صفحات من ماضي وحاضر علماء الشيعة في بلاد جبيل وكسروان

25/02/2014
العدد الواحد والاربعون نيسان -2020

آل الموسوي ـ آل الحسيني

الحلقة السابعة

بقلم: القاضي الدكتور الشيخ يوسف محمد عمرو

سوف نورد أسماء العلماء والفضلاء من السادة الأشراف من أبناء بلاد جبيل وفتوح كسروان، من الّذين نبغوا في الفقه والقضاء أو الشعر والأدب والسياسة. ومنهم بعض نقباء الأشراف في بلاد بعلبك وبعض قضاة الشرع في جبل لبنان. آملاً من أهل العلم والتحقيق إبداء الرأي والملاحظة وإستدراك ما فاتنا من أسماء شريفة. مع ذكر بعض المواقف والتصانيف للذين ذكرناهم في هذه العجالة.

أـ العلماء من آل الموسوي:

1ـ الأمير يوسف الموسوي الحائري

هذا الأمير الشريف الفاضل من مواليد كربلاء في جنوب العراق والمعروفة بـ (الحائر الحسيني)، هاجر مع ذريته وبعض بني عمومته من كربلاء ومن بغداد بعد سقوطها بأيدي المغول سنة 656هـ. الموافق لسنة 1258م. واستوطنوا قرية قمهز الواقعة في جرود منطقة فتوح كسروان والملحقة بقضاء جبيل، يقول الباحث السيّد محمد الموسوي في «إطلالة جُبيليّة):[«يذكر سلسلة عمود نسبنا الموسويّ في بحر الأنساب مبتدئاً من جدنا الأعلى السيّد السند عليّ ابن السيّد حسن المكنى بغنّام بن مُحمّد بن يوسف بن حسن بن ابراهيم بن مُحمّد بن الأمير يوسف الحائريّ المولود بالحائر الشريف والمتوفى مهاجراً عن موطن آبائه واجداده في كسروان. وقد ضُرَّ في آخر عمره الشريف. وهو: ابن مُحمّد أبي جعفر بن معالي وفي مشجرات أخرى جعلوه أبو المعالي واسمه مُحمّد ويعرف بمعالي ابن علي الحائريّ ابن ابو مُحمّد عبد الله نقيب نقباء بغداد بن مُحمّد أبو الحارث بن عليّ ابو الحسن ابن الديلميّة بن عبد الله ابو طاهر بن محمد ابو الحسن المُحدْث بن طاهر ابو الطيب بن الأمير الحسين القطعيّ بن موسى ابو سبحة بن ابراهيم الأصغر المرتضى ابن حضرة الإمام باب الحوائج إلى الله مولانا أبي الحسن موسى بن جعفر الكاظمL.

وسنقف على تفصيل شرح عمود هذا النسب الموسويّ الشريف الذي ورد في سياقه في بحر الأنساب جمع وتصنيف السيّد نور الدين الهاشميّ فقد ذكر: أنّ السيّد الأمير يوسف الأعمى الضرير وقبره بجبل كسروان ومولده الحائر. وتابع على هذا السياق وذكر أن عقبه يوجد في قرية قمهز بجبل كسروان(1)»].

2 ـ الرئيس السيّد تاج الدين أبو الحسن الموسوي

وهذا السيّد هو الجد الأعلى لآل أبي الحسن وآل شرف الدين وآل الصدر وآل نور الدين وغيرهم من السادة الأشراف الموسويين في جبل عامل. قال السيّد الموسويّ في «إطلالة جُبيليّة»:[«أقول بالمرافقة بين السيّد محمد المصري ومعه آخرون ربما من السادة أجداد آل الصدر، وشرف الدين ونور الدين وسواهم اليوم كالسيّد السند الرئيس تاج الدين ابو الحسن وإسمه العبّاس ابن السيّد العالم ابي الغنائم مُحمّد بن السيّد جلال الدين عبد الله هو أوّل من جاء منهم من الحائر الشريف وتوطن جبل كسروان وتوفي فيه وقبره فيه أيضاً، وقيل أنّ الذي جاء من الحائر والده أحمد والله أعلم. فيكون أحد أولاده أو أحفاده هو الذي إنتقل من كسروان إلى جبل عاملة لعلّه قريب أو معني بالمرافقة مع الشيخ الأسديّ الحليّ، المخاطب بالأبيات: بيا مستبعد النّجف. فلاحظ (2)»].

وحضور الرئيس السيّد تاج الدين أبو الحسن إلى قمهز في كسروان مع ذريته وأبناء عمه كان في القرن السابع الهجريّ الموافق للقرن الثالث عشر الميلادي.

