الذاكرة الشعبيّة في قريتي: الزعيتري - والمعيصرة ـ فتوح كسروان

08/01/2011
العدد الواحد والاربعون نيسان -2020

الذاكرة الشعبيّة وميثاق عنايا:

إمتاز أبناء قرية الزعيتري المسيحيّة المارونيّة، وأبناء قرية المعيصرة الإسلاميّة الشيعيّة منذ عقود عديدة بشعورهم الوطنيّ المشترك في قضايا كثيرة، وتعاونهم في أعمال الخير والإصلاح، ومحافظتهم على القيم والمُثل العليا للأخلاق المسيحيّة والإسلاميّة.

والذاكرة الشعبيّة عند شيوخهم غَنيّةٌ بالأمثلة على ذلك. وكذلك الكلام عن قريتي زيتون والعذراء، وقرية الحصين والقرى المسيحيّة المحيطة بها وهي: النمورة، وغدراس، والكفور، والغينة، وجورة الترمس، وغباله، وأمّا لو إنتقلنا للحديث عن قرى بلاد جبيل فنرى الكلام عن أهالي قريتي الحصون وفتري، وقريتي علمات وأهمج، وقريتي مشّان وعين جرين، وقرية مزرعة السيّاد ومدينة قرطبا، وقريتي المغيري ويانوح، وقرى لاسا وعين الغويبه وأفقا والقرى المحيطة بها، وأهالي قرى: طورزيا، وأدونيس، وفرحت، ومدينتي عمشيت وجبيل من مسلمين ومسيحيين هو ذات الكلام عن قريتي الزعيتري والمعيصرة في فتوح كسروان.

 

حيث نرى هذه الذاكرة الشعبيّة المفعمة بالصدق والإيمان هي وراء ولادة ميثاق عنايا الذي كتبه ووقعه وجهاء بلاد جبيل في بداية الأحداث اللبنانيّة المؤسفة في:21/9/1975م. وفيه يقسمون بالله العليّ العظيم بالمحافظة على الوحدة الوطنيّة وَحُسنِ الجوار، والمحافظة على لبنان. وقد تكلّم عنه رئيس تحرير هذه المجلة بالتفصيل في مذكراته تحت عنوان: التذكرة أو مذكرات قاضٍ الصادرة عن المؤسسة اللبنانيّة للإعلان سنة 2004م، في ج3، ص:449.

وفي العدد الأوّل تكلّمنا عن الذاكرة الشعبيّة عند أبي عمر بهيج اللقيس (رئيس لجنة الأوقاف السُنيّة في جبيل) مواليد مدينة جبيل 1919 وعن الصفحات البيضاء في تأريخ المدينة وعائلاتها الكريمة، وفي هذا العدد سوف نتكلّم عن الذاكرة الشعبيّة عن السيّد عبد الرضى الحاج عليّ مُسلم عَمرو مواليد قرية المعيصرة 1915م، ورئيس الوقف الإسلاميّ الجعفريّ الأسبق في المعيصرة، وعن الذاكرة الشعبيّة عند السيّد ادوار يوسف عون مواليد 1931م، ورئيس لجنة الوقف الماروني في قرية الزعيتري، وقد أوفدت مجلة إطلالة جبيليّة لإجراء هاتين المقابلتين الأخ حمادة علي عمرو فكان اللقاء الآتي:

أ ـ مع السيّد عبد الرضى عمروأبو وائل:

رجل تجاوز الخامسة والتسعين من العمر، حلو الحديث، طيب الشمائل، كريم الخصال، معروف بحبّه لله تعالى، ولوطنه، ولقريته المعيصرة، ولمنطقة الفتوح وأهلها  وهذا ما نعرفه من خلال ذكرياته، ومن خلال زهده في الدُنيا وتواضعه، وبعده عن الاعلام والأضواء.

