قصة قصيرة: مع الحاجة أم أحمد

29/9/2015
العدد الواحد والاربعون نيسان -2020

بقلم: الحاجة سلوى أحمد عمرو

عرفتُ في إحدى القرى الجُبيليّة الحاجة «أم أحمد » الجنوبيّة، التي اقترنت بشاب من هذه البلاد، وحازت على احترام النساء ومحبتهنّ لها. وفتحها لمنزلها لهنّ في أيام عاشوراء حيث كانت تقرأ لهنَّ بصوتها الرّخيم والحزين مجالس أبي عبدالله الحسينt، وأهل بيته وأصحابه الأطهار، كما كانت تضيف إلى تلك السيرة الطاهرة بعض مواعظها الجميلة حول العفة والطهارة والحجاب وتربيّة الأطفال على احترام الكبار. وحول المحافظة على العرض والشرف وعلى عفّة البطن واللسان.

أعجبت بسيرة هذه المرأة الصالحة والغريبة عن هذه القرية النائية وعاداتها وتقاليدها وتراثها.

الحاجة «أم أحمد» إستطاعت أن تكتسب محبة النساء واحترام الرجال. مع أن بعض النساء الغريبات واللاتي حللن بها بزواجهن من أبناء البلدة لم يسلكن طريق الحاجة « أم أحمد» في الصلاح والإحترام. بل كان بعضهنّ يشتغلنّ بالخصام مع الحموات وبعض النسوة وهذا كان ديدهن وسيرتهن في الحياة أو نحو ذلك كما كان بعضهنّ يلجأن إلى المحاكم الشرعيّة لطلب الطلاق والفراق؟؟.

وفي ليلة ممطرة باردة جمعتني مع أم أحمد قرب الموقد، سألتها عن سبب نجاحها، وفشل غيرها من النساء الآنفات الذكر؟؟.

أجابت بإبتسامتها المعهودة قائلةً: يا بنيتي إن المرحوم والدي كان دائماً يوصيني بوصاياه مُستشهداً على ذلك بأحاديث رسول الله وآله الأطهار(عليهم أفضل الصلاة والسّلام)، في حُسن الخلق والمعاملة مع النّاس، ومقابلة السيئة بالحسنة. وأن اعتبر نفسي سفيرة فوق العادة للمرأة الجنوبيّة الصالحة في هذه القرية. كما كان دائماً يختم أحاديثه بالإستشهاد بقوله تعالى في القرآن الكريم:} وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ { سورة فصلت، الآية: 34.

وقد عملت بوصاياه q كما كنت عندما يضيق صدري نتيجة لسوء أخلاق بعض النساء من أهل هذه القرية كنت الجأ إلى الله تعالى بقراءة القرآن الكريم، وبالدعاء لهن أن يهديهن الله ويوفقهن لخير الدُّنيا والآخرة. ونتيجة لذلك أحببتهن من كل قلبي. وقد قابلنني بالمحبة والمساعدة والسؤال عن صحتي وصحة زوجي وأولادي عند المرض أو أي طارئ. مصداقاً لقوله تعالى:} هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ {. سورة الرحمن، الآية: 60.