 

3ـ نقيب الأشراف السيّد حسين بن موسى الموسوي الكسرواني.

هو السيّد حسين بن موسى بن عليّ بن حسين بن مُحمّد بن موسى بن الأمير يوسف الحائري الآنف الذكر، المدفون في بلدة قهمز في جبل كسروان. وهو أوّل نقيب للأشراف في مدينة بعلبك ثم تعاقب النقباء من بعده من ذريته ومن أرحامه. وهو متولي الأوقاف لمقام السيّدة زينب إبنة عليِّL، في غوطة دمشق ولأوقاف النبيّ نوح(عج)، في بلدة الكرك وجوارها وغيرها من أوقاف. والمتوفى في القرن الثامن الهجري(3).

4 ـ نقيب الأشراف السيّد علي المرتضى الموسوي

قال الدكتور حسن عباس نصر الله في تاريخ بعلبك:[«السيّد علي بن الحسين بن موسى العلوي الحسينيّ الموسوي آل مرتضى، نقيب الأشراف في بعلبك وصاحب الأوقاف والد السيّد علوان مرتضى المشهور. لم يذكر السيّد الأمين في أعيان الشيعة تاريخ ولادته ووفاته ولكنه عاش في القرن التاسع الهجري(4)»].

5 ـ نقيب الأشراف السيّد علوان مرتضى(870هـ ـ 945هـ)

قال الدكتور حسن عباس نصر الله في تاريخ بعلبك:[«السيّد علوان بن عليّ بن الحسين بن موسى بن علي بن الحسين بن محمد بن موسى بن يوسف بن محمد بن معالي بن عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن محمد بن طاهر بن الحسين بن موسى بن ابراهيم بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن عليّ زين العابدين بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب(ع).

ولد السيّد علوان في بعلبك حوالى سنة 870هـ، وتولى نقابة الأشراف فيها، واشتغل فيها، واشتغل بالأنساب فكان أعلم أهل زمانه بها وله شهادات بخطه على ما صحّ عنده من أنساب العلويين وغيرها. ولاشتهاره وجلالة قدره كثر إسم علوان في ذريته وغدا علماً على أُسرته. توفي في بعلبك سنة 945هـ.(5)»].

ب ـ العلماء من آل الحسينيّ

1 ـ السيّد الشريف إبراهيم بن إسماعيل بن المحسن الحسينيّ العراقي

عاش هذا الشريف في أواخر القرن السادس الهجري وأوائل القرن السابع كان أديباً شاعراً ومُتضلّعاً في اللغة العربيّة. قال عنه السيّد محمد يوسف الموسوي:[«الذي اتصل بالأمير ناصر الدين الحسين بن سعد الدين خضر بن نجم الدين محمد أمير الغرب. والذي بدوره كان مُغرماً بحيازة الكتب وهو الشاعر. وله ديوان شعر فشغف بحيازة الكتب ونسخها، من ذلك أغلب ديوان شعر المتنبي وهي نسخة من أقدم النسخ لهذا الشاعر. ومن بين كتبه دوواين شعر وتواريخ. فقصده النّاس ومدحه الشعراء. منهم الشريف إبراهيم بن إسماعيل الحسينيّ خمّس له مقصورة أبي بكر بن دريد وجعل التخميس مديحاً في المذكور وفي والده سعد الدين وللشريف إبراهيم ديوان شعر في مدائحهما، وصنّف أيضاً، أي الشريف إبراهيم لناصر الدين كتاباً من أنزه الكتب وأحسنها فرجة أتى فيه بنوادر وملْح ولطائف وكل معنى نفيس سماه: رياض الجنان ورياضة الجنان(6)»].

2 ـ السيّد حسين الحسينيّ. «كافل الأيتام»

جاء في تاريخ الأسر الشرقيّة للأستاذ عيسى اسكندر المعلوف: عن السادة الحسينيين في أوائل أيام الدولة العثمانيّة:[«ثم حدث لهم في قمهز حادث أدّى إلى ذبحهم يقال)...( حتى لم يبق منهم إلا كهل واحد يُدعى السيّد حسين وأولاد ربَّاهم هذا السيّد كانوا أربعين ولداً يتيماً ذُبح أهلهم. وقبره مشهور في قمهز يزوره المصاب بمرض الحمَّى يتبَّخر بربيع دمنته فيشفى. وهذا الإعتقاد شائع هناك عند الشيعة إلى يومنا(7)»].

