الضجر والكسل والنجاح!

3/11/2011
العدد الواحد والاربعون نيسان -2020

الأحداث اللبنانيّة الأليمة التي وقعت ما بين شهر نيسان عام 1975م، ولغاية 1990م. وما رافقها من إجتياحات إسرائيليّة للبنان وتهجير وخطف وقتل ومصادرة للحريات العامّة والخاصّة. ودخول قوات عربيّة تحت عنوان: قوات الردع العربيّة، ودخول قوات حلف شمال الأطلسي تحت عنوان قوات متعددة الجنسيات، وغير ذلك مما يطول شرحه ويصعب إيراده في هذه العجالة، تركت لدى بعض الشباب والشابات في لبنان أمراضاً نفسيّة كثيرة يعرفها أهل الإختصاص والأسر اللبنانيّة التي اكتوت بنيران تلك الأمراض.

كما تركت عند السواد الأعظم من الشباب والشابات حبهم للوصول إلى النجاح في حياتهم الماديّة أو الإجتماعيّة أو السياسيّة بأقصر الطرق حتى ولو كان ذلك مُخالفاً لمبادئهم الدينيّة والأخلاقيّة وللقوانين المرعيّة الإجراء.

وحجتهم في ذلك أن طريق النجاح صعب وطويل ويحتاج إلى الكثير من الوقت والمال. وأن الكثير من أبطال الحرب اللبنانيّة ومن أصحاب المناصب والأموال والجاه في لبنان قد وصلوا إلى ما وصلوا إليه من خلال سلوكهم طريقاً وسائله غير شرعيّة وغير نظيفة كما برّر ذلك واستحسنه الفيلسوف الإيطالي نيكولا ميكافيلي Niccolo Machiavelli وفلسفته في كتابه الأمير حيث إعتبر أن الغاية تبرر الوسيلة.

ومبادئ نيكولا مكيافيلي Niccolo Machiavelli تلك مخالفة لتعاليم الإنجيل والقرآن الكريم ولمبادئ القوانين العالميّة ولشرعة حقوق الإنسان حيث تبرر أعمال اليهود القذرة تجاه السيّد المسيحQ، وتعطيهم البراءة من مؤامراتهم على السيّد المسيح ومن دماءِ المسيحيين الأوائل.

وهكذا الكلام عينه بالنسبة إلى تبرئة أعمال قريش ومشركي العرب تجاه رسول اللهP وأهل بيتهR وأصحابه(رض). وهكذا الكلام بالنسبة إلى تبرئة أعمال يزيد بن معاوية تجاه أهل البيتR، في كربلاء وتجاه أهل المدينة المنوّرة وتجاه أهل مكة المكرّمة التي سفك بها دماءهم واستباح حرماتهم ظُلماً وعدواناً.

 

كيف نتحرر من مبادئ نيكولا ميكافيلي

 Niccolo Machiavelli؟

ولا نستطيع أن نحرر شبابنا وشباتنا من مبادئ نيقولا ميكافيلي Niccolo Machiavelli وفلسفته وتعاليمه التي تدعو النّاس إلى إرتكاب الجرائم والموبقات والفحشاء والمنكر للوصول إلى غايتهم في السيطرة على مصادر الثروة والمال ولإستعمار الشعوب إلاّ بالرجوع إلى الإيمان بالله تعالى، والثقة به والتوكل عليه والشعور بمراقبته لنا والعمل لرضاه تعالى، من خلال تعاليم الإنجيل والقرآن الكريم.

ومن خلال الرجوع إلى تراثنا الشعبيّ اللبنانيّ قبيل ثلاثين عاماً أي قبل عام 1975م. الّذي يحكي لنا هذا التراث عن حياة الفلاح اللبنانيّ وحياة صائد السمك الذي يكون رأسماله في الحياة: الإيمان بالله تعالى والثقة به والرضا بحكمه وقضائه والتوكل عليه على كل حال. والقناعة بالرزق اليسير وشكر الله تعالى على هذه النعمة بتفقده للفقراء والمساكين والأيتام والأرامل من أرحامه وجيرانه حتى يرحمه الله تعالى، ويبارك له في رزقه البسيط وفي أُسرته الصغيرة.

وكذلك أيضاً كنا نرى صائد السمك اللبنانيّ عندما يرزقه الله تعالى رزقاً حسناً فهو لا ينسى أرحامه وجيرانه الفقراء أبداً.

كما نرى في هذا التراث أيضاً أنّه لا وجود للضجر والكسل أبداً بل نجد النشاط الدائم وصبر الليالي والأيام في إنتظار الرزق الحلال.

ولا عجب بعدما تقدم أن نرى أنّ معظم تلامذة السيّد المسيحQ، الأوائل كانوا صيادي السمك. كما نرى أيضاً أنّ معظم أصحاب رسول الله مُحمّدP، من أهل المدينة كانوا من المزارعين والفلاحين.

 

1ـ الضجر والكسل

ولا نستطيع التحرر بعد هذا وذاك من مبادئ ونهج وفلسفة نيكولا ميكافيلي Niccolo Machiavelli إلاّ بالتخلي عن خصلتين سيئتين هما مفتاح كل شرٍ ورذيلة. ومنتهى أُمنية الشيطان الشرير، في القضاء على الطموح المشروع للشباب، وهما: الضجر والكسل. حيث نرى هاتين الخصلتين لم تدخلا إلى قرية أو عشيرة أو أُسرة في لبنان إلاّ وخلّفتا الخراب والضياع والوقوع في الرذائل والموبقات. والإعتداء على الحرمات وحقوق الإنسان.

فمن أراد طلب الرزق الحلال والمشروع في الحياة والعزّة والكرامة في الدُنيا والآخرة فعليه أن يترك هاتين الخصلتين.

فمن وصية الإمام موسى بن جعفر الكاظمL، لبعض ولده: «إياك والضجر والكسل، فإنهما يمنعان حظك من الدُنيا والآخرة»(1).

حيث أنّ  الذي يضجر من تحمل العلم والسعي إليه ومن طلب الرزق الحلال ويكسل عن ذلك يعيش عالة على أرحامه وجيرانه في الحياة.. وإن أراد هذا الإنسان الثروة والسلطة مع خموله وكسله فسوف يسلك نهج وفلسفة نيكولا  ميكافيلي Niccolo Machiavelli.

 

رئيس التحرير