المهديّ المُنتظر بين الإسلام والمسيحيّة

09/04/2011
العدد الواحد والاربعون نيسان -2020

جاء في مقدّمة المونسنيور جوزف مرهج رئيس جامعة الحكمة في بيروت لكتاب المهديّ المُنتظر بين الحقيقة والخيال للقاضي الشّيخ الدكتور يوسف محمد عمرو الطبعة الثانيّة، دار المحّجة البيضاء 2007م، قوله: يطالعنا كتاب القاضي الشّيخ يوسف مُحمّد عَمرو بعنوان، أجمل ما فيه، أنّه يترك لدى القارئ حافزًا يدفعه إلى معرفة ماذا يكمن وراء هذا العنوان. المهديّ المنتظر بين الحقيقة والخيال، كتاب يطرح السّؤال عاليًا حول من يرى المجتمع البشريّ فيه، إمّا هاديًا إمّا مُخلِّصًا إمّا رسولاً يحقّق العدالة على هذه الأرض. ومن النّاس من يتجاوز حدود الواقع الماديّ الحسيّ المنظور الملموس المسموع المعاش، ليصل في انتظاراته إلى حدِّ الرّجاء. والرّجاء على حدّ قول الرّسول بولس لا يقف عند الأرضيات، بل يتجاوزها إلى الحياة الأبديّة.

قرأتُ كمن يرغب بالوصول إلى جواب، بالرّغم من أنّ الجواب عندي هو اليقين الّذي أعيشه، ولكنّ الحشريّة العلميّة الّتي تستيقظ في الإنسان كلَّ مرّة يقف أمام تساؤلات تسعى جاهدة عن طريق المنطق، استقراءً واستنتاجًا، وعن طريق الإيمان استدلالاً واستشهادًا بما ورد في الكتاب الّذي يؤمن به كلُّ فردٍ حسب معتقده وقناعاته، إلى تثبيت نظريّة، إن لم يكن عن طريق الإيمان، فعن طريق الإقناع المنطقيّ والجدل العقلانيّ.

إلى أن يقول: لقد أُعجبتُ يا أيُّها القاضي العزيز بنهجك في التّفكير، ولا أُخفي عنك الأمر، أنَّ ما ورد على لسانك واعتلج في صدرك وتفاعل في عقلك، رأيته مجبولاً بإيمانك فكنتَ صادقًا مع نفسك لا توارب ولا تحابي الوجوه، ولا تستعمل الرّموز الّتي تحمل تفسيرات متناقضة، تجنبًا لمشادة كلاميّة، أو تهرُّبًا من محاججة فقهيّة وربما لاهوتيّة، وهذا ما يدفع القارئ العاقل إلى احترام فكرك وشخصك وتقدير نهجك وعلمك.

غير أنّنا وإن كنا نُكبِر فيك العقل العلميّ والباحث المثابر والمحاور اللّبق، فإنّنا نترك لأهل العلم والمعرفة واللاّهوتيين والمؤرّخين والكتّابين، من أبناء اليهوديّة والمسيحيّة والإسلام، الباب مفتوحًا، لنقاش أو ردّ أو رفض أو دحض ما ورد من أمور في كتابك الشّيِّق، وقد أَثبتّها بِرَصين برهانك، وكأنّها حقائق ثابتة، على سائر النّاس أن يأخذوا بها.

ولكنّنا في الوقت عينه نكنُّ كلَّ التّقدير لمحاولتك هذه الّتي تطرح علامات استفهام كبيرة على العقل البشريّ الّذي يسعى جاهدًا إلى اكتشاف الحقائق، مُستعينًا بالعلم حينًا وبالإجتهاد حينًا، وإن طاب له أن يهتدي بنور الكلمة السّماوية أحيانًا، علَّه يصل إلى دواء، لما أقلق النّاس منذ وقعت الخطيئة الّتي زرعت الموت، وجعلت الإنسان عبر الأجيال، ينتظر المخلِّص الّذي وُلِدَ بلا دنس كما تقول في كتابك العزيز.

المونسنيور جوزف مرهج

رئيس جامعة الحكمة

5/12/2005