3 ـ العلاّمة القاضي السيّد حسين الحسينيّ

المتوفى سنة 1856م. عن خمسة وسبعين عاماً كان قاضياً شرعياً من قبل الأمير يوسف الشهابي ومن ثُمّ من بعده للأمير بشير الشهابي الثاني الكبير المعروف عند النّاس ببشير المالطي لأنّ العثمانيين نفوه إلى جزيرة مالطة. قال الأستاذ عيسى اسكندر المعلوف:[«إلى مزرعة السيّاد نحو ثمانية بيوت، اشتهر في المزرعة السيّد حسين القاضي لأنّه كان يقضي قبل تنظيم العدليّة لقضاء كسروان وأكثر لبنان الشمالي للمسيحيين والشيعة. درس في النّجف الأشرف نحو 25 سنة توفي نحو سنة 1856م. عن 75 سنة وهو أوّل من تعلّم من الشيعة في لبنان في النحو. وله مؤلفات في الفقه وكان شاعراً ودرس عليه بعض ناشئة الشيعة وعرف بنوه ببني القاضي. وقضى للأمير بشير المالطي وغيره، وولد له: 1ـ السيّد موسى كان شاعراً وفقيهاً وولد له محمد وموسى.

4 ـ السيّد عبد الله وولده محمد (شاب)

ومن هؤلاء السيّاد في قرية بشتليده (بلاد جبيل) السيّد حسين يونس وشقيقه السيّد علي.

آل مرتضى في بعلبك ودمشق تحدروا من يتيم آخر.

الآخرون أبناء عمهم إلى القلمون قرب طرابلس وهم سُنّة إنحدروا من أحد الأيتام الأربعين الذي ذهب إليها(8)»].

5 ـ العلاّمة القاضي السيّد موسى السيّد حسين الحسينيّ

تقدَّم الكلام أنّ من أنبه أبناء القاضي السيّد حسين ولده السيّد موسى الذي كان فقيهاً وشاعراً. وفي الصفحات 475 ـ 476 ـ 477 من كتابه: تاريخ الأسر الشرقيّة المجلد السابع. تكلّم الأستاذ عيسى اسكندر المعلوف عن الوثائق التي وجدها والتي تتكلّم عن إكرام الأمير يوسف الشهابي وأولاده. وإحترام الأمير بشير الشهابي الثاني الكبير وخلفائه واكرامهم للقاضي السيّد حسين الحسينيّ ولولده القاضي السيّد موسى ولمن يلوذ بهم من أشقاء وذريّة واعفائهم من الضرائب الأميريّة وغيرها من إكرام إلى أن قال:[«وممن اشتهر بالعلم السيّد حسين القاضي كان يحكم بالدعاوى للبنانيين وحصل على شهادة الإجتهاد من النّجف الأشرف، ومنهم السيّد علي والسيّد محمد والسيّد موسى المعاصر للأمير بشير المالطي. وكان شاعراً أديباً وله قصيدة رنانة في مدح الأمير بشير المالطي(9)»].

والذي نفهمه من كلام الأستاذ معلوف الآنف الذكر: أنّ من ذرية القاضي السيّد حسين القضاة التالية أسماؤهم: السيّد موسى وهو أشهرهم، السيّد عبد الله وولده السيّد محمد، السيّد يونس وشقيقه السيّد علي. ولكن لا تعلم عنهم غير الكلام الآنف الذكر. وعاشوا في العصر الشهابيّ وقسم منهم عاش أيام المتصرفيّة.

6 ـ القاضي السيّد علي الحسينيّ

وهو من تلامذة العلاّمة المجتهد الكبير الشيخ حسين زغيب في مدرسته التي اقامها في يونين ـ بعلبك في القرن التاسع عشر. حيث جاء في تاريخ بعلبك:[«نفر إلى مدرسته جماعة من طلاب العلم الديني ولازموه فأجازهم في الفقه والأصول والنحو والشعر، واشهرهم: 1ـ السيّد علي القاضي آل عوذة اللبنانيّ(10)»]. وآل عوذة هم فرع من آل الحسينيّ، سكنوا في منطقة دير عوذة من قرية مزرعة السيّاد الواقعة في جرود بلاد جبيل اللبنانيّة. ومنهم مفتي بيروت وجبل لبنان الجعفريّ الممتاز العلاّمة السيّد علي محمد الحسينيّ كما سوف يأتي بعد قليل. والسيّد علي كان هو أوّل قاضي مذهب جعفريّ أيام المتصرفيّة والله تعالى أعلم.

ومن قضاة المذهب الجعفريّ من آل الحسينيّ الآخرين الّذين ذكرهم المؤرخ طوني مفرِّج من أبناء مزرعة السيّاد.

[«7 ـ السيّد حسين الحسينيّ: قاضٍ مذهبيّ في القرن التاسع عشر.

