الحوار ثُمَّ الحوار

18/1/2013
العدد الواحد والاربعون نيسان -2020

استقبل اللبنانيون العام الميلادي الجديد 2013م. وأمامهم كمواطنين ومسؤولين إستحقاقات كثيرة وهموم معيشيّة كبيرة. حيث تعصف بهم أخبار رياح الحرب الأهليّة بين الأشقاء في سوريا، ورياح الأطماع الإسرائيليّة الصهيونيّة في ترابهم ومياههم وثروتهم المنتظرة من الغاز والبترول في مياههم الإقليميّة والدوليّة.

كما تعصف بهم أخبار الديون المتراكمة على الخزينة اللبنانيّة كلّما طالب ويطالب العمال والموظفون بحقوقهم الشرعيّة في سلسلة الرتب والرواتب منذ أكثر من عشرين عاماً.

كما يسمعون أيضاً في سوريا الشقيقة طبول الحرب الطائفيّة والملاحم تقرع أسماعهم ليلاً ونهاراً من خلال شاشات التلفزة المأجورة وعشرات الأجهزة الإعلاميّة الأخرى التي تخلق لهم الأحلام الشيطانيّة الخبيثة بإسم الإسلام متجاهلة أوامر ودعوة القرآن الكريم لنا بالحوار ووحدة الكلمة وحقن الدماء والرحمة وَحُسن الجوار وكلام السيّد المسيحQ، في الأناجيل بالمحبة والتسامح.

 

أمام هذا نرى قسماً كبيراً من اللبنانيين يهربون من هذا الواقع المؤسف والمستقبل المجهول إلى طاولات الميسر والقمار لمعرفة حظهم من النجاح أو إلى السياحة خارج لبنان لتبذير ملايين الدولارات على الفحشاء والمنكر والفساد والإفساد في الأرض. كما نرى أيضاً الكثير من الشباب والشابات من أهل الإجازات والإختصاص يحلمون بالهجرة خارج لبنان.

الإعتراف بالآخر

واعتراف اللبنانيّ بأخيه اللبنانيّ الآخر هو المنطلق الصحيح للحوار ولبناء العدالة في لبنان، إنطلاقاً من القيم والمثل الأخلاقيّة العليا في الإسلام والمسيحيّة وانطلاقاً من الدستور اللبنانيّ والقوانين اللبنانيّة. واتفاقي الطائف والدوحة والبيانات الوزاريّة المتعاقبة.

وقد أدرك الوزير السابق جوزف الهاشم ذلك وأهميّة الحوار في حياة اللبنانيين من خلال دعوة المرجع الدينيّ الراحل العلاّمة السيّد محمد حسين فضل الله{، للحوار ودعوة قداسة البابا الراحل يوحنا بولس الثاني عشر للحوار حيث قال:

من الحوار في القرآن» أطلق السيّد دعوة إلى الحوار المثلث. إلى الحوار في المطلق، وإلى الحوار ما بين المسلمين، وإلى الحوار تحديداً ما بين المسلمين والمسيحيين.

الدعوة، حصراً، إلى حوار مسيحي ـ إسلاميّ هي صرخة مكبوتة في الأذهان تنتظر إطلاق عنانها.

المسيحيون، كما المسلمون، فيما يحاولون دخول دائرة الضوء الدينيّ، يواجههم دعاة الطائفيّة بشحنات من التعصب».

إلى أنّ يقول:«الحوار الإسلاميّ ـ المسيحيّ، كما يراه السيّد، هو «تحرك يهدف إلى إغناء الإنسانيّة، فيبرر على المستوى العالمي القيم السامية التي يلتقي عليها الدينان، ويسهم في تثمير حركة الإنسان في تطلعه إلى المستقبل».

حسبه أنّه يلتقي مع قداسة البابا في دعوته إلى الحوار المسيحي ـ الإسلاميّ، والمنفتحة على الأديان كلها، بما بين الدعوتين من قواسم مشتركة في المنطلقات والأهداف.

وحسبه أنّه يحدد دعوته على أساس أنّ القرآن أطلق مسألة الحوار، ومارسها المسلمون مع المسيحيين واليهود والملحدين.

أهميّة هذه الدعوة الروحيّة المشتركة للحوار المسيحيّ ـ الإسلاميّ أنّها تختصر المسافات من جديد بين الإنسان والقيم، وتفتح ذهنه على معنى إنسانيته، وقيمة وجوده، فتجعله أقرب إلى الله، ليكون إلى أخيه الإنسان اقرب»](1).

فلا مُستقبل مُشرقاً وَمُضيئاً للأجيال اللبنانيّة دون اعتراف اللبنانيّ بأخيه الآخر، والحوار معه إنطلاقاً من المبادئ والمثل العليا للأخلاق الإسلاميّة والمسيحيّة.

ولا نستطيع تحصين ساحتنا اللبنانية من الفتن الطائفيّة والمذهبيّة ومن دعوات التكفير وتقسيم لبنان على صعيد طائفيّ، وتوطين الفلسطينيين فيه، ومن الأطماع والأحلام الإسرائيليّة إلا بالحوار فقط لا غير.

(رئيس التحرير)