قضى حياته في خدمة النّاس دون تمييز بين مُسلم ومسيحي. كان بيته في المعيصرة، فتوح كسروان مفتوحاً لإستقبال أهالي المنطقة وحلِّ مشاكلهم وقضاياهم لعقود من السنين وذلك قبل أن يقعده المرض والشيخوخة في منزله منذ عشر سنوات تقريباً.. حيث كان يستقبل في منزله، ومنزل المرحوم والده الحاج عليّ مُسلم عمرو في المعيصرة، كبار رجال الدين من مسلمين ومسيحيين وكبار رجال السياسة في فتوح كسروان خلال ستين عاماً من تأريخ هذه المنطقة.

1 ـ بطاقة شخصيّة: عبد الرضى ابن الحاج عليّ إبن الحاج مُسلم بن عقيل ابن الحاج عليِّ بن يحيى بن عليّ بن عمرو الوائليِّ.

والدتي هي: المرحومة سنية إبنة الحاج مُحمّد عمرو.

 بداية دراستي كانت في القرية حيث تَعلّمتُ القرآن الكريم.

ثُمَّ في قرية الزعيتري على أيدي بعض الكهنة.

ثُمَّ في قرية المراديّة في مدرسة مار مخايل ـ القرن ـ في القسم الداخلي، حيث كان يدير هذه المدرسة ويدّرسُ فيها بعض الكهنة وبعض الأساتذة، وقد تابعت دراستي لغاية البكالوريا.

تابعت دراستي للإسلام وللشريعة الإسلاميّة عند فضيلة الشيخ أحمد همدر(رحمه الله تعالى)، في بلدة بشتليده قضاء جبيل، بسبب صلة الرحم التي تجمعني معه حيث كانت والدة المرحوم والدي زينب إبنة المرحوم  العلاّمة الشيخ حسن همدرـ عضو في مجلس إدارة متصرفيّة جبل لبنان ـ وقد وفقني الله تعالى، لنيل شهادة البكالوريا آنذاك.

بعد عودتي من قرية بشتليدة إلى قريتي المعيصرة إفتتحت مدرسة دينيّة قرآنيّة برخصة من وزارة التربيّة وبجهود مشكورة من المدير عام للوزارة آنذاك المرحوم الأستاذ صبحي حيدر(من بدنايل).

وبعد مدّة وجيزة ومن خلال سعينا في وزارة التربيّة إستحصلنا على رخصة مدرسة رسميّة، بمرسوم جمهوري من الرئيس أميل إده فطلب مني المرحوم والدي التدريس فيها، وقد وفقني الله تعالى للتدريس فيها مدّة أربع سنوات.

ثُمَّ إنتقلت بعدها إلى مصلحة سكة الحديد حيث عُينتُ آنذاك وكلّفت بإدارة المشروع في المنطقة الواقعة ما بين نهر الكلب جنوباً إلى جسر الدجاج في جبيل شمالاً، فكان تحت إدارتي 180عاملاً من قرى: المعيصرة، والزعيتري، وزيتون، والحصين وغيرها من قرى في فتوح كسروان، وكان تنفيذ المشروع آنذاك بعهدة شركة إنكليزيّة.

ثُمَّ إنتقلت إلى وزراة الأشغال العامّة التي تهتمُّ بتنفيذ الطرقات وإصلاحها وكانت المهمة التي أوكلت إليّ هي الإشراف على طُرق بعبدا اللويزة، حيث كان تحت إشرافي قرابة ثلاثين عاملاً من قرى الفتوح الآنفة الذكر وكان المسؤول من قبل الوزارة آنذاك المهندس جوزيف ثابت وبقيت في عملي هذا ثلاث سنوات.

ثُمَّ إنتقلت بعدها إلى وزارة الزراعة، وكان مركز عملي في مدينة صيدا ممّا أتاح لي التعرف عن قُرب على قرى محافظة لبنان الجنوبي، أي جبل عامل، والتعرف على عائلاتها الكريمة حيث تربطني ببعض هذه العائلات علاقات متينة وجيدة ولغاية تأريخه. وبقيت في وزارة الزراعة وحتى بلوغي سن التقاعد القانوني.

