

5ـ كما أنّ الصبر والتخلق به هو ديدن طلبة العلم والمعرفة، بل هو ديدن الشرفاء والأحرار الّذين يريدون العزّة والكرامة لأنفسهم ولشعوبهم. وكل من يُخطئُ طريق الصبر في الحياة يُخطئُ الفوز والنجاح في الدنيا والآخرة.

عن آمالي الشيخ الطوسيّ(قده)، عن كتاب في تهذيب النفس للدكتور الشيخ أحمد كاظم البهادليّ، ج2، ص:100.