الذاكرة الشعبيّة: ما بين المعيصرة ـ فتوح كسروان وعلمات ـ قضاء جبيل

11/10/2012
العدد الواحد والاربعون نيسان -2020

حرصاً من إدارة مجلة «إطلالة جُبيليّة» على لقاء معظم الشخصيات الجبيليّة والكسروانيّة التي كان لها دورها في إرساء المحبة والوحدة الوطنيّة والعيش المشترك بين الأجيال. حيث للذاكرة الشعبيّة عند رجالاتها الكبار دور جميل في هذا التاريخ وفي صناعة العطر والورود للمستقبل، إذ كان لهؤلاءِ الرجال دور في إقتلاع الأشواك وإصلاح ذات البين، وبلسمة الجراح في كثير من المواقف التاريخيّة بين عائلاتهم وفي قراهم.

وفي هذه الحلقة حديث مع الحاج عادل عوّاد نجل المحسن الكريم المرحوم الحاج إبراهيم دندش عوّاد، من موقعي ميثاق لجنة المتابعة في بلاد جبيل في منزل الرئيس أديب علاّم في 27 شباط 1976م. والولي الشرعيّ لوقف الحاج إبراهيم عوّاد للطائفة الشيعيّة الخيريّ في منطقة الشياح العقاريّة، الغبيري. وذكرياته عن علمات والغبيري وعن والده وعن المرحوم خاله المرحوم الحاج محمد جعفر عوّاد وعن العميد ريمون إده وغيرها من ذكريات.

وحديث مع الحاج عبد المنعم عمرو وتأسيسه لمركز الإمام عليّ بن الحسين زين العابدينL، في المعيصرة وعن ذكرياته عن المرحوم والده الحاج علي الحاج مُسلم عمرو وعن مواقفه(رحمه الله)، من الأتراك في العراق والفرنسيين في لبنان وصداقته للنائبين السيد أحمد الحسينيّ وجورج زوين. وغيرها من ذكريات، وصور عن الوحدة الوطنيّة في  فتوح كسروان.

 

مع الحاج عادل الحاج إبراهيم عوّاد

بطاقة شخصيّة

ولادة: الغبيري في عام 1935م.

الأم: المرحومة الحاجة منى منصور

الدراسة: كانت دراستي مع أشقائي في ثانوية جمعية المقاصد الخيريّة الإسلاميّة ، محلة الحرش ـ بيروت حيث درست فيها المراحل الإبتدائيّة والمتوسطة والثانويّة. وقد اردت متابعة الدراسة الجامعيّة إلاّ أن ظروفاً خاصة دفعتني إلى مساعدة الوالد(رحمه الله) في تجارة السيارات وقطعها أوجبت إنقطاعي عن الدراسة وتوجهي للعمل مع الوالد.

الأشقاء: المرحوم الحاج علي، المرحوم الحاج حسن، الحاج وجيه، المرحوم الحاج حيدر، النائب السابق الدكتور الحاج محمود، المرحوم الدكتور جعفر.

الشقيقات: الحاجة خديجة أرملة المرحوم الحاج نجيب حسين عوّاد، الحاجة منيرة زوجة الحاج حسين دندش عوّاد، الحاجة سميرة زوجة الحاج علي حسين زعيتر عوّاد، الحاجة أميرة زوجة الحاج حسين علي ديب عوّاد.

الزوجة: الحاجة نازك محمود منصور(1).

ذكرياتكم عن والدكم المرحوم الحاج إبراهيم دندش عوّاد

ـ نشأت في كنف الوالد(رحمه الله)، مع أشقائي الستة وشقيقاتي الأربع نشأةً صالحة حيث كان الأب الصالح الذي يأمر أولاده بالتقوى ويشجعهم على أعمال الخير والإحسان ومحبة الدين وأهل البيتR. كما كان يحضنّا على تعلم الأمور الدينيّة على يدي رجال دين منهم المرحوم الشيخ خليل صادق وسيد آخر لا أذكر اسمه كان مُقيماً في مسجد الشياح. كما كان المرحوم الوالد يصحب بعضنا فجر كل يوم لتأدية صلاة الفجر في جامع الشياح.