2 ـ وأمّا عن ذكريات السيّد عبد الرضى عمرو الأخرى فيقول: ومن خلال عملي في وزارة الزراعة في صيدا والجنوب تعرفت على المرحوم أحمد بك الأسعد حيث كان الزعيم الأوّل في الجنوب وتوطدت علاقتي به حتى إنتميت إلى حزبه وهو حزب النهضة حيث كُلّفت بإفتتاح فرع له في قريتي المعيصرة، وكانت أهداف ذلك الحزب إنمائيّة ورياضيّة وتربويّة وثقافيّة ولا علاقة له بالطائفيّة إذ كان شعاري الدائم: الدين لله والوطن للجميع. وكنت حريصاً على بناء أفضل العلاقات مع جميع إخواني في الوطن دون تمييز بين مُسلم ومسيحي. وكان هدفي في الحياة العمل الدؤوب للمصلحة العامّة وليس للمصلحة الخاصّة.

3 ـ وأمّا عن معرفته وعلاقاته بدولة الرئيس المرحوم سامي بك الصلح فيقول: كان أساس هذه العلاقة المرحوم والدي وعلاقته الطيبة بأسرة سامي بك وذلك أيام دراسة والدي بالمكتب الإعدادي العثمانيّ في بيروت، حيث كان مدير ذلك المكتب والد سامي بك، وذلك المكتب تشغله في أيامنا هذه ثانوية الشيخ حسن خالد الرسميّة بمنطقة حوض الولاية، وقد أثمرت علاقتي بالرئيس الصلح بإعطاء الأمر من قبله لدائرة المساحة في وزارة الماليّة بترسيم وإفراز العقارات في قريتي المعيصرة سنة 1955م، حيث وفقني الله تعالى، للمحافظة على أملاك السيدة ناهدة إبنة المرحوم حسن بك كاظم عمرو، وعلى أملاك المرحوم عبد الهادي حسن علي عمرو وكان آنذاك مُغترباً مع أُسرته في مصر كما ساعدني المرحوم سامي بك الصلح ايضاً بتعيين المرحوم والدي مُختاراً لبلدة المعيصرة  ـ إثر قضيّة حصلت آنذاك واستدعت تدخلي المباشر لأجل المحافظة على أملاك ناهدة الآنفة الذكر ـ وبهذه المناسبة لا ننسى جهود الأستاذ إيلي فياض خير الله الذي ساعدنا في الدوائر العقاريّة والمالية وأبعد المعيصرة وأهلها عن السماسرة والرشاوي في تلك الدوائر.

4 ـ وأمّا عن المرحوم والده الحاج علي الحاج مُسلم آل عمرو فيقول: لقد درس المرحوم والدي مع صديقه وابن عمه المرحوم حسن بك كاظم عمرو في المكتب الاعدادي العثماني في بيروت وسافرا معاً بعد إنتهاء دراستهما في بيروت لإكمال دراستهما في إسطنبول عاصمة الدولة العثمانيّة، وقد تزوج المرحوم حسن بك كاظم من إبنة طبيب السلطان آنذاك ورزق منها بإبنة واحدة هي السيدة ناهده، وبعد نيلهما للإجازة من الكلية العثمانيّة توظفا في سلك الدولة العثمانيّة في جنوب العراق، وقد قام حزب الإتحاد والترقي بإغتيال المرحوم حسن بك كاظم عمرو لميوله العربيّة سنة 1916م. إذ كان المرحوم والدي قبل مدة عاد إلى لبنان من العراق، وقد إختير لعضوية مجلس الإدارة في متصرفيّة جبل لبنان، وقد شغل هذا المنصب لمدّة ثلاث سنوات.

