من كلمات أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب(ع)

26/09/2013
العدد الواحد والاربعون نيسان -2020

في نهج البلاغة(1)

شرح العلاّمة السيّد

مُحمّد صادق السيّد محمد رضا الخرسان(2)

قال(ع): يَوْمُ الْمَظْلُومِ عَلَى الظَّالِمِ أَشدُّ مِنْ يَوْمِ الظَّالِمِ عَلَى الْمَظْلُومِ.

تجيش النفس أحياناً عندما نتذكر حالات الظلم والتجاوز الذي لحق بها من الآخرين، وقد تثأر للإنتقام والنيل من المعتدين وقد تتطور الحالة إلى أحقاد تبقى في الأعقاب، وعندها تتضخم المشكلة وتتجذر فلا تكون سهلة التناسي أو التسامح أو التغاضي والتحالم، فلأجل ذلك كله ونحوه كانت الحكمة تدعو إلى أمرين مهمين يخصان الطرفين: الظالم والمظلوم، أمّا الظالم فتهديد بالعقوبة والنهاية الأليمة من خلال بيان أنَّ غصّته يومئذ وهو يوم القيامة لا يمكن تجرّعها ولا مفر، ولا يوجد مّنْ يتوسط لرفع العقوبة أو تخفيفها لأنّها بإشراف حاكم عادل لا يحيف ولا يقبل بالظلم والتعدي.

وأمّا المظلوم فتهدئة للخواطر وتطييب للنفوس ومداواة للجروح التي تركها الظالم في المظلوم، وذلك من خلال بيان أنّ الظالم سيلقى جزاءه من الذي هو الأقوى والأعز، الذي لا يفوته أحد، المتكفل بنصرة المظلوم، فهو تطمين بعدم ذهاب الحقِّ،

ووعدٌ بأن الغصّة المؤقتة تتحول إلى دائمة على المعتدي الظالم وفي ذلك تخفيف للآلام وتقليلٌ من فرص وقوع الجريمة أو حدوث الإنتهاكات الأخرى التي يلجأ إليها المظلومون المُعتدى عليهم وما يستتبع ذلك من تعديات وتجاوزات قد تلحق حتى الأبرياء وهو ما لا يرضاه عقل أو شرع.

فالدعوة إلى أن يكفَّ الظالم عن ظلمه، وأن يأمن المظلوم كونه في رعاية الله تعالى، وتحت حكمه العادل.

ومن المؤكد أن الظلم يختلف بإختلاف الحالات والأشخاص المُعتدين والمُعتدى عليهم فلا يأخذ شكلاً واحداً كالقتل ونحوه، بل له عدّة أشكال يجمعها تجاوز الحقِّ، وعدم الإنصاف لصاحب الحقِّ، والجور، والتعدي، ولذا كان لزاماً على الجميع في مُختلف مواقع المسؤوليّة في الحياة بدءاً من البيت والعائلة وإلى أرفع المستويات الإداريّة ـ كان لزاماً ـ التحفظ من الوقوع في ـ مطبّات ـ الظلم أو الجور على أحد في قول أو فعل، وبالمباشرة أو بالتسبيب لذلك، بشكل جدي أو هزلي يؤدي لذلك مع القصد إليه