كيف نستقبل العام الجديد

08/01/2011
العدد الواحد والاربعون نيسان -2020

أ ـ مع اللبنانيين:

إعتاد قسم كبير من اللبنانيين إستقبال رأس السنة الميلاديّة للسيّد المسيح، كلَّ عام بالسهر بعد منتصف الليل على طاولات الميسر والقمار متفائلين بالربح الّذي يحصلون عليه، ومتشائمين من الخسارة التي تفاجئهم على تلك الطاولات. مختصرين همومهم، وأحزانهم، ونظرتهم، وأحلامهم تجاه المستقبل بتلك الطاولات ذات الأحلام الخياليّة.

كما إعتاد قسم آخر منهم على إستحلال المحرَّمات والموبقات في هذه الليلة من معاقرة الخمرة، وغيرها من موبقات وجرائم ضد الفضيلة والأخلاق، والسهر بعد منتصف الليل في المنازل، أو المطاعم، أو النوادي، أو الفنادق.

كما إعتادت الغالبيّة الكبرى من اللبنانيين، وفي جميع المناطق اللبنانيّة، ومن جميع الطوائف اللبنانيّة في هذه الليلة على تزويد أولادهم بالمال لشراء المُفرقعات والأسهم الناريّة، وغيرها من وسائل الأذيّة وللأضرار بالآخرين بشكل عام، وبالمرضى والعجزة والأطفال بشكل خاص.

كما إعتادت الفئات الآنفة الذكر من اللبنانيين الوقوف ساعات طويلة أمام قارئي الأبراج، والطالع على شاشات التلفزيونات، والإذاعات اللبنانيّة، والعربيّة لمعرفة مستقبلهم الشخصيّ، ومستقبل وطنهم في مطلع كل عام جديد.

كما أنّ للصحف والمجلات اللبنانيّة والأجنبيّة في مطلع كُلِّ عام جديد دوراً كبيراً مُنافساً لشاشات التلفزيونات، وللإذاعات الآنفة الذكر في التنجيم، والحديث عن المستقبل من خلال الأبراج.

كما أنَّ لأصحاب تلك التنبؤات الكاذبة بطولات مسرحيّة خطيرة عندما يصدق بعضها، حيث تبقى بعض وسائل الإعلام تتحدث عن بطولاتهم مدّة طويلة. والعجب في هذا عدم تحرك أجهزة النيابة العامّة والقضاء للإدعاء على أولئك الأبطال الوهميين الّذين تنبؤوا بالويل والثبور وعظائم الأمور في بعض القضايا اللبنانيّة، والتحقيق في مصداقيّة كلامهم، مما يدلُّ أنَّ هناك أمراً دُبِّر في ليل.

وقد تكلّمت في هذا العدد حول السحر والشعوذة ما بين الدّين والعلم مُوضحاً بالأدلة بطلان السحر والتنجيم والإعتماد على الأبراج، وَحُرْمةِ ذلك في المسيحيّة والإسلام. وأنّ الإعتماد على الأبراج وغيرها من أوهام هو تعطيل للعقل ودوره في الحياة.

ب ـ محاسبة النفس:

ولو رجعنا إلى تعاليم السماء، وإلى عقولنا لوجدنا أنّ المطلوب هو محاسبة  النفس مطلع كًلِّ عام سواء كانت هذه المحاسبة للأفراد أم للجماعات أم للمؤسسات إجتماعيّة كانت، أم زراعيّة، أم صناعيّة، أم ثقافيّة، أم تربويّة ونحو ذلك. إذ أنّ إخلاص النيّة والصدق في محاسبة النفس هما أساس التقدم والنجاح للفرد وللمجتمع.

1ـ قال الله تعالى: وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا  فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا  قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا  وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا سورة الشمس، آية:7،8،9،10.

2ـ وقال الله تعالى: (وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ  الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ  وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) سورة آل عمران، آية: 133،134،135.

ومن وصيّة لرسول الله، لعليّ، جاء بها:

يا عليٌّ ثلاث مُنجيات: تكفَّ لسانك، وتبكي على خطيئتك، ويسعك بيتك.

   يا عليٌّ: ثلاث مُوبقات، وثلاث مُنجيات.

فأمّا المُوبقات: فهوى متبع، وشح مطاع، وإعجاب المرءِ بنفسه.

وأمّا المُنجيات: فالعدل في الرضا والغضب، والقصد في الغنى والفقر، وخوف الله في السرِّ والعلانيّة كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنّه يراك.

ج ـ وأمّا بعد:

ما أجدرنا في لبنان بشكل عام، وفي بلاد جبيل بشكل خاص أن نبتعد عن الإيمان بالأبراج وتأثيراتها الوهميّة، وعن التنجيم والطلاسم والأحجيّة ونحوها التي تبعدنا عن الإسلام والمسيحيّة، وعن لغة العقل والتعقل، والعلم إذ أنّ وراء أولئك النّاس أَمراً دُبِرَّ في ليل كما أشرنا آنفاً.

وأن نبتعد أيضاً عن  الإسراف والتبذير وإزعاج النّاس وإقلاق راحتهم بإطلاق الأسهم والألعاب الناريّة...

وأن نبتعد عن إقتراف الموبقات والمحرّمات من لعب للقمار ونحوه، وأن نرجع إلى الله تعالى بالتوبة ومحاسبة النفس.

كما يجب علينا أن لا ننسى في هذه الليلة الأيتام، والمساكين، والفقراء، والمرضى، والطلاب المحتاجين من الأرحام والجيران، وأن لا ننسى الجمعيات والمؤسسات الخيريّة التي تهتمُّ بهم بشكل عام، وجمعية المبّرات الخيريّة بشكل خاص.

(رئيس التحرير)