ذكرى الحاج إسماعيل علي حيدر أحمد

16/2/2012
العدد الواحد والاربعون نيسان -2020

في ذكرى المرحوم الحاج إسماعيل علي حيدر أحمد نتذّكر ما جاء في كلامه الأخير لمجلة «إطلالة جُبيليّة» في عددها الأخير على لسان نجله الدكتور حسن، حيث قال:» في تلك القرية المزرعة الوادعة الممتدّة أجنحتها نحو حجولا وبشتليدة وفدار الفوقا ورأس أسطا ومراح صغير والفاغرةُ  فاها لتبتلع التنينَ الطالع من البحر في «مزرعة العين» مع النسمات المترقرقة التي أرسلتها الريح في تلك الوادي ولد إسماعيل علي أسعد حسين حيدر أحمد 1920م. ودرج في عائلة مؤلفة من سبعة أفراد: أربعة صبيان محمد وحميد وإسماعيل وخليل وثلاث بنات: حميدة ورشيدة ونجيبة.

عاش هؤلاء بهناءِ وسعادة مع الأهل والأقرباء والجيرة (فالجار قبل الدار)

وكانت العادات والتقاليد والقيم الأخلاقيّة والدينيّة والوطنيّة متجذرةٌ في النفوس يتنفسّها الولد مع الهواء العليل ويتنشقُها من لهاث الأرض خلف فصول الطبيعة» (2).

كما نتذّكر ما جاء في سيرته في المجلة الآنفة الذكر من حُبّه للأرض وعمله بها. وأكله من كدِّ يمينه وعرق جبينه. وتربيته لأسرة صغيرة في عددها، كبيرةٌ في عطائها واحترام النّاس لها حيث نتذّكر حديث رسول الله(ص)، عندما أراد أحد العمال تقبيل يده الشريفة فأخذ(ص) [يد ذلك العامل فجعل يُقلبُها أمام أصحابه وهو يقول:» هذه يدٌ يُحبُّها الله ورسوله»(3)].

وقوله(ص):» ما من رجل يَغرِسُ غرساً إلاّ كتب الله تعالى له من الأجر قدر ما يخرج من ثمر ذلك الغرس».

كما نتذّكر أيضاً  أنّه كان كبير عائلة كبيرة وجليلة تحترمها سائر العائلات الجُبيليّة الكريمة وتتعاون معها على السَّراء والضراء. (أعني بهم آل حيدر أحمد).

واحترام هذه العائلة الكريمة كان نتيجةً لوجود المرحوم الحاج إسماعيل حيدر أحمد وأمثاله من الشيوخ الأجلاء في هذه العائلة الكريمة الّذين يسعون دائماً لتربية أجيال مؤمنة بالله تعالى وبالمثل العليا للأخلاق وللوحدة الوطنيّة وبالوقوف بوجه الإعتداءات الصهيونيّة على حياض الوطن. وعلى المقدسات الإسلاميّة والمسيحيّة في القدس الشريف وفي أرض فلسطين المباركة. لذلك لا نغالي إنْ قلنا أن آل حيدر أحمد الكرام في بلاد جبيل كانوا أكثر العائلات الجُبيليّة عطاءً للبنان بتقديمهم للشهداء دفاعاً عن أرض لبنان إقتداءً بسيرة سيّد الشهداء الإمام الحسين بن عليِّL.

كما نتذّكر أيضاً أنّ المرحوم الحاج إسماعيل حيدر أحمد وسائر شيوخ العائلة الكريمة (رحم الله الراحلين منهم وأطال الله تعالى بأعمار الباقين) كانوا حريصين على تربية الأجيال على حُسن الجوار وصلة الرحم والسعي بالإصلاح بين ذات البين وإفشاء السلام بين النّاس. وذلك مصداقاً لحديث الإمام محمد بن عليّ الباقرL:حيث قال: صلة الأرحام وَحُسن الجوار زيادة في الأموال.

ولحديث ولده الإمام جعفر الصادقL: صلة الأرحام وَحُسن الخلق، زيادة في الإيمان. 

فإكرام هذا الأب الكريم ومواساة آله وذويه وتعزيتهم بهِ هو إكرامٌ للقيم والمثل العليا الإسلاميّة والوطنيّة التي كان يمثلها هذا الراحل بحبّه لله تعالى. ولوطنه وأهله وعشيرته وجيرانه. وإكرامٌ للوحدة الوطنيّة وللإعتراف بالآخر الذي عاش عليه الآباء والأجداد من مسلمين ومسيحيين في هذه البلاد. وتوارثها الأبناءُ والأحفاد عنهم.

فسلامٌ عليك يا حاج إسماعيل طِبتَ شاباً وكهلاً وشيخاً مُكافحاً في هذه الحياة. ومُكافحاً لأجل الحصول على لُقمة العيش الحلال بعرق جبينك وكدِّ يمينك دون رضوخ للزعامات السياسيّة أو الحزبيّة أو الطائفيّة. ولأجل بناءِ أُسرة وطنيّة  سعيدة مُثقفةٍ مُؤمنةٍ بالله تعالى وبالمثل العليا للأخلاق، وسَلامٌ عليك وعلى ما تَركَته أنتَ وشيوخُ العائلة الكريمة من بصمات ظاهرة في ما نرجوه ونتمناه لآل حيدر أحمد من خير وتوفيق وسداد.

 

الكلمة التي ألقاها القاضي الدكتور يوسف محمد عمرو بمناسبة ذكرى الأربعين للفقيد المرحوم الحاج إسماعيل حيدر أحمد في حسينيّة رأس أسطا في 25 كانون أوّل 2011م.

مجلة “إطلالة جُبيليّة” العدد الخامس، الصادر في تشرين الثاني 2011م. ص:34.

حياة الرسول الأكرم محمد(ص)، للعلاّمة الشيخ باقر شريف القرشيّ، ج2، ص:94، الطبعة الأولى، دار جواد الأئمة(ع) ـ بيروت، 2007م.

ثواب الأعمال وعقابها، للشيخ علي محمد علي دخيل، ص:372، دار المرتضى ـ بيروت ـ لبنان، ص:375.