8 ـ السيّد محمد الحسينيّ: قاضٍ مذهبيّ في القرن التاسع عشر.

9 ـ السيّد علي الحسينيّ: قاضٍ مذهبي في أوائل القرن العشرين، تقلب بمراتب إدارية وقضائيّة عديدة. عيّنه وزير العدل السيد أحمد الحسينيّ رئيساً لأول محكمة شرعيّة جعفريّة في لبنان. وكان مركزها في الشياح قرب الجامع القديم.

10 ـ السيّد أحمد مصطفى الحسينيّ(1881 ـ 1963)، قاضٍ وسياسي، عمل في الشؤون القضائيّة، مدير ناحية، عضو المجلس الإداري الأخير 1915م، عضو المجلس التمثيلي الأوّل 1922 ـ 1925. عضو مجلس الشيوخ 1926 ـ 1927، نائب 1927 ـ 1929، عضو مجلس الشيوخ 1926 ـ 1927، نائب 1927 ـ 1929 ـ 1937 ـ 1943 ـ 1947 ـ 1951، وزير 1927 ـ 1929 ـ 1930 1937 في حكومتين، 1941 ـ 1942 ـ 1946 ـ 1947 ـ 1945، 1947 ـ 1950 ـ 1952(11)»].

يقول المرحوم بهيج سليم عبد الحميد اللقيس (رئيس لجنة وقف جامع إسلام جبيل السابق) عنه:[«من أسياد منطقة بلاد جبيل في ذلك الوقت المرحوم السيّد أحمد الحسينيّ الذي كان زعيماً للمسلمين، كان طيب القلب إلى حد كبير ويحبُّ أبناء بلدته. وكان يشتري الطحين مني. فكلّما أتى إلى جبيل أو التقيت به في بيروت كنت أُقبل يده. وهكذا كان يفعل غالبية النّاس تجاهه. وهذه دلالة على أنّ السيّد أحمد كان رجلاً ذا أهمية كبرى وإنساناً محترماً جمع الصفات الحسنة. وجميع النّاس كانوا يحبونه ويحترمونه. عمل السيّد أحمد على شقِّ الطريق من جبيل إلى طورزيا ومن ثُمّ إلى علمات. ومن نهر إبراهيم ـ بير الهيت ـ قرطبا(12)»].

وكلام المرحوم بهيج اللقيس عنه ، يتطابق مع شهادات كبار السن الّذين أدركتهم من معاصري السيّد أحمد الحسينيّ، من مسلمين ومسيحيين في قريتي المعيصرة وفي بعض قرى بلاد جبيل والفتوح. وهذا مما يدلُّ أنّ السيّد أحمد كان رجل دين وسياسة ونزاهة وتقوى حيث عاش حياة متواضعة بسيطة بعيدة عن الإسراف والتبذير تماماً كالمرحوم عبد الحميد كرامي في طرابلس الذي شغل وظيفة مفتي طرابلس. ومن ثُمّ كان زعيم طرابلس ورئيس وزراء لبنان. والسيّد أحمد الحسينيّ شغل في بداية حياته القضاء. كما أتى وزيراً للعدل عدّة مرات في حياته، نظراً لنزاهته وعلمه وفضله. وفي لقاء مع المحامي السيّد عصمت أضاف إلى كلام المرحوم اللقيس: أنّ هناك طرقات أُخرى كان الوزير الحسينيّ هو السبب في شقها وتعبيدها وهي: طريق قرطبا ـ المغيري ـ العاقورة ـ طريق قرطبا ـ مزرعة السيّاد ـ اللقلوق ـ طريق قرطبا ـ لاسا ـ أفقا ـ طريق طورزيا ـ علمات ـ كوع المشنقة.

11 ـ السيّد مصطفى الحسينيّ

وهو والد السيّد الوزير السيّد أحمد الحسينيّ شيخ صلح مزرعة السيّاد. كما شغل لفترة منصب مدير ناحية المنيطرة. أخبرني المحامي السيّد عصمت الحسينيّ أنّ السيّد مصطفى أحمد الحسينيّ كان عالماً دينياً وكان يتعمم بالعمامة السوداء. وله صورة قديمة من محفوظات المحامي السيّد عصمت الحسينيّ. وكان إماماً لقرية مزرعة السيّاد وللقرى المجاورة ومرجعاً لها.

عاش، في أواخر القرن التاسع عشر وفي أوائل القرن العشرين. وفي أيامه بُنيِّ مسجد مزرعة السيّاد بقرار من المتصرّف واصا باشا(1883 ـ 1892م).

