قداسة البابا في لبنان

11/10/2012
العدد الواحد والاربعون نيسان -2020

بقلم  الشيخ محمد حسين عمرو(1)

 

أتانا زائراً من روما، يلبس الأبيض ويحمل بين يديه رسالة السينودس للشرق الأوسط، هي الرسالة الثانية بعد أن جاءنا بالأولى البابا يوحنا بولس الثاني عشر.

رسالة السينودس تحمل في طياتها وصايا مهمة لأتباع الكنيسة الكاثوليكيّة في المشرق العربي.

توصي بالأخوة. وتوصي بالتعايش مع المحيط. وتوصي بالإندماج الكريم والتفاعل مع المجتمعات المشرقيّة.

يُذكِّرنا التاريخ بالهجرة الأولى للمسلمين حيث هاجرت مجموعة من المسلمين الأوائل من مكّة إلى الحبشة «أثيوبيا حالياً».

وكانت وصيّة الرسولP، لهم. أنَّ فيها ملكاً لا يُظلم عنده أحد...». وقد كان الملك على دين السيّد المسيحQ.

هذه الحادثة ذات دلالات كبرى فمنذ بداية الدعوة كان تركيز الرسولP على العلاقات الطيبة مع النصارى وكان الحوار والنقاش العلمي هو الفيصل في كل الموارد.

وجاء القرآن الكريم ليُبيِّن للمسلمين قواعد التعامل العامّة والخاصّة.

فالعامّة في قوله تعالى:}يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ{ الحجرات، 13. وهذه الآية تخصُّ المجتمع الإنسانيّ والبشريّ بشكل عام.

ولكن جاءت آية خاصَّة تتكلّم عن العلاقة مع النصارى في قوله تعالى:}وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ{ المائدة، 82.

إذاً أقرب الشعوب إلى المسلمين هم النصارى طبقاً للقرآن الكريم ومصداقاً لسُنَّة رسول اللهP في العلاقات مع النصارى.

وهما السندان الأساسيان للمسلمين في شريعتهم فعلاقة المسلمين والمسيحيين كانت علاقة المودة والتواصل والحوار ولولا المصالح السياسيّة الضيقة والخاصَّة لما حصل هناك حروبٌ بينهما. والتي لا علاقة للدين بها عبر التاريخ من الجانبين.

لولا هذه المصالح لوجدنا حالة التكامل بين الديانتين. وهذا ما نجده في أخبار آخر الزمان حيث سيأتي المخلِّص المنشود. ليملأ الأرض قسطاً وعدلاً عند المسلمين. وليأتي ملكوت الله فيملأ الأرض محبة وسلاماً عند المسيحيين.

ويلتقي السيّد المسيحQ والمهديّ | معاً ليطهِّرا الأرض من رجس الشيطان.

وهو لقاء بين النبوتين وتحالف الديانتين لتمتلىء الأرض عدلاً ورحمة ومحبة وسلاماً من الله. لبني البشر.