الرحلة العراقيّة:في حوار خاص مع القاضي الدكتور الشيخ عمرو

24/5/2012
العدد الواحد والاربعون نيسان -2020

(أجرى الحوار مدير التحرير المسؤول)

 

مساءَ يوم السبت الواقع في السابع من شهر نيسان 2012م. الموافق لليلة السادس عشر من جماى الأولى 1433هـ توجه صاحب ورئيس تحرير مجلة «إطلالة جُبيليّة» مع زوجته ووالدها الحاج أسعد نجيب أحمد شمص إلى زيارة العتبات المقدّسة في العراق وبعد عودتهم الميمونة والمباركة مساء يوم السبت الواقع في الرابع عشر منه، كان هذا اللقاء للتهنئة والمباركة وكان هذا الحوار:

سماحة القاضي الدكتور الشيخ يوسف محمد عمرو، بداية كيف وجدتم العراق وأهله بعد غياب ناهز الأربعة وثلاثين عاماً عنه؟

ـ خلال ثلاثة عقود مرَّت على العراق، ذاق الشعب العراقي الكريم وأهله شتى ضروب النكبات والمحن والمصائب ما لم يذقه شعب آخر في القرن العشرين. حيث أقدم صدَّام حسين وجماعاته على مجازر بحقِّ العراق وعلمائه ومفكريه وقياداته السياسيّة والدينيّة من الشيعة والسُنّة وقومياته من عرب وكرد وأتراك. وعلى إنتهاك للأعراض والمقدَّسات والكرامات ما لم يقم به هولاكو عند إفتتاحه لبغداد عام 656هـ. الموافق لعام 1258م.

كما نالت مجازر صدّام حسين وإنتهاكه لحقوق الإنسان الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة ودولة الكويت. ولم يكتف صدّام بذلك فقد أستقدم في أيامه الأخيرة على التحالف مع الإرهابيين التكفيريين من شتى بقاع الأرض واستقدمهم إلى العراق وأعطاهم الغطاء القانوني والمالي. تحت شعارات كثيرة إمعاناً منه في تشويه صورة الإسلام. وقد زادت جيوش الإحتلال الأجنبيّة بدخولها العراق في شهر نيسان عام 2003م. تحت راية الولايات المتحدة الأمريكيّة النّار تأجيجاً وبلاءً وأضافت على الشعب العراقي كرباً على كرب. حيث قامت العصابات التكفيريّة ببذر بذور الطائفيّة بين السُنّة والشيعة وبين المسلمين والمسيحيين وبين الأثنيّات العراقيّة. وذلك بهدمها وإحراقها للكنائس وللمساجد عند السُنّة والشيعة وللحسينيات وللعتبات والمقامات المقدّسة عند السُنَّة والشيعة في العراق. وفي إغتيال العلماء وأساتذة الجامعات وقتل الشيوخ والنساءِ والأطفال.

كما أقدَّم المحتل الأجنبيّ على سرقة الشعب العراقي وموارده النفطيّة والإقتصاديّة بشكل سافر وشجع الفساد والإفساد في جميع الدوائر الرسميّة وفي إيجاد شركات وهميّة فارضاً على العراقيين ساعات من التقنين كل يوم للكهرباء وغيرها من قضايا حياتيّة.

لقد إستطاع العراقيون من خلال المرجعية الدينيّة في النّجف الأشرف التي يمثلها آية الله العظمى السيّد عليّ الحسينيّ السيستانيّ(دام ظله)، وآية الله العظمى السيّد محمد سعيد الطباطبائيّ الحكيم(دام ظله)، وآية الله العظمى الشيخ مُحمّد إسحاق فياض(دام ظله)، وآية الله العظمى الشيخ بشير النجفي(دام ظله). ومن خلال مقاطعة الجيوش الأجنبيّة، والتعالي عن الجراحات والمصائب الكثيرة بتحريم سفك دماء العراقيين. وإقرار الدستور العراقي المؤقت والإنتخابات التشريعيّة التي أُجريت من خلاله عدّة مرات في جميع أنحاءِ العراق، وبالتالي تحرير العراق من رجس الإحتلال الأجنبيّ وإعلان إنسحاب آخر جندي أجنبي من العراق في نهاية عام 2011م. حيث إنتصر الشعب العراقي الأعزل ومرجعيته الرشيدة في النّجف الأشرف وحكومتهم العتيدة في بغداد على جلاّديهم من الداخل والخارج.   