12 ـ القاضي السيّد محمد إبراهيم الحسينيّ

أخبرني حفيده الكاتب في ملاك محكمة جبيل الشرعيّة الجعفريّة المرحوم الأستاذ السيّد محمد السيّد جمال السيّد محمد إبراهيم الحسينيّ: أن جدّه كان قاضياً جعفرياً في برج البراجنة أيام الإنتداب الفرنسي، كما شغل قبل ذلك القضاء الجعفريّ في قضاء مرجعيون. وأنّ المرحوم جده القاضي هو من مزرعة السيّاد في جبيل. وأنّه سكن مع أُسرته الصغيرة في برج البراجنة واستوطنوها. وأن آل إبراهيم الحسينيّ في برج البراجنة هم حفدة وأبناء مزرعة السيّاد.

13 ـ المفتي الجعفري الممتاز لبيروت وجبل لبنان السيّد حسين محمد الحسينيّ.

أخذت ترجمة حياته من كتاب «علماء ثغور الإسلام» للعلاّمة المحقق السيّد عبّاس عليّ الموسوي بتصرف. وقد أخذها(حفظه الله تعالى)، من كتاب الأديب العراقي الأستاذ جعفر الخليلي دون زيادة أو نقصان وهي تقع في أربع وأربعين صفحة، خلاصة ذلك:[«العلاّمة السيّد محمد الحسينيّ ولادة شمسطار ـ قضاء بعلبك سنة 1324هـ. الموافق لسنة 1906م. المتوفى سنة 1390هـ. الموافق لسنة 1970م. ذاق مع والديه وأهالي شمسطار ويلات الحرب العالميّة الأولى وما تركته من آثار الفقر والفاقة. وعندما كان في السادسة عشرة من عمره أو أكثر قام بتدريس الصبيان في بلدته شمسطار القرآن الكريم ومبادئ اللغة العربيّة. وكان يُمّني نفسه ويحدّث النّاس بزيارة الإمام عليّ بن موسى الرضاL، في محافظة خراسان للدعاء عنده، لأنّه لم يلتجئ إليه أحد إلاّ فرَّج الله عنه. ولكن كيف الوصول إلى ذلك والمسافة التي تفصله عنه قرابة ثلاثة آلاف كيلو متر ولا يوجد في اليد مال أو حيلة أو وسيلة؟. مصداقاً لقول الشاعر:

كيف الوصول إلى سُعادٍ ودونها

قمم الجبال ودونهن حتوف

وكان بعض أهالي شمسطار عندما يسمعون رغبته تلك يضحكون عليه ويسخرون.

وذات يوم جاءه ابن عم له أكبر منه ببضع سنين وقال له: منذ ايام وأنا أفكر بذلك وقد صممت على تنفيذ فكرتك هذه وتطبيقها معك؟ فأجابه كيف ذلك ولا وسيلة لنا ولا مال. فأجابه نذهب سيراً على الأقدام ونستضيف النّاس للمبيت عندهم. وهكذا حتى نصل إلى العراق ثُمّ نغادره إلى خراسان. وقد وافق السيّد حسين على ذلك وطلب منه إقناع والديه وأرحامه. وهكذا كان حيث روى لصديقه الأديب جعفر الخليلي رحلته مع ابن عمه إلى دير الزور وإلى أبو كمال وإلى الرمادي وإلى بغداد والكاظميّة ومن ثُمّ إلى كربلاء وإلى النّجف الأشرف حيث وصل العراق في أوائل حكومة الملك فيصل بن الحسين أيام الإنتداب البريطاني. وعندما تعرّف على حياة طلبة العلوم الدينيّة اللبنانيين في النّجف الأشرف وزهدهم بالدنيا وانصرافهم لطلب العلم. واكتفائهم بالخبز الذي كان يوفره لهم المرجع الأعلى الشيخ أحمد كاشف الغطاء{. توجه لطلب العلم وترك ابن عمه يتابع رحلته إلى خراسان. وانصرف إلى طلب العلم حيث حظي بعناية ورعاية العلاّمة الزاهد الشيخ حسين همدر الذي زوّجه كريمته في ما بعد، التي يكون خالها الإمام المجدد السيّد محسن الأمين الحسينيّ العامليّ المقيم في دمشق.

وكان السيّد حسين وثُلّة من الطلبة اللبنانيين مع دعوة السيّد محسن الأمين في تجديد المجالس الحسينيّة وتحريم التطبير وضرب السلاسل ونحو ذلك. وكان قسم آخر من الطلبة اللبنانيين يحافظون على النمط التقليدي المعروف بهذه الشعائر. كما عُرِفَ السيّد حسين أيام النّجف الأشرف بالتقوى والتحصيل العلميّ. وفي أوائل الثلاثينيات من القرى الماضي إستجاب السيّد حسين لطلب أهالي شمسطار وعاد إليهم إماماً ومُرشداً وواعظاً لشمسطار والقرى المجاورة لها.

