السيّد بهيج سليم عبد الحميد اللّقيس والذاكرة الجبيليّة

01/09/2010
العدد الواحد والاربعون نيسان -2020

وُلِدَ السيّد بهيج في مدينة جبيل سنة 1919 من أم تدعى سمية اللقيس، ومن أب يدعى سليم بن عبد الحميد بن أمين آل اللقيس، حصل على شهادة البكالوريا    قسم ثاني - في كلية خالد بن الوليد- التابعة لجمعيّة المقاصد الخيريّة الإسلاميّة ـ منطقة الحرش ـ بيروت. من أساتذته في المقاصد:الدكتور عُمر فروخ، والدكتور زكي النقاش، والاستاذ  الفلكي مواهب فاخوري، وكان الناظر من آل المدور.كان يطمح  عند إنتهائه من دراسته أن يدخل في المدرسة الحربية ولكن والدته رفضت ذلك لأنَّ الحرب كانت في أوجها فلم يتحقق الحلم، فعمل في تجارة الحرير أي شراء الشرانق من القرى الجبيليّة الكسروانيّة، وبيعها للسيد    أنطوان فضول    من بلدة بعبدات وهو كان من سكان العاصمة- بيروت، وبعد ذلك  تاجر بالسماق والزعتر حيث كان يشتريها من سوريا، ويبيعها لتاجر من آل الصايغ في منطقة تل الزعتر  الدكوانة.

كما أنَّه كان يستأجر متجراً في سوق جبيل القديم، ملك وقف جامع إسلام جبيل- ومستودعاً من مالكه سعيد داود الملقب (بالوقاد).كما عمل أيضاً في تجارة القمح والطحين والأرز والصابون ونحو ذلك، أي جميع ما تحتاجه محلات السمانة، وذلك  لأكثر من خمسين عاماً.

تزّوج من السيدة    أميمة محمد سعد الدين بليق    من مدينة بيروت محلة برج أبي حيدر.أولاده منها:

- الدكتور عُمر: مسؤول تربوي في وزارة التربية والتّعليم العالي.

- المحامي نديم.

- تاجر القماش سليم: يعمل في محل والده في سوق جبيل القديم ـ مع العلم أنّه متخصص في العلوم السياسية والإقتصادية من الجامعة اللبنانية.

- الدكتور خالد: صيدلي، عضو مُنتخب في بلدية جبيل.

- عبد الحميد: مدير عام في شركة طيران سعودية    ناس   .

- إبنته الوحيدة الآنسة إيمان: محامية مُسجلة في نقابة المحامين في طرابلس.

يبلغ أبو عُمر من العمر 91 عاماً ولكن ذاكرته لم تخنه أبداً، حيث زودنا بالكثير الكثير من الذكريات الجميلة، كان جده لوالدته    حسين إبراهيم اللقيس    قنصلاً فخرياً لجمهورية البرازيل، خلال الحكم العثمانيّ، ومركزه جبيل، في حي السلسال (نسبةً لشكل الحي الذّي يشبه السلسال). وكان منزل    القنصل    مقصداً لجميع اللّبنانيين، ثم أضاف قائلاً: إنَّ حيّ السلسال هذا تابع لحارة    جهجاه    نسبة للشيخ جهجاه حمادة!. وكان جميع الملاكين في هذا الحي من آل حماده،الذّين هاجروا خلال الحرب وأعطيت نصف أراضيهم للرهبان، وهذا ما جرى في معظم قرى بلاد جبيل مثل: جاج وترتج وغيرها!.

أما عن عشيرة آل اللّقيس فقد أفادنا    أبو عمر   أنها  أتت على شكل قبائل  مع الفتح العثماني لبلاد الشام وهذه العائلة من جزور ألبانية، وقد نبغ منها    علي باشا اللقيس    الوالي العثماني لولاية طرابلس في القرن السابع عشر الميلادي، أي في سنة 1694 م.على ما جاء في كتاب    معجم أسماء الاسر والأشخاص للأستاذ أحمد أبو سعد   .وهناك العديد من المؤشرات تثبت ملكية آل اللقيس للعديد من الأراضي في طرابلس. وتتميز عائلة اللقيس أنها متنوعة المذاهب والطوائف، ففي قرى: دده و جبل تربل روم أردثوكس، أمَّا في كفرحتى والبترون موارنه     في بعلبك والهرمل وجويا شيعة     أما في جبيل وكفرشوبا  والعرقوب    سُنّة.

