مَلِكَةُ الإِسْلامِ السَّيِّدَةُ فاطِمَةُ الزَّهْراء(ع)

04/07/2014
العدد الواحد والاربعون نيسان -2020

بقلم: الشاعر الأستاذ الشيخ عباس فتوني(1)

نُظِمَتْ هَذِهِ الْقَصِيدَةُ فِي ذِكْرَى وِلادَةِ السَّيِّدَةِ فاطِمَةَ الزَّهْراءِ (ع).

 وَتُشْرِقُ شَمْسُ الْعِشْرِينَ مِنْ شَهْرِ جُمادَى الآخِرَةِ؛ تُرْسِلُ أَشِعَّتَها الذَّهبيَّةَ، عَلَى قِمَمِ الْجِبالِ وَالسُّهُولِ وَالأَوْدِيَةِ؛ وَقافِلَةُ الْبُشْرَى تَطْوِي الْفَيافِي نَحْوَ مَكَّةَ؛ وَكَأَنَّ الأَرْضَ تَفْتَحُ ذِراعَيْها لِلسِّرِّ الْمَكْنُونِ؛ وَنِسيمُ الصَّباحِ يَفُوحُ عَلَى أَرْجاءِ الْكَوْنِ؛ إِذْ أَزْهَرَ مَوْلِدُ الصِّدِّيقَةِ الْمُبارَكَةِ، الطَّاهِرَةِ الْمُطَهَّرة، الرَّاضِيَةِ الْمَرْضِيَّةِ، الْبَتُولِ الْمُحَدَّثَةِ، الرَّيْحانَةِ الزَّاكِيَةِ، الْعَذْراءِ الْحَوْراءِ، سَيِّدةِ النِّساءِ، حَبِيبَةِ قَلْبِ خاتَمِ الأَنْبِياءِ، فاطِمَةَ الزَّهْراءِ، عَلَيْها وَعَلَى أَئِمَّتِنا الْعِظامِ، أَزْكَى الصَّلاةِ وَالسَّلامِ.

«زَهْراءُ» قَدْ غَمَرَ الْوُجُودَ ضِياها

وَالْكَوْنُ أُفْعِمَ مِنْ نَسِيمِ شَذاها

ومَلائِكُ الرَّحْمَنِ في عَلْيائِها

صَلَّتْ عَلَى خَيْرِ الْبَرِيَّةِ «طَهَ»

شَمْسُ الرِّسالةِ زَفَّتْ لِلْمَلا الْبُشْرى

وَالنُّورُ أَضْفَى عَلَى قَلْبِ الثَّرَى الْبِشْرا

وَالْوَحْيُ هَلَّلَ، وَالأَمْلاكُ فِي طَرَبٍ

قامَتْ تُهَنِّئُ أَحْلامَ الْوَرَى تَتْرَى

وَالنُّجْمُ مِنْ شُعْلَةِ الأَنْوارِ غائِرَةٌ

ثُمَّ الْغُيُومُ حَياءً أَخْفَتِ الْبَدْرا

وَالطَّيْرُ أَمْطَرَ لَحْنَ الشَّوقِ سَلْسَلَهُ

وَانْسابَ يُجْرِي عَلَى إِيقاعِهِ النَّهْرا

وَالْوَرْدُ فَتَّحَ أَكْمامَ الشَّذى جَذَلاً

وَالرِّيحُ سابِحَةٌ تَسْتَنْشِقُ الْعِطْرا

وَالْعَيْنُ تَخْتالُ فِي الآفاقِ حائِرَةً

تُسائِلُ الشُّهْبَ كَيْما تَكْشِفُ السِّرَّا

وَإِذْ بِصَوْتِ مَلاكِ الْبِشْرِ مُخْتَرِقٌ

حُجْبَ الْمَسامِعِ يَشْدُو فِي الْعُلَى جَهْرا

لا غَرْوَ إِنْ تَرْقُصِ الأَفْلاكُ زاهِيَةً

فَالْيَوْمَ ضاءَتْ ثُرَيَّا «فاطِمَ الزَّهْرا»

هَلَّتْ مُشَعْشِعَةً أَحْداقُ «فاطِمَةٍ»

فَالْكَوْنُ مُؤْتَلِقٌ بِالطَّلْعَةِ الْغَرَّا

مَرْحَى بِرَيْحانَةِ «الْمُخْتارِ» بَضْعَتِهِ

فِي عِيدِ مَوْلِدِها طابَتْ لَنا الذِّكْرَى

اللهُ أَنْعَمَنا، بِالْيُمْنِ أَكْرَمَنا

إِزاءَ نِعْمَتِهِ نُزْجِي لَهُ شُكْرا

«بَتُولُ»، «طاهِرَةٌ»، «زَهْراءُ»، «زاكِيَةٌ»

