كلنــــــــــــــــا أخــــوة فلماذا التمييز

06/09/2016
العدد الواحد والاربعون نيسان -2020

بقلم الأستاذ يوسف حيدر أحمد

قال أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب t لولده الإمام الحسن t: « يَا بُنَيَّ اجْعَلْ نَفْسَكَ مِيزَاناً فِيمَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ غَيْرِكَ فَأَحْبِبْ لِغَيْرِكَ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ وَاكْرَهْ لَهُ مَا تَكْرَهُ لَهَا وَلَا تَظْلِمْ كَمَا لا تُحِبُّ أَنْ تُظْلَمَ».

ما أن تحصل الإنتخابات البلدية والإختياريّة في مدينة عمشيت، حتى تشعر الأقليّة الشيعيّة في بعض أحيائها، بشيء من التهميش والإحباط، فتصبح وكأنّها مجرد أرقام وأصوات لا أشخاص وعقول وعواطف...

فهل المشكلة في أنّ الأقليّة لا تستحق الإشتراك في عضويّة البلديّة والإختياريّة، أو أنّ البعض من وجهاء عمشيت ونافذيها لا يقبلون بهذه المشاركة الوطنيّة.

فهذه الأقليّة لم تُقصِّر يوماً في دفع الضرائب والمتوجبات المترتبة عليها، أو في القيام بالواجبات الإجتماعيّة مع إخوتها وجيرانها المسيحيين في عمشيت، وبكل محبة ومودَّة وإحترام.

ربما كانت مُقصِّرة، بعض الشيء بالواجبات الإجتماعيّة لكنها قوبلت بشيءٍ من التهميش وإدارة الظهر إلاَّ في يوم الإنتخابات البلديّة والإختياريّة إستدراجاً لكسب أصواتها. فهل هذا المنحى هو عمليّة تهميش وإستخفاف،أو له خلفيات دينيّة أو سياسيّة أو إجتماعيّة؟

فالسيّد المسيحt يقول: «أحبّوا أعداءكم، باركوا لاعنيكم»، ولكن الشيعة ليسوا بأعدائكم ولا بلاعنيكم، إنّما اخوانكم بالجيرة والمواطنة والمحبة.

وبالنظر إلى البلدات الإسلاميّة التي تضمُّ أقليات مسيحيّة، نراها تحيطهم بالرعاية والعناية وإشراكهم بعضويّة البلديّة كرمز من رموز التضامن والمواطنة والمشاركة والإنصهار الوطنيّ والإجتماعيّ.

كمدينة جبيل نموذجاً لهذه المشاركة الوجدانيّة الوطنيّة، فرغم أن المسلمين فيها أقليّة، فإنّ لهم منصب عضو بلدي شيعي وآخر سني، فلماذا بلدة عمشيت؟؟. عمشيت المعروفة بتاريخها الثقافيّ والوطنيّ والتي تضمُّ شريحة واسعة من العلمانيين أبنائها فلماذا؟؟ ـ أن لا تكون هي السبَّاقة إلى هذا العمل الإنمائيّ والوطنيّ والإجتماعيّ المُثمر الجامع، فترفع الغُبن عن هذه الأقليّة في إطار العمل البلدي والإختياري!.

ولا يقع اللومُ قطعاً ولا التُهمة على الدكتور طوني عيسى المشهود له بالنزاهة والمواقف الإنسانيّة والمهنيّة والإجتماعيّة فهو ليس المسؤول عن حِرمان الأقليّة من هذا الترشيح رغم أنّه لا تنقص هذه الأقلية الكفاءة ولا الثقافة ولا المؤهلات.

لذلك، فهذا المنصب البلدي أو الإختياري هو منصب إنمائيّ وخدماتي، ويجب أن تشترك فيه جميع الفئات دون إستثناء.

 

فإذا استمرَّ التهميش والإقصاء عن منصب عضويّة البلدية أو الإختياريّة ودون مبرِّر شرعيِّ ومنطقي، فلا يكون لهذه الأقليّة من مصالحة مع هذا الخلل. وهذا الداء الإجتماعيّ إلا باستعمال مقاطعة الإنتخابات، علَّ من يعنيهم الأمر. والّذين يُعارضون التقارب والوحدة بين فئات المدينة الواحدة أن يعودوا إلى ضمائرهم وقيّمهم الروحيّة السمحة، يقوموا بلمسة ديمقراطيّة فيها شيء من المواطنيّة. والمشاركة الحقيقيّة والأخوّة الصادقة طلباً لانصهار وطنيِ إجتماعيِ، المواطن فيه بحاجة ماسّة إلى رعايته فكُّلنا أخوة، فلماذا التمييز؟ وتجذيره