وقد زُوّد من مراجع النّجف الأشرف بإجازات شرعيّة تؤهله لتولي وظيفة الإرشاد الدينيّ وحلّ المشكلات الخاصة بالأحوال الشخصيّة. وقد تعرّف به الأستاذ الخليلي من خلال النّجف الأشرف ومن خلال الإفتاء الجعفريّ كما تعرَّف من خلاله على أصدقائه وهم: العلاّمة الكبير الشيخ حسين الخطيب رئيس المحاكم الشرعيّة الجعفريّة والقاضي السيّد نور الدين شرف الدين والشاعر الأديب السيّد علي إبراهيم رئيس قلم المحكمة الجعفريّة العليا وعلى مجالسهم العامرة بالتقوى والشعر والأدب والفضيلة من خلال الدعوات التي كان يوجهها لهم الشيخ الخطيب إلى منزله في بلدة تمنين التحتا أو من خلال جمعيتهم التي أقاموها في بيروت وهي جمعية الهداية والإرشاد. كما تكلّم الأستاذ الخليلي عن تأييد السيّد حسين لإطروحة السيّد موسى الصدر في تأسيس المجلس الإسلاميّ الشيعيّ الأعلى في لبنان. وتقديمه دار الإفتاء الجعفريّ في بئر الحسن ـ الغبيري للسيّد الصدر ليشغله كمركز مؤقت للمجلس الإسلاميّ الشيعي الأعلى في عام 1969م(13).

أقول: إنّ مدينة شمسطار الواقعة على سفوح جبال كسروان الغربيّة مع القرى التابعة لها كانت أيام متصرفيّة جبل لبنان تابعة لقضاء كسروان وذلك من عام 1861م. ولغاية عام 1918م. وقد أُلحقت بقضاء بعلبك أيام الإنتداب الإفرنسي للبنان عند إعلان دولة لبنان الكبير في أوّل شهر آب 1920م. كما أنّ جميع عائلات مدينة شمسطار وأغلبية سكان القرى المجاورة لها هي عائلات كسروانيّة جبيليّة.

وأمّا آل الحسينيّ في مدينة شمسطار فجميع جذورهم تعود إلى قرية مزرعة السيّاد. كما أنّ الكثير منهم يحتفظون بالبيوت والعقارات التي ورثوها عن أجدادهم في هذه القرية الجميلة. ولا زال قسم منهم ولغاية تاريخه سجلات نفوسهم في مزرعة السيّاد.

كما عرفت من خلال صديقي المرحوم الحاج خليل برق مختار بشتليدة وفدار أنّ المفتي العلاّمة السيّد حسين الحسينيّ كان دائم التردد والزيارة لمدينة جبيل في مناسبات كثيرة حيث كان أهالي قرى مزرعة السيّاد وبشتليده وفدار وغيرهم، يرجعون إليه ويعتبرونه مرجعهم. كما أنّ معالي الوزير المرحوم السيّد أحمد الحسينيّ زعيم هذه البلاد الجُبيليّة الكسروانيّة هو الذي سعى ليكون السيّد حسين محمد الحسينيّ أوّل مُفتٍ جعفري ممتاز في بيروت وجبل لبنان واستحداث هذا المنصب الجديد له في الجمهوريّة اللبنانيّة في أواخر الأربعينيات من القرن الماضي.

14 ـ السيّد علي محمد الحسينيّ

وهو السيّد عليّ بن مُحمّد بن عليّ الحسينيّ حيث تعود شجرة نسبه إلى القاضي السيّد حسين الحسينيّ الذي عاش في أوائل القرن التاسع عشر الميلادي في مزرعة السيّاد. وقد تقدّم الكلام عنه قبل قليل، أنّه أوّل طالب علم من مزرعة السيّاد درس في النّجف الأشرف مدّة خمسة وعشرين عاماً وقد عيّنه الأمير يوسف الشهابيّ ومن بعده الأمير بشير الشهابيّ الثاني الكبير للقضاء بين اللبنانيين، كما تقدّم في كلام الأستاذ المعلوف.

وُلِدَ السيّد عليِّ في الغبيري التابعة لقضاء المتن الجنوبي والواقعة في ضاحيّة بيروت الجنوبيّة سنة 1954م. الموافق لسنة 1374هـ.

