إطلالة جبيليّة لماذا؟

01/09/2011
العدد الواحد والاربعون نيسان -2020

مدينة جبيل مدينة الحرف والكلمة التي مضى على وجودها قرابة السبعة آلاف عام، تستحق من أبنائها وعشّاقها التكريم والعناية.

كما تستحق منهم ربطها بسائر المدن التأريخيّة والتراثيّة في العالم حتى تكون عاصمة ثقافيّة بإمتياز.

لو أردنا أول ذي بدء ربطها بشقيقاتها المدن الفنيقيّة اللبنانيّة الأخرى: طرابلس، وبيروت، وصيدا، وصور، وبعلبك لوجدنا أنّ صوت جبيل لا يكاد يصل إلى شقيقاتها إلا بصعوبة وَعُسر.

ولو أردنا ربطها بمدن البحر الأبيض المتوسط التي كان الفينيقيون يرفدونها بالأحرف الأبجديّة وبالحرير والخزف والأرجوان لوجدنا أنّ إسم جبيل وصوتها هو الأضعف في أيامنا هذه من تلك المدن.

وأمّا لو أردنا السؤال عن قرى ومزارع بلاد جبيل فنجد أنّ بعضها لا زال يفتقر إلى طُرق المواصلات مع القرى الجبيليّة الأخرى، وإلى الكهرباء والمياه وسائر القضايا الأخرى.

ولو أردنا النظر إلى ما قدّمته جبيل من عطاء دينيّ، وثقافيّ، وأدبيّ، وفنيّ، وإجتماعيّ، وسياسي، وتربية وطنيّة، ومحبة للوطن وللغة العربية، وللقوميّة العربيّة، ولقضيّة فلسطين، ولتحرير الجنوب لوجدنا أنّ عطاء جبيل عطاءٌ مبارك يجب أن يحفظ ويسجل بأحرف من نور في سجل الوطن.

وهذه المجلة هي حلقة من حلقات المعرفة الدينيّة، والإجتماعيّة، والثقافيّة التي تصدر في لبنان، والغاية منها:

1)    إبراز دور الدين في سلوك اللبنانيين بمحافظتهم على بعضهم البعض بحفظ الجوار، وإفشاء السلام، لأنَّ الإسلام هو دين الرحمة والإستقامة، والمسيحيّة هي ديانة المحبة والسلام.وأنَّ التطرف، والتعصب، والطائفيّة، والمذهبيّة، عند بعض اللبنانيين هو هرطقة وشذوذ عن الدين والإيمان.

2)    إبراز دور الدين في العيش المشترك والوحدة الوطنيّة بين اللبنانيين، لأنَّ الدين والتدين هو رحمة من الله تعالى لجميع العالمين وليس هو لشعب دون شعب أو طائفة دون أخرى مصداقاً لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِير سورة الحجرات، آية:13.

3)    إبراز دور الدين في حياة اللبنانيين في جمع كلمتهم ووحدة صفّهم للدفاع عن الأرض، والعرض، والكرامة الوطنيّة.

4)    إبراز دور الدين في مستقبل الإنسانيّة من خلال تعاليم الرسالات السماويّة الساميّة، ومن خلال الحوار الإسلاميّ المسيحيّ.

لا سيما الإيمان المشترك بين المسيحيين والمسلمين بالمخلص الموعود في آخر الزمان الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلِئَت ظلماً وجورا.

وبلاد جبيل إستطاعت أن تُقدِّم في القرن العشرين وفي مطلع هذا القرن الكثير من الأعلام والأعيان للبنان وللعالم العربيِّ في شتى حقول المعرفة وميادينها كالشاعر القرويُ ، ومارون عبود، والوزير السابق السيّد أحمد الحسينيّ، والعميد ريمون إده، والقاضي حمود أفندي ناصر، ومحمد أفندي محسن أبي حيدر، والشهيد حسن بك كاظم عمرو، وآية الله الزاهد التقيّ الشيخ حسين عوّاد، والشيخ حسين الحسامي إمام جامع جبيل ونجله الزعيم جميل الحسامي، والحاج محمود جعفر المولى، والحاج كامل حسن كنعان والرئيس القاضي أديب علاّم، والدكتور أنطوان الشاميّ، والنائب شهيد الخوريّ، والقاضي عبد الله حمود ناصر، والحاج علي هاشم، والشيخ خليل هاشم، والحاج علي الحاج مسلم عَمرو، والحاج راغب حيدر أحمد، والشيخ عصام شمص، والشيخ أيمن همدر، والدكتور سلمان العيتاوي وغيرهم من الأعيان. كما إستطاعت هذه المدينة ان تحظى بعناية ورعاية المرجع الديني آية الله العظمى السيّد مُحمّد حسين فضل الله{، بوضعه لحجر الأساس لمسجد الإمام عليّ بن ابي طالب ع، وللمركز الإسلاميّ في جبيل التابع لجمعيّة المبرّات الخيريّة في ذكرى المولد النبويّ الشريف، في 15 ربيع الأوّل 1421هـ، الموافق 16 حزيران سنة 2000م، حتى يكون هذا المركز حاملاً لأطروحة الإسلام الذي يدعو للحوار واللقاء ما بين الإسلام والمسيحيّة، على البرِّ والتقوى، وللأخوة الإنسانيّة وللإستقامة ولمكارم الأخلاق. وقد تكلمنا بالتفصيل عن هذا المركز في موضوع الغلاف في هذا العدد.

وكانت هذه الإطلالة وسيلة من وسائل المعرفة حتى يعرف المواطن اللبنانيّ فضل مدينة جبيل وتأريخها وحاضرها الثقافيّ، وبالتالي يَطّلِع المواطن  الجبيليّ على عطاء إخوانه اللبنانيين في الماضي والحاضر، وحتى نستطيع من خلال الأخوة الكرام في هيئة تحرير هذه المجلة، والسادة الكرام من أصحاب الأقلام وإخواننا من رجال الدين الكرام من مسيحيين ومسلمين في بلاد جبيل من العودة بمدينة جبيل إلى سابق مجدها الثقافيّ التليد بإمتياز، في عهد فخامة الرئيس العماد ميشال سليمان إبن جبيل البَّار.

وذلك مصداقاً لقوله تعالى: وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ سورة المائدة، آية:82.

رئيس التحرير