الذاكرة الشعبيّة في الوردانيّة-اقليم الخروب

26/09/2013
العدد الواحد والاربعون نيسان -2020

إعداد: الأستاذ خليل عجّور

قرى إقليم الخروب الواقعة ما بين مدينتي صيدا والدامور والتابعة لقضاء الشوف، تعتبر واحة للتعاون واللقاء والمحبة بين اللبنانيين. كما تعتبر بعائلاتها من مسلمين سُنّة وشيعة ومسيحيين من موارنة وكاثوليك وأرثوذكس، الرافد البشري الطيب لموظفي الدولة اللبنانيّة وللجيش اللبناني الباسل. وما اعتراها من إشكالات أيام الحرب اللبنانيّة كان شيئاً مُريباً وغريباً عن تاريخها، سرعان ما تعاون العقلاء في هذه القرى لإصلاح ذات البين ولعودة المهجرين إلى قراهم المحرومة، للإهتمام بالبنى التحتيّة. وبفتح صفحة جديدة من التعاون والمحبة. وقرية الوردانيّة كانت من القرى المميزة في الإقليم في وطنيتها وفي نبذها للروح الطائفيّة والمذهبيّة، لذلك كان «لإطلالة جُبيليّة» هذا اللقاء مع الوجيه الكريم الحاج محمد رضا الحاج «أبو رضا» من بلدة الوردانيّة، الذي ترك بصماته الواضحة في بلدته من أعمال البرِّ والإحسان. وفي تأسيس أوّل مركز إسلاميّ للشيعة في بيروت محلة «خندق الغميق» برئاسة العلاّمة الشيخ محمد عيّاد{. ومشاركته مع الرعيل الأوّل في تأسيس المجلس الإسلاميّ الشيعيّ الأعلى في لبنان، في الستينيات من القرن الماضي.

 

أ ـ بطاقة تعريف

الحاج مُحمّد بن رضا بن علي بن مُحمّد آل الحاج عليّ فخر الدين.

الأم: خديجة عيد من بلدة سبلين.

ولادة: قرية سبلين في عام 1924م.

الدراسة: دراسته للقرآن الكريم والدروس الإبتدائيّة كانت في مدرسة المقاصد الخيريّة الإسلاميّة في قرية الوردانيّة.

دراسة المرحلة التكميليّة كانت في كليّة المقاصد الإسلاميّة منطقة الحرش ـ بيروت.

الشقيقان: 1ـ القاضي الرئيس حسن الحاج (أبو وائل) عضو في مجلس القضاء الأعلى، رئيس أوّل للمحاكم العدليّة في الشمال ـ متقاعد.

2ـ الحاج علي (أبو محمد) كان مسؤولاً في مصلحة التبغ والتنباك في جنوب لبنان. مصلحة جمارك الريجي ـ صيدا ـ متقاعد.

الشقيقات: 3ـ الحاجة فاطمة(أم بشير) أرملة المرحوم علي عباس الحاج. 4 ـ الحاجة سعدى(أم علي) أرملة المرحوم الحاج محمد أبو سليمان. 5ـ الحاجة ليلى(أم علي) أرملة المرحوم الحاج جميل ابراهيم. 6ـ الحاجة إنصاف زوجة الشيخ أحمد الشيخ علي الحاج ولم تُرزق منه بالأولاد. 7 ـ سلمى(أم علي) زوجة السيد أحمد عيد. 8ـ الحاجة رقية(عزباء) وهي مديرة مدرسة الإمام الصادق(ع) التابعة للجمعية الخيريّة الإسلاميّة العامليّة في الغبيري ـ طريق المطار.

زوجة الحاج أبو رضا الأولى المرحومة الحاجة خديجة دياب من بلدة حزرتا التابعة لقضاء زحلة رزقه الله تعالى منها الأبناء والبنات(1) :

بعد وفاة زوجته المرحومة الحاجة خديجة في أواخر عام 1966م. تزوج من الحاجة فاطمة سليم عبدو وقد رزقه الله تعالى منها بابنتين وذكر واحد(2):

ب ـ ذكريات أخرى

مارس الحاج «أبو رضا» التعليم الإبتدائي في قرية دلهون في إقليم الخروب في أواخر عام 1941م. ولغاية عام 1943م.

كما مارس التعليم الإبتدائي أيضاً من قبل جمعية المقاصد الخيريّة الإسلاميّة في بلدة الزعروريّة في إقليم الخروب عامي 1944 ـ 1945م. ثُمَّ إنتقل بعدها للتدريس في قرية حزِّرتا ـ قضاء زحلة في عامي 1947 ـ 1948م.

ـ التحق بالملاك العام في وزارة الداخليّة في عام 1954م. ولغاية عام 1958م. في مصلحة البلديات والتنظيم المدني.

ـ انتقل بعدها إلى ملاك المحاكم الشرعيّة الجعفريّة في بيروت عام 1958 ولغاية عام 1969 حيث اختاره الإمام السيّد موسى الصدر مسؤولاً عن العلاقات العامة في المجلس الإسلاميّ الشيعيّ الأعلى.