كما أذكر الأيام العصيبة التي مرَّت علينا في الأربعينيات أيام الحرب العالميّة الثانيّة وما رافقها من أزمات إقتصاديّة وكيف كان المرحوم الوالد يكافح ويجاهد في سبيلنا ولتربيتنا التربية الصالحة.

كما أذكر(رحمه الله) عشقه وغيرته على ممارسة الشعائر الحسينيّة وإحياء ذكرى سيّد الشهداء الإمام الحسين(ع) في منزلنا في الغبيري مساء كل يوم خميس. وكان القارئ المرحوم الشيخ خليل صادق وكان منزلنا يغصُّ بالمؤمنين من جيراننا من آل مرجي وآل الحركة وآل الخنساء ومن أبناء بلدة علمات وغيرهم.

كما أذكر عنه(رحمه الله)، تفانيه في سبيل الله تعالى، ورفع كلمة لا إله إلا الله، حيث كان يقوم بطباعة بعض الكتب الدينيّة وتوزيعها مجاناً على النّاس.

كما كان يقوم بتجهيز موتى المؤمنين الفقراء على نفقته الخاصة في جبانة روضة الشهيدين والّذين لا حول لهم بواسطة الشيخ سلمان الخليل وشقيقه الشيخ جعفر الخليل.

كما كان يؤدي الحقوق الشرعيّة ويرسلها إلى الإمام السيّد محسن الطباطبائيّ الحكيم{، في النجف الأشرف بواسطة وكيله المرحوم الحاج أحمد الخنساء (المعروف بالبعلبكي) في الغبيري.

كان المرحوم والدكم أوّل جبيلي سعى لإحضار عالم دينيّ إلى علمات عام 1946م. وهو المُقدّس المجتهد الشيخ إبراهيم سليمان{، كما كان له مساهمة كبيرة في وجود إمام لبلدة الغبيري في أواخر الخمسينيات من القرن الماضي وهو المُقدّس المجتهد الشيخ حسين معتوق{. فما هو السبب الذي دفعه لذلك؟

ـ كان الدافع له في هذا(رحمه الله)، إيمانه وغيرته على التعاليم الدينيّة ومحبته لأهالي بلدته ومسقط رأسه علمات. وعلى جيرانه وأخوانه وأهله في بلدته الثانيّة الغبيري. حيث طلب(رحمه الله)من المرجع الأعلى الإمام الحكيم{ أن يرسل لبلدته علمات والقرى المجاورة لها في بلاد جبيل وفتوح كسروان إماماً ومُرشداً لها فبعث الإمام الحكيم{، المُقدّس العلاّمة المجتهد الشيخ إبراهيم سليمان{، لإرشاد المؤمنين لواجباتهم الشرعيّة وهدايتهم وتوعيتهم.

ومما يجدر ذكره أنّه لم يكن في الغبيري في الخمسينيات من القرن الماضي أي عالم ديني فبعث المرحوم الوالد إلى الإمام الحكيم{، في النّجف الأشرف طالباً منه ذلك فأوفد الإمام الحكيم{، العلاّمة المجتهد المُقدّس الشيخ حسين معتوق{، وقد وفق الله تعالى المرحوم الوالد لتأمين السكن له في الغبيري. وكان الشيخ معتوق{ من أنشط علماء  الدين في المنطقة في تلك المرحلة. كما كان مسجد الغبيري في تلك الأيام يمتلئ بالمصلين والمراجعين.

كان للمرحوم والدكم علاقات طيبة مع علماء الشيعة في لبنان وعلى رأسهم آية الله الشيخ حبيب آل إبراهيم{، وآية الله الشيخ محمد تقي الفقيه{، وآية الله السيّد محمد حسين فضل الله{، والإمام السيّد موسى الصدر وغيرهم من العلماء(رحمهم الله تعالى)..؟

ـ لقد وفق الله تعالى المرحوم والدي لإقامة مسجد الإمام عليّ بن الحسين زين العابدينL، في الغبيري وإفتتاحه منذ عام 1967 والموافق 1387م. حيث حظي هذا المسجد منذ فجره الأوّل بإمامة وتوجيه ابن عمنا العلاّمة الشيخ حسن عوّاد رئيس المحاكم الشرعيّة الجعفريّة في لبنان لمدةٍ طويلة وبإهتمام والده آية الله المُقدّس الشيخ حسين عوّاد ورعاية شقيقي المرحوم الحاج حيدر عوّاد.