«عَذْراءُ»، «راضِيَةٌ»، «إِنْسِيَّةٌ»، «حَوْرا»

يَجْثُو الْبَهاءُ عَلَى أَعْتابِها خَجَلاً

لَفَّ الْمَدَى حُسْنُها، فاقَ السَّنا سِحْرا

يُبْرَى الْجَدِيدانِ وَالدُّنيا بِرُمَّتِها

وَنُورُها سَرْمَدٌ هَيْهاتَ أَنْ يُبْرَى

طُوبَى لَها فُطِمَتْ عَنْ كُلِّ شائِبَةٍ

تَجَلْبَبَتْ ثَوْبَ هَدْيٍ، وَارْتَدَتْ طُهْرا

أَللهُ تَوَّجَها فَضْلاً وَمَأْثُرَةً

حَتَّى تَسامَتْ عَلَى كُلِّ النِّسا قَدْرا

«زَهْراءُ» أَنْتِ مَلاذُ الْعُمْرِ مَلْجَأهُ

مِنَ الْبَلاءِ فَهاكِ الرُّوحَ وَالْعُمْرَا

«زَهْراءُ» أَنْتِ نَمِيرُ الْخُلْقِ صَفْوَتُه

بَلْ كَوْثَرٌ يَتَهادَى فِي الْوَرَى ثَرَّا

أُسُّ الْقَداسَةِ مِنْ كَفَّيْكِ مُنْبَجِسٌ

أُولَى دَعائِمِهِ أَنْ عانَقَ الْخِدْرا

إسْتَلْهَمَتْ مِنْكِ حُورُ الْعِينِ نَضْرَتَها

وَمِنْ عَفافِكِ زانَتْ جِيدَها دُرَّا

«زَهْراءُ» أُمُّ أَبِيها، رَحْمَةٌ مَطَرَتْ

أَذابَتِ الْهَمَّ وَالإِعْياءَ وَالضُّرَّا

تَفِيضُ كَالأُمِّ تَحْنانًا عَلَى جَبَلٍ

نِعْمَ الْكَرِيمَةُ بنْتٌ حاكَتِ الْبَحْرا

ثَجَّتْ عَواطِفُها، بَرَّتْ بِوالِدِها

فانْكَبَّ يَغْمُرُها صَفْوَ الْهَوَى غَمْرا

يا لَلرَّسُولِ، حَباهُ اللهُ مَكْرُمَةً

«زهْراءَ» أَغْنَتْه عَنْ زَهْرِ الرُّبَى طُرَّا

رَعْيًا لَها بِوَصِيِّ «الْمُصْطَفَى» اقْتَرَنَتْ

أَغْنَى الأَنامِ تُقًى، لَمْ يُدْرِكِ الْفَقْرا

ما كانَ غَيْرُ «عَلِيٍّ» كُفْءَ «فاطِمَةٍ»

وَأَنْهُرُ الْخُلْدِ أَسْداها لَها مَهْرا

الْمُؤْمِنُونَ انْتَشَوْا، وَالْقاسِطُونَ ثَوَوْا

وَالأَنْبِياءُ احْتَفَوْا فِي عُرْسِها دَهْرا

مِنْ مُقْلَتَيْها مَصابِيحُ الدُّجَى انْبَثَقَتْ

وَمِنْ نَداها أَطَلَّتْ «زَيْنَبُ الْكُبْرَى»

أَبْناؤُها الْغُرُّ نُورُ اللهِ آيَتُهُ

لَوْلاهُمُ لارْتَوَتْ سُوحُ الدُّنَى كُفْرا

إِمامُنا «الْحَسَنُ الزَّاكِي» سَما فِكْرا

صِنْوُ «الْحُسَيْنِ»، صَدَى الْحُرِّيَّةِ الْحَمْرا

«زَيْنُ الْعِبادِ عَلِيٌّ»، نَبْعُ أَدْعِيَةٍ

وَ»باقِرُ الْعِلْمِ» مِنْ أَعْماقِهِ بَقْرا

وَ»صادِقُ» الْقَوْلِ لِلأَلْبابِ مَدْرَسَةٌ

وَ»كاظِمُ الْغَيْظِ مُوسَى» لازَمَ الصَّبْرا

وَقُرَّةُ الْعَيْنِ مَوْلانا «الرِّضا» عَلَمٌ

كافِي الْخَلائِقِ، أَهْمَتْ كَفُّهُ بِرَّا

ثُمَّ «الْجَوادُ»، غَزِيرُ الْعِلْمِ، مُعْجِزَةٌ

وَ«الْعالِمُ، النَّاصِحُ، الْهادِي» عَلا ذِكْرا

وَ«الْعَسْكَرِيُّ، بِسامُرَّاءَ» مَفْخَرَةٌ

وَ«صاحِبُ الأَمْرِ» أَضْحَى لِلْهُدَى ذُخْرا

مَحْضُ الْوَلاءِ إِلَى أَبْناءِ «فاطِمَةٍ»