ـ أثناء وجوده في بيروت وفقه الله تعالى للمشاركة في تأسيس الجمعية التعاونيّة الخيريّة الإسلاميّة لبناء المساجد والخلايا في بيروت برئاسة العلاّمة الشيخ محمد عيّاد{، في عام 1959. ومن أهم ما قامت به هذه الجمعية المباركة الإحتفال بعيد الغدير في منطقة تلة الخياط في منزل السيّد علي مرتضى وبحضور وجهاء السُنّة والشيعة في بيروت وعلى رأسهم الرئيس صائب سلام والعلاّمة الشيخ عبد الله العلايلي وغيرهم من الأعيان. كان هذا لأوّل مرة في تاريخ بيروت.

ـ كما وفق الله تعالى تلك الجمعية لشراء مدرسة السريان القديمة بمحلة خندق الغميق ـ بيروت بأسماء السادة: الحاج علي مرجي من بلدة زبدين، الحاج محمد رضا الحاج من بلدة الوردانيّة، السيد عبد الحسين الحسينيّ من بلدة أرزون، الشيخ محمد عيّاد وبعدها قمنا بالتنازل عنها لمصلحة وقف الطائفة الإسلاميّة الشيعيّة الجعفريّة في بيروت. حيث بنيَّ عليها مسجد وحسينيّة ومنزل لإمام المسجد ومحلات تجاريّة بإسم وقف الإمام علي بن أبي طالب (ع).

ـ كما وفقه الله تعالى لشراء أرض ووقفها في بلدته الوردانيّة وبناء بناية يعود ريعها للأوقاف في هذه البلدة.

ـ كما قام أيضاً صديقه الحاج ابراهيم الشّقور بتقديم منزل مع بستان في قرية الوردانيّة للأوقاف الجعفريّة في البلدة. كما قام بترميم مسجد البلدة القديم مع زيادة في البناء وبناء مئذنة للمسجد. كما وفقه الله تعالى أيضاً لبناء حسينيّة للرجال وأخرى للنساء ولزيادة مساحة المقبرة العامّة في البلدة وتصوينها وحفظها من الأمطار والسيول. كما وفقه الله تعالى أيضاً لصيانة مقبرة الأجداد والأسلاف في بلدة سبلين وذلك كله بالتعاون مع أهالي الوردانيّة والمحسنين الكرام.

كما وفقه الله تعالى أيضاً لإحياء الشعائر الإسلاميّة والحسينيّة في قريته الوردانيّة خلال أكثر من أربعين عاماً بالتعاون مع الأهالي الكرام.

كذلك وفقه الله تعالى أيام الإمام السيّد موسى الصدر للفت نظر الإمام لشراء 176 دونماً من أراضي الوردانيّة الساحليّة في عام 1977م. في محلة الرميلة ووقفها تحت ولاية المجلس الإسلاميّ الشيعيّ الأعلى بوكالة الإمام السيّد موسى الصدر.

وها قد باشرت الجامعة الإسلاميّة في لبنان التابعة للمجلس الإسلاميّ الشيعيّ الأعلى ببناء صروح كلياتها في العقارات الآنفة الذكر في أواخر عام 2012م. ليستفيد من هذه الصروح الطلاب والطالبات من أبناء إقليم الخروب وأبناء الجنوب اللبنانيّ بمختلف طوائفهم ومذاهبهم.

ج ـ نبذة تاريخيّة عن الوجود الشيعيّ في قريتي الوردانيّة وسبلين وسائر قرى الإقليم؟

إنّ جذور الشيعة والتشيع لأهل البيت(ع)، في إقليم الخروب قديمة جداً، وقد صمدت أمام الرياح العاتية التي واجهتها من قبل المماليك عام 1305م، ومن قبل العثمانيين، والأمراء المعنيين والشهابيين على ما هو معروف ومشهور في تاريخ لبنان.

كما أنَّ الكثير من العائلات الإسلاميّة السنيّة في إقليم الخروب ذات أصول شيعيّة. ممّا هو معروف في تاريخ المنطقة. كما أنّ الأعيان من هذه العائلات الكريمة يفتخرون بذلك بل أن بعض هذه العائلات هم سادة أشراف ينتمون نسباً لأهل البيت(ع). كما أنّ محبّة أهل البيت(ع)، هي ديدن الشيعة والسُنّة في إقليم الخروب. حيث كان المؤذن في مسقط رأسي سبلين وغيرها من قرى ينادي عند أي طارئ أو حادث في هذه القرى، وهو واقف فوق المئذنة بما يلي:» يا سامعين الصوت، صلّوا على النبيّ أولهم مُحمّد، وثانيهم علي، وثالثهم فاطمة بنت النبيّ».

ومعنى هذا:» أنّ المؤذن يطلب من المؤمنين أن يصلّوا على النبيّ أولاً، وثانياً أن يصلّوا على النبيّ تيمناً بمحبة عليّ(ع)، وثالثاً أن يصلّوا على النبيّ تيمناً بمحبة فاطمة الزهراء(ع).