وهرب العديد من آل اللقيس خلال الحرب الى البرازيل، وكانت كلفة الهجرة آنذاك خمسة عشر ليرة ذهب عثمانية لذا كان العديد منهم يرهنون بيوتهم وعقاراتهم مقابل المال، وحتى كان بعضهم يأخذ أموال زوجته ليؤمن المطلوب.... وكانت وسيلة النقل الوحيدة للوصول الى البرازيل هي الباخرة حيث كانت مدة الرحلة تستغرق ثلاثين يوماً للوصول، وطبعاً دون أي أخبارعنهم،  وحتّى اليوم لم يعودوا إلى لبنان وقد تزوجوا هناك وأنجبوا بنين وبنات. وكانت لهم أعمالهم وحياتهم خارجاً ولهذه الظروف غيروا عقائدهم الدينية إلا أنهم ما زالوا يتواصلون مع أقربائهم في لبنان وآخر زيارة كانت لهم في سنة 1967.

كان المرحوم والد    أبو عُمر       سليم عبد الحميد  اللقيس    من كبار تجار مدينة جبيل، مقصداً لتجار الحنطة والحبوب في مدينتي طرابلس وبيروت.حيث كان أغلب سكان بلاد جبيل يشترون جميع حاجاتهم منه،    ـ فهو كان يقرضهم لآيام الموسم ـ   .

أمّا عن مدرسة المقاصد الاسلامية القديمة في جبيل، فيقول أبو عُمر: كان المشرف عليها المرحوم الاستاذ عبد الله طبارة، ومن أساتذتها: المرحوم الاستاذ عبد الهادي عبدالله اللقيس، وتولى بعده المرحوم  حسين عبد الله اللقيس.

وكان إمام المسجد المرحوم الشيخ    حسين الحسامي    رحمه الله تعالى، كان من أرقى أسياد هذه المنطقة، بالاضافة الى أنه كان إمام مسجد السلطان عبد المجيد   ، أي مسجد الامير يوسف الشهابي القديم. ثم تولى إمامة المسجد الشيخ أحمد الزغبي من الشمال وقد استوطن وسكن في مدينة جبيل، (ومعروف أنّه كان يمشي ويمسك العصا من الطرف الأوّل أما زوجته فكانت تمشي وراءه وتمسك الطرف الاخر من العصا)، لياتي بعده شيخ مصري ، ثم الشيخ أحمد حمود لنصل الى الشيخ غسّان اللقيس الذّي ما زال إمام مسجد    السلطان عبد المجيد   لغاية تأريخه.

ومن قصص الاجداد :كانت إمرأة فقيرة تنام في المغارة قرب مدرسة المقاصد، وفي إحدى الليالي سمعت ضجيج داخلها ودهشت عندما رأت أجراناً من الذهب فحملّت ما تستطيع منه، وهربت وعندما علّم الفرنسيون (خلال الانتداب الفرنسي) بذلك إستولوا على مدرسة المقاصد والعديد من منازل المسلمين من آل الحسامي، بحجة المحافظة على الآثار إلا إنّهم في الحقيقة كانوا  يطمعون بسلب وسرقة الاثار والذهب الموجودة في تلك المنطقة، ومن آثار منازل المسلمين الباقية هناك، منزل المرحوم مصباح الحسامي المسقوف بالقرميد ويقع قرب القلعة.

وأيضاً من أسياد منطقة بلاد جبيل في ذلك الوقت الوزير المرحوم السيد أحمد الحسيني الذّي كان زعيمأ للمسلمين، كان طيب القلب الى حد كبير ويحب أبناء بلدته، والسيد احمد كان يشتري الطحين من    أبي عمر   .

فكلّما أتى الى جبيل أو إلتقيت به في بيروت كنت أَقبل يده وهكذا كان يفعل غالبية النّاس تجاهه، وهذه دلالة على أن السيد أحمد كان رجلاً ذا أهمية كبرى وإنساناً محترّماً جمع الصفات الحسنّة، وجميع النّاس كانوا يحبونه ويحترمونه.

عمل السيد أحمد على شقِّ الطريق من جبيل إلى طورزيا ومن ثُمَّ إلى علمات، ومن نهر إبراهيم بير الهيت إلى قرطبا.

نبعَ من آل الحساميّ الشيخ حسين الحساميّ، والزعيم الراحل جميل بن الشيخ حسين الحسامي حيث كان من القادة في الجيش اللبنانيّ الذين حاربوا مع الجيوش العربيّة الأخرى، في عام 1948 والذّي إستطاع الوصول الى  الجليل.  وأبلى في تلك الحرب بلاءً حسنا، ومن أصدقائه المقربين كان الرئيس فؤاد شهاب،ونبغ من جبيل أيضاً النائب العام العسكري المرحوم وفيق الحسامي إبن سليم الحسامي.

أقرب العائلات لآل اللّقيس:كانت  عائلات الحسامي وزين الدين والزهر.

 

أجرى المقابلة: ميراي برق.