داعل ـ البترون بلدة الوحدة الوطنيّة

26/09/2013
العدد الواحد والاربعون نيسان -2020

إعداد: الأستاذ حيدر علي نايف حيدر

قرية داعل من قرى جرود البترون التاريخيّة المعروفة بوطنيّة مشايخها آل حمادة الكرام. وبدورهم في إفشاء المحبة والسلام. والمشهورة بمناخها وطبيعتها الجميلة.

جامع بلدة داعل

تقع في وسط البترون العليا لجهة الجرد وتتميز بموقع تطلُّ منه على شلالات بساتين العصي وعلى قضاء الكورة. كما تنفرد بطبيعة أرضها الصخريّة التي حوّلتها يدُ الصانع عزّ وجل إلى حجارة وبلاط من الموزاييك بإشكال مختلفة ومتنوعة ناهيك عن أحراج السنديان التي تُزّينها وتشكلُّ بالتالي مورداً مهمّاً لرزق أهاليها من خلال صناعة الفحم.

ارتفاعها: ترتفع داعل عن سطح البحر حوالى 650 متراً وتبعد عن البترون مركز القضاء حوالى 25 كلم وعن طرابلس مركز المحافظة 53 كلم وعن العاصمة بيروت 73 كلم مساحة أرضها حوالى 200 هكتار وتصل إليها من البترون مروراً باجدبرا، عبرين، بجدرفل، حلتا ومن محور الكورة أميون دير بلا كفرحلدا.

السكان: يبلغ عدد سكان داعل 250 نسمة وعدد الناخبين 140 معظمهم من المسلمين الشيعة.

أمّا المغتربون فيشكلون نسبة عدد المقيمين وجلَّهم في الأرجنتين.

 

أمّا أصل سكان داعل فهم من مشايخ آل حمادة الّذين حكموا بلاد جبيل والبترون وينتسبون إلى شقيقين هما ملحم واسماعيل حمادة المكلفان بجمع الضرائب للسلطنة العثمانيّة من قبل والي طرابلس، أقاما في محلة الكراسي ـ جران ـ البترون ومن ثم إِنتقلا بعائلتيهما إلى داعل.

ويحدّثنا بعض شيوخ القرية قائلاً:

وقع خلاف بين أمراء آل حرفوش ومشايخ آل حمادة في محلة طورزيا قضاء جبيل أدى إلى اختطاف ابني ملحم وقتلهما مع عماد الهاشم من العاقورة الذي دافع عنهما ولم ينج إلاّ حسن الإبن الثالث الذي ادعت الخادمة بأنه ابنها ولا علاقة له بملحم وبقي هذا الفتى وتزوج بعد ذلك وأنجب ثلاثة أولاد هم: عيسى وشعيب وحسين وهم أجداد أهالي داعل الحاليين. لذلك يكون جدُّ الداعليين الشيخ حسن بن ملحم حمادة. وقد قدم من حدث الجبة إلى منطقة البترون حوالى العام 1735. ويذكر الداعليون أن جذور اسرتهم الحماديّة جاءت من اليمن إلى الكوفة في العراق ومن ثم إرتحلت إلى ايران ومن ثُمّ إلى لبنان في أواخر القرن الخامس عشر والأسرة من قبيلة مذحج اليمنيّة.

أبرز عائلاتها: حمادة، ملحم، عيسى وهم أبناء عم كما تقدّم الكلام سابقاً.

آثار وتراث: كنيسة مار تادوروس الأثريّة ولا زال بعض جدرانها قائماً وبعض حجارتها مبعثرة داخل الكنيسة وخارجها.

يوجد بعض آثار رومانيّة وفينيقيّة من نواويس ومعاصر منقوشة في الصخر وآبار رومانيّة، وبعض الغرف ما زالت آثارها باقيّة كان يستضاف فيها قاصدو البلدة والزائرون.

حجارة الكنيسة متقنة ومنحوتة وعليها كتابات تستدعي حلَّ رموزها للتعرف على مدلولها.

فيها مختار واحد وهو الحاج سليمان حسين حمادة ومعه ثلاثة أعضاء.

أعلام في عهد السلطنة العثمانيّة: الشيخ علي عباس حمادة كان نافذ الكلمة في السلطنة العثمانيّة.

محمد شعيب حمادة خاض معارك ضد العثمانيين أيام داود باشا إلى جانب يوسف بك كرم بشكل عام وفي معركة المعاملتين بشكل خاص.

كما نبغ من هذه البلدة محمد خليل حمادة عميد الجامعة الثقافيّة اللبنانيّة في الأرجنتين.

وفي البلدة عدد من أهل الإختصاص الجامعي. محامون، أطباء، ومهندسون ومنها الشاعر اللبنانيّ الكبير الأستاذ حسن علي حمادة صاحب الملحمة الشعريّة: رياح كربلاء وغيرها من كتابات.

كما أنّه في أواخر القرن العشرين قام الأهالي ببناء مسجد جميل وصغير. وفي أيامنا هذه باشروا ببناء حسينيّة بجوار المسجد والله ولي التوفيق.

ومعظم أهالي البلدة يرتزقون من الوظائف الرسميّة والإغتراب والتجارة الحرّة وعلاقات القرى الشيعيّة في البترون، وهي: داعل وراشكيدا ودير بلا مع جيرانهم المسيحيين في قضاء البترون تسودها المحبة والوطنيّة والسلام.

وقد سألت الأديب الأستاذ حسن علي حمادة عن علاقة داعل بقضاء البترون؟

فأجاب: علاقة أهالي القرية بالجوار منذ القدم علاقة ودٍّ ومحبّة وإحترام متبادل. لا أحد منهم مثلاً ينادي أحدنا بإسمه إلا مسبوقاً بلقب «شيخ». كما كانت العادة منذ زمن بعيد. الزيارات بيننا دائمة سواء بالمناسبات العامّة أو الخاصّة. في ايام الأعياد، مثلاً اعتادوا أن يزورونا بيتاً بيتاً كما اعتدنا نحن كذلك، وان تكن في الزمن الحالي أقلُّ منها في الزمن الماضي. وهذا طبيعي نظراً لتعقيد الحياة واختلاف الظروف والأحوال. هذا في ما يتعلق بالجوار أمّا على صعيد القضاء. فإنَّ لنا صداقات عديدة في أكثر القرى. والجدير بالذكر هنا أن منطقة البترون بطبيعتها منطقة وادعة وأهاليها طيبون مسالمون شأن الكثير من المناطق اللبنانيّة.