كما أنَّ الوجود الشيعي في أيامنا هذه ينحصر في اربع قرى من أصل ثمان عشرة قرية وهي: 1) الوردانيّة. 2) جون. 3) الجيّة. 4) سبلين.

يبلغ عدد الشيعة في أيامنا هذه قرابة تسعة الآف نسمة منهم أربعة الآف منتخب تقريباً.

وقد تعرّض الوجود الشيعي في بلدة سبلين في القرن العشرين إلى الهجرة ولم يبق فيها إلاّ بعض البيوتات القليلة. ومن العائلات الشيعيّة التي هاجرت إلى الوردانيّة المجاورة لسبلين واستقرت فيها هم: آل الحاج، آل عيد، آل عبدو، آل ابو سلمان، آل السيد(وهم سادة أشراف)، آل حمود وآل عجور(قسم منهم في الوردانيّة).

ومن العائلات الشيعيّة الأخرى التي نزحت من سبلين واستقرت في حارة حريك والغبيري آل عجّور وآل حمود ولقبوا بآل السبليني. كما أنّ بعض العائلات السبلينيّة الشيعيّة الأخرى هاجرت إلى بلدة فلاوي في قضاء بعلبك وبعضهم هاجر إلى قرى جبل عامل وهم يعرفون هناك بآل السبليني.

وقد وفق الله تعالى الحاج أبو رضا بالتعاون مع المحسنين الكرام إلى صيانة المقبرة الشيعيّة القديمة في بلدة سبلين وبناء تصوينة لها كما تقدّم الكلام آنفاً.

نبذة عن أعيان الشيعة ووجهائها في إقليم الخروب

لقد نبغ في القرى الشيعيّة الأربع الآنفة الذكر الكثير من أهل الفضل والعلم والثقافة والأدب في لبنان والمهجر نذكر منهم كنموذج طيب من بلدة جون: الشيخ مصطفى شمس الدين وولده الفنان اللبناني الكبير نصري شمس الدين، توفيق الحاج حسن عيد، الرئيس القاضي الدكتور عفيف شمس الدين رئيس محكمة التمييز في بيروت ورئيس تعاضد صندوق القضاة سابقاً وصاحب المؤلفات القانونيّة المشهورة وابنتيه القاضي غادة والقاضي ميريم وولده المحامي حسام. والقاضي يحيى ورده.

ومن قرية الجيّة الحاج مصطفى الحاج، محمد جميل موسى الحاج، العقيد المتقاعد عبد المطلب الحاج وغيرهم.

ومن بلدة الوردانيّة المرحوم الشيخ علي الورداني وولده الحاج محمد، فضيلة الشيخ محمد أحمد الحاج، فضيلة الشيخ طه محمد أبو سلمان، فضيلة الشيخ يوسف عبّاس، الرئيس القاضي حسن رضا الحاج عضو المجلس الدستوري، القاضي سميح الحاج النائب العام الإستئنافي في الجنوب، القاضي محمد خليل الحاج، القاضي جميل بيرم وولده القاضي أسعد بيرم، القاضي علي ابراهيم النائب العام المالي في بيروت، القاضي وسيم ابراهيم، القاضي محمد عبدو القاضي الجزائي في النبطية، الدكتور محمد علي الحاج، الدكتور ابراهيم الحاج، الدكتور خليل جابر، الدكتور عماد عبدو، الدكتور مصطفى الحاج، الدكتور كاظم الحاج، الدكتور محمد علي بيرم والمقدم إبراهيم بيرم والمقدم سليم عبده والدكتور معروف حمود، المحامي فضل الحاج، المحامي خليل عجّور وغيرهم من الأطباء والمهندسين وأصحاب الإجازات العليا من بلدة الوردانيّة، ومن القرى الثلاث الأخرى التي يضيق الوقت عن ذكر أسمائهم الكريمة.

وختم كلامه بقوله: كانت إطلالة الإمام السيّد موسى الصدر على بلدة الوردانيّة منذ عام 1963م. ولغاية عام 1977م. إطلالة خير وصلاح ووئام. حيث توطدت علاقته بالأهالي وبأهالي قرى إقليم الخروب بجميع طوائفهم ومذاهبهم إذ إستطاع إصلاح ذات البين بين عائلات الوردانيّة في عام 1966م. كما كان أهالي الوردانيّة من سُنّة ومسيحيين يحبّونه ويحترمونه ويستشيرونه في أمورهم ويرجعون إليه تماماً كإخوانهم من الشيعة حيث كان(حفظه الله تعالى)، للوردانيّة الأب والمرجع الروحي.

كما أشار علينا وطلب بناء حسينيّة للرجال وأخرى للنساء وقد وفقنا الله تعالى للعمل بتوجيهه وإرشاداته. وما قيامنا الآن بالتعاون مع العلاّمة الشيخ عبد الأمير قبلان والمحسنين الكرام ببناء صروح لكليات الجامعة الإسلاميّة في الوردانيّة إلاّ بجهود الإمام الصدر المباركة في شراء تلك العقارات.