ما بين المعيصرة والعذرا ـ فتوح كسروان

18/1/2013
العدد الواحد والاربعون نيسان -2020

حرصاً من إدارة مجلة «إطلالة جُبيليّة» على لقاء معظم الشخصيات الجبيليّة والكسروانيّة التي كان لها دورها في إرساء المحبة والوحدة الوطنيّة والعيش المشترك بين الأجيال، وخصوصاً مع ما تختزنه الذاكرة الشعبيّة من دور وإسهامات كبيرة لرجالاتها في صناعة تاريخ مشرف تعتز به الأجيال، خصصت هذا المقال للوقوف عند شخصيتين كان لهما دور بارز في اقتلاع الأشواك وإصلاح ذات البين وبلسمة الجراح في كثير من المواقف بين عائلاتهم وفي قراهم.

في هذه الحلقة، حديث مع الحاج نزيه حسن عمرو، أحد أعلام بلدة المعيصرة ورجال الأعمال المهمين فيها، الذي ترك بصماته الواضحة فيها، من خلال الأعمال الإنمائيّة التي قام بها، وأعمال البِّر والإحسان التي خطتها يداه، حيث تحدَّث عن جدّه الأوّل، الحاج عليّ، عضو محكمة البترون ومدير شرطة ولاية بيروت أيام الدولة العثمانيّة، وعن جده الأكبر الحاج كاظم عمرو، عضو مجلس إدارة متصرفيّة جبل لبنان، وعن الوحدة الوطنيّة في منطقة الفتوح.

ثم تحدثنا إلى الدكتور موريس عماد، صاحب البصمات الواضحة في إنماء بلدته العذرا، من أعمال البرِّ والإحسان، وقد تحدَّث خلال اللقاء عن عمه الأديب والمؤرخ الأستاذ يوسف عماد، وعما تركه من دراسات ومؤلفات، وعن الوحدة الوطنيّة في منطقة الفتوح.

مع الحاج نزيه الحاج حسن عمرو

أ ـ بطاقة شخصيّة

ولد في المعيصرة في 7 أيار 1939م. (سجل 28 المعيصرة).

والده: الحاج حسن ابن الحاج علي ابن الحاج كاظم ابن الحاج علي بن يحيى بن علي آل عمرو.

والدته: الحاجة الماس اسعد تارم عمرو

دراسته: درس القرآن الكريم عند جدته الشريفة السيدة رقيّة، كريمة النائب والعضو في مجلس متصرفيّة جبل لبنان، السيّد محمد يونس الحسيني(1)، من أهالي بلدة بشتليدة.

تابع دراسته الابتدائيّة في مدرسة الزعيتري الرسميّة على يدي الأستاذ يوسف جرجس عون. أما ثقافته ومعلوماته في القانون، فاكتسبها من خلال مرافقته لعمه المحامي محمد توفيق عمرو، وتعقبه للمعاملات الكثيرة في العقارات التي ورثها عن آبائه وأجداده في مزرعة السلوقي التابعة لبلدة شمسطار، وفي بلدتهم المعيصرة، وقد وكله والده وعمه في وقتٍ لاحق بمتابعتها.

اضطر إلى ترك دراسته في قرية الزعيتري، ومتابعة الأعمال الزراعيّة والإشراف عليها في عقاراتهم الكبيرة في بلدتي المعيصرة وشمسطار، ومساعدة والده وعمه وأُسرته الصغيرة.

زوجته: الحاجة ابتسام الحاج توفيق محمد سعد الدين عمرو.

شقيقاه: المرحوم الحاج زهير، والمرحوم الحاج علي، اللذان توفاهما الله تعالى بحادثين مؤسفين.

شقيقتاه: المرحومة الحاجة جهيدة (أم علي)، زوجة الحاج عبد الكريم عمرو، والسيدة جواهر(أم رنا)، أرملة الشهيد أحمد كامل كاظم عمرو.

أولاده: الحاج زهير، متزوج من ابنة عمته الحاجة ميساء عمرو، ولديه منها: علي وحسن وفاطمة وزينب. وهو مدير شركة «عمرو للإعمار»، ورئيس لبلدية المعيصرة منذ العام 1998م ولغاية تاريخه.

كريماته: زهرة، زاهرة، زينات، ألماس، نسرين.

ب ـ أعماله ومساهماته الإنمائية

أسس «شركة عمرو للإعمار» في العام 2005م، ويديرها اليوم ابنه الحاج زهير. من خلال هذه الشركة، أمَّن فرص عمل لبعض أبناء بلدته المعيصرة، إضافةً إلى محطة البنزين في البلدة ومكتب OMT والسوبر ماركت، وغيرها من أعمال قام بها في المعيصرة.

ساهم مع جمعية آل عمرو الخيريّة في المعيصرة في بناء ثانويّة المعيصرة الرسميّة، عبر شراء العقار رقم 527 في منطقة المعيصرة العقاريّة بمساحة 1300م تقريباً، وضمه للثانويّة الرسميّة ليكون ملعباً صيفياً وموقفاً للسيارات ونحو ذلك، كما ساهم مع الأهالي والمؤسسة الخيرية الإسلامية لأبناء جبيل وكسروان بثمن عقارين باسم وقف الطائفة الإسلاميّة الشيعيّة الجعفريّة في المعيصرة، قدمهما للمقبرة العامّة قرب جامع الإمام عليّ بن أبي طالب(ع).

قدم بيتاً مؤقتاً لبلدية المعيصرة، مع قاعة صغيرة للمحاضرات دون مقابل، فضلاً عن عقار كبير في حي «ركته»، كملاعب لنادي المحبة الرياضي بشكل مؤقت ودون مقابل.

