لقاء مع صاحب ومدير عام مجلة«العرفان»

09/04/2011
العدد الواحد والاربعون نيسان -2020

مئة عام على تأسيس مجلة »العرفان«

الشيخ أحمد عارف الزين نجا من مشنقة جمال باشا السفاح.

الشيخ الزين حارب الفساد والإستعمار والصهاينة خمسة عقود.

بمناسبة مرور مائة عام على تأسيس »العرفان« (1909م ـ 2009م). أقامت جمعيّة آل البيتR، التي يرعاها سماحة المرجع آية الله العظمى السيّد عليّ الحسينيّ السيستانيّ}، إحتفالاً ثقافياً في 10 كانون الأوّل 2009م، في قاعة العلاّمة السيّد عبد الحسين شرف الدين}، في مجمع الإمام جعفر الصادق(ع)، طريق المطار برعاية نائب رئيس المجلس الإسلاميّ الشيعيّ الأعلى العلاّمة الشيخ عبد الأمير قبلان.

وقد وفَّق الله تعالى رئيس التحرير لمعرفة سعادة القاضي الأستاذ زيد الشيخ أحمد عارف الزين وولده الحاج فؤاد منذ مدّة بعيدة، وللكتابة في مجلة »العرفان« منذ العام 1984م، ولغاية توقفها في عام 1996م، حيث عرفت بهما الأخلاق الحسنة، والتواضع، والإخلاص لله تعالى، ومحبة النّاس، وصدق المعاملة، والحرص على رسالة المؤسس الصحفيّة الداعيّة إلى يقظة العرب بمواجهتهم للإستعمار، وللمخططات الصهيونيّة في فلسطين، وغير ذلك مما جاء في مقالاته »رحمه الله تعالى«.

وفي مستهل اللقاء تحدّث الأستاذ الحاج فؤاد الزين عن لمحة موجزة عن حياة جدّه صاحب »العرفان« ومؤسسها!.

فقال: إنَّ المرحوم جدّه الشيخ أحمد عارف الزين هو من مواليد بلدة شحور التابعة لقضاء صور عام 1883م، وقد درس القرآن الكريم ودروسه الإبتدائيّة في بلدته شحور، وفي المدرسة الرشديّة الرسميّة مدينة صيدا، وتابع دراسته لعلوم اللغة العربيّة وآدابها، وللشريعة الإسلاميّة في المدرسة الدينيّة في مدينة النبطية وهي المدرسة الحميديّة لمؤسسها المرحوم العلاّمة السيد حسن يوسف مكّي{، كما تتلمذ أيضاً على إبن بلدته شحور الإمام السيّد عبد الحسين شرف الدين{، عند عودته من العراق.

وكان من أساتذته في مدرسة النبطية رفاق دربه في مجالات العلم، والفكر، والتأريخ، والأدب، والجهاد وهم: الشيخ سليمان ضاهر، والشيخ أحمد رضا، والأستاذ محمد جابر آل صفا. كما تعلَّم اللغات التركيّة، والإفرنسيّة، والإنكليزيّة، والفارسيّة.

بدأ نشاطه الصحفي بمراسلة أهم المجلات والكتابة بها والتي كانت تصدر في بيروت وهي: »ثمرات الفنون« للشيخ عبد القادر القبّاني، والإتحاد العثمانيّ للشهيد الشيخ أحمد حسن طبارة، و»حديقة الأخبار« لصاحبها الأستاذ خليل خوريّ، حيث عمل المرحوم جدّنا مندوبها ومراسلها في صيدا. 

وكانت كتاباته آنذاك ترّكز على محاربة الزعماء المستبّدين، ونقد الموظفين الخائنين والمرتشين ونصرة القائمين بنشر الحرية والدستور.

وعندما أسس مجلة »العرفان« عام 1909 في صيدا كان ينشر بها معارف أهل البيت وآراءه الوطنيّة، والقوميّة، ومواقفه السياسيّة بالتعاون مع رفيقيه الشيخ أحمد رضا، والشيخ سليمان ضاهر وغيرهما من روّاد مشروع الإصلاح الديني والإجتماعيّ في جبل عامل والوطن العربيّ.

كما أسس الشيخ أحمد عارف الزين جريدة »جبل عامل« عام 1911م، والتي اهتمت بأوضاع جبل عامل التاريخيّة، والإجتماعيّة، والزراعيّة، والصناعيّة، كما أرّخت للأحداث الاليمة آنذاك.

وقد هاجمت »جبل عامل« الحكم الطوراني بسبب ممارسته التتريك فتمّ إقفالها من قبل السلطات العثمانيّة وحكم على صاحبها بالسجن.

