وداع الأحبة- الحاج إبراهيم حسين حيدر أحمد

25/02/2014
العدد الواحد والاربعون نيسان -2020

هكذا الدنيا تستقبل وتودع ...... كلّ يوم يفد اليها الكثير من الناس ويرحل الكثير، ولكنّ قليلاً منهم من يترك أثرًا يخلّده في قلوب الناس وذاكرتهم ولو لفترة وجيزة من عمر الزمن، ابراهيم حسين حيدر أحمد «أبو نمر» هو من هؤلاء الناس الذين ستخلّد ذكراهم بحسن سيرتهم الذاتية، وسيرة ابنائهم من بعدهم.

تزوج ابراهيم في سن مبكّرة ولم يتجاوز العشرين من عمره من إبنة قريته زكيّة مجيد حيدر احمد، وكانت ثمرة هذا الزواج ستة أبناء، أربعة صبيان وفتاتان( نمر ـ جهاد ـ الشهيد حسين ـ حافظ ـ سناء ـ سحراء ) نسل طاهر، أزهر مؤمنين ومؤمنات وشهيد عزّ وفخر في حرب تموز 2006.

دخل معترك الحياة باكرًا ناضل وجاهد في سبيل أفراد أسرته، وسعى لرصف طريق المستقبل أمامهم ليكونوا بذرة خير في مجتمعهم ووطنهم.

عمل بصمت، وتابع مسيرته في الحياة مستنيراً بطيبة قلبه وبحبه للناس غرباء كانوا أم أقرباء، عشقه للحياة جعله يزرع بسمة مشرقة أضاءت حياة من حوله.

أبو نمر ترك هذه الدنيا في ليلة حالكة السواد بصدمة دراجة لم يكن يحسب لها حساب، رحل من دون وداع حفيده جواد ابن الشهيد حسين، ومن دون ضمة أخيرة للأبناء والأحفاد والأحبة ليستعينوا بها على ألم فراقه، ولهيب الشوق في الأحشاء عقب غيابه.

رحل أبا نمر تاركاً خلفه حطام هذه الدنيا ليلتحق بركب الأحبة من الشهداء، لم يطل به الإنتظار ستة أشهر فصلته عن موكب سبطه الشهيد عبدالله عدنان الحيدري، وسبع سنوات عن موكب ولده الشهيد حسين (السيد جواد) لقد تجرّع مرارة فراقهم قبل موته فتمنى الرحيل قبل موعد الرحيل.

اختطف الموت أبو نمر فجأة من دون مقدّمات مخلفاً في قلوب أحبته ألماً لن يمحوه الزمن.... فبشاشة وجهه، وحفاوة ترحيبه، ولباقته، ورنة صوته، وحلاوة كلماته، بصمة ستبقى في ذاكرة من عرفه الى الأبد. لقد ترك في القلوب غصّة ستكبر مع الأيام كلما نمت بذرة الحب التي أودعها في أفئدة محبيه.

أبو نمر له في كلّ زاوية من زوايا الأماكن التي مرّ بها ذكرى جميلة خطّها بعمله الطيب، قريته التي تجاور الغيم والقمر لن تنساه، فترابها إرتوى من عرق جبينه فأخصب خيراً، والصخر تفتت بين يديه فتحول حجراً وعمراناً تألفه العين ويعشقه النظر.

كيف يمكن أن ينسى من كان له فوق كل تلّة أو ربوة ألف حكاية وحكاية مع الأرض التي عشقها وأعطاها من صحته وعمره.

رحمك الله يا أبا نمر وأسكنك فسيح جنانه، وجعلك بجوار المؤمنين والصالحين، وألهمنا الله من بعدك الصبر والسلوان.

أختك التي لن تنساك ما دام في جسدها عرق ينبض وفي روحها رمق حياة