كما وفق الله تعالى المرحوم الوالد لإيقاف عقار آخر مجاور له لإقامة مشاريع دينيّة خيريّة عليه.

وقد تعاونت مع شقيقي الدكتور الحاج محمود عوّاد لإقامة بناء عليه مؤلف من طابقين ومستودع كبير. الطابق الأرضي فيه سبع محلات تجاريّة يعود ريعها للمسجد ولإقامة المجالس الحسينيّة ونحو ذلك. والطابق الأوّل فيه حسينيّة للرجال وأخرى للنساء بمساحة 500م2. سوف نفتتحها قريباً إن شاء الله تعالى قبل نهاية هذا العام.

لقد ترك المرحوم الوالد لنا عقارات ومحلات كثيرة وأهم شيء تركه لنا هو حُبنَّا لعمل الخير وتنفيذ ما أوصى به من أعمال البرِّ والإحسان.

ذكرياتكم عن شقيقيكم المرحوم الحاج علي والمرحوم الحاج حيدر؟

ـ لقد كانا رحمهما الله تعالى محافظين على وصايا المرحوم الوالد في حياتهما وعلى أعمال البرِّ والإحسان. كما إمتاز المرحوم الحاج حيدر بتفقهه في الدين وبثقافته الإسلاميّة الواسعة حيث وفقه الله تعالى للدراسة في النّجف الأشرف أربع سنوات وكان يشرف على مسجد الإمام زين العابدين(ع) في الغبيري ورعاية شؤونه بعد رجوعه إلى لبنان. وقد تحدثت عنه مجلة «إطلالة جُبيليّة» في عددها الثاني الصادر في كانون الثاني 2011 تحت عنوان: الضاحيّة الجنوبيّة وبلاد جبيل ودّعت الشيخ حيدر عوّاد.

وأمّا الحاج حسن فقد أوصى بوقف ثلث ماله في سبيل الله تعالى وكان مقدار ذلك بناء المدرسة الحديثة في حي البرجاوي في الغبيري برعاية المجلس الإسلاميّ الشيعي الأعلى.

وممّا يجدر ذكره أيضا أن الله تعالى، وفق شقيقتي الحاجة خديجة أرملة المرحوم الحاج نجيب حسين عوّاد لبناء أجمل مسجد قرب المستوصف والحسينيّة في علمات الشماليّة. كما أنَّ للمرحوم الحاج محمد جعفر عوّاد اليد الطولى في شراء أرض المستوصف والحسينيّة في علمات الشماليّة وفي بناء المرحلة الأولى من الحسينيّة الآنفة الذكر.

ذكريات أخرى عن المرحوم الوالد والمرحوم الخال الحاج محمد جعفر عوّاد؟

ـ أذكر المرحوم الوالد والمرحوم الحاج محمد جعفر عوّاد(رحمهما الله تعالى)وتبرعاتهما في مناسبات كثيرة للجمعيّة الخيريّة الإسلاميّة العاملية من خلال رئيسها المرحوم الحاج رشيد يوسف بيضون في بيروت. كما أذكر إهتمامهما الكبير ببلدتهما علمات وبأعمال البرِّ والإحسان التي كان يطلبها منهما الأهالي.

كما أذكر مساهمة المرحوم الحاج محمد جعفر عوّاد في أواخر حياته بترميم وتأهيل جامع الغبيري المعروف بإسم جامع الإمام المهدي(ع)، بواسطة إمام ذلك الجامع آية الله الشيخ حسين معتوق{.

كما أذكر المرحوم الوالد ووقفه لعقار في النّجف الأشرف لسكن طلبة العلوم الدينيّة اللبنانيين به ومساهمته ببناءِ المدرسة العامليّة اللبنانيّة في النّجف الأشرف بواسطة مؤسسها آية الله الشيخ محمد تقي الفقيه{.