ثُمَّ ترك هذا المنصب ليشغله إبن عمه المرحوم محمد أفندي محسن أبي حيدر من قرية الحصون. وأنصرف المرحوم والدي بعدها لإدارة أملاكه والإهتمام بها ورعاية أُسرته وشؤون بلدته المعيصرة بعد إختياره من قبل الأهالي مُختاراً للقرية، كما إهتمَّ بإعادة بناء جامع البلدة القديم، وإقامة مجالس العزاء الحسينيّة، حيث كان القارئ الوحيد لهذه المجالس في منطقة الفتوح لأكثر من خمسين عاماً إلى أن توفاه الله تعالى سنة 1960م.

وقد ساعدنا في بناء هذا المسجد جورج بك زوين، كما ساعدتنا جمعية المقاصد الخيريّة الإسلاميّة في بيروت بالتبرع للمسجد وببناء المئذنة بواسطة الحاج سعد الدين فروخ. كما كان المرحوم والدي ومنزله خلال حياته رحمه الله تعالى، مرجعاً للإصلاح بين ذات البين، وإفشاءِ السلام، ولإعمال البرِّ والإحسان بين أبناء قرى الفتوح. ومقصداً لرجال الدين المسلمين والمسيحيين في هذه البلاد.

5 ـ وأمّا عن تأريخ آل عَمرو في المعيصرة فيقول: أساس عائلة آل عمرو وائليّة أتت من جبل عامل وسكنت في قرية فتقا الفتوحيّة واستوطنتها.

وأمَّا قرية المعيصرة فكانت لآل حبيش الموارنة ولآل زعرور الشيعة ونتيجة خلاف حصل بين العائلتين قام آل حبيش بالإتفاق مع أجدادنا في فتقا بمقايضة أملاكهم معهم حيث إنتقل أجدادنا إلى المعيصرة وإنتقل آل حبيش إلى فتقا.وبعد مدّة يسيرة إشترى أجدادنا باقي العقارات من آل زعرور والّذين إنتقلوا بعدها إلى مزرعة بلحص في جرود جبيل وإلى شمال لبنان(2).

وقد نبغ من آل عَمرو في المعيصرة أيام الدولة العثمانيّة بعض الأعيان الكبار الّذين كان لهم دور طيب وجميل في هذه المنطقة منهم: جَدُّنا الحاج علي عَمرو المعروف بالحاج عليّ الفحل والذي واجه الأمير بشير الشهابيّ الثاني الكبير بقضيّة معروفة عند الأجداد والأحفاد، وصاحب قرية حقلة الحاج عليّ المنسوبة إليه وهي قرية المرادية في الوقت الحاضر(3) وأولاده الخمسة وهم: الحاج يحيى، وعقيل والحاج مُحمّد، وجهجاه، وعضو مجلس إدارة متصرفية جبل لبنان الحاج كاظم الحاج عليّ عَمرو وأولاده الثلاثة وهم: محمد أفندي، والحاج عليّ أفندي، وحسن بك، والحاج حمود سعد الدين عَمرو، وولده عضو مجلس إدارة متصرفيّة جبل لبنان علي أفندي، وجدي الحاج مُسلم عقيل عَمرو، ووالدي الحاج علي والذي تكلّمت عنه قبل قليل، وغيرهم من الأعيان والوجهاء رحمهم الله تعالى.

6 ـ وأمّا عن تأريخ منطقة الفتوح أواخر أيام الدولة العثمانيّة، فيقول: كان النزاع في المنطقة قائماً بين الإنكليز والفرنسيين للسيطرة على جبل لبنان وسائر الأراضي العثمانيّة.

وكانت الطائفة الدرزيّة مؤيدة للوصاية الإنكليزيّة، وأمّا باقي الطوائف اللبنانيّة فكانت تؤيد الوصاية الفرنسيّة. والمسلمون الشيعة في الفتوح وبلاد جبيل كانوا مُجبرين على تأييد الوصاية الفرنسيّة.

