في رحاب شهر أيار

24/5/2012
العدد الواحد والاربعون نيسان -2020

بقلم سماحة الشيخ محمد حسين عمرو

ويزهر الربيع وتخضر الحقول وتتراقص العصافير والطيور مغردة، هذا أيار، يوم النصر وأهزوجة العز، هذا زمن انتصار الدم على السيف والعين على المخرز.

أيار... عيد البهجة والسرور، عيد الفرح والحبور، عيد النصر والتحرير بعد عقودٍ من السنين العجاف.

قالوا فيما مضى: ماذا تفعلون؟ لماذا هذه المقاومة العبثية، فهذه إسرائيل التي انتصرت على كل الجيوش العربية واحتلت في ستة أيام أضعاف أضعاف مساحة لبنانكم الصغير، وتهافت الملوك والرؤساء على أعتابها صاغرين يطلبون الرضا والقبول ليحفظوا عروشهم الرملية ووهمهم المجبول بدماء الأطفال والشيوخ.

قالوا: هذه إسرائيل أيها المغامرون، فماذا أنتم فاعلون؟

وانطلق الفتية من هنا وهناك من بين الركام والأزقة ومآسي السنين. }فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدىً{.

انطلقوا وفي قلوبهم حب الله والرسول والآل، وفي عيونهم أمل بالنصر ولو بعد حين. استلهموا من الخميني(قده) العظيم عزيمة، ومن الحسين Qالشهيد أمثولة وقدوة.

لم يكونوا كثيري أسئلة واستفسارات وخطط وحسابات سفسطائية، بل هبَّوا بفطرتهم الصافية نحو... المقاومة...

وكانت المقاومة سيرة حافلة بكل مخاض التاريخ ومسيرة الأولين.

هو الجهاد، إما نصرٌ أو شهادة ونقطة على السطر، ليس بعدها إلا الله ولا قبلها إلا الله وليس فيها إلا الله سبحانه  وتعالى.

فتية باعوا المهج والأرواح في سبيل الله وصبروا، فاتُّهموا... وصبروا... فقُوتِلوا... وصبروا...وحُوصِروا وصبروا... وضُيقِّ عليهم الخناق وصبروا... واغتِيلوا وصبروا... واستشهد منهم القادة والمجاهدون وصبروا... واستمروا. فعلم الله أن فيهم الخير كل الخير، فنصرهم وأعزَّهم وثبتَّهم.

}يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ{

وجاء النصر في أيار مع الربيع، ففرح المستضعفون في الأرض، أليس هذا جزء من عيد وجزء من وعد، أليس الله بأصدق القائلين:

}وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ{.

أليس ذلك انتصاراً للثلة المؤمنة المستضعفة المنبوذة على أعتى آلات القتل والدمار في الشرق الأوسط.

أليس النصر في أيار كان وما زال هو الأول في قاموس العرب على إسرائيل.

وكنا وما زلنا نرفل في أثواب النصر وعز الكرامة ببركة جهاد المجاهدين ودماء الشهداء الصدِّيقين.

وهل هذا إلا مدرسة للأمة أن النصر لا يكون إلا بالصبر والإرادة، وإن استمرار النصر لا يكون إلا بالإلتزام بالنهج وحفظ المقاومة، وإن الكرامة لا تصان إلا بسياج من دمٍ وجهاد وعرق وتخطيط وسهر ومتابعة.

وأن الله لا يُنـزل نصره إلا للمتقين العاملين العالمِين بطريقهم والمطمئنين بحصاد أعمالهم والمنتظرين على ثغور بلادهم، الممتشقين لسلاحهم بإنتظار الوعد الأكبر، « أليس الصبح بقريب».