إذ أنَّ أسطورة طائر الفينيق تصدق على الشعب العراقي العظيم الذي قام من جديد بعد أن حاول جلاّدوه حرقه بالكبريت والنّار عشرات المرّات حاملاً القلم بيد والمعول بيد أخرى فاتحاً قلبه للأشقاء والأصدقاء للتعاون من جديد من خلال مؤتمر القمة العربيّة الأخير المنعقد في بغداد في أواخر شهر آذار 2012م. وغيره من مؤتمرات دوليّة أو إقليميّة.

كيف كانت لقاءاتكم مع السادة المراجع في النّجف الأشرف؟ وهل توفقتم إلى نيل شيءٍ إضافي من خلال زيارتهم وذلك بعد نيلكم شرف زيارة العتبات المقدّسة؟

ـ لقد وفقني الله تعالى لزيارة سماحة آية الله العظمى الشيخ بشير حسين النجفيّ(دام ظله)، مساء يوم الأحد الواقع في الثامن من شهر نيسان في منزله في النّجف الأشرف حيث كنت بصحبة الصديق الطيب فضيلة العلاّمة الشيخ محمد جعفر البهادليّ نجل آية الله الدكتور الشيخ أحمد البهادليّ(دام ظله). وقدّمت له بعض مؤلفاتي.. كان اللقاء بسماحته جيداً ولطيفاً وقدّم لي في نهاية اللقاء بعض مصنّفاته وبعض منشورات مؤسسة الأنوار النّجفيّة العائدة إليه، وبعض الهدايا من درِّ النّجف الأشرف كذكرى من النّجف الأشرف فشكرته على ذلك.

كما وفقني الله تعالى أيضاً لزيارة سماحة آية الله العظمى السيّد عليّ الحسينيّ السيستانيّ(دام ظله)، قبل ظهر يوم الإثنين الواقع في التاسع من شهر نيسان في منزله في النّجف الأشرف برفقة الصديق الوفيّ الأستاذ الحاج حامد الخفّاف حيث حضر قسماً من اللقاء إمام الجالية الإسلاميّة اللبنانيّة في السنغال العلاّمة الشيخ عبد المنعم الزين، قدّمت لسماحته بعض مؤلفاتي ومنها:»الوحدة الإسلاميّة في مواجهة التحديات ـ النّجف الأشرف نموذجاً» و«شعائر عاشوراء الحسينيّة عند الشيعة الإماميّة» وغيرهما من مؤلفات مع العدد السادس من مجلة «إطلالة جُبيليّة» وإفتتاحيتها كانت تحت عنوان:» الحنين إلى النّجف الأشرف» فسُرَّ بذلك  وشكر عملي حول النّجف الأشرف والإهتمام بقضاياها. ودعا لي بالتوفيق والتسديد والنّجاح، فطلبت منه إجازة بالرواية والحديث عن شيوخه بأسانيدهم إلى النبيِّ وآل بيته الأطهار(عليهم أفضل الصلاة والسلام) فأعطاني إجازة شفهيّة عن شيخه وأستاذه الإمام السيّد أبو القاسم الخوئي(قده) بأسانيده المتصلة إليهم(عليهم السّلام)، وإجازة أخرى عن شيخه أقا بزرك الطهرانيّ(قده)، بأسانيده المتصلة عن الشيخ نوري صاحب كتاب مستدرك وسائل الشيعة بأسانيده المتصلة إليهم(عليهم السّلام)، فشكرته على ذلك وطلبت منه الدعاء لي بالتوفيق والتسديد واستأذنت منه بالإنصراف. وانصرفت.

كما وفقني الله تعالى أيضاً لزيارة سماحة آية الله العظمى السيد محمد سعيد الطباطبائي الحكيم(دام ظله) وكنت قد تأخرت عن الموعد قرابة ثلاثين دقيقة وذلك ظهر يوم الإثنين الآنف الذكر برفقة أحد أصدقاء العلاّمة الشيخ محمد جعفر البهادليّ. كان مجلسه غاصاً بالمراجعين والمستفتين، كما كان الشيخ الزين إمام الجالية اللبنانيّة في السنغال قد سبقني للقاء بسماحته(دام ظله)، وبطرح الأسئلة عليه حول رغبة الشيخ الزين بإرسال بعثة طلابيّة من السنغال للدراسة في النّجف الأشرف وتهيئة الأجواء لإستقبالها.

كما قدّمت لسماحته(دام ظله) بعض مؤلفاتي مع عددين من مجلة «إطلالة جُبيليّة» طالباً منه الدعاء واستأذنت منه بالإنصراف وانصرفت.