وحين وقوع الفتنة الطائفيّة سنة 1860م ما بين الدروز والموارنة في منطقة الشوف أتى بعض الغوغائيين إلى قرى الشيعة لإخافتهم وتهجيرهم إلى البقاع، ونجحوا في ذلك كما هو معروف ومشهور في تأريخ هذه المنطقة.

كما جاء بعض الغوغائيين إلى قرية المعيصرة لهذا الغرض وقد نجحوا في ذلك، وفي تلك الأيام السوداء والظروف الصعبة كان لجيراننا آل زوين موقف وطني كريم ومميز في الدفاع عن أجدادنا وحمايتهم وفي أثناءِ تلك الفتنة الطائفيّة قام بعض الغوغائيين بإحراق بيت المرحوم جدي الحاج مُحمّد الحاج عليّ عَمرو والد المرحومة والدتي فشاهد الخوري جرجس زوين الدخان يتصاعد من المنزل وكان ذلك الكاهن راعياً لكنيسة مار إسطفان في قرية العذراء فهرع مُسرعاُ ودَّق جرس الكنيسة مُنذراً للنّاس فاجتمع أهالي قرية العذراء ولبّوا طلب الخوري بالذهاب إلى المعيصرة وإطفاء الحريق. وكان ذلك الكاهن المحترم في مقدّمتهم حيث تعرَّض للنّار واحترقت لحيته أثناء قيامه بإطفاء الحريق. وقد سكن بعد ذلك في المعيصرة في منزل المرحوم جدي عقيل الحاج عليّ عمرو لمدة ثلاثين عاماً. والّذي هو منزلي الحالي الذي أسكنه مع عائلتي. وأمّا جدي عقيل عمرو فقد هاجر مع أسرته إلى قرية يونين البقاعيّة في فتنة سنة 1860الآنفة الذكر، وبعد يومين من مكثه بها توفاه الله تعالى، ثُمَّ توفيت جدتي بعده بمدّة يسيرة، وكان جدي آنذاك الحاج مسلم عمرو في الخامسة عشرة من عمره، فعاد خِفيةً إلى المعيصرة وسكن في منزل المرحوم والده عقيل عَمرو برعاية الخوري جرجس زوين وزوجته حيث حافظا عليه وعلى أملاكه وأرزاقه من التجاوزات والتعديات آنذاك.

كما ساعدنا الزعيم الكسروانيّ الكبير جورج بك زوين ببناء مسجد المعيصرة القديم وساهم في بناء مسجدين آخرين في قريتي زيتون والحصين، كما ساعدنا أيضاً الجنرال سيمون زوين قائد الدرك آنذاك بتوظيف عدّة أشخاص في سلك الدرك.

7 ـ وأمّا عن المُربيّة الفاضلة ومعلّمة القرآن الكريم، السيدة ميرة إبنة المرحوم مُحمّد الحاج حسين محمود عمرو المعروفة بأم نجيب وهي جدّة أبي وائل فيقول: لقد تزوجت المرحومة جدتي بجدي المرحوم الحاج مُحمّد الحاج عليّ عَمرو وأنجبت منه والدتي المرحومة سنية وخالتي المرحومة الحاجة حليمة.

وبعد وفاة المرحوم جدي بمدّة تزوجت من المرحوم الأفندي علي الحاج حمود سعد الدين عَمرو العضو الإداري في متصرفية جبل لبنان وأنجبت منه خالي المرحوم نجيب عَمرو وخالتي المرحومة الحاجة فاطمة.

كانت جدتي المرحومة أم نجيب عَمرو مؤمنة طاهرة نقية متعلّمة ومعلّمة للقرآن الكريم، وكان لها معرفة وخبرة بالطب العربيِّ، وكان لي أخ مريض إسمه حسين وكانت تزورنا في الأسبوع مرتين للإعتناء به. ومما ينبغي الإشارة إليه أنَّ جدتي الآنفة الذكر كانت والدتها هي السيدة منى إبنة العلاّمة الشيخ محمد جواد محفوظ إمام مدينة الهرمل.

