هي وقفة العزّ

25/02/2014
العدد الواحد والاربعون نيسان -2020

للأديب الشاعر الدكتور عاطف جميل عوّاد

 

أتَرَكْتِ بَعْدَكِ للْفِداءِ سَبِيلا

يا كَرْبلاءُ، ألا قَصَصْتِ فُصُولا؟

أَعْلَنْتُ حُبَّكِ مَذْهَبِي وَقَضِيَّتِي

فَأَصَبْتُ مِنْ نِعَمِ الفَخَارِ جَـزيلا

تاريخُكِ المَوْجُوعُ يَنْبِضُ في دَمي

سَفَراً حُسَيْنِيَّاً يَدُومُ طَوِيلا

وَحَديثُكِ المَفْجُوعُ يَهْدُرُ في فَمي

غَضَبَاً ضَمِيرِيَّا يَحِلُّ ثَقِيلا

فَعَلى كَوَاكِبِكِ التي رَوَتِ العُلى

بِدَمِ الشَّهادَةِ، لا تَوَدُّ أُفُولا

أَزْكَى السَّلامِ ، وَرَحْمَةُ البارِي التي

سَرَّتْ بِنَقْلِ نَجِيِّهَاً جِبْـريلا

هِيَ وقْفَةُ العِزِّ التي شَهِدَتْ لَها

أُمَمٌ وَقدَّمَتِ الفِداءَ دَليلا

في أُفْقِها صُوَرُ البُطُولةِ تَرْتَقي

بِدَمِ الحُسَينِ فَضيلَةً وَأُصُولا

وَيُرَدِّدُ التَّاريخُ في أفْيائِها

صَوتاً يَذِلُّ لَهٌ الطُّغاةُ ذُهُولا

فَانْزِلْ بِسَاحِ الطَّفِّ والْثِمْ مَوْضِعاً

بِدماءِ سِبْطِ المُصْطفى مَجْبُولا

واسْمَعْ صَدى صَوْتِ الحُسَينِ مُردِّداً

بَيْنَ المَنايا يـائِساً مَخْذُولا

يا عُصْبَةَ الشُّذَّاذِ هَلْ مِنْ نَاصِرٍ

فَيَذُبَّ عَنْ حُرَمٍ تَهُمُّ رَسُولا؟

لَمْ أَنْتَفِضْ أَشِراً لأُلْقِحَ فِتْنَةً

قَرَعَتْ لَها كَفُّ اليَزيدِ طُبُولا

لكِنْ أتَيْتُ بِقَوْمِ جَدِّي مُصْلِحاً

وَنَذَرْتُ نَفْسِي رَاعِياً مَسْؤولا

سَيَّانَ عِنْدي إنْ وَقَعْتُ على الرَّدى

أو شَاءَنِي القَدَرُ المُتَاحُ قَتِيلا

هَيْهَاتِ مِنَّا الذُّلُّ أهْلَ البَيْتِ أنْ

نَرْضى على حُكْمِ الدَّعِيِّ نُزُولا

لِلَّهِ دَرُّكَ يا ابْنَ بِنْتِ مُحَمَّدٍ

حَيْنَ انْدَفَعْتَ إلى العِراقِ رَحِيلا

يَحْدُو بِكَ الأمَلُ الخَطِيرُ لِوَثْبَةٍ

تُزْرِي بِكَيْدِ الظَّالِمِيْنَ ذَلِيلا

حُلِّئْتَ عَنْ مَاءِ الفُراتِ وَلَوْ لَهُ

ظَهَرَ العَطاشَى ما استَطَابَ مَسِيلا

تَمْضِي بِأصْحابٍ كِرامٍ خُلَّصٍ

نَبَذُوا الحَرامَ وآثَرُوا التَّحْلِيلا

هُمْ نُخْبَةٌ غُرُّ الوُجُوهِ تَساقَطُوا

حَوْلَ الحُسَيْنِ بَراعِماً وكُهُولا

جَفَّتْ على لَهَبِ الهَجِيرِ حُلُوقُهُمْ

فَرَوَوا بِشَلاَّلِ النَجِيْعِ غَلِيلا

شَهِدُوا الحُسَينَ وقَدْ مضى بِرَضِيعِهِ

يَبْغِي مِنَ المَاءِ الزُّلالِ قَليلا

فَرَماهُ حَرْمَلَةٌ بِسَهْمٍ حَزَّهُ

وقَضى كَأكمامِ الوُرُودِ ذُبُولا

وتَمَلْمَلَ السِّبْطُ الحَزينُ مُلَمْلِمَاً

دَمَهُ الزَّكِيَّ الطَّاهِرَ المَطْلُولا

وَرَمى بِهِ نَحْوَ السَّما فَتَلأْلأتْ

قَطَراتُهُ شَفَقَاً يَمُدُّ أصِيلا

وَأَكَبَّ يَغْمُرُ بالدُّعاءِ جِرَاحَهُ

والدَّمْعُ يُلْبِسُ رَأْسَهُ إكلِيلا

وإلى الآلهِ أنابَ وَجْهاً هاتِفاً

صَبْراً على حُكْمِ القَضَاءِ جَمِيلا

رَبِّي بِعَيْنِكَ ما جَرى، هُوَ هَيِّنٌ

إنْ كُنْتَ تَرْضى أنْ تُمِيْتَ فَصِيلا

أَيْنَ العَهُودُ بَلِ الرَّسائلُ والأُلى

وَدُّوا قُدُومَكَ يا حُسينُ عَجُولا؟

نَافُوا على السَّبْعِينَ ألْفاً وانْتَهَوا

صَحْباً ثَمانينَ اصْطَفَوكَ كَفِيلا

لَعَقُوا قِصاعَ يَزيدَ وانقادُوا لَهُ

يَسْتَنْهِضُونَ هَوى القرُونِ الأُولى

وتَمَلَّقُوهُ خَليفَةً حَينَ ارتَمى

ثَمِلاً يَجُرُّ مِنَ الزُّهُوِّ ذُيُولا

وأَتَى الحُسَينُ بِصَفْوَةٍ مِنْ صَحْبِهِ

قَرَأُوا الكِتابَ وَأَتْقَنُوا التَّرْتِيلا