عَذَابُ المُثَقَّف

15/11/2018
العدد الواحد والاربعون نيسان -2020

بقلم الأستاذ يوسف حيدر أحمد

المُثقف الحقيقي والنظيف هو لسان حال الامّة، والعالم بأسرارها وهو للوطن كالأم الرؤوم التي تحتضن أبناءها، تربيهم تربيّة صالحة، وترجو لهم مُستقبلاً مُشرقاً دافئاً ومُريحاً. وتحميهم بروحها ونور عينيها، وتشعر بمآسي الآخرين. وكم يكون المثقف مُتألماً وهو يرى وطنه يحترق دون أن يستطيع إطفاء لهيبه أو إخماد ناره، وكأنه هو الّذي يحترق شخصياً...

شعرت بلوعة هذا المثقف في عيني وقلب وقلم الدكتور فوزي عساكر وهو يخاطب إبنه في مجلته «العالميّة» التي تحمل العدد رقم 137 تموز / آب 2018م. بعنوان «اغفر لي يا ولدي».

حقاً شعرت بالإنكسار والحزن في كلمات الدكتور فوزي في المقطع الأخير من مقالته، هو يطلب المعذرة والغفران من ولده، لأنّه كان يخفي عنه المخازي والمفاسد التي خلّفها سَاسةُ الوطن في حقِّ الوطن والمواطن.

كان الدكتور فوزي يُمنّي النفس بإصلاح الحال، لكن الأمور كانت تذهب إلى الأسوأ بسبب لُعبة الكبار القذرة، ممّا جعله يُصارحُ إبنه الحبيب، ويُعطيه حريّة الاختيار بالسفر إلى حيث الإحترام لقيمة الإنسان، ومحبة الوطن، والتكافل الإجتماعيّ، والشعور بالمسؤوليّة تجاه الآخر دون النظر إلى لونه وجنسه ومذهبه، وحيث الغنى في الغُربة وطن « كما قال الإمام عليّ t.

وما أعجبني في مقالة الدكتور فوزي عساكر كما في مقالاته السابقة هو رَميّهُ دبابيس كلماته اللاذعة والواخزة بوجه الساسة ودون قفازات عَلَّهم يسترشدوا ويعودوا إلى صوابهم في النظر إلى مصلحة الوطن والمواطن. وكأنّ لسان حاله يقول مع الشعب، «كفى ظُلماً. كفى هدراً. كفى فساداً. كفى فقراً. رحمةً بالنّاس والوطن قبل خراب البصرة».   عمشيت في 9 آب 2018م.