8 ـ زوجتي هي المرحومة الحاجة صالحة إبنة المرحوم الحاج علي أحمد الحاج من مدينة الغبيري، وكان المرحوم والدها ذو مركز إجتماعي مُتميز ورجلاً مُؤمناً طاهراً مُستقيماً. وكانت زوجتي مثال العفة والطهارة والإستقامة وقفت معي في السّراء والضراء وكانت وراء نجاحي ونجاح أُسرتي في هذه الحياة.

رزقني الله تعالى منها: وائل وهو: يعمل في التجارة في المملكة العربيّة السعوديّة.

أُسامة وهو: موظف مسؤول في شركة أوجيرو اللبنانيّة.

الدكتورة سنية وهي: تعمل في الأبحاث الطبيّة في الولايات المتحدة الأمريكيّة وتأتي لزيارتي كل صيف.

مريهان وهي: زوجة السيّد علي الزين.

فودينة وهي: زوجة السيّد علي غندور.

شهرزاد وهي: زوجة السيّد جمال حسين.

9 ـ وزوجتي الثانية هي السيدة الفاضلة فوزية إدريس، وهي رفيقة دربي أيام الكهولة والشيخوخة، وموضع حُبِّي وإحترامي.

وقد رزقني الله تعالى منها إبنة واحدة وهي المحامية الآنسة ثراء.

وفي الختام توجه أبو وائل بالتحية والشكر للأخ حماده عمرو ولمجلةإطلالة جبيليّة مُتمنياً لها الإستمرار في رسالتها التأريخيّة، وفي إفشاء روح المحبة والألفة والسّلام بين النّاس. 

ب ـ مع السيّد إدوار يوسف عونأبو جان.

السيّد إدوار عون وكيل الوقف المارونيّ في الزعيتريّ هو رجل المحبة والألفة والسلام يمتاز بذاكرته القوية، وصداقاته، ومعارفه في بلاد جبيل وفتوح كسروان وفي البقاع وفي محافظته على الأخلاق والمبادئ المسيحيّة.

1 ـ بطاقة شخصيّة.

هو إدوار بن يوسف بن حنا بن إيليا بن أنطون من آل أبي عون. المعروفين بآل عون.

الولادة في قرية الزعيتري: في 27 حزيران 1931م.

والدته هي: السيدة شلبيّة يوسف الحصريّ من قرية بقاق الدين الفتوحيّة وكانت تعلّم الأولاد القراءة والكتابة في مدرسة كنيسة مار يوحنا الحبيب في الزعيتريّ. مُكلفة بالتدريس من قبل سيادة المطران راعي الأبرشيّة آنذاك. وكانت تلك المدرسة قرب منزل المرحوم والده. فتعرّف عليها والده وتمَّ الزواج في شهر نيسان عام 1918م، وقد رزقهم الله تعالى بثلاثة ذكور وهم: جان، وأنطوان، وإدوار. وبأنثى وهي: جمال..

الدراسة كانت في مدرسة مار يوحنا في الزعيتري على يدي الأستاذ يوسف جرجس عون ومن الكتب التي درستها مجالي الأدب، والأسلوب الجديد، كما درست في هذه المدرسة مبادئ النحو والصرف في اللغة العربيّة، واللغتين الإفرنسيّة والسريانيّة، والمبادئ الدينيّة والصلاة والأخلاق المسيحيّة، وقد تأثرَّت كثيراً بأستاذي المرحوم يوسف حيث اعتبره المثل الأعلى في حياتي الإجتماعيّة، وفي محبة النّاس لإنّه كان يقول لنا يجب أن تساعدوا النّاس، فإذا رأيتم أحداً يحمل حملاً ثقيلاً فعليكم مساعدته، وإذا رأيتم جائعاً فعليكم مساعدته بالطعام.