تلقى علومه العصريّة والإبتدائيّة والمتوسطة في الكليّة العامليّة في بيروت. والتحق بدراسة العلوم الشرعيّة والدينيّة في المعهد الشرعيّ الإسلاميّ في منطقة النبعة ـ برج حمود تحت رعاية العلاّمة المرجع السيّد مُحمّد حسين فضل الله{، سنة 1972م. كما درس بعدها لعدّة أشهر في معهد الدراسات الإسلاميّة في صور تحت رعاية وإشراف الإمام السيّد موسى الصدر.. وفي سنة 1973م. هاجر سيّدنا إلى النّجف الأشرف فأكمل دراسة المقدّمات والسطوح على ثلة من العلماء اللبنانيين والعراقيين أبرزهم: الشهيد السيّد عبّاس الموسويّ، الشيخ أسد الله الحرشيّ، الشيخ محمد رضا برّي، السيّد إبراهيم أمين السيّد، الشيخ علي ياسين، السيّد علي الأمين، الشيخ يوسف محمد عمرو، آية الله الشهيد السيّد عبد المجيد الحكيم. أيام النّجف الأشرف وفي منزل الشيخ يوسف محمد عمرو كان السيّد عليّ يلتقي دائماً مع زملائه الطلبة من أبناء بلاد جبيل والفتوح للحديث معهم عن تاريخ هذه البلاد وحاجتها للتبليغ والإرشاد الدينيّ، وهم: الشيخ عصمت عمرو، الشيخ عصام شمص، الشيخ أيمن همدر، الشيخ مصطفى قماطي. كما كان الشيخ يوسف يستضيف الأديب الشيخ محمد جعفر نجل العلاّمة المقدّس الشيخ حسين همدر أو العلاّمة الشيخ محمد علي برّو للحديث حول هموم المنطقة في السبعينيات من القرن الماضي.

في سنة 1980 عاد السيّد عليّ إلى لبنان ليلتحق بحوزة الإمام المنتظر(عج)، في بعلبك حيث أكمل دراسة السطوح على يدي الشيخ محمد يزبك والشيخ علي العفي. كما قرأ تقريرات الإمام الخوئي{، على الشيخ علي العفيّ(14).

وختم كلامه العلاّمة السيّد عباس عليّ الموسويّ عنه بقوله:[«والسيّد علي طيب القلب خفيف الروح سلس القياد ملتزم متدين ورع يقوم بخدمة النّاس وإعانتهم والسعي في قضاء حوائجهم ولهم ثقة به. يصلّي في مسجد الشيخ حبيب آل ابراهيم إماماً. كما يصلّي في مسجد الخضر في دورس. وله خدمات مشكورة في سعيه وعمله لتخفيف الأعباء عن النّاس(15)»].

لم تتوفق قرية مزرعة السيّاد والقرى المجاورة لها بإستضافة العلاّمة السيّد علي محمد الحسينيّ لبعد الشقة بين بعلبك وبينها. وبسبب الأجواء التي كانت موجودة في تلك المنطقة في الثمانينيات من القرن الماضي... ولكن المؤسسة الخيريّة الإسلاميّة لأبناء جبيل وكسروان منذ فجرها الأوّل في عام 1986م. حظيت بتأييده وتشجيعه لها وبإنضمام شقيقه الأستاذ الفاضل المرحوم السيّد عبد الله الحسينيّ إليها ومشاركة السيّد عبد الله للهيئة التأسيسيّة وللهيئة الإداريّة فيها وإلى نشاطاتها الثقافيّة والخيريّة ونحو ذلك مع ثلة مباركة من السادة المؤسسين.

15ـ كذلك كان شقيقهما الفاضل التقيّ السيّد غازي محمد الحسينيّ، عضو اللقاء العلمائيّ في بيروت. وإمام بلدة وادي جيلو ـ قضاء صور. وعضو تجمع العلماء المسلمين في لبنان من خلال إهتمامه(حفظه الله تعالى)، بأمور مزرعة السيّاد.

لقد عانى طويلاً من مرض عِضال أخفاه عن أصدقائه حيث كانت الإبتسامة لا تفارق وجهه. وحمد الله تعالى وشكره لا يفارق لسانه حتى صرعه ذاك المرض في عام 2010م.

