جبيل ودّعت أنيس زين الدين.

09/04/2011
العدد الواحد والاربعون نيسان -2020

ترك المرحوم أنيس مرشد زين الدين في نفوس أصدقائه وأرحامه من أبناء مدينة جبيل وجوارها الأثر الحزين، وكان لولده الأستاذ طلال رئيس قلم محكمة جبيل الشرعيّة السُنيَّة هذه الكلمة في ذكرى أربعينه:

في وداع أبي

منذ أربعين يوماً وَدَّعنا شخصاً عزيزاً على قلوبنا حيث تركنا وترك وراءه شذىً عطرةً برحيله.

أبي الحبيب أنيس لقد مِتَ لكن روحك الطاهرة باقيّة،

إنّ الأب هو أعظم مِنَّة على الإنسان من الله تعالى، ولن يستطيع الإبن مكافأة الأب مهماً قدَّم تجاهه.

وقد يظنُّ ظان أنَّ الحديث الشريف المروي عن نبيِّنا مُحمّدP، حول برِّ الوالدين قوله للسائل: أُمك، أُمك، أُمك، ثُمّ أباك(2)، أن الأب حقُهُ يكون في الدرجة الرابعة. ولكن ليس المقصود هذا، إذ أنَّ العرب كانوا في الجاهليّة يُقدِّسون الأباء ويقسمون بهم ولا يقيمون وزناً للأم، فجاء الحديث الشريف ليعطي الأم حقها.

نعم الموتُ حقٌ، ولكن الفراق صعب.

ماذا أقول في يوم رحيلك، في يوم وداعك، أنت الأبُ العطوف نعم لقد كنت لي، الأخ والصديق، والأم الحنون، لقد فقدتك يا أبي بعد فقدي لأُمي منذ سنين وهي في قُمَّةِ العطاء، لقد كنت لنا سنداً ومُعلماً وحاضناً بعدها (رحمكما الله تعالى).

عشت حياتك يا والدي وحيداً بعد أن فقدت زوجتك أَغلى النّاس عليك، ومن ثُمّ شقيقتك الوحيدة، وأصدقاء كُثر أَعزاءٌ عليك حتى أصبحت تعاني مرض الوحدة.

وُلِدتَ يا أبي ونشأت دون أن تَرِثَ ثروةٌ عن أبيك، عملت وعانيت كثيراً للوصول إلى ما وصلت إليه، فبنيت لنا وأسست لنا بين تجار سوق جبيل القديم، وبين أهالي المدينة الّذين أحبوك، وكان شعارك في الحياة معهم ومع جميع النّاس، أنّ القناعة كنز لا يفنى، والصدق في المعاملة هو سبب النجاح، إلى أن أصابك مرض السكري وفتك في جسدك وأقعدك في فراشك دون حراك. وانقطعت عن العالم الخارجي. وكانت كلمتك لنا ولكل سائل عن صحتك حمد الله تعالى وشكره على كل حال. دون أن نسمع كلمة ألم أو شكوى أو تأفف مِنكَ إلا الرضا بقضاءِ الله تعالى وقدره.

لقد كنت يا أبي مع أهلك وإخوانك وجيرانك المسامح والكريم والذي لم يكن له خصم في حياته.

فبرحيلك فقدت الكثير الكثير إفتقدتُ النظر إلى طَلعتك البهيّة وإلى صوتك الشجيِّ، وإلى نظراتك وعطفك وحنانك، ولكن مشيئة الله تعالى هي العليا.

ولا أقول إلا ما أمرني الله تعالى بكتابه العزيز: رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ  إبراهيم، آية:41.

وقال الله تعالى بكتابه العزيز: وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًاالإسراء، آية:25.

رئيس قلم محكمة جبيل الشرعيّة السُنيّة

طلال أنيس زين الدين

جبيل في:25/2/2011م.