زوجته هي: المرحومة عايدة لويس إيليا عون وقد رُزِقَ منها بولدين وهما: جان، وفادي.

شغل منصب وكيل الوقف الماروني في قرية الزعيتري منذ سنة 1956 ولغاية تأريخه كما أُضيف لعضوية تلك اللجنة الأب مارون عون، والسيّد كرم فياض طايع، كما قام السيّد إدوار بعدّة أعمال إجتماعيّة في قريته الزعيتريّ، وبترميم الكنيسة القديمة وببناء كنيسة جديدة تعتبر من أجمل وأكبر الكنائس بالمنطقة بالتعاون مع الأهالي.

2 ـ ذكريات أخرى:

في عام 1940 توقفت مدرسة كنيسة مار يوحنا الحبيب عن التدريس بسبب الحرب العالميّة الثانيّة: وفي عام 1942 إفتتحت الدولة اللبنانيّة مدارس إبتدائيّة رسميّة في فتوح كسروان. كان منها مدرسة الزعيتري الرسميّة وكان أوّل أستاذ لها المرحوم فياض فيليب خير الله والد الرئيس القاضي فيليب خير الله. وفي عام1944 عُيِّنّ للتدريس الأستاذ يوسف جرجس عون، والخوري يوسف زوين.

وفي عام 1946 توقفت عن الدراسة وبدأت العمل في مُختبر تابع لمعمل زيت وسمن وصابون في منطقة جل الديب لمدة تسع سنوات، وفي 29كانون الأوّل سنة 1955 توفي المرحوم والدي ممّا إضطرني للعودة إلى قريتي الزعيتري.. وفي:19تموز 1956 قمت بترميم دكان والدي القديم وإبتدأت بالعمل في تجارة المواد الغذائيّة وغيرها في نيسان 1957. ومن أصدقائي أثناء الدراسة في مدرسة الزعيتري من أبناء المعيصرة: المرحوم مصطفى محمد أمين الشواني، وشقيقه حسن، والمرحوم الأستاذ محمد كاظم عَمرو، وإبن عمه عبد العزيز علي رضا عَمرو، وعبد العزيز الحاج حسن عَمرو(أبو عماد) والمرحوم الحاج محمد علي  تامر عَمرو(أبو رياض)، والدكتور عبد الجليل الحاج علي مسلم عَمرو، والحاج نزيه حسن كاظم عَمرو(أبو زهير) وغيرهم.

ج ـ أضواء على تأريخ الزعيتري وعائلة أبي عون:

آل أبي عون عائلة لبنانيّة عريقة كانت تسكن في البدء قرب نهر العاصي، وكانوا أصحاب ماشية وقد نزح جدنا من هناك وسكن قرب زغرتا في شمال لبنان، ومن ثُمَّ إلى قرية يانوح في جرود المنيطرة ـ قضاء جبيل وقد بنوا كنيسة هناك على إسم سيِّدة الدّر.. وفي بلدة يانوح بارك الله تعالى في ماشيتهم حتى كان عدد القطيع أربعة آلاف رأس من الغنم والماعز حتى ضاقت المراعي عليهم وكان أحد أجدادنا على علاقة جيدة وممتازة مع أبي علي زعيتر، وكان جدي مع أبناء عمه يناصرون آل زعيتر على آل حماده في النزاع الحاصل ما بين العشيرتين.

وكان جدي يبحث عن منطقة للسكن فيها مع أبناء عمه ويكون فيها مراع لقطعان الغنم والماعز فإتفق مع صديقه أبي علي زعيتر على شراء بركة زعيتر منه فقدّمها له (أبو علي) بثمن قليل كعربون صداقة ووفاء ما بين العائلتين. وقد أتى جدي بحجر من الكنيسة التي كان أجدادنا قد بنوها في يانوح لبناء كنيسة أخرى على إسمها في قريتهم الجديدة، والتي أصبح إسمها الزعيتري بعد مدّة ليست قصيرة بدلاً من بركة زعيتر، وكانت قريتنا هذه تابعة آنذاك لبلدة غباله.