في العدد الرابع من مجلة «إطلالة جبيليّة» الصادر في تموز 2011م. وفي الصفحة 87 نقرأ إسمكم الكريم في قائمة الأسماء المجتمعة في منزل الرئيس أديب علاّم في عين الدلبة ـ جبيل والموقعين على ميثاق لجنة المتابعة لبلاد جبيل في 27 شباط 1976م. حيث أكّدتم بهذا الميثاق على تمتين روابط الأخوة والصداقة والمحبة بين اللبنانيين والتأكيد على وحدة لبنان أرضاً وشعباً وعلى الوقوف بوجه الدعوات الطائفيّة والمذهبيّة بين الجُبيليين وشجب الإعتداءات التي تحدث ضد الأفراد أو الممتلكات من أي جهة أتت وغير ذلك مما جاء في هذا الميثاق. فما هو الداعي لهذا الميثاق؟ وما هي أسبابه؟.

إنّ بلدة علمات والقرى الإسلاميّة المجاورة لها وسائر قرى المسلمين في بلاد جبيل والفتوح عاشوا مع جيرانهم من المسيحيين منذ عقود من السنين بخير وسلام وتعاون لأجل المصلحة العامّة وفي الأفراح والأتراح. كما أن أصدقاء المرحوم والدي ومعارفه في علمات وفي الغبيري كانوا من جميع الطوائف اللبنانيّة الكريمة. وميثاق لجنة المتابعة الآنف الذكر وميثاق عنايا الموقع في 21 أيلول 1975م. كانا إنطلاقاً من إيماننا أنَّ المسيحيّة هي الديانة الداعيّة للمحبة وأن الإسلام هو دين الرحمة والسلام.

علماً أنّ الوالد(رحمه الله)كان على صداقة مع العميد ريمون إده الذي كان يتردد إلى منزلنا في الغبيري ويستشيره بالشأن الإنتخابيّ في ذلك الوقت. والبحث في كل ما من شأنه إحترام الآخر والتوفيق بين مختلف التيارات في سبيل توطيد العيش المشترك بين كافة الطوائف. 

مع الحاج عبد المنعم الحاج علي الحاج مُسلم عَمرو

بطاقة شخصّية

مكان وتاريخ الولادة: المعيصرة في 1/1/1934م.

 

والده: الحاج علي ابن الحاج مُسلم بن عقيل ابن الحاج عليّ بن يحيى بن علي آل عمرو الوائليّ

والدته: الحاجة فاطمة إبنة عليّ أفندي ابن الحاج حمود بن سعد الدين بن علي آل عمرو الوائليّ.

زوجته: الحاجة سعاد عباس ناصر(2)

أشقاؤء: شقيقه الأكبر من والده، عبد الرضى(أبو وائل) مؤسس مدرسة المعيصرة الرسميّة، مصطفى (أبو ربيع) وهو دركي متقاعد، المرحوم محمد بشير(أبو عليّ)، الدكتور عبد الجليل (أبو جيل) يقيم حالياً في باريس وهو عضو جمعية جراحي الدماغ والأعصاب في فرنسا.

شقيقاته: المرحومة الحاجة سنيّة (أم هاشم) أرملة المرحوم الحاج محمد الحاج حسن الحاج مُسلم عمرو، المرحومة الحاجة عاتكة (أم أمل) أرملة المرحوم علي الرضا، الحاجة حليمة (أم عزت) أرملة المرحوم علي رضا الشيخ حسين الحاج مُسلم عمرو.

بداية حدثنا عن الدراسة وأيام الشباب قبل الدخول في سلك قوى الأمن الداخلي في 28/5/1958م

ـ وفقني الله تعالى لتعلم مبادئ القراءة والكتابة وتلاوة القرآن الكريم على يدي المرحوم والدي في المعيصرة، ولتعلم مبادئ القراءة والكتابة والحساب عند الخوري يوسف زوين في غرفة خصصها في منزله ببلدته الزعيتري لتعليم التلامذة من قريتي الزعيتري والمعيصرة.

كما تابعت دراستي الإبتدائيّة عند شقيقي عبد الرضى (أبو وائل) في أوائل أيام تأسيسه لمدرسة المعيصرة الرسميّة تقريباً عام 1945م، لمدة عام واحد. ثُمّ تركت الدراسة لمساعدة والديَّ في العمل بأملاكنا في المعيصرة في زراعة الحبوب بمختلف أنواعها والدخان وتربيّة الحيونات الداجنة ودودة الحرير والذي إشتهرت به بلدة المعيصرة عن باقي قرى فتوح كسروان.