مع تاريخ العاقورا

وخير ما نختم به كلامنا عن العلماء والأعيان من آل الحسينيّ في بلدة مزرعة السيّاد وجوارها. ما جاء في كتاب تاريخ العاقورا للمونسنيور لويس الهاشم عن آل الحسينيّ في مزرعة السيّاد:[«وقد اشتهر كثيرون من هؤلاء السادة بالنزاهة والعدالة فكان الأمراء والولاة يعتمدون فتاويهم ويتخذونها دستوراً. فمنهم كان السادة علي وإسماعيل الباشا وحسين القاضي ومحمد القاضي ومصطفى شيخ المزرعة السابق. واليوم أخوه السيّد علي قاضي المذهب الذي تقلّب بمراتب كثيرة إداريّة وعدليّة فيقطن الشياح حالياً وإبنه السيّد حسن مستنطق كسروان سابقاً. والسيّد محمد الذي اتحفني ببعض المعلومات عن تاريخ أسرته وإبنه السيّد علي الذي تقلّب بمأمورية شمسطار وقائمقاميّة الهرمل وراشيا وهما يقطنان شمسطار حالياً. وأشهر السادة في أيامنا السيّد أحمد بن مصطفى أحمد بدر هذه الأمّة في هذه البلاد فمذ شبَّ تطلبته الوظائف فمن عضويّة محكمة كسروان إلى دائرة الحقوق إلى عضويّة الإدارة إلى رياسة محكمة بعلبك وقد اختير نائباً عن البقاع وعُيّن مرات عضواً لمجلس الشيوخ وأقيم وزيراً للنافعة وللزراعة والآن يدير وزارة العدليّة بنزاهة لا تضارع وحكمة لا تمائل. ومن مآثره الغراء انشاؤه الطريق من البحر إلى الجرد بسنوات قليلة وبإهتمامه حصلت التعويضات لمنكوبي خسفة العاقورا الأخيرة. أمّا السيّاد فتوطن بعضهم هديني ثُمّ باعوها والركبة وارتحلوا عنها ولم يبق فيها إلاّ السيّد حسين وقد سكن غالبهم شمسطار»]. تاريخ العاقورا، ط. الثانية، ج2، ص 700 ـ 701 ، لعام 1973م. مؤسسة خليفة للطباعة ـ لبنان.

16ـ السيّد شرف الدين الحسينيّ

إستدراك ما قبل الأخير

جاء في صحيفة «الديار» الصادرة في بيروت يوم الأحد 19 كانون الثاني 2014، ص 14، إعداد: انطوان شعبان، تحت عنوان:[«العائلات اللبنانيّة... رحلة في جذور التاريخ(آل حماده) عام 1710 أبرمت معاهدة تعاون بين عيسى حماده والقنصل الفرنسي. تنازع الحماديون مع باشاوات طرابلس فخرجوا عليهم وطردوهم»].

وقد جاء تحت عنوان:[«أبناء الشيخ أحمد يتقاسمون «الجبة». وقد عرض المؤرخ العينطوريني وغيره من الّذين تنازلوا وقائع تلك الفترة لسيرة بيت الشيخ أحمد أبو زعزوعة، الّذين حكموا جبة بشري ثم اقتسموها في ما بينهم واستمروا في توليها إلى العام 1759م، وهم كانوا حكموا منذ القرن السابع عشر، الجبة، فعزلوا عن حكمها لفترات قصيرة، ومراراً كانوا ينتزعونه من جديد. إلى أن قال: قال الخوري رحمه: «وقد بقي كل ما ذكر في حوزتهم إلى سنة 1750 وإليك السند حرفاً بحرف بتقسيم العهد في جبة بشري المؤرخ في سنة 1735 نقلاً عن وثيقة في الخزانة البطريركيّة المارونيّة أسرع إليها البلى، بعث بها إليّ صديقي حضرة العالم الخوري إبراهيم حرفوش المرسل اللبنانيّ حافظ الخزانة البطريركيّة العالم سنة 1939 وصاحب التآليف المشهورة. وهذه حرفيّة السند»].

أقول: الذي يسترعي الإنتباه أن أوّل الشهود على تلك الوثيقة في تقاسم ذريّة الشيخ أحمد حماده المعروف بالشيخ «أحمد أبو زعزوعة» للنفوذ والأراضي في جبة بشري هو السيّد شرف الدين. ممّا يدلُّ أن السيّد الجليل كان من أهل الفضيلة والعلم في مزرعة السيّاد وجبل لبنان في تلك الحقبة التاريخيّة.

إستدراك أخير

أوردت سهواً وخطأً مطبعي في العدد المزدوج «11ـ 12» من «إطلالة جُبيليّة» الصادر في 20 أيلول 2013م. في الصفحتين 68 ـ 69. أنّ السيّد حسين يوسف الحسينيّ هو أمير الحاج الذي ردّ الحجر الأسود إلى الكعبة بينما الصواب أنّ الذي ردّ الحجر الأسود إلى الكعبة سنة 339هـ. أيام القرامطة، هو جده أمير الحاج السّيد الشريف أبو علي عمر الرئيس. لذلك إقتضى التوضيح والإستدراك.