أَئِمَّةِ الْخَلْقِ فِي الأُولَى، وَفِي الأُخْرَى

الْيَوْمَ حَنْجَرَةُ الأَشْعارِ قَدْ نَطَقَتْ

بِالْمَكْرُماتِ بِلَحْنٍ يَشْرَحُ الصَّدْرا

تَسْعَى عَلَى ضِفَّةِ الْمِيلادِ صادِحَةً

وَالرَّجْعُ يَلْثِمُ مِنْ وَجْهِ السَّما ثَغْرا

لَوْلا «الْبَتُولُ»، حُرُوفُ الشِّعْرِ ما زَهَرَتْ

وَلا الْقَوافِي اسْتَحالَتْ دُونَها تِبْرا

وَلا الْيَراعُ هَفا، مِنْ فَرْطِ فَرْحَتِهِ

يَخُطُّ سَطْرًا، يُناغِي نُسْغُهُ سَطْرا

قَدْ صُغْتُ مِنْ لُؤْلُؤِ «الْحَوْراءِ» قافِيَةً

وَرُحْتُ أَنْسُجُ مِنْ أَطْيافِها شِعْرا

وَفِي مَحافِلِها أَنْشَدْتُ رائِعَةً

لَعَلَّنِي فِي هَواها أَجْتَنِي أَجْرا

الْعِيدُ مُزْدَهِرٌ، وَالطَّرْفُ مُنْبَهِرٌ

وَالثَّغْرُ مُنْكَسِرٌ، يُبْدِي لَها عُذْرا

أَزْكَى الصَّلاةِ إِلَى «الزَّهْراءِ» أُرْسِلُها

وَأَنْثُرُ الشَّوْقَ فِي أَكْنافِها نَثْرا...

الهوامش:

ولادة بلدة «خربة سلم» ـ قضاء بنت جبيل سنة 1965م.

إنتقل مع والديه إلى بيروت حيث درس المرحلتين الإبتدائيّة والمتوسطة في مدرسة المصيطبة الرسميّة للبنين. ونال الشهادة المتوسطة سنة 1981م.

أنهى المرحلة الثانويّة في ثانوية حوض الولاية الرسميّة حيث نال شهادة البكالوريا، القسم الثاني.

حصل على الشهادة الجامعيّة في الأدب العربي من كلية الآداب ـ الفرع الأوّل في الجامعة اللبنانيّة سنة 1994م.

حصل على شهادة الدبلوم في سنة 2005 من الجامعة الإسلاميّة في لبنان.

حصل على الماجستير من الجامعة الآنفة الذكر باللغة العربيّة وآدابها بدرجة جيد جداً. وكانت عن رسالته سيرة آية الله السيد عبد المحسن فضل الله{، وشعره.

أستاذ التربيّة الدينيّة ومنّسق ومدّرس لمادتي التربيّة الدينيّة واللغة العربيّة في جمعية التعليم الدينيّ الإسلاميّ في مدارس المصطفى في مدينة صور وفي جنوب لبنان.

وفي عام 2006 إنتقل إلى بيروت مدّرساً لمادة التربيّة الدينيّة في معهد الرسول الأعظمP، التقني ـ حارة حريك.

ومن ثُمّ في ثانوية المهدي|، شاهد ـ برج البراجنة.

شارك في كثير من البرامج التلفزيونيّة والإذاعيّة والثقافيّة في لبنان وخارجه. ونال الكثير من التنويهات والجوائز التقديريّة منها براءة تقديريةّ من مركز كامل يوسف جابر الثقافيّ الإجتماعيّ في النبطيّة من النائب ياسين جابر في إحتفال توقيع ديوانه «أغاريد» في شهر أيار 2009م.

دأب على ممارسة الخطابة الحسينيّة منذ سنة 1985 ولغاية تاريخه. اختارته الجمعية الإسلاميّة العامليّة في بيروت خطيبها الأوّل في مجالسها العاشورائيّة في شهر مُحرّم من كل عام في رحاب «الكلية العامليّة» في بيروت منذ العام 1997 ولغاية تاريخه.

جمع بعض المجالس والمحاضرات الحسينيّة التي ألقاها في الكليّة العامليّة، في كتاب أسماه «سير وقيم» وهو مؤلف من خمسة أجزاء.

وفي شهر المحرم من عام 1431هـ. وضمن إطار معرض الكتاب الحسينيّ الأوّل، قدّمت له «حوزة الإمام السّجاد(ع)، درعاً تكريمياً، تقديراً وعرفاناً باسهاماته المميزة في الخطابة الحسينيّة برعاية رئيس محكمة جويا الشرعيّة الجعفريّة، القاضي الدكتور الشيخ يوسف محمد عمرو.