استقلال لبنان

4/1/2016
العدد الواحد والاربعون نيسان -2020

بقلم الشَّاعر: الأستاذ الشَّيخ عبَّاس فتوني

ما أكثرَ الأعيادَ، لكنَّ عيدَ الاستقلالِ له نكهةٌ خاصَّة، ووقفةٌ مميّزة.

لذلكَ فإنَّ اليومَ الثَّاني والعشرين من شهرِ تشرينِ الثَّاني هو يومٌ عظيمٌ نَعتزُّ به، لأنَّه يومُ انتصارِ لبنانَ على الاستعمار.

إنَّه عيدٌ لكلِ اللُّبنانيِّين، على اختلافِ طوائفِهم ومذاهبِهم، ما أجملَه عيدًا يُمثِّلُ أجملَ لوحةٍ في الوَحدةِ الوطنيَّة.

في هذا اليومِ زَغردتِ الطُّيورُ، وأَرسلتِ الشَّمسُ أَشعتَّها الذَّهبيَّةَ على الجبالِ والسُّهولِ والأودية، وتراقصتِ القلوبُ فرحاً.

في هذا اليومِ التَّاريخيِّ تَعلَّمنا أنَّ الإرادةَ الصُّلبةَ تَصنعُ المعجزات، وأنَّ عزائمَ الرِّجالِ تُزيلُ الجبال.

بالأمسِ استطاعَ لبنانُ بفضلِ تضحياتِ أبنائِه على مذبحِ الحُرِّيَّةِ أنْ يَستعيدَ كرامتَه المهدورةَ في غضونِ الاستعمارِ الفرنسيّ، واليومَ استطاعَ أنْ يُواجهَ الاحتلالَ الصِّهيونيَّ الَّذي انسحبَ من جُلِّ أراضينا يَجرُّ أذيالَ الخيبة.

وأرى معانيَ الاستقلالِ قد تَمثَّلتْ في رايةِ الوطن، فاللَّونُ الأحمرُ هو لونُ دِماءِ الشُّهداءِ الَّذينَ ضَحَّوا بأنفسِهم منْ أجلِ أنْ يَبقَى لبنانُ عزيزاً مُحرَّراً ؛ واللَّونُ الأبيضُ هو بياضُ الثَّلجِ الَّذي يَتراكمُ على جبالِ لبنان، وهو رمزُ الصَّفاءِ والسَّلام الَّذي يُصوِّرُ قلوبَ اللُّبنانيِّين الطَّيِّبة، المليئةَ بالحُبِّ والطُّهرِ والنَّقاء؛ وشجرةُ الأرزِ الخضراءُ هي رمزُ القُوَّةِ والقداسةِ والخلودِ.

إنَّ فرحتَنا بالاستقلالِ لكبيرة، لكنَّها لنْ تَكتمل حتَّى نتحرَّرَ من الاستغلالِ المتمثِّلِ بالاحتلالِ الصِّهيونيِّ الغاشم، قتلةِ الأنبياء، وأعداءِ الإنسانيَّة، وبالتَّكفيريِين المغرَمين بقطعِ الرُّؤوس وقتلِ الأطفالِ والنِّساء، وإنَّ التَّفجيراتِ الَّتي حدثتْ في الأيَّامِ القليلةِ الماضيةٍ في باريس، والفاجعةَ الَّتي ألمَّتْ بأهلِنا وإخوانِنا في منطقةِ عينِ السِّكَّةِ في برجِ البراجنة، لَهيَ أكبرُ دليلٍ على وَحشيَّةِ داعشَ وكفرِهم. وما صمودُ شعبِنا وتَسلُّحِه بالصَّبرِ والصُّمودٍ إلاَّ دليلٌ على الحياةِ بعزَّةٍ وكرامة.

في الختامِ، نوجِّهُ تحيَّةً للجيشِ البطل، سياج الوطن؛ وتحيَّةً للمقاومةِ الأبيَّةِ صانعةِ الانتصارات، وندعو بالرَّحمةِ للشُّهداء، والشِّفاءِ للجرحى.

وعهداً أنْ نَبقى نتسلَّحُ بالعِلمِ، نقاومُ الجهلَ، ليبقى علمُ لبنانَ خفَّاقاً، يُرفرفُ عالياً نحوَ السَّماء.

مباركٌ لكُم عيدُكم، وكلُّ عامِ أنتم والوطنُ بألفِ خير.