وأمّا سماحة آية الله العظمى الشيخ مُحمّد إسحاق الفياض(دام ظله) فلم أتوفق لزيارته لضيق الوقت. ولكن وفقني الله تعالى للقاء به في بيروت على مائدة الأخ الفاضل الحاج الأستاذ حامد الخفّاف مساء يوم الأربعاء الواقع في 18/4/2012م. في مركز جمعيّة الإمام الصادقQ الغبيريّ ـ طريق المطار. إذ كان(دام ظله) مريضاً ويريد متابعة سفره إلى لندن للمعالجة.

وبعد، فإنَّ اللقاء مع مراجعنا العظام في النّجف الأشرف بعد هذا الإنتصار العظيم الذي تحقق منهم ومن الشعب العراقي الكريم على صدّام حسين وزبانيته وعلى المحتل الأجنبيّ وعلى التكفيريين هو لقاء تاريخيِّ نأخذ منه العبر والعظات مصداقاً لقوله تعالى:

}أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ{ سورة ص، آية: 28.

ولقوله تعالى: }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ{ سورة محمد، آية:7.

 هل كانت لكم لقاءات أخرى في النّجف الأشرف وكربلاء؟

ـ وفقني الله تعالى لعقد لقاءات أخرى مع أستاذي سماحة آية الله السيد محمد رضا الموسويّ الخرسان(دام ظله)، في منزله في النّجف الأشرف بالتنسيق مع ولده سماحة العلاّمة السيّد محمد رضا الخرسان وذلك مساءَ يوم الأحد الواقع في الثامن من شهر نيسان 2012م، حيث قدّمت له بعض مؤلفاتي. كان اللقاء به(دام ظله) مؤثراً جميلاً حيث تذَّكرت أيامي في الدراسة على سماحته مع ثلة من الطلبة اللبنانيين في أوائل السبعينيات من القرن الماضي.

كما ذكّرني ببعض الأمور التي نسيتها. وقدَّم لي في أواخر اللقاء بعض الهدايا التذكاريّة. كما وفقني الله تعالى لعقد لقاء آخر قبل هذا اللقاء بقليل مع سماحة آية الله الأستاذ الدكتور الشيخ أحمد كاظم البهادليّ(دام ظله)، بالتعاون مع نجله العلاّمة الشيخ محمد جعفر البهادليّ حيث قدّمت له بعض مؤلفاتي الجديدة وحضر اللقاء شقيقه سماحة الشيخ عدنان البهادليّ ودار الحديث حول النّجف الأشرف وقضاياها وأحفاده في لبنان.

كما وفقني الله تعالى للقاء آخر مع أستاذي سماحة آية الله السيّد محمد محمد مهدي الموسويّ الخرسان(دام ظله) ظهر يوم الإثنين الواقع في التاسع من شهر نيسان 2012م، في منزله في النّجف الأشرف وقد أثرت الأيام والليالي بصحته. فقدّمت له بعض مؤلفاتي ومنها كتاب «أبو تراب» في طبعته الخامسة فسُرَّ بذلك وأخبرني أنّه قد حصل على نسخة منه مصورة من المكتبة الرضويّة في مشهد المقدّسة في إيران كما أنّه قد قرأ كتاب «التذكرة أو مذكرات قاضٍ» وقد سُرَّ به. كما شجعني على الكتابة عن النّجف الأشرف والإهتمام بقضاياها. فطلبت منه(دام ظله) إجازة أخرى موسعة غير الإجازة القديمة التي تشرفت بأخذها منه في 15 محرم 1394هـ. الموافق لعام 1974م. فوافق على ذلك وعلى أن يرسلها لي مع بعض مؤلفاته ومصنّفاته بعد ذلك إن شاء الله تعالى.

كما كان لي لقاء آخر مع فضيلة الشيخ شريف القرشي نجل سماحة آية الله الشيخ باقر شريف القرشي  في النّجف الأشرف، حيث زارني في الفندق فرغبت في زيارة والده فأخبرني أنّ المرض قد سيطر عليه ويمنعه من إستقبال النّاس فأرسلت له بعض مؤلفاتي كهدية خاصة لمكتبة الإمام الحسنQ في النّجف الأشرف.

كما أرسلت لمكتبة العتبة العلويّة المقدّسة في النّجف الأشرف ثمانية عشر كتاباً من مؤلفاتي مع ستة أعداد من مجلة «إطلالة جُبيليّة» بواسطة فضيلة العلاّمة الشيخ محمد جعفر البهادليّ وكذلك أرسلت هذا العدد مع نسخ المجلة الآنفة الذكر لمكتبة العتبة الحسينيّة المقدّسة في كربلاء المقدّسة.