كما شارك في تأسيس الجمعيات السريّة التي نادت بالنهضة العربيّة، واللامركزيّة العربيّة مع الشهيد عبد الكريم الخليل، ورضا الصلح، والشيخ أحمد رضا، والشيخ سليمان ضاهر وغيرهم من أحرار جبل عامل وبلاد الشّام الّذين سيقوا إلى السجون والمشانق عامي 1915م، 1916م، أيام جمال باشا السفاح، وقد نجا صاحب العرفان من حبل المشنقة لأنّه تمكن من إخفاء وثائق جمعيّة الثورة العربيّة وإحراقها مما أَدى إلى ضياع الأدلة.

وأمّا أيام الإستعمار الافرنسي فقد حوربت مجلة العرفان وجريدة جبل عامل وصاحبهما لأنهما كانتا منبراً للعلماء والأدباء والمؤرخين الصادقين الّذين بيّنوا حقيقة رجال المقاومة الوطنيّة ضد الإفرنسيين في حين كانت مجلتا:»البشير«، ولسان الحال المدعومتان من المندوب السامي الإفرنسي تعتبران أولئك المقاومين الأبطال للإستعمار الفرنسي، عصابات وقطّاع طرق، وما أشبه اليوم بالأمس!.

كما شارك المجاهد أحمد عارف الزين، في مؤتمر الساحل عام 1936م، حيث دعا المؤتمرون إلى وحدة لبنان مع سوريا. كما كان على رأس المظاهرات في صيدا مع الشهيد معروف سعد في عام 1936م، تأييداً لإنتفاضة الشعب الفلسطيني في وجه الصهاينة والإنكليز.

كما أسسM، في عام 1936م، لجنة الدفاع عن فلسطين برئاسته وكان مركزها صيدا. وبقي نهجه في مجلة العرفان هو محاربة الفساد والإستبداد والإستعمار والصهاينة لحين وفاته عام 1960م، حيث وافته المنية في مدينة مشهد بجوار الإمام عليّ بن موسى الرضاL، عندما كان في الزيارة ودفن هناك.

وعند سؤاله عن المرحوم عمه الأستاذ نزار الزين؟

أجاب: إستمرَّ بإصدار مجلة »العرفان« منذ عام 1960م، وحتى عام 1981م، بجهود فرديّة في ظلِّ إهمال الدولة لمجلة العرفان وحتى وفاته في تموز 1981م. وبعدها إنتقل الإمتياز إلى والدي سعادة القاضي زيد الزين فشجعني على متابعة هذا الطريق وتحمل مسؤوليّة هذه الأمانة التاريخيّة.

وعند سؤاله عن تجربته الشخصيّة الثقافيّة في »العرفان«؟.

أجاب: وفقني الله تعالى لإصدار مجلة »العرفان« في الثمانينيات حين إخترت لها نهجاً إسلاميّاً وقمت بنشر كتابات علماء جبل عامل وأدبائه، وكان مُبرر هذا الإختيار أننا كنا نعيش في ظلِّ صحوة اسلاميّة واعدة خاصة بعد إنتصار الثورة الإسلاميّة في إيران.

كما كان المشروع القوميّ العربيّ قد أصبح رهينة في أيدي الحكام العرب التابعين للقوى العظمى المهيمنة في العالم وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكيّة.

وفي عام 1992 أسست أُسرة تحرير المجلة من أكاديميين وباحثين حيث إتخذت المجلة طابعاً أكاديمياً جمع بين الأصالة والمعاصرة.

وعند سؤاله عن رأيه في مجلة »إطلالة جبيليّة« وتمنياته لها؟

أجاب: أقدّم إحترامي وتقديري لصاحبها ورئيس تحريرها القاضي الدكتور الشيخ يوسف محمد عمرو وأثني على جهوده في ظلِّ هذه الظروف الإقتصاديّة والسياسيّة العصيبة.

كما أُعجبت بمنحى هذه المجلة وبإحياء تراث علمائنا الأفاضل وشخصياتها التاريخيّة الجبيليّة.

إذ أنّ بلاد جبيل وفتوح كسروان قد شهدت في القرون  الوسطى أحداثاً جسيمة حددت مسار ومصير الطائفة الشيعيّة منذ أيام المماليك عام 1305م، وما تلى تلك الأحداث في أيام الشهيد الأوّل مُحمّد بن مكي الجزينيّ العامليِّ{، ولغاية نهاية العصر العثماني 1918م، وما مرَّ عليها من تغييرات كبيرة من هجرات وتغيير لمعالمها الإجتماعيّة.

وأخيراً أُثني على هذه الجهود المباركة من سماحة رئيس التحرير، والسادة أعضاء هيئة التحرير في إصدار هذه المجلة القيِّمة مع تمنياتي بنجاحها لتكون نموذجاً يُحتذى به في تجربة الصحافة المَناطقيّة المُلتزمة.

أجرى الحوار: (رئيس التحرير).