وعن أيام خدمته في سلك قوى الأمن الداخلي منذ 28/5/1958م ولغاية بلوغه سن التقاعد في 1/8/1994م!

أرجعنا (حفظه الله تعالى) إلى المقابلة التي أجرتها معه مجلة «الأمن» الصادرة عن المديريّة العامّة لقوى الأمن الداخليّ. العدد: 242 آذار2012م، في الصفحة: 61، وخلاصة ما جاء في هذه المقابلة أنَّه:[« بادئ الأمر عمل في الشرطة النظاميّة بعد أن خضع لإمتحان في الصحة في المديريّة العامّة لقوى الأمن الداخليّ والكتابة في ثانوية حوض الولايّة.

وفي عهد الرئيس فؤاد شهاب وفي العام 1960م. ألغى الزعيم الأوّل نور الدين الرفاعي الشرطة النظاميّة وضمّها مع الدرك والشرطة البلديّة والحرَّاس ليصبح عديدها لواء تحت تسميّة قوى الأمن الداخليّ.

تنقل المعاون الأوّل عمرو في القطاعات التاليّة: في الفرقة «16» لدى تأسيسها من قبل اللواء عزيز الأحدب. سريّة المساندة (حراسات)، سير بيروت، مفرزة البناء في شرطة بيروت، فصيلة زقاق البلاط، فصيلة البسطة، جهاز أمن السفارات لحين تسريحه من السلك في 1/8/1994م، بعد خدمة 37 سنة و 7 أشهر و16 يوماً».

وختم حديثه: اليوم أقضي أوقاتي صيفاً وشتاءً في بلدتي المعيصرة أقوم بواجباتي الإجتماعيّة والإهتمام بحديقة المنزل والمزروعات فيها. وقد أنجبت تسعة أبناء وبنات نالوا قسطاً وافراً من العلم. وهذا بفضل السلك الذي كان عزيزاً عليّ، ولم يزل حيث عشت معه بكرامة وتركته بكرامة وأنا مدين له»(3).

أهم ذكرياتكم عن والدكم المرحوم الحاج عليِّ الحاج مُسلم عمرو

ـ كانت ولادة المرحوم والدي في المعيصرة عام 1868م. تقريباً وقد حظي بعناية وتربية المرحوم والده الحاج مُسلم عقيل عمرو المعروف بتقواه وإستقامته، وتربيّة المرحومة والدته زينب إبنة المرحوم الشيخ حسن صالح همدر أوّل عضو إداري عن الطائفة الشيعيّة في مُتصرفيّة جبل لبنان.

والدي أكبر أشقائه وهم: المرحوم الشيخ حسين والمرحوم الشهيد محمد والمرحوم الحاج عقيل والمرحوم الحاج حسن.

وقد وجهه المرحوم جدّي للدراسة في المكتب العثمانيّ في بيروت محلة حوض الولاية. وكان معه في المكتب آنذاك ابن عمه المرحوم حسن بك الحاج كاظم عمرو. وبعد تفوقهما ونجاحهما في الدراسة في بيروت توجها لإكمال دراستهما في اسطنبول وبعد تخرجهما من الكليّة العثمانيّة، توّظف المرحوم حسن بك كاظم في سلك الدولة العثمانيّة حيث وجهته الدولة في البدء للعمل كأمين سر لوالي بيروت العثمانيّ وكمستشار لنعوم باشا متصرف جبل لبنان ثُمّ تنقّل في وظيفته في الأمبراطوريّة العثمانيّة إلى أن أنهى حياته شهيداً أثناء خدمته كقائمقام لمنطقة القرنة في جنوب العراق على يدي حزب الإتحاد والترقي نتيجة لميوله العربيّة ضد سياسة التتريك وذلك في شهر صفر عام 1331هـ، الموافق لعام 1912م. كما جاء في كتاب:» التذكرة أو مذكرات قاضٍ(4)».

