نظرة إلى سن الفيل ـ المتن الشمالي

20/4/2013
العدد الواحد والاربعون نيسان -2020

إعداد: الشيخ محمد علي الحاج العاملي

مدينة سن الفيل من مدن ساحل المتن الشمالي تقع على الضفاف الشماليّة الشرقيّة لنهر بيروت ويفصلها عن برج حمود شمالاً الطريق الرئيس الذي يصل الدكوانة ببرج حمود وسن الفيل بجسر نهر بيروت ـ مساحتها 230 هكتاراً.

 

أ ـ مع الأستناذ طوني بشارة مفرّج

قال الأستاذ مفرّج في الموسوعة اللبنانيّة المصوّرة المطبوعة عام 1969:[«8000 مسكن، 70 ألف نسمة تنقص في الصيف إلى 50 ألفاً. صناعات حديثة ومتفرقة، مراكز تبريد، معامل نجارة، معامل حدادة، معامل مفروشات، معامل سكاكر، مصابن، صالات عرض، و12 محطة بنزين بالإضافة إلى صالات السينما والمئات من المحلات التجاريّة.

أربع مدارس خاصة، مدرسة رسميّة، مدرستان للطوائف الأرمنيّة، كنيسة للموارنة، كنيسة للروم الأرثوذكس، كنيسة للروم الكاثوليك، جامع للإسلام.

هذه الأرقام، تبيّن مدى النمو الذي حققته سن الفيل في السنين الأخيرة، وأنّ ما أصبحت عليه هذه القرية اليوم، يعود انطلاق تحقيقه إلى السنين العشرين الأخيرة، وبالأخص النصف الثاني من هذه المدّة، ففي أوائل هذا القرن، كانت أراضي سن الفيل، بساتين تنمو فيها أشجار الزيتون وبعض الحمضيات، ولم تكن تتعدى نسبة عدد السكان فيها الـ 1٪ مما هي عليه اليوم. ففي ذكر لها في حوالي 1935، قيل أن عدد سكانها لا يتجاوز الـ 800 نسمة، أمّا اليوم فـ 70 ألف نسمة(1)»].

ب ـ أصل الإسم ومعناه

«Shen d fila» من السريانيّة ويعني: العاج. ورد في المصادر الصليبيّة «senesfil»(2)

ج ـ الشيعة في سن الفيل

الوجود الشيعي في قضاء المتن وقراه قديم جداً وقد مرَّ في عدَّة مراحل تكلّمنا عنها بالتفصيل في كتابنا عن الشيعة في المتن الذي هو قيد الإعداد. أمّا بالنسبة للوجود الشيعي المستجد الحالي المعروف في القرن العشرين، فإنَّ الشيعة سكنوا في العديد من مناطق الساحل، ومن هذه المناطق «سن الفيل» حيث قدمت عائلات شيعيّة عديدة. من جنوب لبنان وبقاعه. للسكن فيها بهدف الإقتراب من سوق العمل، وطلباً للإسترزاق، ذلك نتيجة الحرمان المدقع الذي كانوا يعيشونه في قراهم سواءً كان في البقاع أو في الجنوب.

وقد كان النزوح من الجنوب أكثر من النزوح من البقاع إلى هذه البلدة.

وبالتحديد حصل النزوح في أواسط القرن الماضي، حيث أخذت المنطقة تتشكل من جديد بطريقة أكثر تنوعاً، فمع خروج الأرمن من بعض أحياء «سن الفيل» ومن محيطها وعودة بعضهم إلى جمهوريّة ارمينيا السوڤياتيّة وسكن بعضهم الآخر في انطلياس. فقد أخذ الوجود الشيعي ينتشر ويتعزز.

وقد كان لكثافة الوجود الشيعي في بعض بلدات المتن الساحليّة لا سيما «برج حمود» الدافع المساعد لتعزيز الحضور الشيعيّ في «سن الفيل» .

د ـ الواقع الحالي

أمّا اليوم، وبعدما تهجرّت العائلات الشيعيّة خلال الحرب اللبنانيّة، فلم يعد من أهالي المنطقة وسكانها وملاكيها، سوى القليل منهم، وعدد العائلات القاطنة حالياً في «سن الفيل» بالعشرات، رغم وجود أملاك للبعض فيها، ولكنهم لم يعودوا. كما أنَّ الكثير منهم باعوا أملاكهم بأسعار زهيدة نتيجة للحرب الأهليّة وإفرازاتها.

وأمّا بالنسبة للناخبين فيها، فإنّ «سن الفيل» تحلَّ في المرتبة الثانيّة في بلدات المتن الشمالي من حيث عدد الناخبين الشيعة في البلدات المتنيّة، ذلك بعد بلديّة برج حمود، المسجل فيها قرابة ألفي ناخب، وأمّا في «سن الفيل» فقرابة الأربعمائة ناخب، والبلدة الثالثة هي «مجدل ترشيش» التي تقارب «سن الفيل» بعدد الناخبين. كل هذا في حال فرّقنا بين مناطق: البوشريّة والجديدة والسد، حيث أنّ الناخبين فيها أكثر من ألف نسمة. كما أنّ هذه المناطق الثلاث تشكل بلديةً واحدة.

هـ ـ مسجد «سن الفيل»

نتيجة كثافة الوجود الشيعي في المنطقة، ولوجود حاجة لمكان عبادي عام، فقد تمَّ إنشاء مسجد، برعاية من العلاّمة القاضي الشيخ خليل ياسين{ بالتعاون مع الأهالي وعلى رأسهم المرحوم الحاج موسى دعموش(4) والحاج ابراهيم منيني أطال الله تعالى بعمره.

. وكان ذلك في عام 1959م. وقد شغل الشيخ خليل{، إمامة المسجد، وذلك لغاية تهجير الشيعة في منتصف السبعينيات من القرن الماضي، أثناء الحرب اللبنانيّة الداخليّة.

وأمّا بعد إنتهاء الحرب الداخليّة، ووفاة المقدّس الشيخ ياسين{، في: 5/11/1984م. فقد تصدّى لهذا العمل المبارك نجله الفاضل الشيخ كاظم ياسين لإعادة ترميم المسجد في العام 2004م. ولكنه لم يستطع تأمين التكاليف بيسر وسهولة، واستمرَّ في ذلك قرابة ثلاث سنوات حتى وفقه الله تعالى، للإنتهاء منه وافتتاحه للصلاة به وإمامة المؤمنين به منذ عام 2007م. ولغاية تاريخه.

هذا وفي معرض ذكر طوني بشارة مفرّج لـ «سن الفيل»، فقد ذكر من العائلات الشيعيّة التي سكنتها: آل أمهز، آل جابر، كما ذكر وجود مسجد بها(3) هذا مع العلم أنّه في القرى المتنيّة الأخرى تجاهل وجود مساجد فيها.

 

القاضي الشيخ خليل ياسين{

إمام سن الفيل

الهوامش:

الموسوعة اللبنانيّة المصوّرة، طونيّ بشارة مفرّج، ج1، ص 219 ـ 220. الطبعة الأولى 1969، منشورات مكتبة البستان الأشرفيّة ـ بيروت.

لبنان في موسوعة، إعداد كمال فغالي، ج13، ص 254. الطبعة الأولى 2002  Innternational Publishers

مدن وقرى لبنان، طوني مفرّج، ج11، ص 101.

وهو والد العلاّمة الشيخ يوسف والعلاّمة الشيخ علي ورجل الأعمال المحسن الكبير الحاج أمين دعموش.