وقد شارك أيضاً في مشروع بناء مركز الإمام عليّ بن أبي طالب(ع) الثقافيّ مع ابنه الحاج زهير، وساهم بترميم مسجد أمير المؤمنين الإمام عليّ بن أبي طالب(ع) في المعيصرة..

ج ـ ذكرياته عن المرحوم والده والمرحوم عمه المحامي الحاج محمد توفيق عمرو

عن ذكرياته مع والده وعمه، يقول الحاج نزيه عمرو: وفق الله تعالى المرحوم والدي والمرحوم عمي وأبناء عمهم المرحوم محمد أفندي الحاج كاظم عمرو وهم: المرحوم الدكتور مصطفى، والمرحوم عبد العزيز، والمرحوم الشيخ كامل، والمرحوم كاظم، وابن عمهم المرحوم الشيخ مصطفى حسين الحاج محمد عمرو، أوائل أيام الانتداب الفرنسي في سوريا ولبنان، للدراسة في مدارس دمشق، ومن ثمّ في ثانوية حمص الرسميّة. أما من أكمل دراسته الجامعيّة، فهما المرحوم عمي الحاج محمد توفيق عمرو، حيث درس القانون في جامعات إيطاليا، وكذلك ابن عمه المرحوم الدكتور مصطفى، حيث درس الطب في جامعة القديس يوسف في بيروت، غير أنَّ عمي بعد عودته من إيطاليا، عمل مدّة في الصحافة في صحيفة «بيروت المساء»، لصاحبها الأستاذ توفيق النصولي، ثم توقف عن العمل فيها، وتفرغ للدفاع عن ثروته وثروة والدي العقاريّة، اللتين ورثهما عن والدهما. وكذلك كان خيار الدكتور مصطفى، حيث لم يُكمل دراسة الطب، وإنما كرس وقته للدفاع عن ثروته وثروة أشقائه العقاريّة.

د ـ ذكرياته عن جديه المرحوم الحاج علي الحاج كاظم عمرو ووالده الحاج كاظم عمرو

وتابع حديثه قائلاً: كان المرحوم جدي الحاج علي كاظم عمرو، عضواً في محكمة البترون أيام متصرفيّة جبل لبنان، كما كان يترأس تلك المحكمة أحياناً، ويقوم بإصلاح ذات البين في تلك المنطقة العزيزة، وقد أخبرني عن ذلك المرحوم أنطوان جرجس حنا من أهالي مدينة البترون، الذي عرفه عن قُرب وشهد مواقفه في جلسات الإصلاح بين عائلات البترون وشمال لبنان.

شغل منصب مدير شرطة ولاية بيروت أيام الدولة العثمانيّة، كما استأجر فندقاً هو «لوكندة دار السرور» في سوق الصاغة مقابل ساحة الشهداء، وكان كريماً مُحباً لأرحامه وجيرانه، فاعلاً للخير، وقد أثنى عليه وعلى كرمه وحبِّه للجيران بعض الشيوخ من أهالي الزعيتري الّذين أدركتهم.

ومن أهمّ الأعمال التي قام بها بعد الحرب العالميّة الأولى، استقدامه باخرة قمح من العراق وإيداعها عند صديقه الخوري يوسف مخايل سمعان مطر، راعي أبرشيّة العقيبة، خرائب نهر إبراهيم(2)، لتوزيعها على جميع أهالي بلاد كسروان وجبيل، بالعدل والمساواة ودون تمييز. بعد ذلك، استقدم باخرةً أخرى من السكر من النمسا للأهالي في بلاد جبيل وكسروان، وسلمها للخوري مطر لتوزيعها على الأهالي. تلك الخطوتان لاقتا لدى الأهالي ارتياحاً كبيراً وأثراً جميلاً، وقد حدثني عن ذلك بعض شيوخ جيراننا في العقيبة.

وأضاف: أخبرني المرحوم حنا بو منصور عون، جد مختار الزعيتري الحالي فارس إدمون عون، عن المرحوم جدي الحاج كاظم الحاج علي عمرو، أنّه عند مروره في قرية الزعيتري، مُمتطياً حصانه، يرتاح قليلاً قرب سنديانة القرية، ويطلب من والده «أبو منصور» عون، ومن شيخ الصلح في الزعيتري سلوم فياض عون، استلام أربعة أكباش من الغنم وذبحها وتوزيع لحمها على الأهالي أيام الخريف وأيام الربيع عند مرور الرعاة الأجراء عنده بأغنامهم بقرية الزعيري، أثناء قدومهم إلى المعيصرة وأثناء ذهابهم منها إلى مزرعة السلوقي التابعة لشمسطار.

وقام (رحمه الله تعالى) أيام المتصرف نعوم باشا، بتقديم عقار في المعيصرة ليبنى عليه مسجد المعيصرة، وذلك بسعي ولده حسن بك كاظم، مستشار نعوم باشا، كما قام بمساعدة المسيحيين في بلدة بيت شاما في البقاع، من خلال تقديم العقار رقم 34 لكنيسة بيت شاما حتى تستفيد من ريعه.

وختم كلامه بقوله: لقد عشنا وعاش الآباء والأجداد من آل عمرو في المعيصرة مع جيراننا في فتوح كسروان كعائلة واحدة، نتعاون مع بعضنا البعض في السراءِ والضراء، على أمل أن تبقى هذه المحبة وروح التعاون مترسخة في نفوس أبناء المنطقة.