من كلمات أمير المؤمنين

11/10/2012
العدد الواحد والاربعون نيسان -2020

الإمام عليّ بن أبي طالب(ع) في نهج البلاغة

الكلمة رقم 212) وَقَالَ (ع): الْجُودُ حَارِسُ الْأَعْرَاضِ، وَالْحِلْمُ فِدَامُ السَّفِيهِ(1)، وَالْعَفُو زَكَاةُ الظَّفَرِ، وَالسُّلُوُّ عِوَضُكَ مِمَّنْ غَدَرَ(2)، وَالإِسْتِشَارَةُ عَيْنُ الْهِدَايَةِ، وَقَدْ خَاطَرَ مَنِ اسْتَغْنَى بِرَأْيِهِ، وَالصَّبْرُ يُنَاضِلُ، الْحِدْثَانَ(3)، وَالْجَزَعُ مِنْ أَعْوَانِ الزَّمَانِ، وَأَشْرَفُ الْغِنَى تَرْكُ الْمُنَى(4) وَكَمْ مِنْ عَقْلٍ أَسِيرٍ تَحْتَ هَوى أَمِيرٍ(5)، وَمِنَ التَّوْفِيقِ حِفْظُ التَّجْرِبَةِ، وَالْمَوَدَّةُ قَرَابَةٌ مُسْتَفَادَةٌ، وَلاَ تَأَمَنَنَّ مَلُولاً(6).

أمير المؤمنين(ع)، يوجه المؤمنين إلى مكارم الأخلاق التاليّة:

  إلى الجود والكرم فإِنّ هذه الصفة تجعل من صاحبها عزيزاً في الدنيا والآخرة وتصون عرضه وكرامته من الإنتهاك من قبل السفهاء. 2ـ والحلم فإنَّ هذه الصفة تجعل من صاحبها في حصن من السفهاء الّذين يواجهونه بالقذف والإفتراء مصداقاً لقول الله تعالى: }وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا { سورة الفرقان، آية:63. وإذا حَلمت فكأنّك ربطت فم السفيه بالفدام فمنعته عن الكلام. كما تُمنَعُ البهيمة بالفدام عن الطعام.

3ـ والعفو عند ظفرك على خصمك فإنَّ هذا العفو زكاة وتطهير لنفسك عن الخوض في العداوة والخصام واللجاج. قال الله تعالى:}وَالَّذِينَ صَبَرُواْ ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ{ سورة الرعد، آية: 22.

4ـ والسُّلوُّ عوضك مِمَّن غدر يشير(ع)، بذلك إلى ما يواجه المؤمن في حياته من نكبات ومصائب من أشخاص أحسن إليهم وأغدق لهم الحبّ والعطاء فتربصوا به الدوائر وهؤلاءِ الأشخاص لا شفاء أو علاج لهم سوى غضب الله ولعنته عليهم في الدُنيا والآخرة. ولا عوض لك من الله تعالى على ذلك سوى الصبر والاعراض عن أولئك الأشخاص وهجرهم في هذه الدُّنيا.

5ـ واستشارة أهل الخبرة والإختصاص وأهل التقوى والمروءة في المُشكلات من الأمور حتى تصل إلى الهداية. لأنّه قد يخاطر كثيراً من يستغني برأيه عن مشورة أولئك النّاس.

6ـ والصبر والدعاء فهما سلاح المؤمن في هذه الحياة وقد ورد في فضل ذلك آيات وأحاديث كثيرة.

7ـ والجزع عند المصيبة فهو يسقط الأجر والثواب. ويجعلك رهين الكآبة والعقد النفسيّة ويجعلك كالريشة في مهب الرياح.

8ـ وأشرف الغنى هو ترك الأمانيّ والآمال الفارغة التي لا تسير على قواعد صحيحة حتى لا تقع في الأوهام التي تقودك إلى الطمع والحسد.

9ـ وأن لا يقع عقلك تحت مؤثرات الأهواء.

10ـ ومن توفيق الله تعالى، أن تحتفظ بتجاربك الناجحة في الحياة وتستفيد من التجارب الناجحة للأخرين. وأن تكون علاقتك مع إخوانك المؤمنين على أساس المحبة والمسامحة والمودة مصداقاً لقول الله تعالى:}إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ{ سورة الحجرات، آية:10.

ولا تأمننَّ في حياتك للإنسان الملول السريع الملل والسآمة، فقد يملُّ عند حاجتك إليه فيفســــد عليــك عملك.

الفِدام ـ ككتاب وسحاب، وتشدد الدال أيضاً مع الفتح ـ: شيء تشده العُجم على أفواهها عند السقي، وإذا حلمت فكأنك ربطت فم السفيه بالفِدام فمنعته عن الكلام.

أي من غدرك فلك خلف عنه وهو أن تسلوه وتهجره كأنّه لم يكن.

الحدثان ـ بكسر فسكون ـ: نوائب الدهر. والصبر يناضلها أي يدافعها. والجزع ـ وهو شدة الفزع ـ يعين الزمان على الإضرار بصاحبه.

المُنى ـ بضم ففتح ـ: جمع منية وهي ما يتمناه الإنسان، وإذا لم تتمن شيئاً فقد استغنيت عنه.

كثير من النّاس جعلوا أهواءهم مُسلّطة على عقولهم، فعقولهم أسرى تحت حكمها.

الملول ـ بفتح الميم ـ: السريع الملل والسآمة، وهو لا يؤمن، إذا قد يملّ عند حاجتك إليه فيفسد عليك عملك.