الدعوة إلى ميثاق شرف

11/10/2012
العدد الواحد والاربعون نيسان -2020

كثيرة هي الدعوات الإصلاحيّة التي إنطلقت في لبنان منذ عام 1975م. ولغاية تاريخه طالبة الخروج من لعبة الأمم ومن أتون الفتنة الطائفيّة والمذهبيّة وتقسيم لبنان وتوطين الفلسطينيين فيه. طالبة من اللبنانيين الإتحاد بوجه الأطماع الصهيونيّة في المياه والأرض اللبنانيّة. وتحرير الأراضي اللبنانيّة من الإحتلال الإسرائيلي للشريط الحدودي في جنوب لبنان والبقاع الغربي وراشيا.

 

أ ـ مع الإمام السيّد موسى الصدر

وأفضل تلك الدعوات كانت تلك التي تخرج بميثاق شرف بين الفرقاء برفض الفتنة والوقوع فيها والإتفاق على تقديم لغة الحوار والعيش المشترك والسلام على لغة السباب والشتائم والإغتيالات والخطف والتفجيرات الأمنيّة. ومن أبرز تلك الدعوات كانت التي أطلقها الإمام السيّد موسى الصدر قبيل الحرب اللبنانيّة في شهر نيسان 1975م. وما بعدها في إعتصامه الشهير في جامع العامليّة، بيروت. وغيرها من مواقف كان يعلنها في مؤتمرات القمم الروحيّة التي كان يدعو لها وتنعقد مع زملائه من رؤساء الطوائف اللبنانيّة الكريمة، في المجلس الإسلاميّ الشيعيّ الأعلى في الحازميّة ودار الفتوى الإسلاميّة في بيروت وصرح البطركيّة المارونيّة في بكركي.

ولا نغالي إن قلنا أن مواقف الإمام السيّد موسى الصدر الآنفة الذكر كانت سبباً لإبعاده عن الساحة اللبنانيّة وتغييبه في الصحراء الليبيّة. تنفيذاً لمخطط وزير الخارجيّة الأمريكيّة الأسبق هنري كيسنجر في تقسيم لبنان وتوطين الفلسطينيين فيه ومن خلال إشعال لبنان وسوريا وسائر البلاد العربيّة بحروب طائفيّة عبثيّة.

ب ـ بلاد جبيل مثالاً

وخير بلاد تأثرت بدعوة الإمام السيد موسى الصدر والقمم الروحيّة الآنفة الذكر كانت بلاد جبيل من خلال ميثاق عنايا الشهير في 21 أيلول 1975 بسعي من نائب رئيس المجلس الإسلاميّ الشيعيّ الأعلى العلاّمة الشيخ سليمان اليحفوفيّ ومطران بعلبك الماروني عبد الله نجيم وبمباركة من الإمام السيّد موسى الصدر والعميد ريمون إده والمحامي جان حوّاط.

حيث جاء فيه:«نعاهد الله ونقسم بشرفنا أن نبذل كل الجهود المخلصة والخيّرة للمحافظة على وحدة جميع أبناء بلاد جبيل وعلى تضامنهم التاريخي بعيداً عن كل تفرقة طائفيّة بغيضة وعن كل إنقسام حزبي ذميم مهما كانت الأسباب والدواعي. وأن نعمل متكاتفين من أجل إستقرار لبنان وأمنه وازدهاره»(1).

وقد أكدَّ الجبيلييون هذا الميثاق المبارك بميثاق آخر في منزل الرئيس أديب علاّم في عين الدلبة، جبيل في 27 شباط 1976م. إنبثق عنه لجنة لمتابعة ميثاق الشرف الآنف الذكر على الأرض الجبيليّة برئاسة الرئيس علاّم والعلاّمة الشيخ حسن عوّاد. وقد تكلّمت عن ذلك بالتفصيل في العدد الرابع من مجلة «إطلالة جُبيليّة» من خلال الملحق الخاص عن الرئيس علاّم في ص 86 ـ87.

وكان لميثاق الشرف هذا ولجنة المتابعة الجبيليّة ووعي المواطن الجبيليِّ بعد فضل الله تعالى ورحمته الأثر الكبير في إبعاد بلاد جبيل عن مصائب وويلات الحرب اللبنانيّة خلال خمسة عشر عاماً. ومما يجدر ذكره والتنويه به أيضاً أنه قد حمل بعد ذلك أمانة ميثاق الشرف جمعية «المؤسسة الخيريّة الإسلاميّة لأبناء جبيل وكسروان» منذ إنطلاقتها في عام 1986م. ولغاية تاريخه. وما قام به العلاّمة الشيخ محمد حسين عمرو عن المؤسسة الآنفة الذكر بالتعاون والتنسيق مع سيادة مطران بيبلوس وجبيل ميشال عون بعقدهما اللقاء الوطني للقيادات الروحيّة الإسلاميّة والمسيحيّة في قضاءي البترون وجبيل في «انطش ـ مار يوحنا ـ مرقص» جبيل في 28 آذار 2012م. إلا ترجمة صادقة لميثاق العيش المشترك الذي إمتازت به بلاد جبيل(2).

 

ج ـ مع سماحة

 السيّد حسن نصرالله

ويطلُّ علينا تلميذ الإمام السيّد موسى الصدر وحامل أنفاسه المباركة وسيّد المقاومة في 18 تموز 2012م. في الذكرى السنويّة السادسة للإنتصار الإلهي لحرب تموز عام 2006م. مُحذّراً اللبنانيين من رياح الفتنة الطائفيّة والمذهبيّة القادمة إلينا من الأشقاءِ والغرباءِ والتي تحملها إلينا رياح الفصول الأربعة من خلال وسائل الإعلام اللبنانيّة والعربيّة والأجنبيّة، داعياً من يهمه الأمر من الزعامات اللبنانيّة الروحيّة والسياسيّة لعقد ميثاق شرف من شأنه أن تتكفل كل طائفة لبنانيّة بردع المتجاوزين منها على كرامة وحقوق الطوائف الأخرى بالسباب والشتائم والهمز واللمز. ومن شأن هذا الميثاق المطلوب أن يشعر اللبنانيّ بحلاوة النصر على اسرائيل ومن يقف وراءها من الأشقاء والغرباء في هذه الذكرى المجيدة، وأن يشعر ثانياً: بالإطمئنان على مستقبل الأبناء والأحفاد ووحدتهم الوطنيّة في هذا الشرق المليءُ بالتناقضات وأن يشعر ثالثاً: أنّ ميثاق الشرف هذا لم يُكتبَ له النجاح إلاّ بوحدة الشعب والجيش والمقاومة.

رئيس التحرير

«التذكرة أو مذكرات قاضٍ»، لرئيس التحرير، ج2، ص 449 بتصرف.

راجع العدد السابع من مجلة «إطلالة جُبيليّة» الصادر في 15 أيار 2012م.