وقد صدر إذن من سيادة المطران أنطوان الخازن لجدنا ببناء هذه الكنيسة سنة 1811 وهو على الشكل التالي: لقد أعطينا الإذن لأولاد أبي عون في غباله القاطنين في بركة زعيتر أن يشيدوا كنيسة على إسم سيّدة الدّر العجائبيّة ومن كون هي كنيسة قديمة مؤسسة عليها أشرف السلام.

1 ـ الزعيتري ما بين الحرب العالميّة الأولى والثانيّة:

في الحرب العالميّة الأوّلى ونتيجة لإنتشار الجراد الّذي أتى على الزراعة وعلى جميع النبات، وثمار الأشجار ونفق الماشيّة لعدم وجود طعام لها، وعدم وجود المال عند النّاس لأنَّ الأهالي كانوا يعتمدون على تربية دودة الحرير التي تأتيهم بالمال.

وحيث أنَّ الجراد أكل أوراق التوت حدثت نكسة كبرى في الزعيتري بوفاة 366 شخصاً بسبب الجوع حيث أخذ الموت ثلث الأهالي، والثلث الباقي منهم هاجر إلى باقي الأراضي اللبنانيّة كحارة حريك في ساحل المتن الجنوبي، والدامور في ساحل الشوف، وغيرها من القرى. كما أنَّ الثلث الباقي منهم توزع ما بين قرية الزعيتريّ، والبرازيل وسائر البلاد الأمريكيّة.

2 ـ العلاقات التأريخيّة ما بين قريتي الزعيتري والمعيصرة:

إنَّ المعيصرة والزعيتري هما قرية واحدة والأهالي يشتركون مع بعضهم البعض في الأفراح والأتراح، وفي السّراء والضراء، وهناك عادة تأريخيّة ما بين القرى في الفتوح وهي إرسال أوراق نعي عند الوفاة للإعلان عن الوفاة.

أمّا بالنسبة إلى قريتي المعيصرة والزعيتري فلا أوراق نعي بينهما إذ أنَّ أبناء المعيصرة يكتفون بسماع جرس الكنيسة في الزعيتري حتى يقومون بواجبهم، وأبناء الزعيتري يكتفون بسماع صوت القرآن الكريم من جامع المعيصرة حتى يقومون بواجبهم.

من أصدقاء المرحوم والدي من أبناء المعيصرة: المرحوم نجيب نجل علي أفندي الحاج حمود عَمرو، وشقيقه المرحوم عبد الهادي، والمرحوم عبد الحسين سليم عَمرو، وكانوا بمثابة الأشقاء للمرحوم والدي، وبعد وفاة والدي كانوا يقفون إلى جانبنا بكل ما للكلمة من معنى.

أمّا أصدقائي من أبناء المعيصرة والّذين سلكت معهم سلوك والدي مع أصدقائه الآنفي الذكر في المحبّة والوفاء فكثيرون منهم: المرحوم سعدالله تامر عَمرو(أبو وائل)، والمرحوم الحاج محمد جعفر عَمرو (أبو يوسف)، والحاج حسن محمد علي عَمرو(أبو نايف)، وشقيقه علي(أبو محمد)، وشقيقه عبد الكريم(أبو علي)، والمرحوم الحاج محمد علي تامر عَمرو(أبو رياض) وغيرهم.

كما تربطني مع كُلِّ بيت في المعيصرة علاقة جيدة من الإحترام المتبادل، لأنَّ آل عمرو الكرام في المعيصرة هم خير جيران كانوا لنا وللأجدادنا.

(هيئة التحرير).