وداعاً أم طلال

18/1/2013
العدد الواحد والاربعون نيسان -2020

الدكتور عبد الحافظ شمص

إنتقلت إلى رحمة الله تعالى في بلدة مشّان المرحومة الحاجة أم طلال شمص أرملة المرحوم الحاج محمد نسيب شمص مختار مشّان الأسبق ووالدة مختار مشّان الحالي السيّد مصطفى بتاريخ العاشر من كانون الأوّل 2012م. وزميلنا الدكتور عبد الحافظ شمص كان له كلمة بالمناسبة، ننشرها ونسأل الله تعالى للمرحومة أم طلال الرّحمة ولذويها الصّبر والسّلوان.

بسم الله الرحمن الرحيم

آهٍ من الموت، يتربَّصُ بنا ويتغلَّبُ علينا.. نشكو منه، نتألّم، نشعر بالأسى الغامر الذي يُسيطر على أفئدتنا وعلى نفوسنا.. وفي النّهاية، فالمصير واحد، الرَّحيل.. فلا بُدَّ إذاً من التَّسليم والرِّضى بقضاء الله وبما كتبَهُ لكل مخلوق..

المرحومة الحاجة أم طلال شمص والدة المختار السيد مصطفى شمص عاشت كريمة ورحلت كريمة.. حياتُها كانت مسرح جهاد وصبر وأنفَة، عزيزة بين أهلها وأحبائها وجيرانها، تركت فراغاً كبيراً في بيتها ومجتمعها.. هي التي تَتَنسَّمُ عبيرَ الظّلال في رِحاب الله، في جنةٍ وُعِدَ بها المتّقون تُطَمئْنُ الجميع بأنّها حقّقت ما كانت تصبو إليه وتعمل من أجله في دُنياها التي ليس لها أوّل ولا آخر، بينما هي الآن في عِلييّن تَتَنفسُ الصُّعَداء بعد رحلةٍ شاقة قضتها في صراع مع الألم...

إنَّه الموت الذي يُفاجئ الخلق ويقضي على أحلامهم وآمالهم حيث الوقتُ المحدّد والسّاعة الآتية.. وهكذا ينزل الضوءُ المُذَهَب في عُمق التراب وفي ظُلمة الإنقطاع.. وَتَتّصِل الحلقة بالحلقة لتكتب عبارات الحياة وعناوين الزمن.

ممّا لا شكّ فيه ولا ريب أنَّ العالَم بأجمعه تحت سلطان الله. وقدرته، وأنَّ وجود شيء مِنَ الممكنات مَنَوطٌ بمشيئة الله تعالى، فإنّ شاء أَوْجَدَهُ وإن لم يَشَأْ لم يُوجده.. ولا ريب أيضاً أنَّ علمَ الله قد تَعلَّقَ في قلوبنا وعقولنا ويُعبرَّ عنه بالإرادة..

الكونَ أعظم مِن أَنْ يَحُّدَهُ عقل، والله سبحانه وتعالى أَدْخَلَ في صميم الحياة، عن حكمةٍ وعبرة، مسألة التَّناقض، حيث كانت الثُّنائيّات المتناقضة سِرَّاً من أسرار الوجود، الليل والنّهار، الشرّ والخير، الشّروق والغروب، الحياة والموت وهما يُعتبران أكثر التصاقاً بمصير الإنسان. والوجود كما هو معلوم، يَنْتابُه ضِدّان.. الحياةُ في عطائها، والموتُ في قَبْضِه، فسبحان الله عمّا يُشركون..

المرحومة الحاجَّة أمُ طلال شمص افتقدتها عائلتها، وبغيابها اختصرت حُزْنَ الجميع وأَحْلامَهُمْ.. افتقدوها حيث كانت تُتَوِّجُ حياتَهم برضاها وببسمتها وأدعيتها، بحضورها الذي كان يرسم الضّوْءَ في عيونهم ويزرع الدِّفءَ في نُفوسهم، رحمها الله..