وبعض الكتب الأخرى مع العدد السادس من المجلة إلى المكتبة العبّاسيّة المقدّسة في كربلاء المقدّسة وكذلك إلى مسجد الكوفة ومسجد السهلة في الكوفة وكذلك إلى المكتبة الكاظميّة المقدّسة في الكاظميّة ـ بغداد. وكذلك إلى المكتبة العامّة في مقام الإمامين علي الهاديّ والحسن العسكريّ(عليهما السّلام) في سامراء.

وكذلك وفقني الله تعالى لزيارة حجة الإسلام الشيخ عبد المهديّ الكربلائي في مكتبه في الصحن الحسينيّ الشريف في كربلاء المقدّسة قبل ظهر يوم الخميس الواقع في الثاني عشر من شهر نيسان 2012م. وهو مدير عام العتبة الحسينيّة المُقدسة وإمام الجمعة في كربلاء حيث كان اللقاء به جيداً وممتازاً قدّمت له بعض مؤلفاتي هدية له، كما اطلّعت على نشاط سماحته في كربلاء حيث قدّم لي بعض الهدايا التذكاريّة من الروضة الشريفة وبعض المطبوعات وقد تجاوزت أعماله الثقافيّة والخيريّة كربلاء إلى سائر المحافظات العراقيّة. وقد استضافني مع وفد باكستاني في مضافة الإمام الحسينQ حيث كنت بصحبة عمي وزوجتي.

كما وفقني الله تعالى للقاء مع فضيلة العلاّمة الشيخ مصطفى المصري نجل صديقي وزميلي في الدراسة أيام النّجف الأشرف العلاّمة الشيخ محمد المصري من بلدة أنصار قضاء النبطيّة.

حيث زرته مساءً بعد صلاة العشاء مساء يوم الخميس في الثاني عشر من شهر نيسان الموافق لليلة الجمعة 21 جمادى الأولى 1433هـ. في مكتبه في الصحن الحسينيّ الشريف وهو يشغل وظيفة مدير للدورات القرآنيّة للفتية والفتيات في الحرم الحسينيّ الشريف ومسؤول في التبليغ الدينيّ في كربلاء. كان اللقاء به جيداً وممتازاً وقد تكلّمت مع والده في لبنان من خلال «الانترنت» في مكتبه.

كما التقيت في كربلاء بفضيلة السيّد إبراهيم نور الدين من بلدة خربة سلم وهو صهر آل شمص في بلدة أدونيس ـ قضاء جبيل. وهو من أنبه الطلبة اللبنانيين في النّجف الأشرف.

هل هناك من ساهم بشكل مباشر أو غير مباشر في نجاح رحلتكم المباركة؟

نعم. وبهذه المناسبة أتوجه بالشكر الجزيل لحملة الخليل ومديرها الحاج حسنين الخليل ولولده الحاج رضا والقائمين الكرام على الحملة الّذين وفروا لنّا وسائل الراحة وإمامة تلك الحملة المباركة في صلاة الجماعة، ولتقديمهم لضيوفي من العلماء العراقيين الضيافة. كما أتوجه بالشكر الجزيل للصديق الوفي والأخ العزيز الأستاذ الحاج حامد الخفّاف الذي ساعدني في اللقاء مع آية الله العظمى السيد السيستانيّ(دام ظله) في النّجف الأشرف. ومع آية الله العظمى الشيخ  محمد إسحاق الفياض(دام ظله) في جمعية الصادقQ في مركزها الرئيس في الغبيري ـ طريق المطار مساء يوم الأربعاء في 18 نيسان 2012م.

كذلك أشكر العلاّمة الشيخ محمد جعفر البهادليّ الذي ساعدني في اللقاء مع آية الله العظمى الشيخ بشير حسين النّجفي(دام ظله) وآية الله العظمى السيد محمد سعيد الطباطبائيّ الحكيم(دام ظله) وآية الله السيّد محمد مهدي الموسوي الخرسان(دام ظله) ومع سماحة والده آية الله الدكتور الشيخ أحمد البهادليّ(دام ظله).

كما أتوجه بالشكر أيضاً لسماحة العلاّمة السيّد محمد هادي الخرسان الذي زارني في الفندق وذهبت معه للقاء والده أستاذي آية الله السيّد محمد رضا الموسويّ الخرسان(دام ظله).

وفي الختام أتوجه بالشكر لفضيلة الأخ العلاّمة الشيخ مصطفى محمد المصري على الإهتمام الذي أولاني إياه في رحاب كربلاء المقدّسة وعلى ما أطلعني عليه من نشاطات. بارك الله تعالى بهؤلاء الأحبة وجزاهم الله تعالى خير الجزاء وتقبّل الله تعالى أعمالهم. آمين.