وأمّا المرحوم والدي فقد وجهته الدولة العثمانيّة لولاية البصرة  في جنوب العراق وعينته مسؤولاً أمنياً كبيراً وقد وفقه الله تعالى، أثناء خدمته في البصرة للقضاء على عصابات اللصوص ولإفشاءِ السلام والأمن في ربوع تلك الولاية. مما جعله موضع ثقة واحترام الدولة العثمانيّة وقد رُفِّعَ لأعلى المناصب الرسميّة كما وفقه الله تعالى أثناء إقامته في العراق لزيارة العتبات المُقدّسة وللتردد الدائم لزيارة مقام أمير المؤمنين(ع)، في النّجف الأشرف ولزيارة نسيبه العلاّمة الزاهد الشيخ حسين همدر{، غير أنَّ تعصب العثمانيين ضد العرب وأموراً شرعيّة أخرى دفعته للإستقالة في عام 1905م. وللعودة لقريته المعيصرة.

وبعد رجوعه للمعيصرة إختاره شيوخ صلح القرى المسيحيّة والشيعيّة في هذه البلاد وانتخبوه عضواً إدارياً عن مقعد الطائفة الشيعيّة في كسروان. فشغل المنصب مدَّة عامين ثُمَّ إستقال لمصلحة صديقه معالي النائب والوزير السابق السيد أحمد الحسينيّ. وقد فَضلَّ (رحمه الله)، الإهتمام والعمل بأملاكه في المعيصرة عن أي وظيفة أخرى.

إلاّ أنَّ أهالي بلدة المعيصرة إنتخبوه مُختاراً لهم في أواخر الثلاثينيات من القرن الماضي، ولغاية وفاته عام 1960م. خدمة منه لهم في أصعب الظروف التي مرّت على لبنان.

ومن أهمِّ الإنجازات التي وفقه الله تعالى لإنجازها:

أولاً: محاربة الجوع الذي إنتشر في الحرب العالميّة الأولى وقبلها بمدّة نتيجة لحصار الحلفاء للشواطئ اللبنانيّة وذلك بتعاونه مع وجهاء آل عمرو في المعيصرة وفي مزرعة السلوقي ـ شمسطار ومع ابن عمه حسن بك كاظم عمرو في اسطنبول. وهذا ما تكلّم عنه الأستاذ طوني مفرِّج في الموسوعة اللبنانيّة ج3، ص 338. ومجلة «إطلالة جُبيليّة» العدد: 5، ص24 و 25 الصادر في تشرين الثاني 2011م.

ثانياً: قراءة المجالس الحسينيّة في المناسبات وفي شهر محرّم وفي يوم عاشوراء من كل عام في منزله منذ عام 1905م. وإلى ما قبل وفاته عام 1960م بسنوات قليلة نتيجة للشيخوخة وللمرض الذي أقعده الفراش وذلك دون مقابل تقرباً إلى الله تعالى.

ويحكي لنا الحاج عبد المنعم عن إتقان والده لقراءَة تلك المجالس وعن صوته الشجيِّ والحزين حيث كان يحضر تلك المجالس يوم العاشر من شهر مُحرّم من كلّ عام في منزله في المعيصرة، أبناء قرى ومزارع الحصين وحلاّن وزيتون والمعيصرة وغوشريا في الفتوح وأبناء قرى ومزارع علمات والحصون وبشتليدا ومشّان وغيرها من بلاد جبيل. وكان المرحوم والده بعد الإنتهاء من قراءته للسيرة الحسينيّة يطعمهم الطعام عن روح الإمام الحسين(ع).

ثالثاً: يحكي لنا الحاج عبد المنعم عن بعض مواقف والده من الفرنسيين عندما دعاه المسؤول العسكريّ الفرنسيّ مع سائر وجهاء الشيعة في كسروان وبلاد جبيل للإجتماع به في منزل المحامي ميلاد العلم في بلدة العقيبة وذلك أوائل أيام الفرنسيين في لبنان. وعند إجتماع الوجهاء والأعيان بالمسؤول الفرنسي طالبهم بتسليمه خمس وثلاثين بندقيّة مع مبلغ من المال له خلال أيام قليلة، فأجابه الحاج علي عمرو عن أولئك الوجهاء، أنّ السلاح يُقتنى لأجل الدفاع عن النفس ضد الآخرين أو لأجل الإعتداء على الآخرين ونحن كمسلمين شيعة في هذه البلاد نعيش مع المسيحيين بسلام ومحبة ووئام فلا نخافُ منهم ولا يخافون منّا. ولكن يوجد عندي مسدس واحد وهو هدية لك ودفعه له، فكان جواب المسؤول العسكريّ الفرنسيّ للحاج: أنت صادق يا حاج وقد قبلتُ بإسم الحكومة الفرنسيّة هديتك. وأصبح هذا المسدس ملكاً للحكومة الفرنسيّة وأنّا أُقدمه بإسم الحكومة الفرنسيّة هدية لك!.

