تحية إلى بزيون

3/11/2011
العدد الواحد والاربعون نيسان -2020

بقلم مختار بزيون

فؤاد نايف نصر الدين

للأرض تاريخ واحد على سطح الكرة الأرضيّة هو تاريخ الإنسان، وللمواقع الجغرافيّة تاريخ متواصل ومترابط، تواصل الإنسان مع المكان والزمان، وترابط المصالح البشريّة المشتركة.

من هذا المنطلق تعتبر قرية بزيون الواقعة في الوسط الجنوبي من بلاد جبيل، وعلى خط بئر الهيت، الحصون، بزيون، فرحت، علمات، طورزيا، واحدة من مجموعة قرى استودعَت في الطبيعة فكان لها مكان ينافس الوادي والتلال، وترتوي بينابيع ثلاثة هي معين زرعها ومُزارعها.

بزيون المحاطة بقرى الوسط أسست مع محيطها واقعاً من التعاون والمشاركة بين أطياف مجتمعاتها الملونة تتخطى التقاليد الموروثة، فشكل ذلك مساهمة حضاريّة في تكوين هوية لبنان، كما شكلّ عامل إستقطاب لتجربة إحترام الهويات الدينيّة بين القرى، لدرجة تبادل المساهمات في بناء أماكن العبادة، والشراكة التقليديّة في المناسبات الإجتماعيّة.

تمتاز بزيون بأكثر من موقع جغرافي وأثري ـ شير الخشخاشة: هو كناية عن صخر كبير يشرف على وادٍ حرجي مكتظ وفي أسفله مغارة صغيرة امتزجت فيها عظام بشريّة بالأتربة. وفي تربتها وجد كثير من الباحثين عن الذهب والعملات القديمة ضالتهم. وإلى جانب الصخر والمغارة تقبع قبور محفورة بالصخر تشبه النواويس قيل أنها من العصر الفينيقي.

قاموع الشحارة: وهو كناية عن كتلة رملية متصخرة على شكل قاموع بعلو عدّة أمتار، يشكل معلماً تاريخياً في وسط طريق البلدة الرئيسي.

وكما الطبيعة والتاريخ تركا معالم أثريّة وبشريّة فإنّ ذاكرة بزيون غنيّة بكثير من التراثيات مثل: الصكوك القديمة العائدة إلى مئات السنين، المقتنيات التراثيّة منها المهباج» للحاج محمود نصر الدين» الجرن والمحدلة يعود إلى أكثر من مئة وخمسين سنة تقريباً وككثير من قرى الريف اللبنانيّ فإنّ النزوح المعاصر أصاب قرية بزيون فإنتشر أبناؤها في الساحل وتُرِكت الأرض مهملة، ففرغت بيوتها وصُحِّرت حقولها وبساتينها وتبوّرت تربتها، إلاّ أنّ المتغيرات الكثيرة في العقدين الأخيرين جعلت البعض يفكر بالعودة إلى القرية والإستفادة من بعض ثرواتها الكامنة بها، كالرمول ومقالع الحجارة.

أمّا الخريطة السكانيّة لقرية بزيون فإنّها فسيفسائيّة إن لجهة مالكي الأراضي القدامى وإن لجهة القاطنين وإن لجهة تنوع المستويات العلميّة التي تشمل مختلف الإختصاصات في الطب والهندسة والصحافة والقانون والمهن على أنواعها.

إلى ذلك تمتاز قرية بزيون بإنشداد أبنائها حول الصالح العام فهي القرية التي أنشأت جمعية خيريّة يشهد لها نشاطها وانضباطها بالصدقات الجاريّة، والأعمال الصالحة. حيث حصلت الجمعية على عقارين لا بأس بمساحتهما كصدقة جارية عن روح المرحوم الحاج عباس نصر الدين. فأقامت على الأوّل جبانة وعلى الثاني مسجداً وقاعة حسينيّة ومركزاً للجمعية، كل ذلك بجهود أبناء القرية والمحسنين الكرام، بعيداً عن الإلتزمات السياسيّة والحزبيّة والفئويّة. إنّ المحبة ميزة خلقها الله للإنسان ومعها ننمو ونكبر ونحقق ما نريد إن شاء الله تعالى.