وهكذا كان حيث أُعفي الشيعة في هذه البلاد من الضريبة العسكريّة والضريبة الماليّة بحنكة وحكمة الحاج علي الحاج مُسلم عمرو.

رابعاً: إقناعه لرئيس لجنة الإدارة والعدل النيابيّة النائب جورج بك زوين في مطلع العشرينيات من القرن الماضي بالموافقة على المشروع المقدّم من النائب عبد اللطيف بك الأسعد بالإعتراف بالمذهب الجعفريّ في القضاء والأحوال الشخصيّة بعد إستشارة جورج بك زوين له بذلك أُسوة بباقي المذاهب والطوائف اللبنانيّة.

خامساً: طلبه من جورج بك زوين صرف مبلغ مالي من الدولة اللبنانيّة لإعادة بناء وترميم جامع المعيصرة بعد أن هدمه الزلزال أيام الحرب العالميّة الأولى. وقد إستجاب جورج بك زوين لطلبه وصرف مبلغ ثلاثة آلاف ليرة لبنانيّة لأجل هذا الغرض عام 1947م. كما إستجابت اللجنة الإسلاميّة لبناء المساجد في القرى برئاسة الدكتور محمد خالد والحاج سعد الدين فروخ في بيروت لطلبه وساعدت في بناء مئذنة لهذا المسجد. وكان إنتهاء العمل بهذا المسجد في عام 1948م.

سادساً: ربط المسلمين الشيعة في الفتوح وبلاد جبيل بمرجعيّة الإمام المجدد السيّد محسن الأمين{، وأطروحته الإصلاحيّة في محاربة البدع والخرافات وفي الدعوة للوحدة الإسلاميّة والعيش المشترك والوحدة الوطنيّة في سوريا ولبنان. ومساعدة الشعب الفلسطينيّ المظلوم والوقوف في وجه الأطماع الصهيونيّة في فلسطين ولبنان.

أهمُّ الإنجازات التي وفقكم الله تعالى لها بعد وفاة المرحوم والدكم في عام 1960 ولغاية تاريخه

ـ وفقني الله تعالى إلى ما يلي:

أولاً: بناء أُسرة صالحة من أربعة ذكور وخمس إناث مُحصَّنةً بالعلم والأخلاق والمحافظة على الواجبات الدينيّة والإجتماعيّة.

 

ثانياً: متابعة ما قام به المرحوم والدي من الإهتمام بمسجد المعيصرة وإقامة المجالس الحسينيّة في منزلي في المعيصرة وفي حسينيّة المعيصرة الصغيرة القديمة الملاصقة لبناء المسجد القديم التي كان لي شرف القيام ببنائها في أوائل السبعينيات من القرن الماضي، وذلك قبل دمجها بالمسجد في عملية الترميم والإصلاح في أواخر التسعينيات من القرن الماضي بإشراف مباشر من الشيخ محمد حسين عمرو ومباركة القاضي الشيخ يوسف محمد عمرو(5). كما وفقني الله تعالى لتخصيص عقار قرب منزلي في المعيصرة ووقفه بإسم الإمام عليِّ بن الحسين زين العابدين(ع)، وبناء مسجد وحسينيّة ومنزل للعالم الدينيّ عليه وإفتتاحه في عام 2000م. كصدقة جاريّة عن روح والديَّ. وخدمة إمام المسجد والمصلِّين به والمجالس الحسينيّة منذ ذلك التاريخ ولغاية أيامنا هذه.

 

 

ثالثاً: التعاون والتنسيق مع أبناء قرى الزعيتري والمعيصرة وزيتون والعقيبة وغيرها من قرى لإكمال تعبيد الطريق الرئيس الذي يربط هذه القرى بأتوستراد بيروت ـ طرابلس، في أواخر السبعينيات من القرن الماضي وكان لي شرف متابعة ذلك مع وزارة الأشغال العامّة وغيرها من إدارات الدولة. حيث برهن أهالي هذه القرى بعملهم الوطنيّ ذلك على محبتهم للوحدة الوطنيّة والعيش المشترك وعلى أملهم بمستقبل لبنان.

رابعاً: خدمة مدرسة المعيصرة الرسميّة منذ فجرها الأوّل في أواخر الأربعينيات من القرن الماضي بتقديم مكان مؤقت لها مدّة سبع سنوات تقريباً دون مقابل. كما جاء في مجلة «إطلالة جُبيليّة» العدد الرابع الصادر في تموز 2011م. تحت عنوان:» ذكريات تربويّة للأستاذ حسن الزين». وخدمة بعض الطلاب الفقراء والأيتام في ثانوية المعيصرة الرسميّة من خلال القاضي الدكتور عمرو.

خامساً: أثناء الحرب والأحداث اللبنانيّة وفقني الله تعالى لخدمة كثير من المدارس الخاصة التابعة للرهبنة المارونيّة في فتوح كسروان وبعض قرى بلاد جبيل من خلال حمل ملفاتها إلى وزارة التربيّة في بيروت والمصادقة عليها مع دفع المستحقات الماليّة المتوجبة عليها أو المجيء لها بالمساعدات المقررة من الوزارة وغيرها من إدارات رسميّة دون مقابل إلا رغبَةً مني بإستمرار هذه المدارس بعطائها العلميّ والوطنيّ للأجيال. وقد تلقيت من المسؤولين عن هذه المدارس ومن الرهبنة المارونيّة والبطركيّة المارونيّة التنويه والشكر في مناسبات كثيرة على تلك الأعمال. 

وبعد، فالحديث مع الحاج «أبي حسام» جميل ولطيف. وذاكرته الشعبيّة تحتفظ بالكثير من الصور الجميلة لحياة الأجداد والأسلاف وتعاونهم مع جيرانهم المسيحيين في فتوح كسروان في أعمال البرِّ والإحسان أيام الحرب  العالميّة الأولى وغيرها من أيام كان يرويها لنا. وكذلك عن لقاءات المرحوم والده مع الإمام السيّد محسن الأمين{، والعلاّمة المجتهد الشيخ حسين معتوق{، يضاف إلى ذلك سيرة الحاج عبد المنعم ومشاهداته سواء في السلك العسكري أو في حياته الإجتماعيّة التي عاشها مُحبَّاً لعائلته ولقريته ولوطنه وهذا ما يدفعنا للقاء معه مرةً أخرى. إن شاء الله تعالى.

رئيس التحرير

الأبناء والبنات: رزقني الله تعالى بالحاج محمد ياسر وهو ساعدي الأيمن في بيع وشراءِ السيارات وقطعها في محلاتي في الغبيري، المهندس في حقل البناء ماهر وهو يشرف على مشروع الحسينيّة الجديدة في وقف الحاج إبراهيم عوّاد الخيريّ في الغبيريّ. وزينة زوجة الدكتور محمد حسين عوّاد، ورلى زوجة المهندس علي الدرسا، وشهرزاد زوجة الدكتور السيّد صلاح جواد شبّر.

 وقد رزقه الله تعالى منها: 1) المهندس حسام متزوج من هناء فوّاز وقد رزقه الله منها بذكرين وأنثى واحدة. 2) المهندس لقمان وهو يعمل في الولايات المتحدة الأمريكيّة في ولاية ميتشغن وعنده طفل وطفلة من زوجتيه السابقتين. 3) الملازم أوّل في الجيش اللبنانيّ الدكتور علي متزوج من السيدة نسرين سعد وعنده منها طفلان وطفلتان. 4) الدكتور حسين وهو مقيم مع عائلته في تونس للعمل في مستشفياتها متزوج من الدكتورة هنده التونسيّة وعنده منها: ذكران وأنثى واحدة. 5) إقبال متزوجة من الدكتور طارق محمد عمرو وعندها منه ذكران وأنثى واحدة وهي مع زوجها وعائلتها يقيمون في الولايات المتحدة الأمريكيّة. 6) فاطمة وهي أرملة المهندس نزار علي رضا عمرو وعندها منه طفلة واحدة. 7) الحاجة خدي